|
|
||
|
قراءة استطلاعيّة تحليليّة في "خواطر مسافر" للشّاعرة إبتسام الخميري بقلم د. بشير الجلجلي
قراءة استطلاعيّة تحليليّة في "خواطر مسافر"
للشّاعرة إبتسام الخميري
بقلم د. بشير الجلجلي(1)
التّمهيد:
ما حملني على تصفّح المجموعة الشّعريّة "خواطر مسافر"(2) هو صدق الشّاعرة أوّلا و براءة كتاباتها ثانيا.فاِنتابني شعور غريب و أنا أقرأ الدّيوان لأوّل مرّة سنة 2005 و أعيد قراءته هذه الأيّام... فزاد شعوري "بالغربة الأليفة" و مع ذلك حاولنا اتّخاذ طريق القراءة الدّلاليّة الاستطلاعيّة لأوّل مجموعة شعريّة لإبتسام الخميري علّنا نصل إلى مواطن الجمال و الشّعريّة فيها. و ركّزنا على المحاور التّالية: أوّلا على سبيل الإحصاء و ثانيا القصيدة-الرّؤيا، و العنوان رحم القصيدة ثالثا و مخاطر الخواطر رابعا، محاولة منّا الإمساك بالمجموعة الشّعريّة من بعض جوانبها الدّلاليّة، علّنا في عمل آخر نلامس الجانب الفنّي شرحا و تقييما.
1-على سبيل الإحصاء:
بين أيدينا مجموعة شعريّة تضمّ 98 صفحة من الحجم المتوسّط و 21 قصيدة للشّاعرة التّونسيّة إبتسام الخميري(3) توزّعت قصائدها على النّحو التّالي:
الحاصل الرّموز عدد الصّفحات عدد القصائد
9 9 x1 9 1
7 7x1 7 1
12 6x2 6 2 الأرقام
16 4x4 4 4
25 5x5 5 5
24 3x8 3 8
صفحة 93 42 21 قصيدة المجموع
من خلال هذا الجدول الإحصائيّ نلحظ أنّ شعر إبتسام الخميري عمليّة ضرب في اثنين بحثا عن التّوليد خارج القانون، و هذه العمليّات الرّياضيّة تخرج الشعر عن قانون الرّياضّيات ليصبح رؤيا فنيّة بمقياس الحسابات الشّعريّة. فأكثر قصائدها لم تتجاوز ثلاث صفحات( 8 قصائد) و هو ما يؤكّد القصيدة- الرّؤيا عندها. فهل يتذكّر الحالم إلّا بعض حلمه؟ و هل يذكر المسافر بعد مشقّة السّفر إلّا نبذا من الأحداث و هو حال "خواطر مسافر"، فثلث القصائد هي قصائد قصيرة (8 قصائد من 21) و ربع الصّفحات خصّصت لهذه القصائد القصيرة( 24 صفحة من 93 صفحة) و هذا يرشّح انتماء القصائد عند الشّاعرة إلى القصيدة- الرّؤيا أو ما يسمّى القصيدة الومضة، لأنّ مقاطع هذه القصائد القصيرة ومضات متتابعة متّصلة بعضها ببعض عبر قناة الذّاكرة رغم حوادث النّسيان.
2-القصيدة- الرّؤيا:
يعرّف أدونيس في كتابه "زمن الشّعر" الشّعر بقوله: "لعلّ خير ما نعرّف به الشّعر الجديد هو أنّه رؤيا. و الرّؤيا بطبيعتها قفزة خارج المفهومات السّائدة. هي إذن تغيير في نظام الأشياء و في نظام النّظر إليها"(4)
هذا التّعريف يقودنا إلى حتميّة معرفة رهانات الشّعر الحديث بما هو صدى من الشّاعر الباحث عن الظّلال داخل عتمة الذّات بنور الآخر. لذلك غلبت على الشّعر الحديث النّزعة الذّاتيّة الّتي تستحيل أحيانا إلى ألغاز. فهل تحتفل "خواطر مسافر"
عند تعمّق المجموعة الشّعريّة "خواطر مسافر" نجد الشّاعرة تحتفل أيّما احتمال بمفهوم "الرّؤيا الشّعريّة" الّذي أصبح هاجسا يحرّكها ليصبح الشّعر عندها كشفا. و الكشف بالمعنى المجازي أن يصير دور الشّاعر هو إيقاظنا من سباتنا و تخليصنا من الأفكار السّائدة. فتندغم الشّاعرة في شعرها. هي الشّعر و الشّعر هي. هي و الشّعر سيّان في مجرّة القريض. لذلك تكشف إبتسام الخميري عن الكون المخبوء. فتعود إلى الزّمن الماضي زمن الطّفولة. علّها عن طريق الذّاكرة تزرع الأمل في الحاضر الأليم، تجانسا بين الذّات و الموضوع و رؤيا جديدة لوجوه الحياة المختلفة. فنجدها تستعمل في قصيدتها "احتمالات" ثلاث وجوه للرّؤيا الشّعريّة:
أ-الوجه الأوّل: وجه الطّفولة تقول:
"تُدوّخُني و تُفيقُني
عندَ الفجرِ... ملقاةً
على أوراقي
قد أحبّكَ:
طفلا يفتكّ منّي
لُعبي
يُحاذيني في خُطواتي
الأولى" (ص22)
فالشّاعرة تستعمل في هذه القصيدة الاحتمال الّذي يفترض التّحقيق بتوظيف أداة التّحقيق "قد"ّ في قراءة للحبّ من وجوه ثلاثة ( وجه الطّفولة و وجه الشّباب و وجه العدم)
ب-الوجه الثّاني: وجه الشّباب تقول:
"قد أحبّكَ
و أنا في الثّلاثين" (ص23)
ج- الوجه الثّالث: وجه العدم تقول:
"و قد أحبّكَ و أنا على فراش الموت
أحتضر..." (ص23)
هذه الوجوه الثّلاثة هي وجوه الرّؤيا الشّعريّة عند إبتسام الخميري. لأنّ الرّؤيا انفلات من القانون. فتحلم بكونها في الفضاء خيالا محاولة تحقيق ما استعصى عليها في الواقع.
3-العنوان رحم القصيدة:
أ-عنوان الدّيوان: "خواطر مسافر" جاء العنوان مركّبا إضافيّا المضاف فيه (خواطر) جمع مفردة خاطرة. و الخاطرة هي جنس أدبي يقارب الأقصوصة مع فارق أنّها تحمل جرعات الذّات و القصص الذّاتيّة. في حين كان المضاف إليه في العنوان (مسافر) مفردا.
فما العلاقة بين الجمع و المفرد و ما الرّابط بين الخواطر و المسافر؟
جمعت الشاعرة في هذا العنوان بين (الجمع: خواطر) و ( المفرد: مسافر) لتولد الرّمز من معدن المتناقضات. فكلّ مسافر يحمل ذكريات سفره. و عادة ما تكون هذه الذّكريات مثيرة بآمالها و أحلامها و مغامراتها. و كأنّ الشّاعرة تريد أن تطلعنا على سرّ هو مغامرات هذا المسافر الّتي نقلها إلى خواطر... و هذا المسافر زاده الخيال و الشّعر، هي الشّاعرة المسافرة، و خواطرها حبّرتها شعرا مفرد في صيغة الجمع.
ب-عناوين القصائد: في هذه المجموعة الشّعريّة "خواطر مسافر" وجدنا عناوين القصائد على أشكال نحويّة مختلفة نحاول إحصاءها في الجدول التّالي(5):
المركّب الإضافي المركّب بالجرّ الاسم الجملة الاستثنائيّة الجملة الفعليّة الجملة الاسميّة
(8) ذات يوم
(10)ذكرى أمّي
(12)خواطر مسافر
(15)حكاية عاشقة
(17)ذات صيف فقط
(20)همس الفؤاد (4) إليك (2) حنين
(3) غمغمات
(5) احتمالات
(7)أرق
(9)جنون
(14)احتواء
(19)نحيب (18)و يظلّ الأمل (6) و يطول الانتظار
(21)سترحل الفجيعة (1)صلوات في هيكل الحياة
(11)مدن بلا هويّة
(13)رسالة إليه
(16)نواح في مدن الصّمت
إنّ الجامع بين هذه الأشكال النّحويّة المختلفة هو معنى البداية و النّهاية و الضّياع و الأمل. فكما الفعل لا يمكن أن يستغني عن الفاعل إلّا مستترا و كما المبتدأ و الخبر يترافعان و الجار و المجرور يتلاصقان. كذا الشّاعرة في تعبيرها عن الذّات و اتّصالها بالآخر مدّا و جزرا هي مركّب من العشق و الفناء و الوصول و الضّياع و الذّات و الآخر، فالضدّ يستدعي ضدّه و الأليف يرتضي أليفه، من الصّلاة رمز الطّهر إلى التّذمّر و "طول الانتظار" و الرّثاء "نواح في مدن الصّمت" وصولا إلى... "يظلّ الأمل"...
لذلك يمكن أن تكون هذه العناوين جملة تعبّر عن فحوى الدّيوان بين الأمل و اليأس و الحبّ و الكره و التّيه في غياهب الوجود و العثور على الخطى الأولى فيه... فالدّيوان "حكاية عاشقة" دوّنت "خواطر مسافر" بعدما "همس الفؤاد" "ذات يوم" "ذات صيف فقط" بـ "ذكرى الأمّ" "حنينا" إلى "أحضان الطّفولة" و البراءة و "نحيبا" على الأب المفقود... فلم تجن إلّا "غمغمات" فأصابها "الأرق" و "الجنون" و احتواها المجهول في رحلة عبر الخيال. فقرّرت الشّاعرة أن ترسل "رسالة إليه" دون عنوان، فـ "المدن بلا هويّة" و لكن السّؤال من هو المرسل إليه: "إليكَ" (6).
و هو سؤال طرحته الشّاعرة بحثا في كيانها عن الآخر، عن المعنى في مدن الضّياع و الزّحام. فلم تجد و هي تمرّ بيداء الحياة إلّا واحات توزر لتستريح عندها، فإذا بالشّابي قدم لتوّه من تاريخ أجداده إلى "الشّابيّة" فانتزعت منه "صلوات في هيكل الحياة" لتواصل الرّحلة الوجوديّة بين الأمل و العدم و هي رحلة في صحاري الوجود فأخصبتها شعرا و حبّا. ألا يكون بهذا المفهوم العنوان رحم الخواطر و أصل المعنى. و هي خواطر على مخاطرها تحمل بوادر شاعرة مجيدة.
4-مخاطر الخواطر:
لدراسة الشّعر الحديث علينا التّسلّح بعديد الوسائل الّتي بها يُصلى الدّيوان نار النّقد تطهيرا له لمعرفة معدنه الحقّ. كتطهير التبر ليصبح ذهبا خالصا. و إبتسام الخميري من الشّاعرات اللّواتي يعملن في صمت بعيدا عن الضّجيج. نجدها قد افتتحت مجموعتها باستعارة عنوان قصيدة الشّابي الشّهيرة "صلوات في هيكل الحبّ" معوّضة المضاف إليه "الحبّ" بـ "الحياة" محاولة البحث عن معاني الحياة واقعيّا كما بحث الشّابي عن معنى الحبّ رومنسيّا. و لكن الفرق بين صلاة الفرض و صلاة النّافلة أنّ الأولى واجبة و الثّانية لك فيها خيار. كما الفرق بين الأصل (صلوات في هيكل الحبّ) و النّسخة (صلوات في هيكل حياة).
فالشّابي يمزّق الكيان البشري ليزرع "الحبّ/ الوعي سلاحا" بوسائل فنيّة رومنسيّة إيقاعا (عذبة أنت كالطّفولة) و إيقاظا للذّاكرة على التّاريخ العاصف فطلب التّثوير (ليتني كنت حطّابا) في حين ترى الشّاعرة إبتسام الخميري أنّ الحياة ضياع تقول:
"نتوه في غياهب
الزّمن" (ص5)
فالفرق بيّنٌ بين المؤسّس لقيمة الحياة رغم العدم و المستسلم للزّمن رغم الأمل. أليس الحلم بعد الضّياع محاولة يائسة من مسافر تاه في الصّحراء و ليس معه لا زاد و لا ماء. و كلّ أمله أن تمرّ قافلة أو ينزل رذاذ مطر. و هو أمل قد يقوده إلى الحياة و قد يحمله إلى العدم فيهلك: "حينها تلفحنا الأحلام" (ص5). فيراود إبليس المسافر بالمعصية فيخون النذر و يسقي خمرا لا ماء "فيداهمنا الهول"(ص7). هذا التّخييل على قدامته يرى جديدا و أي جدّة تضاهي "جدّة القديم" كما يقول المسعدي، فالشّاعرة تستلّ من الجاهليّة السّير في البيداء الموحشة و تحنّ إلى الزّمن الخالي، عود على الوقوف على الأطلال المخضبة بالرّومنسيّة الشّابيّة. و هذا المعنى عينه شفقته في القصيدة الثّانية: "حنين" إذ تقف الشّاعرة على أطلال الزّمن تقول معبّرة عن علاقتها بالزّمن:
"بين ثنايا الزّمن
أخذتُ راحلتي و مضيت.." (حنين ص 10)
مشبّهة نفسها بالمرأة "الظّاغنة" الّتي ترحل على نحيب و تُحرس برماح الخط... لكن الشّاعرة ترحل وحيدة لا تحمل إلّا الحزن زادا و بعض الأمل رفادا فتواجه المصاعب في البراري تقول:
"عبرتُ
الأوحال و الأدغال
شققتُ ذاكرتي
بعثرتُ أزمنتي
فلم أجدكَ (حنين ص11)
فهي تبحث عن المعشوق قلبا لصورة الغزل في الشّعر العربي القديم (رحيل الشّاعر بحثا عن المعشوقة) متأثّرة بمدرسة الحجاز الغزليّة قديما (عمر بن أبي ربيعة و جميل بن معمّر و قيس بن الملوّح) كما أخذت صورها من شاعر المرأة حديثا (نزار قبّاني).
فالجامع بين هاتين القصيدتين و بقيّة قصائد المجموعة هو هاجس الرّحيل في المكان أو في الخيال، و ما بقي من هذه الرّحلة هو "الخواطر" و لكن الواضح أنّ هذه الرّحلة ليست لغاية الكشف بل هدفها اللّهاث وراء "الرّؤيا الشّعريّة": رؤيا الحبيب و رؤيا الحياة و رؤيا القصيدة. لذلك تداخلت الصّور الشّعريّة و غاب التّخييل أحيانا و انتفت الأسطورة المكتنزة بالرّموز و رمت الأنا بظلالها على كلّ الذّوات. فأصبح الكلام مرسلا، فلا قانون إلّا قانون الكلمة وغابت الصّور الشّعريّة المولدة للمعنى و ماج الدّيوان نحو الهاوية لولا براعة الشّاعرة في إخراج ديوانها من المستحيل إلى الممكن تقول الشّاعرة:
"أنا لن أقول
بحجم اللّظى و اللّهب
و لا أقسم بحمّالة الجرم و الحطب
فسل عاشق اللّيل و الحبّ" (همس الفؤاد ص 90)
فأحيانا نجد قصيدة التّفعيلة توشّح الدّيوان (همس الفؤاد) و لكن الغالب هو الشّعر المرسل (قصيدة النّثر) فتقفز الشّاعرة خارج القانون معلنة انتصار القصيدة-الرّؤيا أو القصيدة- الحلم. فهل يخضع الحلم إلى القانون؟
و هل يعاقب الجاني في الحلم على جريمة اقترفها؟ و هل يُحاسب الفنّان لأنّه ابن الحلم؟
"ففي كلّ نجد أضمّ جروحي
بدون أنين و دون عويل
فلا لن أقول بأنّي تعبت" (همس الفؤاد ص 91/92)
تختم الشّاعرة ديوانها بعنوان مثير و لافت: "سترحل الفجيعة" آملة في الغد، مستعملة سين المستقبل رغم بداية أفول نجم الأمل بضياع المسافر في البراري (براري الحياة). فكان البناء في هذه القصيدة تراكميّا خضع لقانون "التّداعي الحرّ" كتداعي المفاجآت في رحلة المسافر الضّائع. و هذه التقنية الفنيّة و شّجتها بالأسلوب الشّرطي. تقول:
"إذا ما بعتُ اغترابي
فافسحوا لي
ثنايا الأمان
مرتعا لهزائمي" (سترحل الفجيعة ص 94)
فكأنّ الشّاعرة تبحث عن نيران القرى في رحم اللّيل البهيم تقول:
"تسيلُ أنّاتي
في جوف الظّلام
تغرقُ
تدمو منّي
غيمة من البعاد
من أراضي صامدة
تقطرُ... تقطرُ
ألما... أملا (سترحل الفجيعة ص 94/95)
تحاول الشّاعرة بهذه القصيدة الأخيرة إمساك خيط الأمل رغم الضّياع و مسافات العدم الّتي قطعتها. لذلك ترسم بالخيال حدائق الأمل لا لذاتها بل لكلّ إنسان سافر و لم يهتد إلى الطّريق و لكلّ عربيّ لم يجد في البطولة و الحماسة الحلّ. لكلّ من حاول الوصول تقول:
" و ينجلي الوجعُ
الدّفينُ
و تزفّ للأجيال القادمة
صمودها
و الشّموخ" (ص 95) (7)
فلولا هذا المقطع لما كان الدّيوان و لولا هذه القصيدة " سترحل الفجيعة" لما أقفل المسافر راجعا إلى برّ الأمان. و لولا نسمات الحريّة لما حلم المسافر المسجّى ضياعا بالمستقبل: "سترحل" و لما حلم بالاستفاقة الوجوديّة الجماعيّة " و تزفّ للأجيال القادمة". كلّ هذه القصائد ساهمت في تأسيس القصيد- الرّؤيا في ديوان الشّاعرة.
الخاتمة:
كانت البداية في الدّيوان "صلوات في هيكل الحياة" و النّهاية "سترحل الفجيعة"، فبين البداية و النّهاية رحلة المسافر على نجيبة الحياة و هو تصوّر طقوسي حاكته الشّاعرة بحثا عن سفينة النّجاة، اعتقادا راسخا أنّه بالصّلاة تنجلي الظّلمات و إيمانا أنّ الحياة رحلة بين قيام و ركوع و سجود. فعلى المسافر اختيار الوضع الّذي يريحه. فاختارت الشّاعرة السّفر سبيلا و الأنا فارسا متحدّثا دوما. "فتبوح الأنا بمسيرة عكسيّة لهذه الشّخصيّة- الأنا (...) و الوسيلة للمعرفة و التّغلغل في الوجود هي الحدس كما عند مارسيل" (8) حتّى خلنا "خواطر مسافر" سيرة ذاتيّة لشاعرة تشظّت إلى ذوات فعبرت بالقريض عن أنّاتها فردا و جماعة. و أعلنت "سأبدأ الطّريق من جديد" هي بداية لمشروع سفر جديد، سيزيفيّة المسعى غيلانيّة الطّموح أو كأنّها ميارى تناطح النّجوم لبناء الخواطر، التحاما بالذّات الأحد، صوفيّة المنزع وجوديّة التّوجّه. هي خواطر أو مشروع بدأته الشّاعرة تنزف الحياة و أنهته تنزف الجراح سؤالها " ما الهدف من الحياة؟" و بين النّزيف الأوّل و الثّاني حياة احتمال بين القيل و القال، هدفها البحث بالسّؤال عن المجهول "فالذّاهب إلى المجهول هو الّذي يبقى".(9 ) و هي أسئلة وجوديّة حارقة بدأتها الشّاعرة بحثا عن الذّات- الفرد في متاهات "خواطر مسافر" عن مغزى الزّمن، الزّمن الّذي أشار إليها أن "اصمتي" فتكلّمت "قريضا" و نزفت "تحت كلّ دمعة قصيد" و أعلنت بأعلى صوتها: "الشّعر... الشّعر"، بحثا عن الشّعراء مهما قلّوا عددا أو تفرّقوا بددا. مستغيثة شاكية إلى الأب الّذي كان له الضّلع الأوفر في ديوانها، ديوان عبّرت به عن مكابدة الشّاعرة في بدايتها الإبداعيّة. بداية نرجو منها الوصول...
المراجع:
(1)-دكتور، ناقد و باحث جامعي
(2)-ديوان خواطر مسافر صادر عن دار أدوكوب للنّشر تونس 2005
(3)-إبتسام الخميري شاعرة و قاصّة تونسيّة، أستاذة مدارس، لها مجموعة قصصيّة "غواية السّكين" صدرت بالقاهرة سنة 2003 و مجموعة صوتيّة "صلوات في هيكل الحياة" تونس 2005 بصدد إصدار ديوانها الثّالث "مرايا"
(4)-دكتور علي أحمد سعيد الملقّب بأدونيس: زمن الشّعر، دار العودة بيروت 1983 ط1ص 9
(5)-كلّ الأرقام و الأعداد: من 01 إلى 21: ترتيب القصائد في الدّيوان
(6)-العبارات المسطّرة هي عناوين قصائد الشّاعرة بالدّيوان، حاولنا أن نبحث عن الخيط الرّابط بينها
(7)-كلّ الشّواهد الشّعريّة الّتي جاءت بين المزدوجين هي من ديوان "خواطر مسافر" و بعضها لأبي القاسم الشّابي.
(8)- بشير الجلجلي: مقال "في أدب البشير التّلمودي، الإنسان لا يولد مرّة واحدة و لا يموت مرّة واحدة" مجلّة الإتحاف السّنة 23 عدد 183مارس 2008ص 14
(9)-هي إجابة محمود درويش على سؤالنا له عن "معنى الشّعر" بكليّة الآداب منّوبة سنة2000
الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 13-10-2020 05:15 مساء الزوار: 577 التعليقات: 0
|
|