لو أراد اي عاقل أن يحدد اسوأ السلوكيات البشرية التي تهدم العلاقات الانسانية هي عملية بالابتزاز وهي تجسيد لواحدة من أحط الخصال التي يمكن ان يتحلى بها الانسان ،يستغل قوته مقابل ضعف انسان اخر بشكل مؤقت أو متكرر ، وهذا النمط من السلوك قد يصادفه المرء منذ الطفولة المبكرة على شكل ، ان يهدده أخوه أن يخبر أمه عن حاجة ثمينة قام بكسرها أو قد يبتز الزوج زوجته مقابل السماح لها بالعمل وقد يبتز رئيس العمل موظفه فيما يتعلق بالفرص التدريبية والترقية وابتزاز الشباب للفتيات في نوع من اقذر انواع الابتزاز والتهديد ، عليه نحاول ان نتناول الموضوع من جوانبه الاجتماعية والشرعية والقانونية والنفسية .
هنالك تعريفات كثيرة للابتزاز لكنها تدور حول معنى واحد : هو القيام بالتهديد بكشف معلومات أو فعل شيء لتدمير ذلك الشخص المهدد إن لم يقم الشخص المهدد بالاستجابة الى طلباته، وهذه المعلومات تكون عادة محرجة أو ذات طبيعة مدمرة للحياة الاجتماعية وقد يستخدم المبتز اي لعبة قذرة للإيقاع بالضحية دون مخافة من الله او اي وازع ديني يجعله يحاسب نفسه قبل الوقوع في الخطأ .
وهي ايضا محاولة الحصول على مكاسب مادية او معنوية عن طريق الاكراه او حتى من مؤسسات بالتهديد بفضح سر من أسرار المبتز . ولكن ما يهمنا هنا الابتزاز التي تتعرض لها المرأة بقصد حصرها في زاوية ضيقة يحملها في أحيان كثيرة الى الاذعان لطلبات القائم بالتهديد .

أسباب الابتزاز : هنالك أسباب كثيرة تدفع الى هذا الفعل المخالف للآداب والقوانين ومنها...
- ضعف المستوى الدراسي لأكثر النساء مع دخول وسائل الاتصال الحديثة بصورة كبيرة في حياة الاسر خصوصا الفضائيات وشبكة الانترنت التي الغت الساتر والحواجز بين الجنسين مع عدم معرفة الفتيات والنساء بضوابط الاستخدام أو ما يسمى بالأمن المعلوماتي . واكثر الاخطاء وضع الصور الخاصة وخصوصا الدخول على مواقع طلب الزواج الوهمية وطلب وظائف مجهولة المصدر والحصول على صور ومعلومات تستغل من قبل ضعاف النفوس لاعادة تركيب هذه الصور ليقوم بابتزازهم بها .
- دور الاعلام في عرض الافكار السلبية وبعيدا عن اية رقابة حكومية من خلال عرضه قصص الحب الملتهبة والرومانسية المفتعلة التي تعرض عبر الفضائيات وتؤجج مشاعر الفتيات اللاهثات وراء الحب فيقعن ضحايا الكلام المعسول وحيل الرجل ولا تسلم من هذه المشكلة لسرًيتها او خوفها من ابلاغ ذويها او السلطات الحكومية عن اسلوب الابتزاز الذي تتعرض له وبالأخص ان كان المبتز يحتفظ لها بصور او مقاطع صوتية او تصوير فيديو .
- غياب دور الاسرة والوالدين وضعف الدفء العائلي أو تفكك الاسرة : فمعظم القضايا التي سجلت لدى الجهات المختصة كانت اسبابها ضعف الرابط الاسري وافتقارها الى الحنان والمحبة فنحن نعيش في عصر تعددت فيه وسائل الاغراء والاغواء وعلى الاب والام اخذ هذا الموضوع بنظر الاعتبار وان بتبادل الاسلوب العاطفي ويغرسا ذلك في نفوس ابنائهما وبناتهما بذور الثقة والمحبة والاطمئنان ، وبدخول الانترنت حياة الاسرة اصبح الابن في عالم خاص والبنت في عالم خاص واللقاء محدود داخل الاسرة ومن هنا يستطيع من تسول له نفسه التسلل الى قلب الشاب او الفتاة ويبقى الامر غائبا عن انظار العائلة حتى تتفاقم المشكلة .
- الفقر : من الاسباب التي تدفع الى فقدان التوازن وقد تدفع الحاجة بعض النسوة على التعامل بالدين او ارتياد اصحاب المحلات والاسترسال بالكلام والتشكي من ضيق المعيشة والحياة لديها وتطور المجاملات الى علاقات مشبوهة وعواقب وخيمة تدفع الاسرة ثمن هذا التخلخل وكم من جرائم حصلت او حالات طلاق يتخلى الزوج عن مسؤولياته ويترك الحبال مرتخية للزوجة التي لا تسلم من ذوي الاخلاق السيئة والمنحرفين والمجرمين

- الطمع في المال أو الانتقام لأسباب شخصية أو سياسية : تتعرض العوائل الغنية الى طمع ضعاف النفوس من العاطلين وارباب السوابق التي تسعى الى تمثيل دور المحب واستدراج الضحية الى سحب صور او مكالمات والبدء بالتهديد لغرض الابتزاز على مبالغ ، أو محاربة خفية والانتقام من شخص عن طريق بناته أو اولاده أو حتى زوجته بقصد الايقاع به او الحصول على المال أو مكاسب اخرى من الاسرار التي يمتلكها على هذه الاسرة والتي قام بالتخطيط لها على غفلة من تناثر الاسرة وعدم تماسها بشكل فاعل يمنع الهفوات التي ينفذ من خلالها الخائبون وسالكي طريق الاجرام .

- البطالة : حالات كثيرة من العاطلين يتزوج من امرأة اصغر منها سنا ان كانت وارثة او تملك المال او صاحبة وظيفة وراتب وهو عاطل عن العمل وقد يكون ممن يتعاطون المسكرات والمخدرات ويعمل على مضايقتها وابتزازها بشتى السبل والاعتداء عليها بالضرب واجبارها بمساومات عدة كأن يمنع اولاده او بناته من دخول الجامعة كوسيلة ضغط او التعدي على اطفال هذه المرأة من زوجها الاول لحملها على اعطائه المال .

معالجات حالات الابتزاز
- أولا قيام الجهات المختصة بوضع احصائية دقيقة بحالات الابتزاز وتطوير الادوات التنفيذية للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة بغية التوصل الى المجرمين ووضع ارقام هاتف سرية تشرف عليها جهة أمنية تتصف بالأمانة والكفاءة والثقة للالتزام بالسرية التامة ووضع الضحية في وضع ثقته بهم والاخبار عن حالات الابتزاز لغرض القضاء عليها

- توعية المجتمع وتنمية الحس الامني لدى المواطن .

- تنمية تقوى الله والحياء والوازع الديني من خلال وسائل الاعلام وورش تقام للأسرة والفتيان الفتيات من خلال الدعم الحكومي ومنظمات المجتمع المدني ( الجادة منها في أدائها ) وفرد مساحات واسعة بشكل مستمر لتروي قصصا من هذا الواقع ولا سيما التعدي على حقوق الاخرين بوجه غير مشروع

- استشعار المسؤولية والتكامل في أداء الادوار ونشر ثقافة المكاشفة والمصارحة داخل افراد الاسرة الواحدة عما يعتري الفرد من مضايقات خاطئة .

- متابعة الارقام ( السيم كارت ) غير المسجلة بشكل اصولي والتي تستخدم بكثرة لهذا الغرض والغائها .

- تفعيل الجانب الوقائي والجانب الاصلاحي من خلال الاجهزة الرسمية والمؤسسات المجتمعية والافادة من روافد التربية والتعليم والاعلام والمساجد لمعالجة هذه الظاهرة الخطرة .

- تمكين المرأة وتدريبها على النتاجات اليدوية أو العمل وعدم القبول تحت ظروف طارئة من الاقتران بالشخص غير المناسب أو من ارباب السوابق بتكثيف دورات التوعية وفتح سوق من قبل الجهات الداعمة من منظمات المجتمع المدني لبيع نتاجات النساء وهنالك دول مثل في الشارقة هنالك سوق للتراث الشعبي وبشكل منظم ومدعوم من قبل الدولة .

وأخيرا اعداد دراسات ميدانية في هذا المجال من قبل مختصين ومتابعة الجهات الحكومية للضرب بيد من حديد على المارقين على سلطة القانون للحيلولة دون انتشار الجرائم التي تحصل بسبب هذا السلوك الجديد الدخيل على مجتمعنا .