|
عرار: إيمان مصاروة - القدس:إن الحفر في تضاريس الشعر الفلسطيني المعاصر يكشف لنا عن أسماء شعرية كثيرة، تمكنت من النفاذ إلى جوهر الشعر باعتباره تعبيراً عن حاجة الإنسان إلى معانقة المطلق واكتشاف أسرار الوجود بما فيه من تناقضات وصراعات وغموض ، ولا شك أن الحالة الفلسطينية الفريدة بمعاناتها وهمومها وصيرورتها التاريخية قد تركتْ بالغ الأثر في نفوس شعرائها، فرفدتهم بفلسفة تأملية عميقة تناغي الجرح وتداعب الأمل، وتصنع من الأسوار وحقول الزيتون مادتها؛ للتحليق في عوالم شعرية تتسم بالطرافة والابتكار والاندماج مع أشياء الوجود ومفرداته؛ لخلق اللغة الشعرية المتفردة، فكان الوطن جزءاً لا يتجزأ من ذواتهم ومخيلاتهم وهواجسهم كما لو كان باعثهم إلى فضاء الشعر ومحرك أصابعهم للإبداع وملهمهم للكتابة، فلم يكتفوا بتوجيه القصائد له وبإنارة زواياه المعتمة، بل انغمسوا في متعة الشعر الذاتي والوجداني والروحي متفننين في مناحيه ومنعطفاته، هذا إلى جانب تميزهم الفني وتمثلهم المواصفات الجمالية للقصيدة العربية قديماً وحديثاً، فلم تكن الكتابة الشعرية الفلسطينية متميزة في موضوعاتها فقط، بل وفي عناصرها الفنية من تصوير قوي وانزياحات بعيدة وتشكيلات لغوية وبنائية متطورة، وهكذا أسهم الشعراء الفلسطينيون إسهاماً مذكوراً في الحركة الشعرية العربية المعاصرة بل كانوا قلبَها ومصدر إشعاعها وأحد بواعث ارتقائها وانطلاقتها في دنيا الحداثة شكلا و مضمونا. من هؤلاء الشعراء يبرز في المقدمة الشاعر سامي مهنا أحد شعراء الداخل الفلسطيني وبالتحديد في قرية البقيعة من الجليل الأعلى، فقد أصدر أربعة دواوين شعرية آخرها " تلاوة الطائر الراحل" في شهر آب الماضي، والتي سنختار منها بضعة قصائد لنقرأها في هذه المحاولة النقدية بهدف الاقتراب من فضاءات هذا المبدع وما تحمل من تجربة غنية ورؤية عميقة وبحث مستمر عن السحر الكائن فيما وراء الكلمات، كما نكتشف فيها تعدد روافد الشاعر التي صبتْ في تجربته الشعرية، وبلورتْ رؤاه وتصوراته وأشكاله الفنية . فالواقع الصعب الذي يعيشه شاعرنا، وما فيه من ظلم اجتماعي، وتسلط سياسي، يضغط على الشاعر بأحاسيسه المرهفة وبمنظار شعوره الرقيق، فتتولّد الأفكار وتغتلي العواطف فتهيج عاطفة الشاعر وتحاول الابتعاد أكثر عن اللفحات الحارة لتلك الهموم إلى غزل رقيق ليتلهى به وينسى الوقع المر،ّ وليخفف عن النفس عذاباتها، فتنطلق بهذه السطور الشعرية الرقراقة. يتناقضُ مثلَ مزاجِ الماءِ يبكي فرِحًا من عشقٍ ينقطعُ يهاجرُ منتميًا يجتازُ الوهمَ تخيّلُهُ الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 27-09-2012 09:08 صباحا
الزوار: 2114 التعليقات: 0
|