* المرأة العربية لها نفس الهموم، المشاكل، الطموحات. وبعد هذه الثورات العربية وحالة التغيير التي تمر بالمجتمعات هناك أصوات تنادي بإعادة النظر في دور المرأة وان هناك استحقاقات جديدة للمرأة العربية اليوم. ما رأيك؟ 
- هناك ولاشك انقلاب حدث في منظومة المفاهيم الأساسية التي تؤطر صورة ومكانة المرأة في المجتمع بعد الثورة، فقبل الثورة لم يلتفت احد إلى قضايا المرأة المهمشة اقتصاديا واجتماعيا سياسيا والمبعدة عن تقلد مواقع متقدمة من صنع القرار،والممارس عليها  كافة أنواع الاستلاب..ولكن بعد فبراير ومع الاستحقاقات التي تنتظر المرأة أدركت هذه الأخيرة انه  لا يمكن العودة إلى عصر ولى، فالمرأة العربية بشكل عام والليبية تحديدا التي غيبت عن عملية التنمية المستدامة بسبب الإرث المجتمعي الذي حصرها في مواقع إنتاجية ثانوية وهامشية أو بسبب سطحية الخطط الاقتصادية التي غاب عنها منظور النوع الاجتماعي، تريد أن تحجز مكانا في ظل المعطيات الجديدة التي تفرضها المعادلات التي برزت مع الإطاحة بأنظمة الربيع العربي على اختلافها وتطمح إلى أن تكون متغيرا أساسيا في عملية الثورة الاجتماعية التي أفرزتها الثورات، أن يكون لها وجود ومشاركة في عملية صنع القرار وان يكون هذا الحق منصوصا عليه في الدستور لضمان حقها خاصة وهي كانت  المحرك الأساسي في هذه الثورة.
* هل الخلاف بين الإسلاميين والمرأة في دول الحراك الشعبي قد يصل إلى حد استخدام العنف ضد النساء؟
- نعم. وان كنت افضل استخدام" تعاطي الإسلاميين مع المرأة " عن الخلاف بينهما والعنف هنا ليس بالضرورة المفهوم المتعارف عليه كفعل جسدي ولكن أيضا يتجسد من خلال المناورة في منظومة حقوق المرأة المكتسبة آو التي تسعى إليها   فإذ لم يكفل الدستور للمرأة كافة حقوق المواطنة فإنه سوف يفتح الباب على مصراعيه إلى عهد أخر من الإقصاء والتهميش والعنف  بإسم خطاب ديني مصادر وتفسيرات لا تعدو أن تكون اجتهادات شخصية. 
* ما ابرز مظاهر إقصاء المرأة الليبية بعد الثورة برأيك؟
- البداية كانت من خلال عدم تمثيل المرأة بشكل عادل في المجلس الانتقالي والذي كان  يمثل بسيدة واحدة ومن بعدها بخمسة أشهر جاءوا بأخرى دون أن يأخذ هذا المجلس عناء زيادة عدد النساء في الوقت الذي تضخم فيه العدد من الرجال مع مرور الوقت دون أن يكون هناك أي معايير  للاختيار، المشهد الأخر الذي لا يقل فجاعة هو المجلس المحلي الأول  غير المنتخب والذي تشكل في الأيام الأولى للثورة تكون كله من الرجال في الوقت الذي كانت فيه المرأة تمارس دورها بفعالية في أحداث الثورة، ليأتي بعدها خطاب التحرير والذي مررت من خلاله رسالة لم تركز على التنمية والديمقراطية والسلام  كما كنا نأمل إنما أشارت إلى أولوية تعدد الزوجات وهنا فتح الباب مواربا لكثير من الدعوات التي تدعو المرأة إلى البقاء في المنزل وتربية الأبناء  تحت مبرر "وقرن في بيوتكن..."اما عن المرحلة القادمة يبقى القوس مفتوحا هنا حول.. استحقاقاتها من اختيار اللجنة التأسيسية وتمثيل المرأة فيها ومواد الدستور التي يجب أن تتضمن على مواد لا تنتهك حقوق المرأة .
* مسألة" الكوتا" هي الضمان لتمثيل المرأة سياسيا. هل أنت موافقة على تمثيل المرأة على أساس نوعي؟
- نعم. أنا مناصرة للكوتا بإمتياز ولكن الكوتا لفترة معينة تكون كفرصة تعطى للمرأة لخلق الثقة بقدراتها وانتزاع المبادرة لتغيير الصورة النمطية لدورها في المجتمع، إذ لم تنجح الكوتا في تشجيع النساء في الانخراط في العملية السياسية بعد فترة أدعو إلى إلغاؤها  فنحن لا نريد نساء غير متحمسات غير قادرات على المشاركة في العملية السياسية بإقتدار.
* كيف تقيمين نتائج انتخابات المؤتمر الوطني؟ وبماذا تعلقين على عدم فوز المرأة الليبية في انتخابات الوطني؟
- المرأة موجودة في المؤتمر الوطني ولكن وجودها لم يكن  نتاج إيمان الآخرين بقيمة دورها وتأثيرها في المجتمع إنما كان من واقع إدراجها على  القوائم الانتخابية فالتصويت ليس لها بقدر ما هو للقائمة لذلك فهو ليس عاكسا أو مجسدا لنظرة المجتمع الايجابية  للمرأة يؤكد ذلك فوز إمرأة واحدة في قوائم الفردي من واقع 120 عضو وفي ذلك رسالة صريحة مضمونها إن ليبيا ليست مستعدة لمنح ثقتها للنساء والأمر يحتاج إلى مزيد من الجهد لزعزعة هذه الأنماط  من الفكر السائد لدى النساء والرجال على حد السواء.
* كناشطة سياسية كيف يمكن بناء دولة القانون والمساواة وقضية نازحين تاورغاء بكل مجرياتها مازالت دون حلول تذكر والعالم الخارجي يستنكر ويرفض هذه القضية اللانسانية؟
- الأمر لن يحل بين عشية وضحاها  يجب أن ترسى دولة القانون أولا للبدء في فتح ملف التحقيقات في كثير من القضايا على رأسها  نازحي تاورغاء  والتي تشكل مرحلة مهمة من مراحل العدالة الانتقالية، بعدها يجب تضافر كافة المؤسسات الاجتماعية  والدينية  فالمسئولية لا تقع فقط عل عاتق الحكومة القادمة والتي إذ استفردت بهذا الملف فهي لن تتقدم خطوة في هذا الاتجاه.
* الثورات العربية لم تحدث التغيير في حياة المهمشين من المجتمع فقط أخرجتهم من الظلام إلى دائرة النور. كيف ترين أنت المسألة؟ 
- ليس من المنطقي توقع  حدوث تغييرات  ملموسة وسريعة بمجرد إزاحة رأس النظام....واهم
 من يعتقد ذلك.. إن النهوض بواقع أبناء هذا المجتمع وتوفير الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية فضلا عن تحسين واقعهم المعاش  يتطلب وضع إستراتيجية تنموية متكاملة وشاملة، وهذا الأمر يتطلب إعادة لبناء الدولة وهيكلة الاقتصاد برمته ليؤسس على إطار قانوني وتنظيمي واضح، الأمر يحتاج إلى إدارة عائدات النفط بطريقة رشيدة قائمة على الشفافية ومقاومة الفساد. 
 الأمر يتطلب مواجهة التحديات البشرية المرتبطة بتأهيل الطاقات البشرية ورفع قدراتها، وهنا نحتاج إلى قلب النظام التعليمي رأسا على عقب  الأمر يحتاج إلى تجاوز نموذج القذافي في إدارة الاقتصاد والذي اقترن بالاعتماد المطلق على النفط وتوزيع الريع على المقربين من شبكة الزبونية التي خلقت ولاءات إلزامية ضاربة علاقاتها في مفاصل الاقتصاد الليبي. الأمر لن يأتي  بين ليلة وضحاها ولكن إذ لم يطرح الموضوع في سياق خطة إستراتيجية مترابطة تدعمها الإرادة السياسية في الخروج من نفق التخلف اخشي أن ننتظر كثيرا ونعتاد على اسر هذا  التخلف. 
* أنت ضمن أعضاء حزب الجبهة الوطنية. هل انضمام النساء للأحزاب السياسية هو بداية تمثيلها سياسياً؟  
 - الأحزاب السياسية هي أرضية مناسبة للعمل السياسي للنساء والرجال على حد السواء.. ولكن فيما يتعلق بالمرأة إذ لم يدعم القانون مشاركة فاعلة للمرأة كما كان عليه الحال في قانون الانتخابات السابق والذي اشترط على الأحزاب تنظيم قوائمها للتقدم لانتخابات المؤتمر الوطني وفقا لمبدأ المناصفة الترتيبية بين الرجال والنساء فأنا اجزم بأننا سوف نشاهد برلمان مستقبلي يشكل فيه الرجال الأغلبية الساحقة، أنا أطالب ولو في السنوات القليلة القادمة بنص قانوني يلزم الأحزاب بإشراك المرأة في عملية المشاركة السياسية لتشجع النساء عل الانخراط في العمل الحزبي للمشاركة في التغيير وصنع القرار السياسي في مجتمع لا زال يرتاب من التجربة الحزبية من جهة ويقلل من شأن كفاءة  النساء ومدى فعاليتهن في المشاركة السياسية من جهة أخرى. 
* برأيك كيف يمكننا تحقيق مبدأ العدالة الانتقالية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد؟
 - أن الحديث عن عدالة انتقالية دون التأكيد على أهمية تفعيل سيادة القضاء ومؤسساته المختلفة نوعا من السفسطة.لا يمكن الحديث عن عدالة انتقالية بينما الدولة غير قادرة على تجميع السلاح والحد من تطبيق العدالة بشكل شخصي...عندما تتمكن الحكومة المختارة القادمة من فرض سيادة الدولة وتطبيق القانون يمكن الحديث عن ذلك في إطار مشروع متكامل قائم على الاعتذار أولا والمحاكمة ثانيا.. ومن ثم تأتي الحوارات الوطنية لرأب الشرخ.. وان كان علينا أن لا نسقط  أهمية عامل الزمن لتجاوز كثير من الانتهاكات التي ارتكبت وطي الصفحة. 

المصدر وكالة ليبيا الاخباريه