|
عرار:
عرار: يجتمع في شعر ناهدة الحلبي اتجاهان يمكن عدهما مسار أو فلسفة الشعر عندها ، الأول يمثل الاستقاء من الشعر العربي القديم ، والثاني يمثل روح الحداثة ، لتخرج لنا ببناء شعري مميز ، يمكن له أن يحدد هويتها الشعرية ، فالمتأمل في نصوصها الشعرية تستوقفه ملامح الاتجاهين معا ، فهي في بنائها الشعري العام تعتمد النمط الشعري للقصيدة العربية العمودية ، مما يوهم القارئ العادي في كونها تقليدية كلاسيكية ، لكن بمجرد النظر الى تلك النصوص من زاوية نقدية محترفة تتضح الحداثة عندها بصورة جلية ، انطلاقا من عنوان مجموعتها الشعرية وصولا الى عناوينها الداخلية ، ومن ثم روح الكلمة والصورة التي تبنى عليها قصيدتها ، فالعنوان ( أبعد من وحدتي ) له ارتباط واضح بالمعاصرة والحداثة ، اذ نجد فيه نزعة القصيدة الحديثة التي سعت الى اطلاق فعل الدلالة والتأويل ، فهي لم تتعامل مع مجموعتها بعنوان مباشر بحيث تصل الصورة الى المتلقي ما أن يقرأه ، بل تركت باب التأويل مفتوحا أمام المتلقي والقارئ ، لتعقبه بعتبة الاهداء التي عززت ذلك البناء الشعري بقولها ( الى العائد فيما أخاف والغائب فيما أحب ) ، فضلا عن بعض عناوينها الداخلية التي حاولت في أغلبها اللجوء الى العنوان التركيبي ، اذ تتعمد تشكيله من جملة ( فعلية أو أسمية ) مراعية في ذلك العلاقة الدلالية والسياقية ما بينه وبين النص كـ ( فوضى الجسد والروح ، جفون عارية وحب مهاجر ، تكريم لمؤمن ووطن ، عابوا عليّ الهوى ، لاجئة على رصيف وقمر ) وهناك من العناوين ما أضافت اليه تقانات القصيدة العربية الحديثة الكتابية ، متمثلة بعلامات الترقيم وغيرها ، كما في استخدامها للنقاط في قولها ( قلها....، أحبك .....، للحب طعم ...وأكثر ، هو....) اذ تعمل تلك النقاط على فتح باب التأويل والاتساع الدلالي . وفضلا عن هذا نجد الروح الشعرية الحديثة تتمثل في صورها ومضامينها التي تعاملت مع الآخر بـ ( أنا ) الجمع ، اذ تكلمت بلسان الآخر بوصفه الحبيب وبوصفه المواطن وبوصفه الانسان ، فمثلت لسان حال المرأة الشرقية التي تعاني أزمة العاطفة الجياشة تجاه الآخر الحبيب ، وهذا ما سارت عليه أغلب الكاتبات العربيات المعاصرات نثرا وشعرا ، فضلا عن الاتجاه الوطني والاجتماعي المتمثلين في بعض نصوها بوصفهما اتجاهين واقعيين ، لذا يمكننا القول انها جمعت ما بين اصالة النص الشعري وروح الحداثة في ذلك البناء الشعري المميز بهوية شعرية تركت عليها بصمتها لتحدد في ذلك مسارها وفلسفتها الشعرية الخاصة بها . د. نوفل الناصر الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 29-11-2015 10:11 مساء
الزوار: 6443 التعليقات: 0
|