|
|
||
|
قراءة نقدية لقصيدة "بروق الحنين" للشاعرة سارة فخري خيربك ...بقلم: الدكتور موسى الشيخاني
قراءة نقدية لقصيدة "بروق الحنين" للشاعرة سارة فخري خيربك ...بقلم: الدكتور موسى الشيخاني
أولاً: السيرة الأدبية للشاعرة
الشاعرة سارة فخري خيربك، ابنة اللاذقية، واحدة من الأصوات الشعرية الأنثوية المتميزة في المشهد الأدبي السوري والعربي. تمتلك رؤية لغوية ناضجة وخبرة ثقافية وفكرية عميقة، عززتها بنيلها بكالوريوس في اللغة العربية من جامعة تشرين، وبانخراطها في اتحاد الكتاب العرب، ورفدها المكتبة الشعرية بأحد عشر ديوانًا، ناهيك عن أعمال نثرية ونقدية تثبت وعيها بأسس اللغة وتحولاتها الإبداعية.
من بين إصداراتها البارزة نذكر: غرة المجد، زنابق، رتل الأشواق، فخري أبي، شهد مختوم وغيرها، إلى جانب كتاب نقدي عنها بقلم الأديب حيدر نعيسة، مما يرسخ مكانتها كصوت أنثوي له حضور عربي معتبر، ونتاجها الشعري يثبت تمكنها من آليات التعبير الفني والانزياح الجمالي.
ثانياً: قراءة نقدية لقصيدة "بروق الحنين"
القصيدة تنتمي إلى قصيدة التفعيلة الحرة، وتتحرك على نسق وجداني داخلي يحمل بُعدًا تأمليًا روحيًا، تتشابك فيه الذات الشاعرة مع العناصر الكونية من ليل وضوء وغيوم وأشجار وبرق ومطر. إنها قصيدة حنين وإنبعاث وتجدد، تنتقل من الألم إلى الخلاص، ومن الانطفاء إلى الاشتعال، حيث الحب هو القوة التحولية التي تغير ملامح الكون.
1. البنية الشعورية والرمزية:
يفتتح النص بمشهد انكساري: "تبعثرتُ في حزن يلوك مشاعري / أراني فراتا في التراب تكدرا" تبدأ الشاعرة من قاع الإحساس: التبعثر، الحزن، والتحول إلى نهر فرات (رمز العذوبة والعطاء) لكنه ملوث أو مكدر، ما يعكس حالة اغتراب داخلي.
ثم تأتي المفارقة الزمنية: "وليلٍ طويل لا يبدد وحشتي / وضوء نهاري كم تناءى وأدبرا" الليل والنهار كلاهما خانا الذات، وكأن الزمن فقد معناه.
2. التحول الدرامي والانبعاث من رحم الانطفاء:
"وتأتي بروق من حنينٍ تهزني / محال لهذا الغصن أن يتصحرا" هنا تدخل القصيدة لحظة التحول الكبرى: البروق كرمز للدهشة والانفجار العاطفي، والحنين كمحرك أول للمخيلة والانبعاث.
"وسالت حروف من رؤاك بعالمي / تبلسم جرحا في الفؤاد تكسرا" الحب هنا ليس حدثًا عاطفيًا فقط، بل قوة شفاء واستنهاض للذات.
3. لغة القصيدة والانزياح الدلالي:
اللغة الشعرية مشحونة بالصور الكثيفة والانزياحات المجازية مثل: - "فرات في التراب" - "بعتم فوق ذاتي تكورا" - "ويهطل غيث في السؤال"
4. الختام والانفتاح على الأبدية:
"نموت وتبقى للرياح طيوبنا / تعطر قلباً في هواه تبحّرا" هنا تنتصر الشاعرة للرؤية الجمالية الخالدة للحب، كأثر يبقى بعد الموت.
ثالثاً: القيمة الفنية والشعرية
- صدق العاطفة وتناغم الإيقاع الشعري. - وعي فني في توزيع الصور. - تجربة وجدانية عميقة ذات بعد روحي.
خلاصة:
"بروق الحنين" قصيدة ناضجة ومتكاملة، تعبر عن تجربة وجدانية حقيقية بأسلوب شاعري رفيع. الشاعرة سارة فخري خيربك تكتب بوعي جمالي وفلسفي يندر في كثير من النصوص الحديثة، مما يجعلها من طليعة الأصوات النسائية التي تملك مشروعًا شعريًا متكاملاً.
اعداد الدكتور موسى الشيخاني رئيس مجلس إدارة مركز عرار للدراسات الأدبية والنقدية والنقد المقارن الرئيس التنفيذي لمؤسسة عرار العربية للإعلام
قصيدة الشاعرة:
( بروق الحنين )
تبعثرتُ في حزن يلوك مشاعري أراني فراتا في التراب تكدرا
وليلٍ طويل لا يبدد وحشتي وضوء نهاري كم تناءى وأدبرا
غدوتُ شحيح الحلم كفي مقيد أراني بعتم فوق ذاتي تكورا
وتأتي بروق من حنينٍ تهزني محال لهذا الغصن أن يتصحرا
وسالت حروف من رؤاك بعالمي تبلسم جرحا في الفؤاد تكسرا
فأسال نفسي كيف روح تجمدت ويهطل غيثٌ في السؤال ليمطرا
فتشرق شمس في شتائي سنيّة وروح تعافت من جفاف لتزهرا
وما كنت أدري أن حبك منقذني وان نقاء الحب يبقى مطهّرا
وأن سلاح الحب أقوى وسيلة تحيل جفاف الكون عودا تخضَّرا
وإنّي إذا ما ضاقَ صدري بنبضِهِ تصير دعاءً في الصلاة تَكرَّرا
نموت وتبقى للرياح طيوبنا تعطر قلباً في هواه تبحّرا
(ساره فخري خيربك ) الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الثلاثاء 01-07-2025 06:49 مساء الزوار: 86 التعليقات: 0
|
|