التوثيق وأسلوب يجمع بين الموضوعية والتنوير، تقرأ تاريخ المرأة من تقديس، دون أن تشكك في وجودها، أو أن تستثير هذه النزوعات المتشددة، التي تبدأ من مقدس مصطنع وتنتهى به.
يتمحور الكتاب حول أطروحة رئيسية تقول: «تكشف هذه المقالة عن عمق ثقافة هذه المرأة العربية المتميزة التي تعرف في الطب وتتفوق على كل الغربيين بامتحان الطب، والتي يعجب العالم الكيمائي بتفوقها ليديها كتابة، والتي تقوم بترجمة كتاب كاتبة بريطانية إلى اللغة العربية، وأخيراً التي تتحدث عن أساطير اليونان وتقدم لقراء المقطف عام 1988م وصورة المرأة في أساطير اليونان وتقارنها بصورة المرأة عند الرومان، وبصورتها المعاصرة عند الأوروبيين الذين عاشت بينهم وتفوقت عليهم بعلمها وعبقريتها، فهل تهز هذه الصورة كل ما قدمته الدراسات وما نظرت له الدراسات السابقة عن تخلف المرأة العربية..؟
«المرأة العربية في القرن التاسع عشر كاتبة، مفكرة، مبدعة». ريبورتاج عن حياة المرأة في القرن التاسع عشر شهادة من كاتبة عربية أرادت أن تكشف لنا عن دور المرأة العربية في مطلع النهضة العربية.
الكتاب لا يشكل لنا صدمة أو مفاجأة، إلا على مستوى الانتباه إلى تقصير كتابتنا الساخنة في حل بعض مشاكل علاقتها بالواقع بأداة الريبورتاج. ولكن الكتاب يشكل صدمة لوعي صدمة لوعي المثقف العربي ولعله قادر على المساهمة في خلخلة مرحلة «الوعي السعيد» والزج بالعربي في محاكمة مع ما يدعيه لنفسه، ولنا، من قيم. هل يستطيع أن ينشيء «إنسانيته» على حساب تدمير إنسانية المرأة؟ وهل يستطيع أن يبتلع الرجل المرأة دون أن ينفجرن ودون أن ينتحر؟
هل أنا حقاً إنسان؟ سؤال أخلاقي طرحته قوة الارتطام بواقع لا يريد المثقف العربي أن يعرفه، وأن يعترف به. ما على الكتابة إلا أن تكتب دهشتها. ولعلها المرة الأولى في الكتابة عن دور المرأة تخترق فيها د/هند أبو الشعر حاجز التنميط لتقول شهادتها عن ذاتها، وعن تاريخ المرأة العربية، في كلمات يصعب على الوعي المعادي أن يتجاهلها.
هل نحن في حاجة إلى القول إننا لا نتبنى هذا الكتاب، بل ننقله لنعرف كيف يحاول من يرفض الاعتراف بدور المرأة العربية التاريخي في مساهمتها في المشروع الحضاري العربي، نحن في حاجة إلى هذه المسافة لأن صورة الرافض لدور المرأة، في بعض فصول الكتاب، يحاول أن يكشف ملامح الضحية، ليكسب العربي «المتعصب» والضمير المرتاح معاً!ولكنها شهادة على وعي فردي جديد، مضاد للوعي السائد، وعي يحتاج انتقاله من وعي أفراد إلى وعي مجتمع إلى تطوير المقاومة ضد المرأة.
هذا الكتاب رواية للتاريخ الشخصي للمرأة العربية مع ومضات وذكريات من العالم العربي، لا تعمد الكاتبة إلى العودة إلى كتب التاريخ المتعلقة بدور المرأة حتى لا يكون كتابها عبارة عن إعادة لما تم ذكره في كتب سابقة، وإنما تهدف الكاتبة إلى أن يكون الكتاب سرداً جديداً وبسيطاً مليئاً بالذكريات والانطباعات العفوية ليتمكن من وصف فترة من الزمان بمصطلحات إنسانية، ولذلك، فهي لا تتقيد بالتسلسل الزمني للأحداث حتى لا يعترض ذكر هذه الأحداث تدفق المشاعر والذكريات التي قد تؤدي إلى تداخل الأحداث مع بعضها البعض. و«المرأة العربية في القرن التاسع عشر كاتبة، مفكرة، مبدعة» هو عودة لنار الأسئلة التاريخية.