هيام شحاده شاعرة رقيقة الإحساس صوت ياسميني أنيق ، مجبولة بالشعر والإحساس الإنساني ، صوت قادم إلينا من بيت لحم – فلسطين .. ” طافح بالوجد والعشق ودفء الكلمة كتاباتها الشعرية رومانسية ، تخاطب القلب والوجدان، مفعمة بجيشان العاطفة وترانيم العىشق “.
سنحاول فيما يلي إلقاء الضوء على قصيدتها الوجدانية ( مسافر .. في حلمي ) ..
” مسافر .. في حلمي ” يحمل إيحاءات شفافة ، تعبر فيه عما يخالج روحها ، ويدور في نفسها ، ببوح في منتهى الرقة والعذوبة ، هذا البوح الذي يأسر ويذهل المتلقي ، بعمق شاعريتها ورومانسيتها … تناجي الشاعرة الحبيب .. فالحبيب دائماً متأهب ليرتحل مسافراً بإرادة حاسمة نافذة ,, بين نبضات ودقات قلبي المتتالية ،والساهر الذي ظل مستيقظاً لم ينم في ليل عيوني .
ثم تطلب من الحبيب عدة طلبات منها : سافر أيها الحبيب بأماني وهوسي وجنوني ، إلى عالمنا المتخيل ، واسجد بخضوع وانحني مطأطئ الرأس في محراب لهوي ومجوني وفي مقام حبي وغرامي وعشقي .داعب الحرف مبتسماُ ودعه يتراقص عازفاً على أنغام موسيقى فنك وألقك .. لحن شوق تاقت النفس إليه . ثابت القلب حازم غير متردد . ثم تنادي عليه .. هيا اقترب هلم لي حبيبي .. فتقول :-
مسافر,,في حلمي
أيها الماضي في نبضات فؤادي
والساهر في ليل عيوني
سافر بأحلامي وجنوني
واسجد في محراب عشقي ومجوني
راقص الحرف وابتسم
واعزف على وتر حنيني وجنوني
ثابت الخطو هيا تعال واقترب
– انعطافة في خط سير القصيدة – ..
من شدة حنينها تلتمس الشاعرة من حبيبها في المقطع التالي ،أن يضمها لصدره ليعانق الهمس الخفي بين جفنيها وتواصل الشاعرة مخاطبته. أيها الساكن بين ضلوعي ، تجاوز كل معيق و حاجز وتغلب عليه ، حتى تبلغ غايتنا منتهاها وهي ..لقياك بترحاب كبير بالقلب والعين ، وبذا أوقد النار في حطب روحي وأخزاني أشواقا ورغبة في لقياكم .
عانق الهمس بين جفوني
ساكن ضلوعي اخترق المدى
للقياك ورؤياك أشعل في الروح
أشواقي وشجوني
على لسان الشاعرة تقول الحبيبة لحبيبها ، اتركني أحبك حباً شديداً ، كما أحب وأريد بشغف وهيام، ودعني أتنفس أريج حبك بكل ارتياح ، دون هم أو تعب ، وأكشف وأظهر ما يعتمل في قلبي من شوق وحنين … مترفعاً ومبتعدا عن كل ما يزعجك أو يغضبك ، منتشية حين أرسمك وشماً يُجًمِلُ ويزين يدي وما بين ضلوعي …
دعني أعشقك
كما أهوى أهيم بك
أتنفس عبير هواك
أبوح بما يعتصر قلبي
من الشوق والحنين
أترفع عن كل ما يغضبك
أتجلّى حين أرسمك وشما
يزين معصميّ ومابين الضلوع
تواصل الشاعرة طلباتها المتعددة من حبيبها ، اتركني اصعد وارتفع فوق سحائب سكوتك وانقطاعك عن الكلام ، مخترقاُ دقات قلبك . لأهمس لك وأعترف بصوت خفي ناعم أني أحبك .
دعني أرتفع فوق سحائب صمتك
وأخترق نبضات قلبك
لأهمس لك ..أنا أحبك
بعد هذا الاعتراف تسمرت العاشقة المحبة في مكانها دون حراك ، وثغرها مدهوشاُ محتاراً ، ينتظر قبلة شهية كالشهد من عذب ماء ريق الحبيب …تواصل الحبيبة مناجاة الحبيب .. دعني اقترب منك أكثر وأكثر ، لألتهم محياك الطلق المشرق المتهلل ، ويداي تحتضن وجهك .
أتسمّر وثغري مشدوها
ينتظر شهد رضابك
دعني أقترب منك
وعيوني تلتهم ملامحك
ومحياك بين يديّ
تخاطب الحبيبة حبيبها بلغة رقيقة شفافة وناعمة ، فيها كثير من الوجد والالتحام والتداخل والاشتباك الروحي الوجداني ، وروح استردت وعيها بنسائم عليلة منعشة عند اللقاء ، فتقول :
أنت.. يا أنت,,,وأنا
جسدان يلتحمان
وروح تنتعش بنسائم اللقاء
وعند اللقاء .. ماذا يحدث ؟ تكثر الشكوى وتعلو الآهات توجعاً .. وتزداد الرعشات.
” تعلو الآهات تزداد الرعشات “
بعد هذا الالتحام الروحي والمادي ،تعود الحبيبة لمخاطبة حبيبها .. وجدانيا وعاطفياً، متمنية عليه أن يأذن لها ، باقتحام طيات وأعماق ثنايا روحه ، وغرف ومقاصل جسده ، كي يزداد عشقها له أكثر وأكثر … لأنه يسري في شرياني كما تقول العاشقة المحبة ... ثم تنادي عليه .. هيا اقترب هلم لي حبيبي ..فتقول :-
دعني أخترق ثنايا روحك
وردهات أوصالك
كي أعشقك أكثر فأكثر
أيها الماضي في نبض شرياني
هيّا تعال واقترب
نلمح في هذا النص .. مسحة حسية من أشعار نزار قباني ، ممزوجة بلمسة وجدانية من أشعار الشريف الرضي .
هيام شحاده تثبت في هذا النص ونصوصها الأخرى، قدرتها على تصوير خلجات النفس البشرية العاشقة ، وفرحتها بلقاء المحبوب ، إنها شاعرة تنسج حروفها بمداد القلب ، بقالب فني تعبيري ، يتسم بالصدق وقوة العاطفة وحرارتها والبوح الأنيق .
تخاطب الشاعرة في نصها عبق الروح …وتبث الدفء والراحة في قلب ووجدان المتلقي .