ديوان «أصافح ظلي» لحسين مقبل.. وجع المنفى إذ يفجر الكلمات
عرار:
عمان :
«وأنت تمر على جثتي اقرأ الفاجعة، وأقرأ خدوش الزمان/ على جبهتي/ واعزف بكاء الثكالى على شكل ناي/ واحذر من الصرخة الراجعة» هذا المقطع الذي اختاره الشاعر اليمني حسين مقبل على الغلاف الأخير لمجموعته الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان بعنوان «أصافح ظلي» ويشتمل على 46 نصا شعريا يتناول فيها الغربة والشوق والألم والحب كمفردات تنبئ عن سيرة الذات. وفرد الشاعر الكثير من المساحات لوطنه ولمدينة صنعاء واليمن التي لا تغيب عنه، مازجا بين الأنثى والمكان بما يجمع بينهما من روح تذكر بالأمل الذي يرتسم عبر الحلم. أراكِ بكُلِّ مكانٍ أمرُّ بهِ/ وفي كلِّ زاويةٍ لا يلاحظها العابرون، أراكِ ملامحَ كلِّ وجوهِ النساءِ/ ولونَ الربيعِ/ وضوءَ المصابيحِ/ أصواتَ أوراقِ فصلِ الخريف. أراكِ المدينةَ في كلِّ حالاتها/ وأراكِ بسُكَّانها المفعمين بحسنكِ، في كلِّ فرضٍ يقامُ... يكتب عن المرأة والوطن والذات التي يترك عليها الشوق جراحه، وخدوشه التي تشبه صوت الناي الحزين، ولكن ذلك الصوت حينما يحبس في الأعماق يمكن أن يتحول إلى انفجار. يقدم الشاعر اليمني الدكتور عبدالعزيز المقالح المجموعة التي تقع في 102 صفحة من القطع الوسط لافتا إلى «تجليات الشاعر اللغوية والأسلوبية» واصفا المجموعة بأنها «تذهب إلى ما بعدها من قصائد أعمق شعرية وأكثر التصاقا بالعنوان «، الذي ينطوي على الغربة التي يعيشها الإنسان والحنين الذي يعتريه لأقرب ما يكون منه، ظله، فيسعى للاقتراب منها في الحلم. هو المنفى أو الغربة التي تفجر الكلمات وتصبح شظاياها كحرف الزجاج، ولكنها الكلمات الطرية والطازجة التي تذيب الزجاج ليتشكل في أيقونات الحب والشوق على شكل اسفنج ويتمثله الشاعر في كل ما يراه صورة للوطن. مطرٌ/ وموسيقى تُعزف في صدري، تترمَّدُ الروحُ كقطةٍ جميلة/ في سرير الصباح/ تبحث عن دفء، تتكوّر/ إلى أن تصبح كقطعة إسفنج. في مجموعته الأولى، يكتب الشاعر على جسد روحه عبارات الألم التي يراها في الوطن الذي تجرحه معاناته حين يرى صنعاء، أو يتراءى له وهو يسير بعيدا عنها، فتلاحقه بأنينها التي يتحول معها إيقاع الحياة إلى مشهد تراجيدي، ويمسي الحزن فلسفة يعيد الشاعر ترتيبها في نبض القصيدة. أنا جرحٌ توغّلتُ في جيوب ذاكرتك، أمضي إلى جنازتي بخُطىً مرتبكة/ وأحملُكَ معي بعضَ زهرٍ وماء.. في مجموعته «أصافح ظلي»، ينسج الشاعر حكاياته بمقاربات لا تبتعد عن الذات التي يثقلها الحنين والوجع والشوق والانتظار الذي يبدده بالأمل، كما قال الشاعران عبدالله البردوني، وعبد العزيز المقالح: يوما تغنّى في منافينا القدر/ لا بد من صنعاء وإن طال السفر.