|
عرار:
الناقد محمد رمضان الجبور التجربة الروائية للدكتور حسين العموش تجربة غنية بما تمتلكه من أدوات فنية، قد يكون من الصعب أن نتناولها في جلسة أو في أمسية قصيرة، إلا أننا سنلقي الضوء على بعض أعمال الروائي د. حسين العموش من خلال ثلاث روايات قرأتها قراءة المتمكن وكتبت عنها في الصحف اليومية وتناولتها العديد من المواقع الإلكترونية، هذه الروايات التي نحن بصدد الحديث عنها هذه الليلة هي: رواية (رجال للبيع)، رواية (أبناء الوزارة)، ورواية (سلامة الحافي). فقد استطاع الروائي بحسه الناقد أن يتحسس بعض الهموم التي يعاني منها المجتمع العربي عامةً والمجتمع الأردني خاصة؛ فالروائي د. حسين العموش، قد تكون مسيرته الصحفية الطويلة قد أثرت في نتاجه الثقافي والروائي، فنرى من خلال أعماله أن الحديث عن الهم العام هو ما يؤرق الروائي في الكثير من أعماله، فالروايات الثلاث التي نحن بصدد الحديث عنها من خلال النظرة الأولى لعناوين هذه الروايات، يشعر المتلقي بأنها تخاطب كافة شرائح المجتمع، فما يميّز العمل الأدبي في الكثير من الأحيان عتبة النص الأولى (العنوان)، فهي المفتاح المتاح للمتلقي للولوج إلى عمق النص الأدبي، فالروايات الثلاث قد وظف الروائي فيها مفردات تهم المجتمع بمختلف فئاته وطبقاته، فالإنسان...والوطن...والمواطن...مفردات هي بمثابة الهاجس الذي يُلح، ويداعب خيال الروائي د. حسين العموش. ومن أجل الحديث عن تجربة الروائي د. حسين العموش، لا بد لنا من التوقف عند بعض العناصر الهامة في الرواية حتى نؤكد ما ذهبنا إليه، وربما نجد ضالتنا في العناوين التي بين أيدينا في هذه الأمسية، فالعناوين هي: رجال للبيع، أبناء الوزارة، سلامة الحافي، جميع هذه العناوين يلمح المتلقي من خلالها اهتمام الروائي بالشخصيات، فبناء الشخصية الروائية يحتاج لمهارة قد لا يتقنها إلا مَن يمتلك الموهبة والخبرة. فالشخصيات الروائية في روايات د. حسين العموش لا تبقى مجرد فكرة على الورق بل تتحول في ذهن المتلقي إلى كائن حي بعد أن يُصبغ عليها الروائي مجموعة من الصفات، يصف ملابسها، طولها، جمالها، قبحها، تصرفاتها، عواطفها، أبعادها الاجتماعية أو السياسية، ففي رواية (سلامة الحافي) التي كانت في معظم محاورها تحكي عن السياسة في الوطن العربي عامةً، نرى أن الروائي قد نجح في بناء الشخصية الرئيسية في الرواية – شخصية سلامة الحافي – فبعد أن كان سلامة شخصية مهزوزة فقيرة معدمة، ينخرط في العمل السياسي، فتنقلب أوضاعه، ويصبح من الشخصيات المهمة في المجتمع، فشخصية سلامة ليس إلا رمزاً، وظفه الروائي لسرد الأحوال السياسية في الوطن العربي الكبير. وشخصية (رضا الفلاح) في رواية (رجال للبيع) هذا الطالب الذي تخرج من جامعة اليرموك قسم صحافة، ويعمل في بداية الأمر في مصنع للزيوت، ثم يحالفه الحظ ليعمل في جريدة حزبية، وبعد أن كان من الذين يحاربون الفساد أصبح مع الفاسدين.... ويظل عنصر الشخصيات في أعمال د. حسين العموش من العناصر الهامة التي تحتاج إلى خاص لإدراك جماليات هذا العنصر الهام في جميع أعمال الروائي، فمعظم الشخصيات التي وظفها الروائي في أعماله يشعر المتلقي بأنها شخصيات نابضة بالحياة، تتحرك في كل الاتجاهات، فقد تم تصويرها بدقة متناهية من قبل الروائي،فهي تُعبر عن مدى ثقافة الروائي ومدى اطلاعه وهو الصحفي المميز والخبير. وعندما ننظر إلى عنصرٍ آخر من عناصر الرواية، وليكن الحدث، نرى أن الروائي قد طرح مجموعة من الأحداث التي تهم المواطن والإنسان، ففي رواية (أبناء الوزارة) يطرح الروائي مشكلة اللقطاء، الذين استيقظوا على الدنيا، وإذا هم في مراكز التنمية الاجتماعية دون ذنبٍ اقترفوه، وإذا هم أمام ذئاب بشرية لا تعرف الحرام من الحلال، فالرواية تُسلط الضوء على الجانب والبعد الاجتماعي، وترصد المعاناة لهذه الفئة من المجتمع (اللقطاء)، أبعاد وجوانب كثيرة طرقها الروائي في رواية (أبناء الوزارة) ربما كان البعد والجانب الإنساني أشدَها وضوحاً، إلا أن الحس الصحفي لدى د. حسين العموش في تتبع الأحداث وتقصي الحقائق ورسمها في صور ومشاهد تُغني العمل الأدبي، وتجعل منه عملاً يستحق الوقوف والتأمل. بالإضافة للجرأة التي يتمتع بها الروائي دون غيره من الروائيين، فهو رجل سياسة بالدرجة الأولى ومن الطراز الأول. فهو قد يبوح بما لا يباح، ويظلّ البعد والجانب السياسي في معظم روايات ضيفنا لهذه الليلة، من الأمور التي لا تغيب عن خيال الروائي، بل لا بد من الخوض فيها بجرأة قد لا يملكها الكثيرُ من الكتّاب. وتظل مفردة الفساد من المفردات التي تناولها الروائي في معظم تجربته الروائية، فقد سلط الضوء على الفساد والفاسدين في معظم أعماله، فكلمة فساد هي العنوان الأبرز في معظم أعمال الروائي، ويوظف هذه المفردة برسم لوحات جميلة ومختلفة ومتعددة تُبرز أثر الفساد في حياة الأمم، أن الكاتب لا يكتب من أجل تسويد صفحات دون هدف محدد، بل لقد وضع نصب عينيه هدفاً واضحاً، وقراراً لمعالجة تلك الموضوعات الشائكة فأصحاب الأقلام المأجورة هم من المجتمع، وقد أهلته خبرته في هذا المجال – الروائي- من سرد تفاصيل كثيرة تُقنع القارئ والمتلقي بمزيد من أسهم الصدق الأدبي في العمل، فالروائي د. حسين العموش، علم من أعلام الصحافة والإعلام، وقد استطاع بخبرته وتجربته المهنية الطويلة،أن يجمع مستلزمات موضوع روايته ويخرجها بفنية واحتراف ليعالج بعض الموضوعات الاجتماعية والسياسية، من فساد ورشوة، واستغلال للمراكز والمناصب، وتعرية للكثير مما يجري في مجتمعنا ونراه ونلجم أفواهنا، عكس الصحفي (رضا الفلاح) في رواية رجال للبيع، ففي بداية مشواره، عندما كان يقول للأعمى: أنت أعمى بعينه، وللفاسد أنت فاسد، ثم ألجم فمه المالُ والمركز، حتى صار بوقاً لحكومات متتالية. ونقف في هذه القراءة المتواضعة في تجربة د. حسين العموش الروائية، عند آخر الإصدارات، وهي رواية بعنوان (عدوى الحب والموت)، فقد قلنا منذ البداية أن الروائي د. حسين العموش يلتقط موضوعات رواياته من الهم العام للمجتمع، يلتقطه من كل ما يؤرق المجتمع، فرواية (عدوى الحب والموت) من الروايات التي عالجت بحرفية موضوعاً من الموضوعات التي أرقّت العالم بأسره، وليس فقط مجتمعنا الأردني، فجائحة الكورونا...أو وباء الكورونا...أبعده الله عنا وعنكم كان له حظاً في إبداعات د. حسين العموش، فرواية (عدوى الحب والموت) من الروايات الخالدة التي ستكون مرجعاً لكل من أراد أن يدرس هذه الفترة الزمنية من حياتنا، ففي الرواية الكثير من التفاصيل الممتعة التي تصف حال العالم بعد هذه الجائحة. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الإثنين 03-01-2022 08:47 مساء
الزوار: 1069 التعليقات: 0
|