ينطلق بالشاعر إلى عوالم من الخيال المبدع ويحط بالمتلقي في وديان من الروعة والإنطلاق

حوارنا اليوم مع أحد مبدعي الشعر الواعد بالعطاء والخير والجمال....مع الشاعر الصادق الهمامي

1) من هو صادق الهمامي الشاعر و الإنسان ؟

1 جواب

 * في البداية أودّ أن أشكرك أستاذتي الفاضلة على تكرّمك و عقد لقاء حواري معي و هذا أعتبره تشجيعا لي. 

صادق الهمامي أصيل مدينة تستور

تستور منارة الشمال الغربي للبلاد التونسية

هي معتمدية من معتمديات باجة الجميلة الساحرة

فيها ولدت و بها زاولت تعليمي الإبتدائي و الثانوي و منها غادرت إلى تونس حيث إستقرّ بي المقام في مدينة الورود أريانة التي أتممت فيها تخصّصي في مجال الصناعة كفنّي صناعي ( مكوّن صناعي )

2) كغيرك من الشعراء لابد أن تكون لديك بدايات على درب والكلمة الجميلة الوضيئة متى وأين كانت أول تجربة شعرية لك ؟

2 جواب

* في السّنة الأولى من التّعليم الثانوي أحسست إنّي مولع باللّغة العربيّة و لا أنكر أنّه كل مرّة يداهمني مخاض لذيذ و سيل جارف من الكلمات و العبارات الرّقيقة كنت أدوّنها في بعض الأحيان و تغادري مسرعة دون رجعة غير آسفة في الأحيان الأخرى.. تاركة إيّاي متحسرّا...

3) الكتابة الشعرية إنخراط عنيف في الإنصات لعوالم الداخل المشبعة بالجرح والحلم تعرية لتضاعف الذاكرة بشعلة القصيدة هل تؤمن بأن الشعر قادر على تغيير العالم إلى ماهو أنقى وأصفى ؟

3 جواب

* الكتابة ألم جميل لذيذ يصعب على الشاعر أن يتبرّأ منه الكتابة سفر دائم و الكاتب او بالأحرى الشاعر شديد الترحال من مكان إلى مكان و من عالم إلى عالم.. دائما تجد أمتعته على ظهره و القلم بين أنامله و القرطاس تحت إبطه و أينما تكون القصيدة يكون مقامه.

4) هل القصيدة قلعة الشاعر الدائمة يحتمي فيها وبها من عواصف الحزن والإغتراب والشجن أم نافذة يطل منها على أشيائه السرية والحميمية ؟

4 جواب

* القصيدة هي ملاذ الشاعر مرّة يهرع إليها يرتمي في أحضانها.. و مرّة أخرى هي التّي تهرول إليه مسرعة ترجوه فكّ ظفائرها و كتابتها دون مراعاة حالة النفسيّة التّي هو عليها في ذلك الوقت.. رغم كلّ شيئ تبقى القصيدة ذلك الوجع اللّذيذ المريح الذّي يشعره بالفرح رغم الدموع المنحدرة على خديه..

5) القصيدة رسالة مفتوحة للعالم ، وأنت تكتب هل تفكر في القارىء ؟

5 جواب

* على الشّاعر أن يرتقي بنصّه الشّعري أو بالأحرى بقصيدته من حيث القيمة الجماليّة و الصور الشعريّة الرّاقية و المسافات التعبيريّة الواسعة و على المتلقي محاولة تسلّق أسوارها و فهم ما يكمن بين السطور و الولوج إلى عالمها من الزاوية التّي يراها مناسبة ليفكّ رموزها و يشهد جمالها و بعد ذلك له حريّة التأويل...

6) يقول أحد المفكرين " القصيدة سر ، وعلى القارىء أن يبحث عن مفتاح" هل للقصيدة اسرارها الخاصة ؟

6 جواب

* طبعا للقصيدة أسرار يكون بعض منها مختبئ في ماضي الشاعر أو في عاداته أو في معتقدات أو في حاضره أو في طقوسه الحياتيّة كل هذه التراكمات ربّما بقصد أو بدون قصد نجدها مراقة بين السطور مضيفة مساحة جماليّة للقصيدة. 

7) كيف تتجلى صورة المرأة في قصائدك ؟

7 جواب

* للمرأة حضور بارز في كثير من قصائدي هذا إن لم أقل أغلبها وهي الحاضرة الحاضرة و الغائبة الحاضرة لا يمكنني الإستغناء عنها.. المرأة تكاد تكون عمودا من أعمدة بناء القصيدة الناجحة بالنسبة لي لما حباها الخالق من تضاريس رائعة و جمال فتّان.. و ما يختلج في نفسها من مشاعر حب و لطف و حنان و ما تطوق إليه من رفعة و حرية و ما تقدمه من عطاء لا محدود للمجتمع كل.. فألف ألف شكر لكل نساء العالم .

وهذه قصيدة من أجمل ما كتبت فيها :

* ياسيّدتي *

ينساب العشق منك

فتخضرّ الرّوابي

تتفتّح الزّهور

تشدو الطّيور

في رحب السّماء

تصطفّ المواسم

و كلّ الفصول

في حضرة جمالك

و أنت في غاية البهاء

أيّتها الفاتنة .. 

التّي تحوم حولها الفراشات

تروم الإحتراق بنور جمالها

يفوح الورد من قسمات وجهها

عبقا محمرّ البتلات

هل علمت بي ؟ 

أبيت اللّيل أسكر

أجترّ الماضي

و أرتشف الذكريات

سلي قلبي ؟ 

كم مرّة عانق طيفك

حين لا يجد إليك سبيلا

كم مرّة يصطلي لفحة الهجير

يحسبه مكانا رطبا ظليلا

يا سيّدتي .. 

بحرك هادئ هذا المساء

موجه لطيف

ساحله دافئ

يغري المصطاف

بالسّباحة دون عناء

يا سيّدتي .. 

أخشى أن أموت غرقا

حين أقبّل وجهك 

على صفحة الماء . 

* صادق الهمامي/ تونس *

8)هل القصيدة عصية و عصبية دائما كأمرأة متكبرة ؟

8 جواب

* القصيدة لا تكون دائما عصيي ولهة فرحة فمن واجب الشط و يطنب في الإحتفاء بها و إلاّ غادرته غاضبة دون رجعة..

في بعض الأوقات تأتي القصيدة طيّعة راضية واضحة مسترسلة كأنّ هناك من يمليها عليك من أعماق أعماقك.. و في بعض الأوقات الأخرى لا أنفي أنّها تأتي متقطّعة متناثرة غير منسجمة مع الهواجس و المشاعر و تكون حالة الشاعر لا يحسد عليها.

لذا يجب على الشاعر تكون له خلفيّة ثقافية كبيرة واسعة

و أن يكون متصالحا مع ذاته متجدّدا في أفكاره و تطلّعاته 

مواكبا لكلّ الأحداث الثقافيّة و الإجتماعيّة و الحياتيّة التي تحيط به لتكون نصوصه تطفح بالجرأة الواعية .. تحفل بأجمل ما في المعاني .. متنوعة من حيث الشكل و الرؤية و بذلك ربمّا يدرك جمال القصيدة .

9) المهرجانات الشعرية هل تخدم متخيل الشاعر أم مجرد لقاء للأحباء و الأصدقاء من جغرافيات متعددة يجمعهم قلق القصيدة وتفرقهم وحشة المسافة ؟

9 جواب

* حسب رأيي المتواضع كل هذه المحافل الثقافية الأدبية سواء كانت المهرجانات أو الأمسيات أو الملتقيات أو الأحبوحات الخ....تخدم الشاعر بشكل كبير و تعمل على إنتشار إسمه بين المثقفين و تمكنه من التعرف على كثير من القامات الشعرية الذين يفوقونه تجربة و أكثر منه شهرة فيتعلم و يأخذ منهم ما ينقصه.

10) هل من علاقة بين الإبداع والجنون ؟

10 جواب

* الشاعر بداخله ثورة دائمة و بركان لا يهدأ و أنهار حب لا تنتهي.. كل هذه العوامل تسير به في بعض الأحيان إلى ضفاف الجنون الإبداعي متخطيا كل الخطوط الحمر رافعا رايات التحدي دون أن يعلم الحالة النفسية التي تنتابه و تجعله محلقا فوق الغيوم تاركا جوا مطيرا من تحته..

هذا التحليق الشاهق قد يرى من خلاله روعة كل الكواكب و جمال جميع المجرات و يجعله طائرا فوق حدود المطلق...