|
عرار: (دورة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري**** القصيدة الفائزة بالمرتبة الثانية في مهرجان الورشة الثّقافيّة.) يقالُ في اللغةالعربيّة:«هتفتُ بفلان»، أيْ دَعَوْتُهُ...وهذا هو المعنى الأوّل الذي أقصده بعنوان قراءتي لقصيدتك «يا شعر..يا سيّد الحلم»الحائزة على المرتبة الثانية في مهرجان محمد مهدي الجواهري للشّعر...أدعوكِ إذا، إن سمحتِ بذلك طبعا، إلى قراءة هذه القراءة، والتي لن أقفَ فيها عند كلّ ما جاء في قصيدتك المطوّلة...لكنّني سأتوسّط الأمور وآتي على الشمول فيها، رابطا ما بين أطرافها، خارجا منها بفكرة في شبه مقاربة لمضمونها... ويُقال أيضا في اللغة العربيّة: «هَتَفْتُ بفلان»، أيْ مَدَحْتُهُ...وهذا ما لن أتطرّقَ إليه إطلاقا، لأنّه لا يليق بِ«هُتَاف بهجتْ»... إن كان الهَتْفُ أو الهُتَافُ هو الصّوتُ الجافي(المُتباعد) العالي،،، وهذا ما يعنيه اسمك بالضبط،،، كما يعني أيضا الصّوت الشّديد في تعريف المعجم العربي... فصوتُ قصيدَتِكِ شديد الوقع، قريب من كلّ قلب، بعيد عن كلّ تجافٍ... عَجُزٌ من البيتِ الثاني لقصيدتِكِ يقولُ:« هل غادر الحبّ واستشرى بها السّهدُ؟»، رفعني مباشرة إلى معلّقة الجاهلي عنترة بن شدّاد ومطلعِها:« هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدََّمِ ***أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ»، صَدْرُ هذا البيت جاء سؤالا استنكاريّا عن عنترة ، وقد همّ بقول الشّعر، ولكنّ قريحته تلكّأتْ أمام أطلال ديار عبلة، فتساءل مستنكرا:هل لم يترك الشعراء لأحد معنًى إلاّ وسبقوا إليه، وكتبوا فيه شعرا؟ وما كانت إلا لحظة، حتّى انهال بعدها عنترة يطرز معلّقته الخالدة بماء الذّهب... وكنتِ يا هُتافُ في مقام عنترة، إن لم تكوني أبعدَ منه...هل ثمّة أبلغ وأجمل من هذا المطلع لقصيدة« يا شعرُ،،، يا سيِّدَ الحلم»؟؟ « قرعتُ بابَ القوافي هَزّني الرَّدُّ *** الشّعرُ أقفرَ لمّا أقفرَ المجدُ»،،، وأيُّ مجدٍ مازال لنا، حتّى يُقالَ فيه شعر؟؟ !! وأيُّ شعر مازلنا قادرين على البوح به وقد جفانا كلّ مجد؟؟!! ومع ذلك جاءتْ صور قصيدتك مجدا فوق المجد:صور تبكي فرقتنا وتناحرنا وغدرنا لبعضنا، رغم ما يتميّزُ به ديننا من فضائل تشدّنا إلى بعضنا: «يا سيِّدَ الحُلمِ..طابَ العصفُ في دَمِنَا***فالنَّخْلُ لا ثمَرَ دَانٍ ولا قَدُّ خُذْني إليكَ على وجه العراق يدًا***تُكفكفُ الدّمعَ نارًا جمرُها الخدُّ»... «فالجاهليةُ لم تهجرْ أبا لهبٍ*** ولم يُغادِرْ، هواهُ الغدرُ والوأدُ»... فالله وحّدنا ،، والحبّ جمّعنا*** لا سنةَ قبلُ لا ،، لا شيعة بعدُ والطائفية رجسٌ في خلائقنا*** في راحتيْها لهيبُ الحقدِ والوَقْدُ»... هُتافْ،،،إن كان الشعر سيّدَ الحلم، فأنتِ تبدين سيّدةَ الشعر في هذه القصيدة المعلّقة، التي جابتِ التاريخ العربيّ من جاهليّته إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، وتجاوزته على الخطّ الزّمني تاريخا، فوقفتْ على النّكبات نكبةً، نكبةً،،،وطرحت ألفَ سؤال وسؤال، واختنقتْ بأكثرَ من حيرةٍ وحيرة...وما عرفتْ لها سبيلا، لأنّ ومضات المجدِ عزّتْ في عصرها...لكنّها تذرّعتْ بالحلم، مذكّرةً بمجدٍ تليدٍ، آتيةً على نفحاته العطرة...معدّدةً صنوف الاعتداءات الغربيّة في سلوكات تجّارها، تجّار الدّم والنّفط،على وطننا العربي وما تركت فيه من دمار أتى على الأخضر واليابس، والحرث والنّسل، وما خلّفته من ألم وحسرة في النّفوس: يا سيدَ الحلم ، رمحُ الحقد يطعننا*** وساعدُ الظلم في العدوان يشتدّ هَدّوا المدائن واجتاحوا مرابعها*** لم يسلمِ السهلُ نيرانا ولا الجَرْدُ مِنْ بيتَ لحمٍ إلى بغدادَ ملحمةً*** وليلُ غزةَ موتٌ والضّحَى اللّحدُ في عزّة نفس تطاول السّحاب، تركنُ هُتاف للجزم بأنّ هذا العدوّ لن يستقرّ في أرضها مهما تعاظم واستبدّ، لأنّها لن ترض بالذّلّ والقيد: لن يستقرَّ عدوّ الأرض في وطني*** هيهات ،، هيهات منّا الذلّ والقيدُ... وختاما،تجد هُتافُ بهجتْ في الشعر ومدى حلمه الشاسع راحتها وسلواها، لكنّها تراه مُنكَرًا في مدح الملوك والقبائل والطوائف... رحّبتْ به في نهج عليٍّ كرّمَ الله وجهه في بلاغته ورنّةِ صوته، طالبةً منه إنشاد العدل وإذلال الظلم، مترجّية إيّاه أنْ يأخذها والرّيحَ إلى ساحة الوغى لخوض الحرب على الأعداء، فحَرفُها من تحتِ سنِّ قلمِها غدا نارا يصعبُ اقتحامها... حَمَلْتَ نهجَ عليٍّ في بلاغته*** ورَنَّ صوتُك في أذن الورى يشدُو أن أنشد العدل فالخطاب هيبته*** وأن على حدا فالظلم يرتدّ أتَيتُ والريح خذني في الوغى قلما*** ما أفتنَ الحرفَ ! نارا في الوغى يغدو.. ولَإِنْ كانت هُتاف بهجت سوقي تقليديّة الخُطَى في ترنيمتها الشعريّة، فبعذوبة الجرس وجماليّته مع متانة البناء، قدّمتْ في هذه القصيدة، نسيجا من الصور المتلاحقة تصاعديًا على غاية من البلاغة في أبعادها...مُثيرةً بذلك المشاعرَ، واقفةً عند المسائل، حائرة عند الحلول، داعية ضمنيّا للوقوف والتّأمّل وإعمال البصيرة... نصُّ القصيدة الكامل _________________ يا شعر،،، يا سيد الحلم قرعت باب القوافي هزني الرد ******** فالجاهلية لم تهجر أبا لهب ********* وكأسهم كأس ( ديك الجن يا ورد) ********** يا سيد الحلم ! أقرأ مريم اتكأت ********** والقتل ديدنهم والشرد والمرد من بيت لحم الى بغداد ملحمة ********* يا شعر ، عفوك ، يبقى في مجالسنا ********* يا سيد الحلم فالأيمان ذو نسب وأن استمعت الى الصديق في ورع ************ هُتاف بهجت سوقي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الإثنين 12-12-2011 08:30 مساء
الزوار: 2714 التعليقات: 0
|