السيرة الأدبية للشاعرة:

حضرية العربي، شاعرة تونسية، تمثل صوتًا نسائيًا حرًّا في فضاء الشعر العربي الحديث. تنتمي إلى التيار الإبداعي الذي يدمج بين الشعر النثري والبوح الوجداني. تكتب بلغة شفيفة، ولكنها محمّلة بالمعاني والمواقف، وهي من الأصوات التي تعبّر عن ذاتها من موقع القوة لا الضعف، ومن الرؤية لا الانفعال. نشرت قصائدها في منصات ومجلات عربية، وتُعرف بتناولها الجريء لقضايا الحب والكرامة والهوية الأنثوية.

تحليل النص: "هسيس الورد"
العنوان:
العنوان "هسيس الورد" تفعيلة لغوية ناعمة توحي بالهمس والرهافة، لكنه يخفي وراءه حضورًا حادًّا يتكشّف مع توالي النص. الهسيس هو الصوت الخافت، والورد رمز الحب، لكن هذا "الورد" في القصيدة يحمل أشواكه بإباء ولا يتخلى عنها كما "يشتهي" الآخر.

البنية الشعورية:
يفتتح النص بدعوة حاسمة: "خذني على محمل الجد حين أقول أحبك"، بهذا التوكيد، تضع الشاعرة خطوطًا واضحة لما تعنيه المحبة عندها، رافضة أن تكون مجرد مشاعر عابرة أو لهوٍ عاطفي. تتكرّر هذه العبارة لاحقًا لتعزيز المعنى الشعوري ولتكون لازمة إيقاعية ونفسية تعكس قوة الإحساس والموقف.

الصور البلاغية:
تسكن القصيدة صور شعرية أنيقة، تزاوج بين الحسي والعقلي، مثل: "أعزف على أوتار همسك ألحانًا تنقش لك وحدك"، "عزفًا يهز أحلام الطرب"، "كداليات العنب في الليالي البيض". وهي صور تجمع بين الحميمية والغموض، وتُظهر قدرة الشاعرة على تشكيل مشاهد داخلية غنية بالمجاز.

البنية النسوية والتحررية:
الشاعرة لا تكتب عن الحب كأنثى منكسرة، بل تتحدث من موقع الاختيار، والامتناع، والتحكم بالمسافة. "نحن لا نبيع الحب / لا نستجدي وصله"، "ما تيمني عشقك يومًا / وما غرمت بأحد"، هذه العبارات تشكّل بيانًا أنثويًا صريحًا بأن الحب موقف، وليس تنازلًا.

الحضور الرمزي:
الشمس: رمز السيادة والإشراق.
النجوم: رمز البُعد والجاذبية.
العطر: رمز الأنوثة الخفية.
الورد: رمز الجمال المشروط بالقوة.

القصيدة تعيد تعريف الأنوثة من كونها "رقة مطلقة" إلى "رقة تختار متى تُظهر أشواكها".

البنية الإيقاعية:
رغم أن القصيدة نثرية، إلا أن تكرار العبارات ووقع الكلمات يمنحها إيقاعًا داخليًا. تكرارات مثل "خذني على محمل الجد"، و"نحن..." و"لا..."، تخلق نغمة وجدانية تصاعدية، تزيد من توتر النص وتكثيفه الشعوري.

خاتمة:
في "هسيس الورد"، تكتب الشاعرة حضرية العربي عن الحب لا كحالة رومانسية، بل كاختبار للكرامة والتوازن. قصيدتها درسٌ في الكبرياء الأنثوي، وجمال الرفض حين لا يكون الحب في مقامه. اللغة هنا ليست مجرد وسيلة تعبير، بل هي سلاح دفاع عن الذات، وعن صورة المرأة التي لا تنكسر، ولا تُقطف بسهولة، لأنها وردة تعرف متى تنثر عطرها، ومتى تُبقي أشواكها.

✍️ إعداد: الدكتور موسى الشيخاني

الرئيس التنفيذى لمؤسسة عرار العربية للإعلام

رئيس مجلس إدارة مركز عرار للدراسات الأدبية والنقدية والنقد المقارن

النص الشعري

هسيس الورد

خذني على محمل الجد
حين اقول احبك
حين لا يغادرني قلبك
حين.يغازلني
هسيس الغضب
حين اعزف
على اوتار همسك
الحانا تنقش لك وحدك
عزفا يهز احلام الطرب
نحن.من يصنع الحب
في ليالي الجدب
في زمن المدد
نحن للحب نحيا
نحلق نسورا
في قمم الصمت
في متاهات الصخب
زدني حبا حتى اكون
قلبا يحبك في سكون
يعشقك بلا تعب
خذني على محمل الجد
نحن لا نبيع الحب
لانستجدي وصله
لانهيم بغير طلب
لا توهم نفسك بالعجب
ما تيمني عشقك يوما
وما غرمت باحد
تامل خارطتي بعقلك
لا تسالني من انا
كالشمس النائية اسطع
كالنجوم بريقا و عدد
حدق في ملامحي
غير العطر لا تجد
اقرا علاماتي
حروفي نبض عيني
بلا نقاط رسمتها
كداليات العنب
في الليالي البيض
لا تنشرح و لا تجد
يا مغرما بالورد
تعلم...
الورد لا يسقط اشواكه
كما تشتهي
صعب قطافه
عصي. لغير المحب

الشاعرة حضرية العربي 🇹🇳