-  القارئ الكاتب-  والأديب إنسان اناني يحمل القارئ حزنه وفرحه ويمشط فكره  ويعبث بخصلات أضلاعه عازفاً لنا مقطوعة مختلفة تميز حرفه دون سواه
القاتل  هنا حر والمقتول مهدور الدم ولا يتم اعتاقه الا حين يزرع بنفوس الاخرين  ليثمر إبداعا . المشرط الرقابي قد يقطف الثمار قبل نضجها ، قد يخل برابطة  القداسة بين روح الكاتب وميلاد حرفه ، فيهب بقطع الحبل السري المغذي له  المشرط الرقابي حين ينال من النصوص وفق طقوس مرسومة ام وفق عقليات محددة
تلك  معضلة  حاولت معرفة الإجابة عليها ومددت اليد لكل باب أدبي قد شاطر  المشرط واحتسى قهوته المرة بقربه ، وتختلف شحذ  المشرط من حرف لحرف ومن صيد  لصيد ومن مشرط لمشرط ( ان فكرة ان يكون  هناك من يحدد معايير التي يجب ان يقرأ من خلالها الفرد هي فكرة مهينة للأدب  والأدباء أولاً ثم للمجتمع والسلطوية حتى على فكره وإجحاف ايضاً ... ) .
مما  أثار الفكرة بمعية العقل  حين قرأت كتاب الصندوق الأسود لحكايات المثقفين  السعوديين لعبدالله المغلوث والذي بالبداية لم يرق لي وبالنهاية استشفيت  الكثير من العلل والهموم لهم ولقد اقتصصت قولاً  ل عبده خال "  من هنا نجد ان الكثيرين يطبعون  بالخارج ليس لكون الاندية الأدبية في  السعودية رفضت طباعة أعمالهم ولكن لخشية المؤلف من ان يجلس تحت يد حلاق ليس  له من موهبة سوى تعلم الحلاقة على رؤوس الأيتام "
ويقول :ولو كنت مرتهناً للنشر داخل هذه الأندية لما نشرت أي رواية ""
الخيبة والحسرة تتضح من كبار الشخصيات الأدبية مما يعانونه من المشرط الرقابي
ويرد  بالنهاية "" السبب ليس في الأندية الأدبية بل في نظام المطبوعات الذي يحول  العمل المكتوب إلى أشلاء ممزقة وكأنك ذهبت إلى خياط سيء الصنعة ، فلقصقصة  هي الشارة المميزة لنظام المطبوعات "

حين نصغي لتجربة الآخرين ندق المعول ونسأل ، ما هو دستور المشرط الرقابي للأندية الأدبية ؟
حين  يحضر الكاتب وليده الجديدة ويحلم برؤيته يتداول بين الأيادي بكل جمالياته  التي تخيلها ، فيصدم بطرف مبتور ، وسلالة تعلن الانقطاع حيث لا أحفاد . مما  دفع المثقفين على مستوى وطني للهروب والطباعة خارجاً وعلى مستوى الوطن  العربي للهروب للدول الأوربية وغيرها.
من هنا تطلع جوهرياً الرقابة علي  المصنفات الأدبية والفنية، فإن كل ما هو ممنوع ومحرّم في حقول النشاط  الاجتماعي سيكون محرماً في الحقل الأدبي والفني. يتعلق الأمر إذن بموقف  الرقيب الفكري والفلسفي والأخلاقي من مجمل القضايا الأساسية الخلافية في  المجتمع. الرقيب هو حالة مصغَّرة للمجتمع العربي ذي المعايير المعروفة، لا  أكثر ولا أقل. هناك ثلاثة أو أربعة مواضيع تمارس ضدها رقابة حقيقية أكثر من  غيرها، وكلها صارت تتفلت من سلطات الرقيب.
وقد تناولنا قدح الفهم من ذوي الشأن فكان السؤال لمدير نادي الدمام الأدبي الأستاذ خليل الفزيع : "

- المشرط الرقابي ... ما القاعدة التي ينطلق منها؟
+  المسألة  خاضعة لقانون كل بلد، فليس هناك قانون موحد بين كل الدول، وفق  قاعدة ثابتة، لكن دون شك هناك عوامل مشتركة، تختلف حدتها من دولة لأخرى،  مثل المحافظة على الاخلاق العامة، وعدم التعارض مع مصلحة الدولة، وعدم  المساس بالثوابت الدينية والإساءة غليها، وما يدور في هذه الإلاك.

- ما مؤهلات الشخص الذي يمسك ذلك المشرط؟
+  لا يوجد في الدنيا شخص مؤهل للحكم على أراء ومعتقدات ونوايا الناس، لذلك  غالبا ما يكون الرقيب محل رفض من أصحاب الرأي مهما بلغت ثقافته، أو حماسته  للمصلحة العامة.

- بالماضي والحاضر ما التطورات التي حصلت لهذا المشرط وفق القفزات الفكرية والثقافية والتكنولوجية؟
+  هذا المشرط كان في الماضي يلعب دورا فاعلا في أداء مهماته، أما الآن فلم  يعد فاعلا ولا مؤثرا بل ولا قيمة له في ظل ثورة المعلومات، وتوفر وسائل  الحصول عليها وبسهولة متناهية من خلال مواقع البحث في مختلف المجالات.

- نجد أن كل ما هو ممنوع ومحرّم في حقول النشاط الاجتماعي سيكون محرماً في الحقل الأدبي والفني؟
+  ليس دائما والأمر في هذه المسألة نسبي ، صحيح أن الأدب هو صدى للواقع ،  بما فيه النشاط الاجتماعي ، لكن الأدب موقف ، بينما النشاط الاجتماعي فعل ،  وتأثير الفعل في الغالب هو الأكثر مباشرة وتأثيرا في الحياة العامة ، ربما  كان الأدب جرس إنذار للتحذير من النشاط الإنساني المشبوه ، لكنه في هذه  الحالة غير مسئول عن تبعات تلك الشبهة ، وهناك أعمال ادبية ـ نثرا وشعرا ـ  لم تكتف بالواقع الراهن ، بل استشراف المستقبل ، وحاولت النأي به عن كثير  من الممارسات المحرمة ، وجاءت الأيام لتحقق نبوءتها في هذا الاتجاه.
بالنسبة  للفن أيضا هو صدى للواقع، لكنه وإن سجل موقفا معينا حياله، فهو في النهاية  يجسد رغبات هذا الواقع ويترجمها إلى فعل يمارس على مرأى من الجميع، ويكون  ملتزما إذا تحول الفعل لديه إلى موقف يتصدى لكل ما هو انهزامي وردئ في  المجتمع ، ليرفع من مستوى الوعي في هذا المجتمع ويفجر الطاقات الإيجابية  لدى أفراده ، ويسمو بالذائقة الفنية لديهم ، كما هو الشأن في المسرح أو  الموسيقى أو الفنون الآخرى السمعية والبصرية. ... انتهى..ّ!!
نجد  بالتالي ان القاعدة لا تنطلق من قواعد محددة ، الباع الاكبر لثقافة فردية  /  فهل سيتخذ المشرط خطوات جديدة لمساعدة المثقفين والأدباء للنشر محلياً  كخطوة جديدة للاحتواء المفقود للأدباء وحروفهم ، والمبالغ المالية التي  توهب للخارج من اجل الطباعة وحرمان المجتمع من معرفة مثقفيهم وكذلك رفوف  المكتبات التي تخلو من أنتاج للأدب السعودي ليذكره التاريخ ، يقول عبدالله  المغلوث " أصبح مقص الرقيب يمثل لي أُمَّ القلاقل ، اعتقد أنه ستخدم  منشاراً كهربائياً لا مقصاً وسأختبر مدى ثقل دمه إن استطاع قص الجملة  التالية :
( الكاتب يريد إسقاط الرقيب )
ختاماً
المشرط الرقابي ( نعم للتهذيب لا للنزع )
*مديرة تحرير وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية