فكرياً، وثقافياً، ومدى احترامهن للرجل، وخصوصيته، َأتناول في هذه الحوارات دور المرأة في المجتمعات، التي تعيش فيها، ومدى تقدُّمها، ونيلها لحقوقها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، إضافة إلى معرفة، الدور والنشاطات الشخصية، التي تقوم به، المُتحاوَرْ معها، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، وأفكارها، وهواياتها، وطبيعة شخصيتها، والمجال الذي تخدم فيه، وكتاباتها المتنوعة أيضا، وكيفية فهمها لواقعها المعاش، ووضع المرأة بشكل عام، في مجتمعها الذي تعيش فيه. وحقيقةً، طبيعة أسئلتي المطروحة، يتناسب مع مستوى، وعلم وثقافة وعمر، من أتحاور معها، وتجربتها بالحياة أيضا، كان لقائي هذه المرَّة، في هذا الحوار، مع الأستاذة والشاعرة المغربية مالكة ضريبن، وهي شخصية شابة، تتمتع بالحيوية والنشاط، وبثقافة ووعي كبيرين، وعميقين، وسعة الاطلاع، والأخلاق العالية، والذكاء، والصراحة، والطموحات الجيدة، والشخصية الراقية، لديها ثقة بالنفس، وكانت أجوبتها موضوعية جداً وواقعية، كعادتي مع كل من أحاورهن، كان سؤالي الأول لها هو:
@ من هي الأستاذة ماليكة ضريبن؟؟؟
مليكة ضريبين إنسانة مغربية، هوية وانتماء، متزوجة، من مواليد الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، من أسرة ادريسية النسب، حيث تنتمي إلى إحدى الزوايا لشرفاء الأدارسة السباعيين، الموجودة بجهة عبدة (زاوية السلطان صاحب الجواد البركي). نشأت وترعرعت بمنطقة من الدار البيضاء المسماة عين السبع، وهي أكبر منطقة اقتصادية في المغرب، حيث تتمركز 75% من صناعات المغرب. أستاذة في التعليم العالي، لدي إجازة في الآداب واللغة العربية، ودبلوم المدرسة العليا في علوم التربية ومناهج التدريس.
@ما هي هواياتك المفضلة؟؟؟
الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية، والأغاني العربية الأصيلة ،والمطالعة، والسفر، المشي، وخاصة في مناطق الغابات، وفي بعض الأحيان، على شاطيء البحر، إذ أن منطقتي منطقة ساحلية، توجد على المحيط الأطلسي، ومنخرطة في العديد من الأعمال الاجتماعية، وأحب الأشياء إلى نفسي، إسداء الخدمات إلى الآخرين، كلما استطعت إلى ذلك سبيلا.
@ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملها ماليكة، وتؤمن بها ؟؟؟
أحلم بعالم ينتفي فيه الظلم والجور، وتنتفي فيه النظرة الدونية إلى الآخر، وأن يعم الخير والعدل والسلام، كل ربوع الوطن العربي الكبير، ولم لا الكون، أحلم بغد مشرق أكثر وضوحا وإشراقا من ليلة صيف، أحلم بالبطل المخلص كصلاح الدين الأيوبي، هذا البطل، الذي ظل مثالاً ونموذجاً عند الشعراء مثلي، منذ أقدم ما نعرف عن العظماء، أيام الإغريق، أرسطو، وأفلاطون (المدينة الفاضلة) إلى العصور الزاهرة، أيام الأمويين والعباسيين، والى الشاعر الخالد المتنبي، أيام تشرذم الإمبراطورية إلى دويلات، وصاح فيهم هذا الشاعر العظيم، يستصرخ حميتهم، ويستنهض الهمم .لتتوحد في ظل من كان يراه المتنبي مثالا ونموذجا، .سيف الدولة. إذا اعتل سيف الدولة، اعتلتْ الأرض، ومن فوقها .
@هل يمكن القول ان شخصية ماليكة، قوية، وجريئة، وصريحة، ومنفتحة، اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟
نعم، فأنا كذلك، وغالبا ما ينطبق عليَّ قول المتنبي: كلما انبث الزمان قناة. ركب المرء فوق القناة سنانا. 
@ هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسياً؟؟؟
أنا مع حرية المرأة مبدئياً، فالمرأة كائن كامل الكينونة، مثلها مثل الرجل، لها الحق في التعبير والإسهام في كل ميادين الحياة، وقد برهنت الظروف التي خضعت لها، على أنها لا تقل ذكاء ولا موهبة عن أخيها الرجل، إذا ما منحت نفس الفرص، التي منحت للرجل، لكن سنوات الظلام والظلم، حجبتْ عن المرأة الكثير من الفرص، التي كان بالإمكان، أن تتألق فيها، ولولا دعوة الرجل العظيم قاسم أمين، إلى سفور المرأة، وخروجها إلى معترك الحياة، لظل للمرأة خرجتان فقط: الأولى، من بيت اهلها إلى بيت الزوجية، والثانية إلى قبرها، أن تساهم المرأة في الحياة الاجتماعية بقدراتها الفكرية، والعلمية، والنفسية، لا محالة، يقود المجتمع إلى التطور والتقدم، والمثال أمامنا، كل الدول التي منحت حرية واستقلالية للمرأة، (الدول الأوربية، وأمريكا)، هي دول تسير في الطريق الصحيح، للتضامن والتكافل الاجتماعيين، وفي المقابل لننظر إلى دول العالم الثالث، أريد أن أقول علينا أيضاً، أن نأخذ من هؤلاء ما يخدم مجتمعنا، ويحترم خصوصياتنا، ونترك ماعدا ذلك، فليس معنى حرية المرأة اجتماعياً، التبرج والجرأة في غير موضعها، والزواج بغير عقد شرعي، والسقوط في المحرمات، وما نهى عنه القرآن الكريم، إني أتحدث عن الوسطية، كما دعا إليها ديننا الحنيف، وأن تبقى المرأة محصنة بالأخلاق الكريمة، والسلوك القويم، وبثقافة، تشكل لديها المناعة من السقوط والاستلاب، أن تكون المرأة مستقلة مادياً، معناه أنها تؤدي خدمة للأسرة الصغيرة والكبيرة، ويكون هذا مقابل كل هذه الخدمات مثلها مثل الرجل، لها حقوق، وعليها واجبات، والاستقلال المادي يأتي من هذه الناحية، ولكن ليس معناه، أن هذا الاستقلال في يدها، بمثابة عصا تؤدب بها، ولكن هو مساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي للأسرة، ودخل إضافي تحقق به هذه الأخيرة وضعاً أكثر رفاها للأفراد، هو نعمة على الأسرة والوطن، وليس نقمة، وأما عن الاستقلال السياسي، فهذا المجال، والذي بدأت المرأة تعاركه حديثا، وأبانت فيه عن باعها الطويل، وما من ضرر أن تركبه، لأنه بإمكانها أن تخلق المفاجآت، وتخلق الفارق أيضاً، وكم من نساء أجنبيات، قادوا الشعوب إلى الرقي والازدهار بيد من حديد، ونساء عربيات كانت لهن الأيادي البيضاء على شعوبهن، إن المرأة متى كانت محصنة بفكر وثقافة وأخلاق، استطاعت أن تقدم لمحيطها الصغير والكبير، أروع الخدمات، وأنبلها وأحسنها على الإطلاق.
@ما هي علاقة الأستاذة ماليكة بالقراءة، والكتابة، ولمن تكتب، وما هي الرسالة التي تود إيصالها للقارئ العربي ؟؟؟؟
تمرست بالكتابة منذ أحد عشر سنة. وكانت ولا زالت هوايتي المفضلة.قرأت في القديم والجديد، وخاصة الشعر، الذي أجد فيه متعة ما بعدها متعة، قرأت المعلقات، وكتب التاريخ، وتاريخ الأدب منذ العصور الأولى للدولة الإسلامية، كما قرأت في الشعر الحديث، للرواد كبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي، وأمل دنقل، وصلاح عبد الصبور، و.محمود درويش، وفي الآداب العالمية اليوت وكوتي وموليير، وفي الأساطير اليونانية المترجمة، إن القراءة والكتابة بالنسبة لي هي كينونتي وسر وجودي، بل هي الكينونة المطلقة، وكيف تنفتح أمامك الآفاق، وكيف تسافر خيالا وتعيش حيوات لا متناهية، إذا لم تفتح دفتي كتاب، لمن أكتب ؟؟؟ أكتب أولا لنفسي، لأن الكتابة وجود، وهي متعة لا متناهية، وهي أكسجين الحياة، لست أعرف ماذا كنت سأعمل بحياتي من غير هذا الحرف النوراني، الذي يشع بداخلي، ويضيء ما حولي .ويدفئ أوصالي؟ لا أعرف ماذا كنت سأفعل في محيط ينتفي فيه اليراع والورق. ماذا كنت سأفعل من غير هذه الحاجة الحيوية التي توقظني في الغسق، لأبحث في الظلمة عن مفكرتي وقلمي، لأسجل ما أوحتْ لي به شياطين الشعر.حتى لا تنقرض تماما من مخيلتي. متى ما انبلج الصبح؟ وقد قلت في ديواني (الباب ما قرعته غير الريح)، في قصيدة بعنوان: توحد. هجرت الكتابة. بالحرف وللحرف كنت أعيش.سلوت رصد ما بالدواخل.وصرت أعيش الآني.ولا أترقب الآتي.ظننت أني تخلصت من هذا العبء. وبدأت أعيش زمنا لذاتي.كذبا ما زعمت.فقد صار لي الحرف اليوم وطنا.سكنا. مساحة من نور يتعقب خطاي، ملجأ يحميني.غواية هذا الحرف تستهويني.
وثانيا أكتب لوطني الكبير، من المحيط إلى الخليج، أعري بعض فظائع مجتمعاتنا، أحكي بعض حكايات المستضعفين، وأحلم كما أشرت إلى ذلك سابقا، بمجتمعات ينتفي فيها الظلم والجور والعنصرية، وينتشر فيها العدل والخير والسلام.
@هل أنت راضية عن ثقافة المرأة المغربية ووعيها???
إن عملية إحصائية بسيطة، لعدد نوع الجنس بالمتمدرسين بالأقسام الإعدادية بالثانوي ألتأهيلي بالمغرب .أي الجدوع المشتركة، والأولى ثانوي، والقسم النهائي. يجد أن نسبة عدد الإناث هي أكبر من نسبة عدد الذكور. وأن عدد الإناث بالتخصصات العلمية أكبر من الذكور. وأن نسبة المعدلات المرتفعة في هذه التخصصات هي للإناث، وهذا يدل على مدى جدية الأنثى في تمدرسها، وأنها جادة عن قصد بتحقيق هذا التفوق، وتسجيل أنها ليست دون الذكر في أي شيء، بل هي تتجاوزه بمراحل، أريد أن أقول أن المرأة قادمة شئنا أم أبينا، وهي لا تنتظر من الآخر أن يقدمها أو يبجلها، فقدراتها تؤهلها لأن تكون في المراتب العليا، إذا لم نقل المراتب الأمامية، فمهما حاولت مجتمعاتنا أن تحافظ على تلك النظرة الدونية للمرأة، والتقليل من شأنها. فان قدراتها هي التي ستتبوؤها المكانة اللائقة بها، ليست المرأة ضد الرجل، فهي تريد أن تحقق ذاتها وكينونتها، وتحتل المكانة اللائقة بها، مهما حاول المتعجرفون، ومهما كانت هيمنتهم على الميادين الحياتية، بما فيها الفكر والثقافة، إنها قادمة لا محالة، هذه المرأة، وبكل الموضوعية، علينا أن نتموقع في أماكننا الحقيقية، ولن يستطيع أي كان، أن يسلب المرأة حقها. لأن الزمن والتاريخ، سيكونا حكما موضوعياً في هذا التموقع، أريد من زماني أن ينصفنا نحن معشر النساء، لأن نسعى لتحقيق مجتمع متكافئ، ومتكافل ومتعاون، شقَّاه (الرجل والمرأة)، إننا في زمن علينا أن نتعاون فيه كل من ناحيته، وبما يملك من ملكات وقدرات، لتحقيق التوازن، فكل مجتمع بني على عنصر واحد، هو مجتمع أعرج، لا يستطيع المشي، أريد أن نتعاون على خلق مجتمع سليم قادر على تحمل مسؤولياته، واع بما له وما عليه، يتعاون فيه طرفي الخلق والإبداع، على تنشئة وتربية الخلف، ليكون خير خلف لخير سلف، أريد نشر ثقافة المسؤولية (كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته)، ثقافة التكافل والتضامن على الحق، ثقافة الإيثار، ثقافة المحبة والخير والسلام، يسهم فيها العنصران (الرجل والمرأة)، وأن يعي كل واحد منهما أننا لسنا في زمن عرض العضلات والتباهي والتفاخر، وإنما للتعاون والتفاهم، ككل المجتمعات، إن وعي المرأة المغربية، هو نسبي، ولم يصل بعد لمرحلة النضج الكلي، وان كانت المرأة المغربية قد قطعت أشواطا بعيدة في هذا المجال، كما أن الأسرة أصبحت أكثر وعيا، وأكثر انفتاحا، وأكثر ثقة، ببناتها وقدرتهم على التكيف، والاستصاغة بالأشياءن والصمود أمام مجتمع الذكورن والإحصائيات التي أسلفت خبر دليل على ما أقولن كما أن المرأة المغربية قد غزتْ جميع الميادينن وكان لها في جلها كرسي الريادة، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، إذ أن المرأة المغربية من بين أكثر نساء العالم دراية، بتسيير البيت اجتماعياً واقتصادياًن وهذا كان له انعكاسه الايجابي على مردودية الأبناء، في مجال الدراسة والتعلم، بحكم كوني في مجال التربية والتعليم، لا يمكنني أن أجزم بكوني كلي رضي عن ثقافة المرأة المغربية، من باب الإطلاق، لأنه لا زال تصادفنا نسبة الأمية التي لا زالت متفشية في صفوف الرجال، كما النساء في العالم القروي، رغم حملات التوعية، ومحو الأمية، التي رغم تزايد نسبتها، لا زالت لم تف بالغرض، كما أن بعد المدارس عن المداشر والقرى، يدفع الآباء إلى السماح للذكور بالتمدرس، وحرمان الإناث، خوفاً عليهن مما يعترضهن من مخاطر، وتزويجهن في سن مبكر. هناك برامج جادة في المغرب من التقليص من هذه النسب التي ذكرت، والأمل معقود على مثل هذه المبادرات، ما أستطيع قوله وبالفم الملآن أن المرأة المغربية قادمة وبخطى ثابتة، من أجل تأكيد الذات، والقدرات، والأخذ بزمام الأمور، وفي الإحصاءات التي قدمت خير شاهد على ما أقول .
@ كلمة أخيرة تود قولها الأستاذة ماليكة بمناسبة عيد الأم العالمي؟؟؟؟
ماذا يمكنني أن أقول بمناسبة عيد الأم؟؟؟ من وجهة نظري أعتبر أن الأم هي نبع كل شيء، وهي المصب، هي رمز كل شيء صافي وطاهر، الأم هي الأرض والهوية والوطن، هي الحنان، واليد الممدودة أبداً لتنتشلنا من المطبات والمآزق، المربتة على الأكتاف، وقت المرض والضيق والحرج، المبثة للعزائم وقت الشدائد، الدافعة لنشء من أجل السمو والرفعة، المربية للأجيال، ألم يقل فيها الرسول الكريم:(الجنة تحت أقدام الأمهات)؟ ألم يقل فيها الشاعر الكبير شوقي:(الأم مدرسة إذا أعددتها، أعددت شعباً طيب الأعراق)، ولا يعرف بفداحة الخطب إلا من فقدها، زينة البيت، زينة الأسرة وعمادها، زينة الحياة بحق وحقيق.
إنتهى موضوع حوار
مع الأستاذة المغربية ماليكة ضريبن