هذا ما تفضل به صديقي المبدع  الناقد حيدر الاديب مشكورا في قراءته النقدية المتميزة لنصي :" حكايا عربية"

 

ممكن ان يكون هذا خطاب حجاجي مغلف بقص ترميزي

فكيف نحلل كيفيته الأجرائية في طبقات تحت لحاء اللغة

كنت في حديث سابق أتكلم عن تمثيل المتخيل كواقعة فلسقية وكواقعة أدبية بخطاب حجاجي يستثمر طاقة اللغة كحجاج بلاغي بقواعدها الدلالية اذ ان الدلالات مظهر خلافي طبيعي ومن هنا تتحرك رموز حسناء حفظوني في ربط المعنى بالمغزى ولنر الان كيف فعلت ذلك

المتخيل هنا هو حاضنة تعمل بوجهين الأول هو احتفاظها بالواقع من حيث مادته الأولية ومن ثم تقوم بتغييره او تشكيله تشكيلا جديدا وتطويره اذن هو متخيل تجاوزي يطرح الواقع (إمكانا أو افتراضا أو احتمالا) فهذا الواقع محصلة وليس معطى بل هو محصلة تجشم النص كشف بناها وانساقها وهو غير مسؤول عن تعضيدها أو الغائها

 بل هو يحمل مهمة أخطر من أن يتبنى إو يرفض عبر مؤشراته أنه يقوم بزعزعة مرجعيات الواقع في بناء مواز من الإمكان والافتراض والاحتمال كي يهب اكتشافات أخرى

 من المعرفة في الفهم.. 

فما تفسير الواقعة الفلسفية التي ألقت  ألوانها على

 (أنثى الياسمين التونسية كيف عشقت حلم الربيع ثم حملت منه.....) انها ببساطة علائق المغزى في ذهن المؤلف صوب موقف محدد من الواقعة هذه العلائق هي الذات المنتجة تأويليا من فهمها لذاتها بمعنى أدق الذات جهد تأويلي لممكناتها المعرفية فحين تتجه صوب واقعة ما او حادثة ما فهي تقيم حوارا تأويليا معها في دائرة المغزى ومنها تنزاح الكاتبة الى الواقعة الأدبية والتي تعني الأجابة الاحتمالية على اشكال وماهيات الأسئلة التي تطرحها الواقعة الفلسفية لكن ميزة الواقعة الأدبية أنها تنتج فضاءها ليكون المعنى هنا

(استراتيجية فضاء تموضع المغزى وفق إكراهات طبيعة اللغة والأخر المتلقي) ومن هنا نعرف إن مهمة التأويل هنا هي الإمساك بالحصص الغائبة من المغزى عبر سيرورة تدليل سيميائية لا تكشف عن مضمون سابق في الواقعة ولا تعين معنى فهذا وكما يؤكد سعيد بنكراد :

 (السيمائيات بحث في المعنى لا من حيث أصوله وجوهره بل من حيث انبثاقه من نصوص شتى)

 

تحية لروعة الخطاب أستاذة  Hasna Hafdhouni

 

وهذا النص محل الدراسة النقدية :

 

حكايا عربية... 

 

 تحط هنا وهناك الحكايا ، تقصًها الأطيار للأغصان فتحكيها  الأوراق للأشجار وتطرحها الأشجار في كل فصول الجدب العربي على مسامع الأحجار عن كان يا ما كان يا دربنا المكلل بالعيون الطفولية المذعورة الحزينة تبحث عن رغيف خبز ، عن  بقايا شرشف  يقيها صفعات الصًقيع في العراء بليلة من ليالي الشتاء... 

 عن أم باتت تهدهد فلذة كبدها فأصبحت بعد القصف ثكلى ... عن وطن من الفل والياسمين صار برائحة الدًخان ، بلون الدماء فنسي بياضه الياسمين ليتحوًل

الى  زهرة سوداء  ... هناك نسيت براءتها الطفولة وتاهت الحكاية بين اخوة أضاعوا بعضهم بعضا  بالدًروب المفخًخة وأخطؤوا طريق العودة وبين أم عربية  تشتت أبناؤها بين المعابر وبين المخافر فبعضهم غير وجهه وبعضهم استعار وجه عدوًه  وعلى أعتابه نام  والبقية صاروا أمراء دون امارة.. عن أنثى الياسمين التونسية كيف عشقت حلم الربيع وكيف حملت منه وحين بلغت تسعا جاء صعاليك القبيلة فرموها بالعهر و بالكفر فأجهضوها ليفسحوا المجال أمام شيخهم ليمارس دعارته على طريقته العرفية...

وهذه ليلى العامرية تبحث عن وجه قيس بين القتلى، 

 عن قصيدة واحدة من قصائد العشق الأبدي تجمع بها شتات الحروف المبعثرة أشلاء على خارطة الموت دون بارقة أمل وتلك عجوز لم يبق لها حنجرة  لتصرخ : "وامعتصاه!!" فاستسلمت للفاجعة مكتفية بالأنين ...

حتى عنترة العبسي وقف مذهولا أمام سوءات القبيلة فأسلم سيفه وترك فرسه بين فيافي العربان شريدا ....

 هذه شذرات من القصة  والبقية تأتي ....   

 

الأستاذة : حسناء حفظوني 

                      تونس الخضراء