لم تكن الحياة الاجتماعية العربية بعيدة عن نظام صارم جميل يعطي نكهة وخصوصية تعمل بهدف جمع العشيرة ولم الشمل والتكافل وزيادة قوة الاواصر ورفد العشيرة بالابناء الجد وبكثرة لان القروي وهو مزارع بحاجة دائمة الى العاملين من الاسرة في مزرعته .. والفتاة القروية بنت العشيرة كلما تكبر تعي أنها مسماة لابن العم فتفتح عينها هي تكبر أمامه ويكبر أمامها حتى المشاعر تنمو مثل الزهرة الندية وتكون هذه المشاعر مباركة ومرضي عنها لانها مرسومة سلفا من قبل الاهل .
ولا زالت هذه الامور مقدسة وحقيقية لحد الان في كثير من الأسر التي تنتمي للعشيرة ونظامها الصارم تراه يذهب للدراسة الجامعية ويعود بشهادته العلمية ويتزوج من الذي حدد له زوجة من قبل ذويه.. ومن مزايا هذا النوع من الزيجة انها تكون محمية بالعرف والتقليد العشائري وقوة الرابط وبراءة المشاعر وعفويتها مثل تلك الهواء النقية والهواء الصافية وتكون بعيدة عن الانفعالات وحدود الحرية التي تُفسد العلاقة كما في حياة المدن لان البنت تتزوج وهي صغيرة وتنصرف الى أن تكون إحدى عضوات هاتين الاسرتين التي يملأ العمل اليومي في البيت والحقل معظم ساعات الحياة بعيداً عن حياة الوحدة والضجر وتكون منتجة ومساهمة في كل ما تقوم الاسرة بها من عمل يومي . وبفطرتها تزهو بالافراح والاعياد بنقاء تام وتكون احدى السيدات التي تبني اسرة متماسكةتحمل للاجيال القيم السامية وتنقلها بجدارة ومحبة وتكون التربية جماعية والاشراف من الجدين اكثر فاعلية وتأثير لان الاسرة لم تتفرق والمساحات تتحمل بناء البيوت الواحدة قرب الاخرى ، ويظهر هذا التلاحم في المناسبات الجميلة وكذلك في الاحزان حين تتوزع الادوار بكل سلاسة ، ولا يكون للتشنجات التي تصدع الاسرة وتهددها بالطلاق لان الضوابط الاسرية لا زالت تشد بقوة حبل الاسرة لذا ترى التفكك الاسري الموجود في المدن تكاد تختفي أو تنعدم الاّ في حالات نادرة مثل نظام الگصة بگصة او ما يسمونه البدائل حيث اذا طلقت المرأة يجب أن تطلق بديلتها .
سألت أحد الاخوة الذي له مركز مرموق في المجتمع عن سر زواجه وقناعته بابنة عمه قال.. انها ليست كثيرة الطلبات مثل بنت المدينة اذا جاعت أو شبعت أو اذا مرضت وانها في كنف الاسرة إن غبت اهلي يكونوا البديل في تحمل مسؤولية الزوجة والاولاد في غيابي وذلك يمنحني الطمأنينة ويكونوا أولادي أشدّ قربا من جديهما .. ويعيشوا طفولتهم بعفوية اكثر بعيداً عن حياة الانترنت والعقد النفسية وحجز الاطفال داخل الدور في ساعات النهار والليل الاّ يكون وقت متبقي من مسؤوليات الوالدين من العمل للتفرغ لترفيه الاولاد.
ولا زال شيخ العشيرة وداره ميدانا للحضور والسمر وقضاء احلى الساعات في السمر والدار التي يقصدها الجميع في الاعياد ويجري الفصل العشائري برضا الاطراف المتخاصمة بالود والعدل والرضا ويكون له القول الفصل وقوة التنفيذ والالتزام به كقوة القانون أو نظرية العقد الاجتماعي التي عاشتها الامم قديما.
ان الرضا والقناعة والعطاء من مزايا ايامهم التي تبقي الاسرة بعيداً عن مخاوف الخوف من التصدع والانهيار التي باتت تهدد اكثر الاسر تماسكا في المدينة.