الروائية عنان محروس

عندما حصلت على إصدار (اجعل لحياتك عنوانًا)، قفزت مخيلتي إلى الشعر النبطي، حيث أنصتُّ مسبقًا، إلى إلقاء الكاتبة فاطمة الجميل أكثر من مرة،
وهي شاعرة متمكنة، وعضو في أكثر من جمعية، وتترك أثرًا نفسيًا لا يزول بسرعة بعد اللقاء، لكن لفت نظري ما صنفت الكتاب، خواطر، وأيضًا تبادر إلى ذهني، ربمّا تكون خواطر رومانسية، مما قد يثير قلم شابة في مقتبل العشرينيات من العمر.
أما الدهشة فكانت بعمق العنوان، وعنوان أي كتاب أو نص، ليس فقط الدلالة والعتبة، بل هو نص موازٍ يبني الفكرة، ويفتح نافذة التلقي قبل الولوج إلى محتويات الكتاب.
العنوان في إصدار فاطمة، توّجه إنساني هادف، في البحث عن حلول للمشاكل النفسية التي يمر بها البشر عامة، منذ بداية الوعي، إلى ما بعد الكهولة، من خلال رؤيتها الخاصة، أو من تجارب مرّت بها خلال عمرها الغض، في شتى الأمور، طمعًا في مساعدة الناس، ورضا الله عزّ وجل.
بلا شك هو كتاب ينتمي إلى فئة مخطوطات وإصدارات التنمية البشرية، وهذا أمر أساسي، اعتمدت عليه أغلب المجتمعات، لتطوير المهارات، وقدرات التواصل بين الناس، فالثروة البشرية للأمم، ترتقي بتعدد خياراتها الصحيّة والصحيحة، وأهمها تحسين ثقة الإنسان بنفسه، ليشعر بالارتقاء والاستقرار، مبتعدًا عن العادات والمعتقدات الضّارة واليأس.
وأنا أقرأ الكتاب، تهيأ لي صورة فاطمة معتليّة منبرًا مهمًا، من منابر التنمية البشرية، وهي التي تتمتع بالعقل المنفتح والثقافة العامة والثقة بالنفس، صفات تظهر جليّة، كلمّا نظرت إلى عينيها المشعّة ببريق الإيجابية.
فكيف تتقدم العقول البشرية، دون تنمية المهارات والقدرة على تجاوز الصعاب في الحياة؟!
شدّتني نصائحها في مواجهة الخوف ومراقبة الوعي، وتطبيق ما نتعلم، وتدوين المشاعر والمشكلات على ورقة، لتحديد مسار عقلي سليم في حلها.
أيضًا تقنعك فاطمة بفكرة مشاركة بعضنا البعض للتجارب العديدة، بل سيجد القارئ نفسه، في كثير من الحالات التي عرضتها الكاتبة، من مكافحة التوتر بشكلٍ أفضل عبر الحوار الداخلي، وربما لن نكرر نفس الخطأ مرتين.
يحثُ الكتاب، على تدريب الدماغ، لتحصيل النجاح ونبذ الفشل، واستبعاد نقاط الضعف، ووضع الخطط للغد ليغدو مشرقًا، منوطين الأمر لله عز وجل، ثمّ للتركيز على إيجابيات ما رُزقنا به، فالامتنان لما تملك، يجذب لك ما لا تملك، فيكون من نصيبك، ولحمد الله مفعول السحر.
لم تركز الكاتبة في إصداراها فقط على النظام الداخلي والترتيب النفسي، بل عزّزت بالأناقة الخارجية البسيطة، غير المتكلفة، التي تضيف إلى ما تحتوي دواخلنا، فاللباس والأناقة الخارجية، ترجمة جليّة، لأناقة الروح والنفس، وثقتنا بأهميتنا وتقدير ذاتنا.
أعجبني جدًا صفحة 62 من الإصدار، حيث كتبت فاطمة: «إنك تدرك أن لديك شخص أو أكثر ، يمكنك الوثوق بهم، أنت شجاع بما يكفي، لترك العلاقة عندما تكون سامة لكيانك الداخلي، ويمكنك التعافي في كل مرة، يكسر فيها شخص ثقتك بنفسك..».
نصائح الكاتبة الشابة عديدة في عدم التسويف، وتأخير النجاح، والاستماع إلى آراء الأحباء، ولكن بحد، وممارسة الفرح حتى في أوقات الوحدة، والاحتفال بالنصر دائمًا.
بعد قراءة الكتاب، تساءلت، كم كتابًا قرأت الكاتبة فاطمة في علم النفس، إلى أن وصلت إلى خلاصة الخلاصة، عن اختراق الروح والنفس البشرية، في إصدار لا يتجاوز الثمانين صفحة، لكنه يحتاج إلى مئات الساعات، من التدريب والتدبر والتمعن بين الأسطر.
أتمنى أن أرى الكاتبة الشابة فاطمة أبو جاموس، اسمًا لامعًا، ليس في الشعر والأدب فقط، وإنما من أشهر خبراء التنمية البشرية في الكون، كأمثال د. ابراهيم الفقي، ود. طارق سويدان، وأنتوني روبنز، وستيفن كوفي وغيرهم، ممن سبروا المشاعر البشرية.