|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
صوت الحب في الشرق والغرب
عاشقة
الصحراء :
هديل أبو عفيفة
طقس شديد البرودة، لا تعلم ياسمين لماذا والشمس تكاد تلتصق بسطح الأرض.. جلست في مكتبها.. صلت.. بكت عندما لمعت في رأسها ذكرى بعيدة قريبة.. لقد انتهت.. سحرتها الأفكار، وأصبح لديها قلب يترنم بدلاً من عقل ناضج.. نظرت ياسمين من النافذة وقالت: في كل مكان من هذا العالم يكافح الناس وحدهم لتحقيق ذواتهم، ان ما يقلقها هو الصندوق الأسود الذي يعيش بداخلها والقوقعة التي تعيش بداخلها.. فقد عاشت حياة بائسة، حتى انها لا تعرف كيف يعيش الناس السعداء. ياسمين تفكر.. لو كان بامكانها احتضان الكون كله ونزع الأحزان من دواخل الناس. يرتبط كل شيء في هذا العالم بشبكة خفية من القصص سواء ادركنا ذلك ام لم ندرك، فاننا نتشارك جميعا في حديث صامت، لا ضرر ولا ضرار، كن رحيما.. ذات يوم ستعرف ياسمين بصوت الحب، في الشرق والغرب، سيجد الناس الذين لم يروا وجهك قط الهاما في صوتك. تعاهدا ذات يوم ان يفعلا ما يجب ان يفعلاه معا وان يسيرا على الدرب معا.. وقررا أن ينجبا طفلهما الأول بعد سنة على الأقل.. غادر.. بعد ضجة وفوضى عارمة، حرب عقيم مع أسرة ياسمين جميعها.. فأحدث ذلك الما حادا في صدرها، ألم قلبها دعاها الى الاستفراغ طيلة تلك الليلة الحزينة كأن جسدي كان يحاول التخلص من سحر ما.. صندوقها الأسود قد فتح.. نزفت روحها.. الألم يعتصرها.. كيف يمكن أن يكون الناس على هذه الدرجة من الاستعلاء والاحتقار إزاء الأمور التي لا يعرفون عنها شيئا كثيرا؟ انه امر غريب اذ لم يكن مخيفا مرعبا.. فهم لا يفهمون عمق الصلة التي تربط ياسمين بمحمد لقد جاء الوقت الذي شعرت فيه بأنها بحاجة ماسة الى رفيق روحي ليفتح عينها الثالثة.. غلفت ياسمين تلك الأزمة بحوار: أن الأمور التي قد تبدو خبيثة أو تعيسة، غالبا ما تكون نعمة مغلفة في شكل نقمة، وعندما تبدو الأمور جيدة فقد تكون ضارة على المدى البعيد، وأضافتها الى صندوقها الأسود وأغلقته من جديد.. وأمضت حياتها كلها وحيدة حزينة كئيبة مريضة نفسيا يعتصرها الألم.. طوال حياتها ياسمين لم تقابل شخصا واحدا على الأقل يرى الأمر بالطريقة التي تراها، وهذا ما زال يقلقها.. وما زالت تحمل مخاوفها وأفكارها على كتفها وتسحقها وتمضي بثقل.. وأظن أن معظم الناس هكذا.. والطمأنينة الكئيبة التي خيمت على الحياة في بيتها الحزين بعد الحرب التي كونت خلفية طفولتها ومراهقتها والشباب والشيخوخة على ما تظن.. ترسم في مخيلتها ما شاءت لذلك تكذب.. هي لا تكذب بل ذلك صدقا ما تعيش فيه الأحلام والأوهام بعيدة عن العالم الحزين.. تقبع ياسمين في ركن هادئ أخضر.. وفي طفولتها تذوقت طعم الوحدة والألم وطعم الحزن والحرمان الشديد.. قانعة ياسمين أنها ستمضي حياتها كلها هنا أو هناك على شكل ألم معين.. وبين الحين والأخر كان وما زال قلبها يتوق الى الحب، يتوق الى القيام بالمغامرات، وما يسعدها ويجبرها على القيام من فراشها أنها كانت سعيدة وقانعة بتوقعاتها لحياتها،كيف لها أن تعرف أن الله قد رسم مخططا اخر ؟ ان كان قد رسم.. اكتشفت ياسمين الشيئين اللذين غيرا حياتها الى الأبد.. لم تكن تعرف أنها كانت مولعة بما كانت تعتبره هواية بسيطة طوال حياتها ولم تجد دعما ممن يطلق علهم أسر ة.. والثاني الحب.. كانت وما زلت ياسمين امرأة تتأرجح بين البهجة العارمة والكآبة الشديدة في ذات الدقيقة.. كانت وما زلت شديدة التقلب، وتغضب دائما من النفاق والألم.. وحده محمد من أغرم بتلك الشخصية المتقلبة وتفاصيلها لأنه كان غارقا في حبها.. كانت وما زالت مستحيلة.. شجاعة.. حرة.. ومبدعة.. بالمقابل كانت هشة مثل زهرة من كريستال.. فقرر في لحظة ما أن يقف الى جانبها ويحميها ليس من العالم الخارجي فحسب بل من أقرب الأشخاص اليها ونفسها.. هل كانت تحبه بالقدر الذي كان يحبها؟ لا تظن ذلك.. لقد استسلمت عاجلا.. كانت تحبه بطريقتها الأنانية.. وهكذا انتهى بهما المقام.. حيث تزوجا.. كان ملاكها الحارس.. لأنها كنت منهمكة بتسلق سلم الترقيات.. وتطمح أكثر في تحقيق نجاحات تافهة.. فقد كانت متعطشة للسلطة.. كانا قد خططا لحياتهما كلها.. وكانت واثقة من المستقبل الماثل أمامهما.. وما زالا يعيشان في واحدة من أكثر البلدان أمانا على وجه الأرض.. وما زالا في ريعان شبابهما.. وينعمان بالصحة ويحب أحدهما الاخر كل على طريقته.. وماتت ياسمين واقفة وافرة الصحة بسيطة على نحو غير متوقع.. وكان زوجها ما زال فتى.. وكان الحب قد فتح عينيه على الحياة ولكنه بعد أن فقد ياسمين طرأ تغير كبير على شكله، فلم يعد فتى، ولم يعد رجلا بالغا، بل أصبح حيوانا تائها. الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: السبت 04-07-2020 09:17 مساء الزوار: 454
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
"البيرق.. سراة الجبل".. لشريفة ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 05-04-2024 |
رواية (بوهيميا) لخالدة مصاروة وتأملاتها ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 03-06-2022 |
بقلم الكاتبة سارة رزايق قصة قصيرة ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 15-01-2020 |
قراءةفي المجموعةالقصصية دموع البحر" ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 12-05-2019 |
كتاب مستغانمي الجديد "شهيا ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 25-12-2018 |
«كأي جثة مباركة» لسامية العطعوط ضمن ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 03-10-2018 |
البحث عن الحبّ في مجموعة"الهروب إلى ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 12-06-2018 |
«نداء قلب».. تأملات جمالية في راهن ... | القصة والرواية | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 16-07-2017 |