عمان  :-

يتبيّن من مجمل الصور التي يتضمنها معرض الفنانة نورال دبابنة، المقام في الجمعية الأردنية للتصوير الفوتوغرافي، أن روحها قد تدخّلت لاعادة تشكيل الواقع وفق ذائقتها الفنية وخيالها المُحلـّق.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن التصوير يعني الرسم بالضوء، وأنه عملية إنتاج صور ومنظر بواسطة تأثيرات ضوئية، تمر قبل ظهورها بعمليات معملية كيماوية معقدة، فإن هذه الصور مرّت قبل التقاطها بمراحل متعددة في كيان الفنانة نفسها، لا سيما وأنها صاحبة رسالة وطنية وإنسانية، ولها وجهة نظرها فيما ترى وتبدع، وتريد أن توصل تلك الرسالة لمشاهدي صورها، عدا عن إمتاعهم بمشاهد وأفكار وصور للحياه تزين مخيلتهم وتثري واقعهم.
 وتنطبق على صور الفنانة نورال دبابنة العديد من التوصيفات المهنية التي اقرها سابقوها، فهي كاتبة؛ تكتب المشهد في ذهنها وتحاكيه، وهي سيناريست؛ تتخيل ظروف المشهد وتكتشف أركانه، وهي مصورة؛ تعلم تقنيتها وأدواتها وتبرع في استخدامها وقتما وكيفما تشاء، وهي رسامة؛ ترسم المشهد بزاويته وخلفياته وعناصره داخل الفيوفايندر الخاص بالكاميرا، وهي مخرجة؛ تحول خيالها الضوئي في المشهد أو ما اكتشفته من جمال الي عمل فني متكامل، وهي ناقدة ومحللة تقرأ دائما ما بداخل عملها أو أعمال الآخرين وتعرف:كيف. وأين. ولماذا؟ وهي فنانة تنظر بعين أوضح وأدق وأعمق من الآخرين، وهي انسانة  تتعايش مع واقعها وظروفها ومع القصص المحيطه بها لتقدم لنا خلاصة إبداعها وخواطرها، وهي التي تعبر عما بداخلنا وما بحياتنا من مشاعر صادقه ومشاعر مختلفه وأحاسيس جياشه، وهي التي تنقل لنا وتعبر عما  مانراه بأعيننا لقصص ومشاهد أجمل وأبدع مما نرى ونشعر.
 وهكذا وثقت نورال لقطات من  الطبيعة، ومن الحياة ومن مسيرة البشرية وكأنها تعيد صياغة التاريخ، بعد أن مزجت بين جماليات المكان وما على الأرض أو في الفضاء من كائنات جامدة أو حية، وكأنها تستلهم صورها من المدينة والعمارة والناس والألوان والفن المرئي، لابداع صور مثيرة عبر استخدام ما هو محيط بها، فهي ترى الأمور بعين سينمائية، لابداع  مشاهد أو عوالم جديدة من خلال العالم الذي نعيشه، آخذين بعين الإعتبار أن أن معظم صورها تعكس أجساما ثابتة وأخرى متحركة في آن، وهي تجمع بين الرؤية والإحساس، مذكرة بمقولة الروائي الروسي ايفان تورغينيف «إن الصورة الواحدة قد تعرض ما لم يستطع كاتب أن يقوله في مائة صفحة».
نورال دبابنة التي انطلقت من اسرة مبدعة، حيث جدها الفنان التشكيلي سعيد حدادين، ووالدتها الشاعرة والفنانة التشكيلية غدير حدادين، تقدم في هذا المعرض إضافة نوعية لما أبدعه الجد، وابدعته الأم، في عالم الفن الراقي أثناء تعبيرها الصادق الجميل عن وقع الوجود على وجدانها.