|
|
||
|
(( الاستجلاء والاستدعاء في نمطيات القصصي )) قصة الهام نموذجا
(( الاستجلاء والاستدعاء في نمطيات القصصي ))
قصة الهام للقاصة المصرية هدى احمد حجاج بقلم الناقد ا.حميد العنبر الخويلدي حرفية نقد اعتباري...العراق.. ..... القص فن جميل وعذب يشد النفوس ، ويأخذ بها للبهجة والسعادة او للاتعاض والاستفادة من تجارب كتبها قلم الواقع والحياة باحاسيس ابطالها وخليقتها المعنوية.. كذلك تُعتَمَدُ علما خاصا ناعما نافعا رشيقا. له اسلوبيةٌ اعتباريةٌ مترابطة مع الاشياء وفيها ..محفوظة في اللّدني ريثما يأتِ القاص المبدع وعلى قدر اهلياته العبقرية او الوسطية..ليكشف عنها او يهتك حجب الغياب والامحاء ، ليسجل لها مشهدَ حضور باهر محدث.. فقصة يوسف بكل معانيها واعتباراتها الجمالية كانت في نظام حصر الاثر وتقانات الاخفاء مستترة وراء عَدَمٍ ضيّقٍ لايعرفها غير مَن خَبَرَها ومثّلها ونال نبأها.. حتى جاءت السنون و ألسن الحق والعبرة اليقينية لتقدم هذا العالم الجميل في تماسّاته وتضامّه وتضايفه على بعضه صوراًً وافرادأً ومؤدّيات..تقدّمُهُ على هيئة حداثات مستدامة باعثة للطاقة تدخل بكل التفاصيل صغيرها وكبيرها..ومَن منا لم تلاقيه ولو نبذةٌ جزئيةٌ من تخاطر القص اليوسفي..سواء كان الايجاب المعتدل او العبثي ..وكل هذا حكم ضرورات وجود ، اُعلِن بساعة صفر خاصة ان يتحرك اليوسفيون ويفعلون لوحتهم التاريخية ذات الصبغ الكونية..وان تخرج للوقت كما اخرجها القرآن الحكيم.. عن سد نقص حصل بالحياة. واسداء عَوَض وحاجة... فالكون له عقلٌ وله مهاميز تبصّرٍ وبصيرةٍ. كثيرٌ من مشاهدٍ خرّجتها الطبيعةُ وفعلتها .. وجاء المبدع جمعها ولَمَّها لِمَمَاً فصارت وجودا يُحسَبُ له حسابه في النوعي وفي الجمالي الى الان... الهام...قصة مثّلت نفسَها من دون دراية اندفع بها بحركة بسيطة لافراد ماكانوا كثارا ابدا انما هو البطل وخيالاته وترميز ما له علاقة بالموضوع الواقعي عنده.. حينها كملت و تبلورت نضجت اصبحت قوةً مُخزّنةً في جسديات الوقت. ومااكثر المعاني والعلوم المحشودة في اباط وجيوب الحياة تنتظر من يكشف عنها حجبها حتى الان .. فجاء الوقتُ وتحركت لحظاتٌ وقسماتُ ممكنٍ ..والغيب راصد عجيب نحن نؤمن انَّ وراء الممكن المثالَ الجماليَّ المحبّبَ غائصٌ فينا وغائصون فيه..يُشعرُنا ونستشعر من خلاله..انَّ امرا تم ،انّ امرا في الصيرورة انغرست بذرته في وجه القمر او في عسل تينة او برتقالة..اين كنا قبل ان صرنا وتصيّرنا مؤكد هذا ناموس فعل واجراء نظم في وحدة الحق والخلق... بطل الهام الاساسي في تشخيصنا وقبل كل بطل ..وفي اي قصة قصيرةً وطويلةً كانت روايةً حتى الشعر والمسرح ...هو الفنان الذي هتك الستارة وفات دخل هناك اصطف في شهودية خالية من الصلب والمادي في الكتلة..نعم تُهدَم الكتلُ ويتقابل هناك الجمال مع الجمال متعارفا متآلفا صورا ليس كصورنا المجسمة..بعضه لبعضه فيزدهر المكان به. وبالاحرى هو ليس المكان المربع او المثلث او المخروطي..هو مكان ليس له من وصف وعبارة وحدود. تتكاشف الشيئيات فيه بالحب وبالمؤانسة والخلق بالتكليف حسب الوظيفة والمشترك لاتمام صورة المنجز النصي..منها اعني الرموزات ، مَن يدخل كله في النص ويخلد فيعتبر النص آخرةً سعيدةً له..حكمت عليه الحال ان يغادر مُكثَه واستقطانهُ الى مُكثٍ جديد وهو متبنى النتاج الفني... ياقامة الرشأ المهفهف ميلي لضماي منك بموضوع التقبيل هنا الاستدعاء والاستجلاء للرمز احدثه المبدعُ لصنع البهاء بحداثة يراها رصدا ...تمثّلت وبمغادرة حتمية للمكان..رشأٌ جميلٌ غادةٌ أُختُزِل منها سناءُ محاسنها..قامتُها بصفة الهفهفة وبحركة ميلان الغنج وتعين عطشه هو الخاص به.. الا ان تطفئه قبلة او فمها بجماله... مبدع الهام هو القاص اولا وكل قاصٍّ ذو فضل على الحياة..هاتك للسُّتُر مظهر للعُجُب.. والبيّنات المعرفية والعرفانية..اثراءا وعرضا.. ( البحر يهدر امامه يذهب هديره بصخب المصطافين داخل المياه وعلى الشاطيء تلتقي امواجه وتتدافع زبدا ابيضا ينسكب عند قدميه..تجتمع بقاياه وتعود يائسة..) توصيف واستجلاء الممكن الفني من قبل النّاصِّ.. لصنع نقطة بدايته المعهودة للشروع.. لولا تلميح اظهره في جملة... ( زبدا ابيضا ينسكب عند قدميه..) هذا استجلاء للرمز في خط ومسطرة النص.. كان القاص دقيقا ينقل الصورة حد ارتعاشاتها معها ويجعلك المعايش لمناخ تلك المعاني..فرضا وطوعا.. وفي جملة اخرى... ( وفي فترة ليست بقصيرة وهو. يتخذ لنفسه هذا المكان القصي والهاديء نوعا ما... وحيد في هذا العالم وغريب معدم الاصدقاء الاوفياء فيما عدا قلمه واوراقه...ويرسل بصره الى افق غائم ممتد بلا نهاية..) هنا الراوي للقصة ركّزَ بكثافة رؤى عالية لخدمة غرضه وهو في انماط حثاثة الفعل..ليرفع من طور المقدمة القصصية..ولكن بناموس مبتكر نصطلحُ عليه بالاستجلاء يرادفه الاستدعاء التمثُّلي.. الاستجلاء من الجَلوَة اي نقلة الساكن الى المتحرك النوعي..وهنا بداية الهتك الجدلي او كشف السُّتُر للمعاني..فمن مكان رقادتها الى مكان وفادتها..والوفادة استداعية الوظيفة المخبَّئة لتاخذ طاقة البطل حيّزها وزحزحاتها في الوجود.. طاقته انه متغرب متوحد مع أناه حد المصافحة مع ما يراه ومعتقدُهُ غايتَه الناجحة..طاقته انه واع وذو قلم واوراق وفاكرة.. وهنا وقفة استدراكيه. من انَّ بطلنا اما يقيني او عبثي ..فكان جامعا للسلوكين عبثيا في عزلته ونظرته ومشتهاه.. ويقينيا لمضمون ما يستطرد من افكار..وعلى مستوى خيالات ابيه وامه الراحلين استذكارا وحنينا .. واستذكار تلك التي تطل عليه من كوة بالسماء..عندها تصفى روحه وتستجم مشاعره اذ يرى حلمه وآمال ماينوي.. ولو استدرجنا نسغ الكيفية وتماهي تنامي الفعل لوجدنا ان الصراع حدث في الذاكرة الذاتية للبطل.. وعلى هيئة تهاوييم مترابطة مع المحيط حوله في الخارج ..ومع تجليات الفكرة والنظرة في التبصر.. تراه ينفعل لااراديا تراه يبرد كالحجارة ويشرد الى ما شردت ذهنه وعيناه..وعلى هذا وذاك ناور كل ضبابيات الموقف وحاور بالجدل حتى الطوباوي هموم عشقه المحسوسة والمتلاشية..يحييها ويمحوها.. ( واقصى مايحيره عند محاولة اعادة تركيب الصور فاخذ ملمحها الصحيح عدم قدرته على ادانتها ادانة كاملة يلتفت حوله ويظل يحدق في الوجوه اللامعة..يتطلع الى العمارات السامقة.)....الى نهاية مشهد التعبير الخيالي في الموضوع المبرم من قبله باعتباره الخامة المنصوصة في روح البطل..من جانب...ومن جانب آخر هو المبرم المقابل في روح الراوي المثير لكشف المعنى الناجز تحت غبار الوقت.. القصُّ منجزٌ سلفا والقاص يكشف بادواته عن الفحوى والمعنى لاحقا .. ورويدا يبدأ هدوءٌ انسراحيٌّ يطرح نفسَه ..بلورةً وتراكما حتى تتضح تقانةٌ اشبه بالمستريحة واشبه بالدليل على ان الخلقَ النصي مسكَ ارادته واخذ يدفع بارادته الحداثية وهو في لحظة تصيّر كثيفة لازالت.. فلعل النص اي نص من قوة ارادة العناصر. تحويليا مَشَجيّاً الى قوة ارادة نفسه.. وهذا لو سألنا متى...؟ نقول انه تعالق الصورة التصعيدي في خط ذروتها العالي..هنا يصبح المخلوق تامّا وفعله كان استحوذ صورته وانفك عن غيره.. ( طيور النورس تحلق فوقه في اسراب كثيرة تقودها المقدمة في خط مستقيم كانت تتحرك ..ثم تعرج مسارها ومضت تخترق كتلا من السحب متفرقة... حط النورس فوق صخرة قريبة اليه ظل يتابعه بناظريه بينما يدور برقبته يمنة ويسرة بدا له قلقا ومضطربا وهو يتحرك في المساحة الصخرية المنعزلة كعادة النوارس لاتستكين في مكان.. يعرف انه سيبقى لبرهة ثم يطير مبتعدا ..واطلق النورس صيحة عالية وانطلق نحو السماء منظما لرفاقه..) هنا حدث تخاطر نفساني استذكاري ربط به البطل استجلاء ماكان يصغي في حاله العميق ولتفاعل احساسه ومن كان معه انذاك. فلتكن هي نفسها /الهام/ يصعد هو اولا ثم يمد يده ويجذبها يفيض وجهها بشرا وهي تتامل الافق الناصع...ينشغل عنها الى حيث... قارب ومجداف..على اارمل قربه.. حتى تمازجا واستاثرا مناخا كانا عاشاه وقطعاه زمانا ومكانا.. وكالمستذكر الفطن مباشرة وعن قريب بدات القصة باسلوبياتها تنفض وتكشف عن خاتمة وعظية نصحية محببة...والى نهاية المشهد حيث العرض الانساني العاطفي بين محبين... .............................................................
:إلهام ..قصة قصيرة / هدى أحمد حجاجي البحر يهدر أمامه يذهب هديره بصخب المصطافين داخل المياه وعلى الشاطئ تلتقي أمواجه وتتدافع زبدا أبيضا ينسكب عند قدميه ،تجمع بقاياها وتعود يائسة . منذ فترة ليست قصيرة وهو يتخذ لنفسه هذا المكان القصي والهادئ نوعا ما ،وحيد في هذا العالم وغريب ،معدم الأصدقاء الأوفياء فيما عدا قلمه وأوراقه ويرسل بصره إلى أفق غائم ممتد بلا نهاية ، يتعلق بصره بأشرعة السفن المبحرة ساعة غروب إلى بلد غير البلد وترسو في مرافئ كثيرة ، تفرغ أحمالها مئات آلاف من البشر من كل لون ، يكاد يخال نفسه واحدا منهم ووحيدا أيضا في أحد مرافئها . غاصت يداه في أحشاء الرمال اللزجة المبتلة بنثار الموج ، عليه أن يواصل بقاءه مسترشدا بكلمات أمه الراحلة ..لحقت بأبيه بعد شهور قلائل في أواخر الصيف الماضي بالتحديد وواجه بمفرده شتاء طويلا ، غير أنه مايزال يرى (الأخرى ) في لحظات صفاء روحه تطل من قاع الذاكرة على عالمه الخاوى .. يعشق هذه اللحظات فتأتيه بغير ميعاد مصحوبة بقوة خرافية ،تحرره من قيود هذا العالم المتناحر المطلى بألوان فجة ،ترتفع به إلى عوالم فوقية شفيفة غير ملونة فيها وخلالها فقط تتكشف له ذاته وماهية هذا الكون الشاسع .,حين يحتلني الحنين … ! تسقط من السماء ذكرى بلا ملامح فـَ أرفع وجه ذاكرتي إلى السماء فـَ أرى عيناه على وجه القمر فـَ أحتظنته تميمة بيضاء … قالت العشيرة بها مس فـَ قذفوني بـِ شهب السياط ليخرجوا شياطين العشق ...إلهام .. وكانت بالفعل مصدر إلهامه في كثير مما كتب ببراءة روحها ورقة حديثها ،وضفيرتيها المجدولتين في صبيانية إلى خصرها .. بأحلامها عن المستقبل والعش الصغير .. بكل ما ندر فيها كانت – لوقت – جزءا من هذا الاكتشاف الصادق ، وسرعان ما تنأى عنه اللحظات لكنه لا ييأس أبدا . فالمؤكد له أنها ستعاوده وتتخلل روحه من جديد . وأقصى ما يحيره عند محاولة إعادة تركيب الصور فأخذ ملمحها الصحيح عدم قدرته على إدانتها إدانة كاملة يلتفت حوله ويظل يحدق في الوجوه اللامعة ..يتطلع إلى العمائر السامقة صاعدا بيده طوابقها المتعالية .. يدرك كم يده قصيرة يتهاوى البصر للأرض ويلتمس لها العذر أحيانا ، وغالبا .. وفي أوقات انضغاط نفسه بالمرارة يكتبها قصيدة هجاء أو يرسمها بخطوط منفعلة ثائرة ويمصرها بأسماء تحمل معاني شتى ومتناقضة . ** طيور النورس تحلق فوقه في أسراب كثيرة تقودها المقدمة في خط مستقيم كانت تتحرك ،ثم تعرج مسارها ومضت تخترق كتلا من السحب متفرقة ، حط النورس فوق صخرة قريبة إليه ظل يتابعه بناظريه بينما يدور برقبته يمنة ويسرة ، بدأ له قلقا ومضطربا وهو يتحرك في المساحة الصخرية المنعزلة كعادة النوارس لا تستكين في مكان ، يعرف أنه سيبقى لبرهة ثم يطير مبتعدا ، وأطلق النورس صيحة عالية وانطلق نحو السماء منضما لرفاقه . منذ متى كانا يعتليان هذه الصخرة ,..يصعد هو أولا ثم يمد يده ويجذبها يفيض وجهها بشرا وهي تتأمل الأفق الناصع ، ينشغل عنها بالنظر إلى قارب ومجداف مطروحين أسفل على الرمال ، تنظر إليه وتتساءل عن سر هذا القلق في عينيه . يكشف لها عن مخاوف الأيام المقبلة .. يحدثها عن والديه وعن المجهول .. لكنها كانت تشجعه وتوصيه برا بهما . أكدت أنها ستنتظره حتى النهاية .. كل الأشياء تبدأ صغيرة وتكبر وهما ولدا وكبرا معا في الحارة الضيقة برأس التين ..اقتسما زمن الحرمان والمكابدة حتى أتما تعليمهما بالجامعة .. بالعلم والحب فقط ( كقولها ) سيتمكنان من بلوغ أحلامهما المشتركة الواقفة بانتظارهما خارج أسوار الجامعة و ...وكانت تتكلم بحماسة بالغة أذابت مخاوفه فاستحضر جناحين وطار محلقا بها لفرط سعادته ... الكاتب: حيدرالأديب بتاريخ: الخميس 09-07-2020 09:10 صباحا الزوار: 70 التعليقات: 0
|
|