تتبنى في كتاباتها قضايا الطفل والوطن والفقراء والمرأة وقضايا حقوق الإنسان، كما أنها تعشق القراءة والكتابة منذ صغرها، كعادتي مع كل من أحاورهن من الكاتبات، كان سؤالي الأول لها هو:
@-من هي الكاتبة التونسية خيرة قسومة، من حيث الحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي والعمل والهوايات، وهل شخصيتك صريحة وجريئة ومتفائلة وطموحة؟؟؟
أنا الكاتبة والباحثة الاجتماعية، والناشطة في حقوق الإنسان منذ 1975م. " خيرة بنت الناعس قسومه، من مواليد تونس، لأبوين متعلمين غرساً في حب العلم والصدق والشجاعة، أسوة بالرازي، فانا صاحبة شخصية قوية وجريئة، حتى أنهم يسموني " نوال السعداوي في تونس" اعشق المطالعة والكتابة، والغوص والسباحة، والكرة الطائرة، حيث كنت العب مع فريق " الوطن ألسوسي، فانا مبدئي أن أكون " اقوي مع القوي، واضعف مع الضعيف".
@-ما هي الأفكار والقيم والمباديء التي تؤمني بها وتدافعي عنها؟؟؟
من أهم مبادئي التي أبعدت من اجلها:
1-مناداتي بأن يكون التعليم إجباري ومجاني حتى البكالوريا، وذلك تفاديا لإنشاء جيل محبط، ترك المدرسة قسراً، وهو في سن المراهقة، مما يعرضه للضياع 2-المطالبة ببناء مصانع والتوجه بتونس للصناعة بدلا من السياحة.
@-ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة، ؟؟؟ ولمن قرأت من الكتاب والأدباء، وهل لديك مؤلفات منشورة او مطبوعة ؟؟؟ ما هي بداياتك بالكتابة ؟؟؟
أنا من عشاق القراءة، وخاصة الأدب الروسي، باللغة الفرنسية، حيث أنهيت اغلب مؤلفات دوستوفسكي وتولستوي ومكسيم جوركي قبل دخولي المعهد الإعدادي، كما طالعت اغلب كتابات جورج زيدان والمنفلوطي، وكارل ماركس، ونيتشة، وجان بول سارتر وجول فالي، في سن مبكرة جداً، ولم أكن أغادر المكتبة العمومية، إلا عند إغلاقها، أما الكتابة، فكانت ترافقني منذ سن السادسة، حيث كنت أحاول كتابة كل ما اسمع، إذ أنني كنت اعبر بالكتابة عن كل إراداتي، ولا يخرج لي صوتاً، أما أول قصة لي فكانت في سن التاسعة، وتدور أحداثها بفلسطين. لي في رصيدي سبع روايات باللغات الثلاث، حيت تتوزع كالأتي:ثلاث روايات عربية، وثلاث فرنسية، وواحدة باللغة الانجليزية...جميع رواياتي واقعية ملتصقة بالإنسان، وهي تشمل الصومال ودبي ودمشق وتونس وفرنسا والسعودية والهند ومصر، وتتحدث عن معاناة أناس هناك...آخرها "أطفال الإرهاب " وهو يصف كيفية غسل أدمغة الأطفال، وقد حدثت القصة بمكة.
@-ما هي مضامين الموضوعات التي تتطرقي لها بكتاباتك بشكل عام ؟؟؟ وهل للسياسة والمرأة مجال في كتاباتك ؟؟؟؟ من هم في رأيك أهم الكاتبات والشاعرات والأديبات التونسيات؟؟
مجمل موضوعات كتاباتي ملتصقة بمعاناة الناس، والاهم منهم المرأة، والطفل والفقير , إذ كتبت " جامع القمامة " وهي رواية تصف بكل دقة وروعة، تفاني عجوز ثمانيني هندي في تنظيف منطقة عمله بدبي، وهي رواية مبكية، أما المرأة، فلها النصيب الأوفر، خاصة في حرمان قلبها من النبض عند العرب، واعتبار الحب جريمة، يرتكبون لأجلها " جرائم الشرف" أما عن الروائيات والشاعرات التونسيات، فللأسف الشديد، إنني من المغرمات بالأدب العالمي، حتى لأكاد أكون " دودة الكتب the book warm" دون أن أطالع لبنات وأبناء وطني، فانا أحفظ الكثير من ديوان أبو القاسم الشابي، كما طالعت، ومنذ الطفولة لكل من محمد لعروسي المطوي، والبشير خريف والأديب الفيلسوف محمود ألمسعدي، إلا أنني لم اقرا لأية كاتبة او شاعرة تونسية، وكم اتمنى ذلك.
حصلت على الشهادة الثانوية شعبة علوم-رياضيات سنة 1978م، من معهد الفتيات بسوسة، وجهت للهندسة الكيماوية بالمدرسة القومية للمهندسين بقابس، حيت درست سنتين كمساعد مهندس، ثم أعدت التوجيهي، ودخلت كلية الطب ابن الجراح بمدينتي سوسة . نشطت في مجلة الحائط منذ المعهد الثانوي، ثم أصبحت من مؤسسي مجلة "الشعب " المحظورة والناطقة باسم حزب (الوطد)، وهو الوطنيين الديمقراطيين ...ساهمت في كل الاهتزازات الشعبية بداية من الخميس الأسود في جانفي 1977م ثم ثورة قفصة 1979م حتى ثورة الخبز سنة 1983م، حيث كنت من قادة المظاهرة بالكلية، ووقع فصلي، وكنت قد أنهيت السنة الثانية طب بشري، فحصلت على اللجوء السياسي في سورية، وأكملت دراستي بالشام، ثم تزوجت .
@-ما هي أهم مشاكل الكتاب والأدباء التونسيين التي يعانون منها في تونس ؟؟
بعد اجتماعي ومشاركتي بلجنة فرز الأسماء بمؤتمر اتحاد كتاب تونس، المنعقد بتاريخ 23/24 ديسمبر 2014م يمكنني القول أن اتحاد كتاب تونس يعاني من مشاكل موروثة متعددة :
1-المحسوبية وتأسيس اتحادات إيديولوجية داخل الاتحاد الواحد، الموجود على الساحة منذ سنة 1970م.
2-النقص المادي الواضح، وعدم الدقة في التوزيع النزيه، لميزانية الاتحاد.
3-نقص الكوادر ومكاتب الجهات.
4-انعدام التعاون بين الكتاب والأدباء والشعراء، وكل مكونات الاتحاد، وخاصة إدارته التي تتحلى بدكتاتورية لا تطلع الأعضاء عن شيء من نشاطاتها,
5-صراع دور النشر قد يتحايل مع احد او اتجاه ضد الآخر، مما ينقل الصراع بين الكتاب أنفسهم، مما يتسبب بعقم للحركة الأدبية.
6-عدم إجراء لقاءات دورية للاطلاع على الإصدارات الجديدة، محلياً وعالمياً، ومتابعة الحركة الأدبية، لتطويرها وقد لا أتجنى على احد، إن قلت أن الاتحاد لا يعمل كمؤسسة نزيهة، وفي خدمة الثقافة!
@-هل تعتقدي أن المجتمعات العربية، تعاني من أزمة مثقفين وثقافة حديثة متطورة،
وماذا عن تونس بشكل خاص؟؟؟
اعتقد بان الدين يكبل الحرية الفكرية، إذ أن الوطن العربي، يعاني من عدم والابداع الفكري، خوفاً من مخالفة الدين، فما بالك بالمثقفين الذين يغلب عليهم " ثقافة البلاط " او ما نسميه في تونس " البندير" وخاصة في الخليج العربي، فالمثقف دفع لنسيان ثقافته واللهاث وراء الرأسمالية العفنة.
@-قناعاتي الشخصية تقول: وراء كل عذاب وتخلف امرأة رجل، هل أنت مع مقولتي هذه أم لا؟؟؟ ولماذا؟؟؟
أقول نعم، وبكل تأكيد، ففي المجتمعات العربية، المرأة لا كيان لها، وغير مسؤولة أبداً، فهي من مسؤولية الأب، ثم الأخ ثم الزوج، ولذا فهي ليست بكائن كامل، وتتطلب المراقبة الدائمة، وكأنها ولدت متهمة، وهذا ما يجعلها تعيش في عذاب دائم، إن لم تتسلح بالعلم، والمعرفة، والمال، وتتحرر منهم، ولو دفعت مقابل ذلك تضحيات جسام.
@-ما هي حقيقة الثورات العربية والتي ابتدأت بالقطر التونسي الحبيب، وعرفت بثورات الربيع العربي؟؟ وهل حقاً ما زلت تعتبرينها ربيعاً عربياً، أم تحولت إلى خريف عربي ؟؟؟؟ ومن المستفيد الأول منها ؟ وما دور اليهود الصهاينة في الثورات العربية من منظورك الشخصي؟
أنا لا اسميها ثورات، بما فيها التونسية، اذ أن الثورة، تتطلب دوماً " قائداً وبرنامجا" فالقائد يقوم بالثورة مع الشعب، لتحقيق برنامجاً شعبياً مفيداً وتغييراً جذرياً في سياسة البلاد، أما ما حصل، فكان قياماً شعبياً عفوياً ضد الظلم، استغل من طرف المتدينين وأصحاب رؤوس الأموال، لأجل مصالح شخصية، ورجعية عربية قوية...فانا تفاجأت بالتحول الاجتماعي الغريب في تونس، وكأن القيامة ستقوم غداً، وبان الاخوانجية سيمنحون " صكوك غفران " للشعب، إذ أصبحنا نخاف السير في الطرقات، فما بالك بسهرات وفسحات زمان...فانا امشي بشوارع المهدية او القيروان وكأنني بغزة.
@-ماذا يمثل الرئيس الخالد الحبيب بورقيبة بالنسبة للشعب التونسي والمرأة التونسية خاصة، وهل أفكاره التحررية اتجاه المرأة التونسية ما زالت سارية المفعول في رأيك الشخصي؟؟؟
بورقيبة أنجز الكثير للعشب التونسي، ونسي نفسه-هذا يحسب له- وخاصة عشقه لتطوير شعبه، ولكنه سار بالبلاد جسب توجهه، ناسياً أن بها ملايين الناس، ولو اتجه بورقيبة للتصنيع، وفرض التعليم الإجباري المجاني حتى الثانوية العامة، لما وجدنا الآن " أبناء وبنات تونس، في المرتبة الأولى في عدد الإرهابيين، وكذلك كثرة الوهابيين في البلاد.
@-هل لك صديقتي أن تعطينا نبذة عن مستقبل الوضع التونسي، وما تؤول فيه الأوضاع الآن، وهل أنت متفائلة، بعد إن تم إجراء انتخابات لرئيس الجمهورية؟؟؟
أنا لست متفائلة لمستقبل تونس، لما لمست من تدخلات وهابية سعودية، وقطرية، يتماشى معها الناس، وقادة الأحزاب، خاصة، طمعاً في المال، ولما أحسست بتغلغل الرجعية الخليجية في نفوس الناس..اتوقع المزيد من بيع مؤسسات الدولة، وتحالف الرجعية مع الدساترة والتجمعيين، للسير بالبلاد، نحو مسار متزمت قاتل.
@-هل أنت معي صديقتي أن رأس الفتنة في المنطقة دول الخليج العربي، وعلى رأسهم المملكة السعودية وإسرائيل؟؟؟؟؟
إن مجلس الخليج العربي انشأ غروراً ودعما لإسرائيل، وهو العضو السابع به حسب رأيي، حتى أن ليبرمان زار دبي، والقي كلمة السنة الماضية، ولم ينتقده احد..فانا مؤمنة بان دول الخليج المتخلفة، أصيبت بغرور المال، وأصبحت حجر عثرة أمام تطور أي قطر ينسب نفسه للعرب، إذ انهم يعتقدون انهم " وحدهم العرب والباقين مجرد مستعمرات فتحوها سابقا" ويريدون بأموال البترول إعادتها لحظيرتهم مرة أخرى.
@-كيف تنظري إلى مستقبل أوضاع المنطقة العربية، وما يجري بها من إحداث الآن؟؟ من منظورك الشخصي؟؟؟
من منظوري الشخصي وتعايشي لمدة طويلة مع الخليجيين اجزم بانهم يسعون لإعادة مستعمراتهم القديمة مستغلين ثرواتهم ورشاويهم لكل المنظمات الدولية، لتسكت على فظاعاتهم لذا أسسوا جيش " داعش " من المرتزقة واليائسين لدمار العراق وسورية واي بلد فاتح فمه ضدهم، أيام غزو الكويت سنة 1990م وهم حاقدون جداً، عن كل أولائك الحكام، وليس صدفة ان تدمر اليمن وليبيا والعراق وتونس.
@-ما هي أهم أحلامك بمرحلة الطفولة وهل تحققت، أم تغيرت وتطورت مع مرور الزمن، وهل تجددت أحلامك وطموحاتك الآن؟؟؟؟؟
من أهم طموحاتي أيام الطفولة، هي أن أصبح طبيبة، وأتطوع في صلب " أطباء بلا حدود " إلا أن الأوضاع المادية لعائلتي الأولى وأسرتي، حرمتني من هذا الحلم، وحلمي هناك وانتقلت إلى دبي.الثاني أن أصبح كاتبة ناجحة، مثل " جان بول سارتر" وان احصل على جائزة نوبل للأدب، وارفضها لتطويره لأسلحة فتاكة، وهذا الحلم اعمل جاهدة عليه، متمنية أن أحققه ذات يوم بالجد والمثابرة، فانا أؤمن بان الكفاءة هي مفتاح كل شيء.
انتهى موضوع:حوار شامل مع الكاتبة والمحللة السياسية والباحثة الاجتماعية التونسية خيرة قسومه