|
|
||
|
دراسة نقدية من اعداد نجم الخفاجي عن ديوان وقوِّسَتْ ظهر البحر للشاعرة د. وفاء عبد الرزاق
ميزان النقد في رأي المجتهد
بسم الله الرحمن الرحيم نستمر في تقديم دواوين الشاعرة الدكتورة وفاء عبدالرزاق وهذا ديوانها الثاني الذي سوف نقوم بالمرور عليه تبعا (وقوِّسَتْ ظهر البحر ). ومن الله التوفيق
نجم عبدالله ألخفاجي بغداد
قدمت الشاعرة العراقية د.وفاء عبدالرزاق" في ديوانها وقوِّسَتْ ظهر البحر الصادر عن دار الكندي (سنة ٢٠٠٠) واعيد طبعه في سنة ٢٠١٠ في القاهرة والذي يحتوي على ( ٦١ ) مقطعًا شعريًا ويقدم للقارئ على مائدة شعرية غنية بالتداعيات والحنين بعنوان (قطرات)، . يتسم الديوان بجماليات اللغة وبلاغة الصور بعيداً عن الإيقاع المقيد للروح الشاعرة ، تتجلي فيه الذات الأنثوية في صورة تدافع عن كينونتها؛ تتمرد أحياناً، وتحنو أخرى؛ على الرجل، "السلطة الاجتماعية". كما تميزه لغته الشفافة المرهفة، التي تحمل أشجان امرأة عراقية مغتربة.
وتضع الشاعرة في ديوانها (وقوِّسَتْ ظهر البحر)بكل مراميه وأبعاده ودلالاته، متمسكة بصورتها كامرأة عراقية ترفض تسلط الجنوب وسطوته، وما بين هذا التداعي في الشجن، والتناغم الموسيقي الشعري، وحالة الخروج عن المألوف، جاءت القصائد حاملة مضامينها بعناوينها، حيث حملت القصائد عنوان قطرات.
ولم تخرج في الديوان . كذلك عن لغتها الجميلة وأسلوبها المميز.وتداعيات العشق والوجدانيات كما في دواوينها السابقة، بل بدت هذه التجربة في بعض القصائد أكثر نضجاً، وتعمقاً، لتبدو المجموعة خليطاً متنوعاً من القصائد في المضامين والصور الشعرية، والصياغات، واللغة المتميزة، حيث المحاولات الدائمة لاستحضار المفردات العراقية القديمة، وتوظيفها لتناسب سياق النص الشعبي وتقويته.
كما في ذات الوقت جاء الصوت النسوي في الديوان واضحاً على الرغم من كونه معتدلاً، غير عدائي، لكنه أخذ نبرة التمرد وقد حفلتْ المجموعة بقصائد نثرية شعبية مموسقة من حيث متانة اللهجة وجمال التصوير والدلالات الجديدة البديعة والخيال الخصب وتحمل رؤىً وصوراً ومعانيَ مؤثرة وقوية وتلامس أعماق القارئ المتعطش للجمال وهذه ليعني علاقة طردية مع قدرة الكاتب إذ كلما كان الكاتب مبدعاً كانت صوره رائعة وجميلة والعكس صحيح.. تتطرق إلى الأشياء المهملة والذابلة في حياتنا وتبحث عن الشعر داخل التجربة الداخلية الذاتية في فضاء الذات الأنثوية بأنامل احترافية مجدولة ومغموسة بماء الشعر.. تتصدى للوجع الإنساني وتصرف عليه جل اهتمامها وفكرها.. وتتطرق لموضوعات سامية نبيلة وهموم العصر برؤية شعرية شفيقة دون أن تتزحزح عن الفكرة التي هي بصدد الكتابة عنها.. متسلحة بأدوات الشعر الشعبي ومفرداته وملمة بالقضايا والنظريات والمدارس الشعرية القديمة والحديثة وذلك بلغة بكر عذراء وتقتير لغوي، فما يهمها هو أن تنمو القصيدة تصاعدياً حتى تصل إلى الذروة وغالباً ما تكون الخاتمة مواسية. في وقوعها على الذات الأنثوية.
فالمجموعة مكثفة وخالية من الزوائد والحشو الوصفي والاستطرادات بلغة زاخرة بعوالم من الصور واللامتناهيات والرموز والإشارات وذلك من خلال تقنيات مشغولة وعناصر منتقاة وكثير من المحفزات المتواشجة لتقديم شعر مراوغ عبر إيقاع شفيف.
گطرة- ۱
سافري بعيدْ سافري تشرّدي بحزن الرغيف تمدّدي بليل الجِسور مِدّي عشگچ للوِجع سافري يَمْ مواويل الحداد شوفي چَمْ واحد رجع بيده عِشّ مِنْ النزيف سافري بعيد سافري لعيون المِسا ووطن سارح للهواجس للظنون لبسي ثوب كلُـوش رگصي أو وصّلي گلب الزحام نامي شلون مِنْ وردة تنام تطّـگ طفولتها نِدى والبنفسج توحّدْ بنِهدْ الغرام سافري أرجوچ سافري وسندي گلبي عْلى الشواطي الحلم ما بي منافي ما بي لحن ينزف دَلِــعْ ولا روح تتعلّـگ بّباب ولا رياحين بدهشة مراية ولا دفاتر شوگ تكتبلي تعال سافري يَمْ الحلم واتركي التفّاح مينه تيمّمي تلبّسي بفلعات تينة تعلّـگي بريـگ الورِدْ تشرّدي بزيبـگ گمر صيري أزرگ نام بعيون المسافر إبچي قمحة بدمع أصفر مِنْ تّهاجر صيري نجمة صفـّت بضلع الگمر وانسي وعد رمّان محتار وسكر إنسي أسراب الحروف بصكّة سنون الِكْتاب وذِكْري مِنْ چنتي انتحاري ورصعة خديد الطفولة تفور ناري إنسي صحوي وموتي ومعجزاتي وانكساري وذكري أوّل رصيف بصدري مِنْ سيّج حنيني واذكريني سافري بعيد سافري الحلم وجهچ القمحي صعب ممكن صعب ثاني شهگ للّله نبي وصلّي وسبّح بجرحي.
القطرات بدءاً من قطرة- ١ تحكي عن معناة مغتربة والتي تخاطب روحها مرة؟ ومرة قلبها الذي يخفق بهذا الحنين والتوجس فالسفر هنا يعني التغرب وكذلك التشرد اذا كانت وجهته الهجرة الى المجهول كتبتها بأسلوب يحتوي على المعناة ،لكنه لايخلو من جمال ورغبات الأنثنى في الرقص وارتداء الالوان المزكرشة. وهذا يعني ان في السفر حرية مطلقة بعيدا عن أعين الرقباء والمجتمعات العشائرية لكن ضمن حدود توجد فيها براءة المرأة الجنوبية.
گـطـــرة -۲
بالمطر شبّاچ أزرگ مِنْ زمان غرفة غرفة يرشّ رذاذ وگلبي مركب ورَگْ يغفه على التراب خطف ثوب البَرْگ وتوّجني عَنان وگع شَعري چالمدينة والأماني صهلت بثوب الدخان والمطر چَنْ غزالة نَبَضْ تمسح عَرَگ مايع وارتمي رمية حصان زغير يَمْ باب الشته .
بالمطر شبّاچ أزرگ مِنْ زمان غمّس ضلوع الصدى ولامَسْني سحاب چلّت عيون المنايا والسواجي قندلت عشب السراب .
بالمطر كل يوم أقيّدني سفينة وصبري يتدلّع شراع صوتي سافر على الصاري وبين قوس وقزح ماع دموع نظفَتْ شال عِتْبه احترگت بكلّ المِچان ثوب أزرگ مِنْ زمان وما لگت راية ضمير .
هي تعمل كل شيء يخط لها القدر لكنها في نفس الوقت تعيش الاغتراب والغربة ولا تبتعد عن ابن مدينتها السياب عندما يتحدث عن المطر عيناك غابتا نخيل ساعة السحر اوشرفتان في المدى راح ينأ عنهما القمر مطر مطر فهو ابن جيكور وهي ابنة(القرنة)
گـطـــرة -۳
تعاي بليل يل واگفة بليّه شمع مسحي بيدن النبي وعيديني إليّ تعاي بزاد بالماي وبلون الفراش ودَوْري ما تلگين غيرچ وغير جمرة روحي تقرا الفاتحة بناي السمر تعاي بليل يل واگفه بليّه شمع تعاي بليل ولـمْعي صافية بضجّ السكوت النجمة اتطرّز بثوب الظلام والشمس تشرق ساكته .
لم تزل تصف كل محاولاتها وكل قطرة تبدأ بعمل ماء قامت به بطلة هذه القطرات ،لكنها في نهايتها لم تصل لمبتغاها هناك شيء ينقصها دائما .
گـطـــرة -٤
گِلتْ أسيّر منْ عيونچ للگلب وأشوفنِّچ مسافة روح وگلتْ افّك قيدچ واشتهي وگلتْ أتيه وگلتْ أهجج بالدروب واجمع بسلّة حزن صبر أبيض ينبت بالصخر وگلتْ أضيع وگلتْ أدري أدري بيچ مزركشة وگاسية موّسده سچّين همي وگلتْ أنبت صُبَيّره حلوة عجنَتْ بصبرچ الشوك والغصن صاغچ سوار .
والحديث يستمر والمخاطب هنا بطلة هذه المجموعة التي رسمتها الشاعرة وفاء عبدالرزاق ورغم المحاولات والأشواق وكل الحالات التي رسمتها وتبلورت أمام خيالها. تريد ان تقول شيئًا وتحاول ان تقول وقالت اشياء نادرة في صياغاتها الشعرية فمرة تشتكي لروحها لتقول لها اعملي هكذا وهكذا ومرة لقلبها ومرات عديدة للشخصية الأنثونية .
گـطـــرة -٥
غاب العتب والعمر هدّل زيج ثوبه والكاس عَرْگان بأمِسْ وربع شمسة مثلّجة إشّا بَرِدْ لا تگولي هسّه تسافر طيور المسافة وانزع الروح وأغطّيچ .
فالعتب هنا لايجدي بعد أن شق جيب رداءه فاللذة مترعة من خلال الكأس التي شرب سهرة ما وان كانت محددة بالأمس ربما هنا ضدان بين الشمس والثلج ،فكيف يتفقان في دفء مشاعر الأنثنى تنادي منداة البردان بصوت يقول لا تنطقيها .فالقادم ربما يكون ريش الطير الدافء ونزع الروح هنا تعبير مجازي يحث على الوفاء .
گـطـــرة -٦
شلون أمِدْلچ جسر منّي وأوصلچ ؟ وشلون ألملم ملح دمّي وأحضنچ ؟ وشلون أهدّي الصبر لو طاش وشكا ؟ ويبگى اللشلون ،وَشمْ يشرب ماي أيدي ومفتاح بابچ محترگ .
فالشاعرة تتحدث على للسان بطلتها والتي تشتكي من خلالها رمزيا ،لم تحدد لجهة معينة وكأنما الشكوى لحالها. امرأة عاشقة لم توضح ما نوع العشق ونوعه ،لكنها تصفه شلون امدلج جسر مني واوصلج اذن المتحدث تتحدث عن شخصية بطلة بطلتها التي رسمتها في هذه القطرات .
گـطـــرة -٧
أتذكّرچ واكتب للبحر يثني گلبي شذرة بسوار الشواطي ويشعل زناد العطش .
أتذكّرچ واشكي للظما تطگ شِفتي نهد ثالث يسبح بماي الحصاد تسمحيلي اتذكرچ لـمّا يهتزّ الفضا وينتحر عشب المغيب ؟ أدري بالظن راح يسكت والرماد منْ السعادة راح يدمع .
اتذكّرچ أنشر شموع الچفافي وامسح عيون السنة خاف تبچي وتنتثر جمعة، جمعة تلحس آخر گطرة معلّگة بسيف الدرب وتطوي بلحاف الخَدَرْ .
اتذكّرچ والبد بجيب الشته البس عناد الرعيد وأغترب ولـمّا آخر صيف يرضع ملح حزني على الرمل أتذكّرچ .
تتحدث الشاعرة أمام عالم غالبا ما تسوده من الحيرة التي تنفر منه وتعيش حالة من الاغتراب النفسي والذهني والفكري، فتجد نفسها عاجزة عن تحقيق الاماني والتي تقف امامها حواجز كثيرة ، حيث تستخدم ألفاظا وتعابير شفافة وتستخدم صيغة حوار الشخصية مع شخصيتها التي تتحاور فيها أتذكّرچ واكتب للبحر يثني گلبي شذرة بسوار الشواطي ويشعل زناد العطش تقرر مصير الذكريات من خلال البحر الذي هو عنوان مجموعتها في محاولتها أن تجيب بالأخير عن تساؤلاتها لنفسها. اتذكرج واكتب للبحر . وتشكل هذه المفردات للغة بيضاء وان كانت شعبية. (فاللظما والمغيب ) تعتبر للغة بيضاء قريبة من الفصحى.
گـطـــرة -٨
آنــه وحـدي يغزل بشيبي الجنوب ويفتلني الشمال وآنــه خيّرت جرحي شتريد ؟ گال جَرحچ واختنگ .
الله الله ما اجمل هذه التعابير الجميلة، آنه وحدي يغزل بشيبي الجنوب ويفتلني الشمال وآنه خيرت جرحي شتريد؟ قال جرحك واختنق. هذا المقطع وحده يصلح ان يكون نص غنائي .
گـطـــرة -٩
إمشي رجفي بشليل الغَبَشْ دِخلي شبّاچ بضلع يمدّ أيده على المطر وصعدي طيّارة ورق تشهگ بدمّ الغروب وإمشي مرجوحة تراب وخربشي انطيني صوتچ ورعشة جناح الصليل وهِمسي منْ تمرّين بحديدي بَلْچْي يسكت بچكليته حمره ويتوهّمچ ماي الأمل .
وهنا حالات كثيرة كما قلنا سلفا تتطلب من الشاعرة أن تتحدث فيها مع نفسها، وهذا الحديث قد يكون مجرد تفكير أو حديثاً بالفعل لكنه موجه إلى الداخل، هو واضح- من متطلباتها النفسية،إن أسلوب الحوار في النص الشعري الشعبي لدى وفاء عبدالرزاق يشتمل على كثير من الاحداث التي تثير مشاعر القارئ وانفعالاته , فإن الحوار من حيث هو وبوصفه مباراة وتنافساً بين طرفين، فإن هذا التباري من شأنه أن يثير لذاته انفعال المشاهدين للمباراة، والسامعين لحكاية هذه المباراة، وهذا شيء في طبيعة النفس أن يثيرهم ويشد انتباههم الصراع بين قوتين، فالتصارع والتباري من حيث هو، يثير مشاعر الناس وانفعالهم، ولاشك أن الحوار نوع من التباري بين خصمين أو طرفين وحينئذ يبدو لنا جانب من حكمة اسلوب الحوار، وهو كسب انفعال السامعين ومشاعرهم
گـطـــرة - ۱۰
واعديني ولا تغيبي موش أنا متكحّلة بمطر الرمَدْ واعديني خلّي حبّات الملح تلضم بنايات عقدي إلچ وحدچ تشرد طوير البراري وترتجي فزعة فرح سبْلي بجفون الظنون وطلعي مفصل وجع من ضلع الفرح أو واعديني . فهي كثيرة في حوا ارتها سواء مع نفسها أو مع الآخر، وقد تكررت ألفاظ الحوار بطلة الشاعرة وفاء عبدالرزاق حيث نجدها قد استخدمت ألفاظا مثل: واعديني. لاتغيبي. سبلي. وطلعيلي. و القضايا التي يتمحور حولها حديثها الشعري بكل أبعاده ومراميه وتحوالته خاصة في الذات الشاعرة التي تعيش التجربة الإنسانية بما فيها من تموجات كثيرة بين الحقيقة والوهم، والقلق والاغتراب، والتمرد والصراع، ومأساة العيش والعجز والإحباط. و نجد أن الشاعرة وفاء عبدالرزاق قد لجأت في نصوصها إلى ألفاظ الزمانية محاولة أن تعكس في شعرها مقدار ما يعانيه المواطن بسبب الرقابة التي كانت تمارسها السلطة على المواطن العراقي أينما سار، وفي أي وقت، وكيف تقيده وهي تتبع خطواته من خلال زمانية كثيرة على نحو الغد، الصبح، الظهر، الفجر، المساء، الوقت المخبرين أو الواشين، لذا نجدها تستخدم ألفاظا كقولها: تشرد طوير البراري وترتجي فزعة فرح سبْلي بجفون الظنون وطلعي مفصل وجع من ضلع الفرح أو واعديني . فهي من شدة الظبابية المشهدية في شعرها نجد القلق والشعور الدائم بالظلم والإضطهاد، وكثير ما ترد في نصوصها ألفاظ الغربة والتشرد والحرمان فتفتح لنا هذه النصوص الشعرية أحاديث من خلال أسلوب الحوار افاقاً رحبة أمام المتلقي أو القارئ ليجد فيها ما يصبو إليه من نفثات فنية سحرية، وومضات إبداعية تقترب من القلب فتمس شغافه لما فيه من تجربة شعرية صادقة تصور الآمال والالام والمعاناة الإنسانية , بعد ذلك توصلنا في خاتمة البحث إلى أن ظهور أسلوب الحوار في النص الشعري الشعبي الحديث ، من خلال الرغبة في تجديد القصيدة الشعبية شكلاً ومضموناً على الرغم من وجود هذا الأسلوب قديماً، لكن حاول هؤلاء الشعراء بوضع بصمة شعرية تميزهم في مجال الإبداع الشعري من جهة، وخلق نوع شعري يكون أكثر قدرة على الاعراب والتعبير عن روح العصر من جهة أخرى.
يتبع في قراءتنا للديوان (وقوِّسَتْ ظهر البحر ) ومجموعة اخرى من القطرات الجميلة. بإذن الله
نجم عبدالله ألخفاجي بغداد ٢٠٢٤/١٠/٧
المصادر * اساليب النقد الحديث *فنون النقد *للسان العرب *سر الفصاحة * ديوان الشاعرة وفاء عبدالرزاق (وقوست ظهر البحر) الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الجمعة 08-11-2024 06:09 مساء الزوار: 50 التعليقات: 0
|
|