س- الكاتب والشاعر التونسي "الطيب الهرشي" العائد إلى الوطن محتفيا بحميمية الأمكنة والأشياء موغلا في التشبث بآلامه بعد أن أطلق صرخة الإبداع في فرنسا كيف تقدم هذه التجربة للمتلقي ؟

ج- اول الكلام انا لست بشاعر أنا احاول أن أكتب ما يجيش بالخاطر.

س- إذا كانت الكتابة وسيلتك للتعبير كيف جعلت نفسك تسيل على الورق ؟

ج- أتفاعل مع واقع مر ربما الواقع والحقيقة جعلا مني كاتبا يبجث عن ذاته وعن قيمته ووجوده. و اخترت الكتابة لأنها تسمو بالنفس الى المثل فتحيلنا إلى الأخلاق والعرف والقيم النبيلة التي تقهر الظلم والتسلط .

س- فعلا سي الطيب ما يميز كتاباتك هو هذا التفاعل . فهل منح نفسك إصدارك الأول ما رجوته من الكتابة ؟

ج- بالطبع تجربة الكتابة في فرنسا منحتني الكثير وجلبت لي التقدير والإحترام و واسترجعت إحساسي بالوجود والإنسانية التي سلبت مني في وطني ولعل بل الأكيد أن هويتي الحقيقة التي ولدت في فرنسا مع تجربة الكتابة حيث نشرت 5 كتب متتالية بالإضافة الى تجربي في الكتابة في "الكوت ديفوار" .

س- تقصد الهوية التي أفرزتها الكتابة ؟

ج- أجل انا كاتب يحمل هويته الحقيقية بما خطته أنامله ولازال يعيش زمن غربة قاسية في وطن تناسى مثقفيه .

س- بما تريد أن يذكرك الوطن وكيف يتصالح معك ؟

ج- يذكرني بهويتي ويتصالح معي بأمي حين أرى كلما كتبته لها وعنها يقرأ أريد أن يقرأ الناس أمي التي قاومت الظلم والأزلام و الإستبداد بكل شجاعة وتضحية .

س- أفهمك أمك المرأة التونسية البسيطة المعطائة العزلاء في قرية " دريانة " والتي استبسلت في الدفاع عن النفس والوجود والهوية وعن أرضها التي إفتكها منها عنوة النظام السابق تجربتها تجربة منفردة تستحق المتابعة لكن ألا ترى أن الكتاب اليوم في تونس وفي العالم يمر بأزمة وجودية ؟

ج- رغم إقراري بأزمة الكتاب فمرارة واقع الكاتب تستلزم التدخل في ضل هذا التقهقر . و ملحمة أمي ستبقى وستذكرها وتذكرنا الأجيال القادمة أما النظام السابق فقد ذهب إلى غير رجعة وهي لاتزال حية في وجداني ووجدان كل من يقرأها .

س- ألا ترى أنك إنطلقت من الواقع لكنك ذهبت بالكتابةالى المثل والقيم ؟

ج- رغم أن الخيبات متتتالية إلا أن باب الأمل يبقى مفتوحا وأنت صحفية وفنانة والأكيد أن لوحاتك تحمل هذا الأمل . وسأواصل الكتابة عن المرأة و عن الأمومة وهو الإحساس الأروع .

س- الأمهات يعيشون دوما بوجداننا رغم المسافات الزمنية أما الواقع بالفعل نواجه بالأمل ولعل إحتفالية الفرشاة بالألوان في شكل لوحة إحدى ألوان الأمل كذلك المثل والقيم أمل يتجدد ويكبر ويتجسد فهل نتعرف على أملك في إصداراتك فهلا ذكرنا بها لنتمكن من متابعتك والتعرف على هويتك الحقيقية وعالمك بأكثر عمق ؟

ج- يسعدني التواصل مع القارئ لأصل إليهم ويكتشفون تجربتي وهي إصدارات الأولى باللغة الفرنسية وهي :
L HISTOIRE DU CHAGRIN
LE MIROIR DES ABSENTS
LES RAROLES DE L"AMOUR
LE SILENCE DES SOUSONS
LA FONTAINE DE MES REVES
كما صدرت لي نصوص بالفرنسية ب"الكوت ديفوار"
وصدر لي كذلك باللغة العربية كتاب في تونس بعنوان "سكون الليل"

س- و هي عبارة عن رواية شعرية ؟

ج- بالفعل هي تتضمن أشعارفقط ولكنها في شكل رواية .

س- شكل متفرد في الكتابة يستحق الإطلاع من طرف الجميع وإسالة الكثير من الحبر من طرف النقاد و الدارسين ؟

ج- سعدت بكل من تعرف على تجربتي في الكتابة و إهتم بها وتبقى تجربة هامة جدا تستحق المزيد من الإهتمام والتناول بالدراسة والنقد .

س- بالمناسبة ما يمكنك قوله في واقع الكتابة والكتاب اليوم ؟

ج- يبقى الكتاب مرآة المجتمعات الراقية والمتحضرة ولعل فرنسا أحسن مثال عندما يقتني المواطن الفرنسي كتابه من نفس المكان الذي يقتني منه حاجياته الغذائية وللأسف غير معمول به في بلداننا العربية .

س- الأكيد أن محبي الكتاب في تونس خاصة وفي العالم العربي بصفة عامة وقرائه باقون ومتشبثون به حتى وإن كانت القراءة بنسبة أقل ولا ترتقي إلى ظاهرة كما هوالحال في فرنسا. ومازلنا كعرب نحتفي بإصدارات المؤلفين و المبدعين في جميع الميادين ففي مدينة صفاقس التونسية يقام سنويا حفل لكل أبناء جهة صفاقس أينما كانوا لتقديم إصداراتهم وتكريمهم تشرف علية وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وكذلك تقام المعارض الدولية للكتب في العاصمة التونسية وفي أغلب الولايات التونسية وكذلك في العواصم والمدن العربية وتجد إقبالا كبيرا فحسب إعتقادي طبيعة المجتمعات تحدد أشكال العرض و الطلب . ألا يؤكد لك كل هذا محافظة الكتاب على أهميته في تونس وفي العالم العربي ؟

ج- ربما هذا صحيح اليوم لكنه غير كافي لأن إنعكاسه على الأجيال القادمة التي أغلبها أقال الكتاب من حياته بعد إتمام دراسته فهويتها مهددة في غياب إستراتيجية عمل تعمق الإحساس بالإنتماء و تعطي للكتاب إنتشارا أكبر وتعطي دعما أكبر للمبدع العربي فلا بد للشعوب أن تقرأ أثر الكتاب لترى نفسها وترى غيرها من الشعوب الأخرى فالكتابة إنعكاس للذات البشرية عبر العصور و المجتمعات كما هو الشأن بالنسبة للفن ولو أني أعتقد أن الفن أكثر صمودا أمام الزمن فهو يمتلك قوة جذب أكبرالتي أجدها في أعمالك الفنية خاصة تلك التي تجسد جمال المرأة والتي بفيت وشما بذاكرتي عاكسة لإختلاجاتي نحو المرأة التي تعلق بها قلبي وسال لها حبري في ليل دامع .

س- سي الطيب هلا تفضلت ببعض الأبيات من هذا الحبر في خاتمة هذا اللقاء ؟

ج- وليل إذا هام أبكاني
يسطو مغيرا في لفحة الداني
ليل إذا خيم رماني
قناديل ذكرى وأشجاني
تعجبت كم رواسب خبت لمجد رثاني
لماض تليد صار صرحا من أغاني