|
عرار:
ناظم ناصر القريشي لو تأملنا العنوان سنجد أنه افترض لنا لوحة انطباعية في محاولة لابتكار العناصر اللونية لها، الانطباعية بديل الحلم أو اليقظة، فهي كالوقوف بين الظل والضوء، فجعلنا ننتظر قدوم مانيه حيث يحضر بذاته وليس بريشته في لوحاته، لكن التحول المفاجئ في افتتاح القصيدة بتحولها الى السريالية بمشهد العين الواسع التي تحولت الى حقل ذئاب تتكاثر،كأنه صباح مضاد ، هكذا تباغتنا الدهشة في هذا المشهد الحركي التفاعلي الذي تتحكم به حركة النمو والاتساع بالتكاثر، يتحول اللون فيه من لون الصبح المتفائل العذب الى اللون الرماديتحت سماء زرقاء بفكرة الوثوب والافتراس مع اخر نغمة على وتر الكمان لموسيقى سفر التكوين لتوني بانكس، فالعين هنا ليست عين رينيه ماغريتالمخادعة في لوحة (المرآة الزائفة) ولا لوحة (عين) لموريتـس ايشـر وفكرته العجيبة الانعكاس الكروي التي يقرأ بها المستقبل كـأنه حاضر يكون يتشكل الأن، لكنها عين الشاعر التي يرى فيها الذئاب تتكاثر في حاضر الأيام ، فيهرب السكر والهواء ،فيقول الشاعر: في عينيك أرى حقلَ ذئابٍ تتكاثرُ من فمكَ السّكَّرُ يهربُ مثلَ هواءٍ يزرعُ في أنفِ المستنشقِ، حيثُ الصّدفةُ بلورتِ الحالَ، يحيلنا الشاعر الحلاج كذلك الى الصدفة التي بلورت الحال وينحني بنا منحاً تجريدياًبكلمة (لعل) وهو من الأحرف المشبهة بالفعل يفيد التوقع والترجي، ويختص بالممكن الذي لا وثوق بحصوله، فيشاكس الضوء والظل، في محاولة ترتيب الحلم بالتمني علىمتخيله،كأنه يرسم فراسة الضوء في محاكاة تعاكسه مع كينونته وهو يتشكل بصمت شعرياً وتشكيلياً، وهذا ما جعلالقبلاتِ استجداءَ حنوِّ الكفين كالبحث عن الماء في السراب فيقول الشاعر: القبلاتِ استجداءَ حنوِّ الكفين لعلَّ عمود النّخلةِ يفرضُ منحنيَ الشّكلِ لفيءٍ كالمرآةِ يصدُّ النّظراتِ الممزوجةَ بالرّمل المقليِّ بخوض الشاعر أمير الحلاج في قصيدته (لون الصباح) تجربة جديدة في اللغة، وفي تشكيل الصورة، وهندسةالقصيدة، فهو يمتلكفيما يمتلك الحالمون المبدعون ناصية التحول والحلول في الكلمات، ربما لا يكون لديه أي فكرة عما يمكن أن ينبثق في النهاية،ليكون الشعر لديه مجاز يعبر عن الحياة كلها، فالفكرة هنا غير قابلة للتدجين رغم النزعة التشكيلية في اللغةفي محاولة لتجسيد الحياة،فهي تتخطى فكرة التشكيل الشعري وما ينبثق منها من ابتكار وما يؤل اليه مئالها،تذوب فيها النغمات في تواليها الممتد في المدى على قوس الأفق ثم تعود على مسافة الصدى، وهي تتسلق سلمها اللوني والموسيقي حتى اخر الموجة، فتجعل اللون كهيئة الصباح في احتماله تأملا، وتأويلا، ومن بعد ذلك نذهب للحلم النص: «لون الصبحّ»: في عينيك أرى حقلَ ذئابٍ تتكاثرُ من فمكَ السّكَّرُ يهربُ مثلَ هواءٍ يزرعُ في أنفِ المستنشقِ، حيثُ الصّدفةُ بلورتِ الحالَ، القبلاتِ استجداءَ حنوِّ الكفين لعلَّ عمود النّخلةِ يفرضُ منحنيَ الشّكلِ لفيءٍ كالمرآةِ يصدُّ النّظراتِ الممزوجةَ بالرّمل المقليِّ فهل ثمَّة ميزانٌ يخضرُّ بصدركَ؟ إنَّ الدّمعةَ أحيانًا تخرجُ وقت الفرحةِ فلتتوقف ثوب الصّوتِ الرّاجفِ لا يفصح عن واجهةِ الحزنِ فدع خدَّي من تبصرُ دون خدوشٍ فالهاربُ من سجنِ العينين أسرعُ من دفءِ كلامِ فمٍ لم يعرفْ لونَ الصبح. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 27-08-2021 09:36 مساء
الزوار: 835 التعليقات: 0
|