في «اصْعَدْ إلى عَليائكَ فيّ» الصادرة للشاعرة الفلسطينية فاطمة نزال، عن مكتبة «كل شيء» في حيفا، يتجلى مستويان من الحدس اللغوي والوجداني والإيقاعي.

واحد منهما يتعلق بتفاعلات الكتابة الأولى، المسكونة بألف سؤال وباب قلق، وعفاريت بداية، والثاني يستقر بما كتبته نزال التي انقطعت طويلاً، بعد عودتها للكتابة بما يشبه الحَجَل المشوب بِحُمْرَةِ خجل، أقول يستقر على غير داعم وركيزة من وشائج الإمساك بخيط البداية، وتلمس وجهات الطريق.

في ديوانها الأول الصادر حديثاً، تسعى نزال التي تشارك مساء اليوم في فعاليات الملتقى السابع للمبدعين الأردنيين والفلسطينيين المقام على هامش معرض الكتاب، بتنظيم من دار فضاءات للنشر والتوزيع، وبالتعاون مع رابطة الكتّاب، لأن تكون قصائدها بمثابة إعلان وجود، ووثيقة إصرار أن الغربة عن الوطن، وعقود الكدّ والعمل في بلاد الآخرين، لم تقتل هذه الجمرة المتوقدة داخل وجدانها، بل لعلها على النقيض من ذلك، امتدت كطاقة كامنة، سرعان من انفجرت شرارتها بمجرد أن عاد النورس إلى دفء الأرض التي يعرف، وتنبت فوق أجنحته شرايين الانعتاق:

«تخيّلت رسمك

كان ضبابياً، سرمديا

وككتاب مقدس

رتلت آيات الهوى

حفظتها لأتبارك

بكل ما أوحى به إليك

تدثرت بظلك

وزار الكرى جفنيّ

واكتفيت بكَ

نيزكاً شاردا

يخطف بوميضه

نور مقلتيّ».

صوت جليٌّ شجيٌّ لأنثى، من أول العنوان «اصْعَدْ إلى عَليائكَ فيّ»، وما يشفّ عنه من حاجة/ رغبة الأنثى للذكر/ للرجل، مروراً بالاسكتشات المصاحبة لقصائد الديوان بلمسات المصمم شربل إلياس، ولوحة الغلاف بريشة الفنان الفلسطيني محمود شاهين، وليس انتهاء بـ:

«تتكسّر قارورة

ينداح التوق

ألملم ذاتي

أستر عري مخيلتي العذراء

إلا من صور

وصوت هديل...

يناجي في الأنثى

فتختال الغواية

غير عابئة بشرفات

شرعتها رياح تشرين

وهبوب من شمال...».

فـ»كيف للشغف أن يصل إلى منتهاه»، إنه سؤالها وقد باتت رام الله حضن أيامها، رام الله غير البعيدة عن جنين وعن قباطيا، حيث مدينة الأهل، وبعض مرابع الذاكرة.

الخجل الشفيف الساكن ثنايا الكلام، لا يقف حائلاً أمام فاطمة نزال، فتصل الفكرة كما تريد لها الأنثى أن تصل:

«تلك الشهقة

التي لفحت أذن الشجرة

وشوشت خد أغصانها

أشعلت الصيف في الحديقة

وأطفأته بشتاء دافئ...». 

المصدر : جريدة الراي