عمان  :  نظم منتدى الرواد الكبار أمس ندوة عن رواية "الحب والخبز" للروائية أسيا عبدالهادي، وذلك في مقر المنتدى، شارك فيها الناقدان محمد المشايخ، ومحمد سلام جميعان، وادارتها القاصة سحر ملص.
ورأى المشاركون في الندوة ان عبدالهادي ملتزمة بهموم امتها القومية وتطلعاتها التحررية، كما اتخذت القضية الفلسطينية وحرب 1948، وما قبلها وما بعدها، مسرحا لأحداث رواية "الحب والخبز".
وأشار المتحدثون إلى أن الزمن الروائي زمن استعاد استذكاري، تسترجع فيه الشخصيات احلامها الخاسرة ومرارة واقعها، وتسحبنا فيها الروائية نحو الصدمة من النتائج المخيبة.
الناقد محمد المشايخ رأى ان الروائية هي صاحبة مشروع روائي عربي، ملتزم بهموم أمتها القومية وتطلعاتها التحررية، لافتا إلى أن الرواية التي يحتفي بها تتخذ من القضية الفلسطينية منذ حرب 1948-1967، مسرحا لاحداثها، تتوقف عند الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني التي طالته في ارضه وعرضه ومقدساته وممتلكاته وانتهت باحتلال وطنه، مستعينة بذاكرتها الحديدية، لتذكر بأدق تفاصيل العذاب والقهر الذي ذاقه هذا الشعب.
واضاف المشايخ أن عبدالهادي استندت في هذه الرواية على التاريخ، ولم تتوقف عند بعده التسجيلي التوثيقي الرسمي، بل قدمت من خلال تجربتها الروائية الشفوية الأصدق، والأدق والأكثر موضوعية، مستعينة بتيار الوعي والمونولوج الداخلي الذي بثت من خلاله عذابات واوجاع وتطلعات بنات وابناء شعبها، عبر جمعها بين التصوير والوصف الذي كان يرتقي بالسرد ويدفعه خطوات سريعة ومتقدمة إلى الأمام.
وبين المشايخ أن رواية "الحب والخبز"، تتداخل فيها الاجناس الادبية، وتتناسل الاساطير والمعتقدات والقصص والحكايات والوقائع والاحداث والحوارات، وتستحيل في بعض صفحاتها الى موسوعة فلكلورية تتحدث عن وقائع الأفراح والاتراح وبعض تفاصيل الحياة اليومية الفلسطينية، وانعكاس التراث عليها جميعا، مقدمة نماذج من التفاصيل التي أن وردت في الكتب النثرية فأنها ستوضع في الهوامش، بينما بثتها عبدالهادي عبر السرد مستخدمة بعض الالفاظ ذات الايقاع المتميز.
واشار المشايخ إلى بروز اللوحات التشكيلية التي تبثها الروائية للأرض الفلسطينية المعطاءة التي انقذت بما انبتته حياة كثيرين من الموت وعدا عن العذاب الجسدي، فقد اسهبت في استعراض العذاب الروحي والنفسي الذي لحق بأبناء وبنات شعبها بشكل عام، وبشكل خاص وهم يناضلون من اجل التعلم سواء في المدارس الحكومية أو مدارس الارساليات أو مدارس وكالة الغوث، حتى في الكتاتيب والمنازل التي كانت تخلو من الماء والكهرباء وغيرها من ضرورات الحياة. 
وخلص المشايخ إلى أن عبدالهادي لم تتخذ موقفا محايدا وهي تنتصر للخير في مواجهة الشر فكانت طويلة النفس وهي تستعرض مداهمات وكرابيج واعتداءات الجواسيس ومن سقطوا في ادمان الخمر الذي ذهب بعقولهم، والبخلاء الذين ساهموا في بث الحرمان ومارسوا التجويع، عدا عن الأمراض التي فتكت بكثير من الاشخاص، بشكل مواز لوقفاتها عند ممارسات العدو الوحشية ولقسوة البيئة والطبيعة وبشكل مواز ايضا الاستعراض وقفات العز والكرامة التي نفذتها الشخصيات النامية والمتطورة في الرواية.
الناقد محمد سلام جميعان قال إن الرواية فيها آثار للواقعية في السرد من خلال استحضار الموروث الشعبي في مستوييه المفردة الشعبية، والمثل الشعبي، ويتدخل توظيف الميثولوجيا الشعبية على مستوى القصة بسرد قصة داخل قصة.
ورأى جميعان أن البطلة الأبرز في هذه الرواية هي "الأم"، التي تتماسك أمام الصدمات العالية عائليا ووطنيا، لافتا إلى أن الروائية في كتاباتها تصدر عن وثبة عاطفية عارمة قوية الارتجاج، فتتجاوز الخاص إلى العام، وتستثمر ما توجهه ذاتها المفردة في حلها وترحالها من آثار النكبات العربية، ليصبح في كتاباتها شعورا جمعيا، وهذه هي مراتب الابداع الحقة، أن تجرد من ذاتك ذاتا اخرى. تنتقل فاجعة الإنسان بواقعه، وكيف تتكسر امواجه واحلامه على صخرة الحياة في شاطئ مجهول.
ورأى جميعان ان رواية "الحب والخبز"، تطلعنا عبدالهادي على ادق تفاصيل الشخصيات واصغر خلجات شعورها فنراها ماثلة امامنا في تألمها، وحزنها وثورتها لكرامتها وتنديدها بظلم الظام، وتعرية المتآمر الى اخرى ما تمور به هذه الشخصيات الروائية من مشاعر وانفعالات يتضارب فيها الفرح باليأس، ويحترق الأمل في داخلها احتراق الشمعة في الليل البهيم، حتى انها لا تنسى ذكر ضعفها وخورها وانهزامها أمام واقعها الاجتماعي فتبدو شخصيات نابضة بواقعيتها دون أي تزويق أو تلوين.
وخلص جميعان إلى أن احداث الرواية تسير في خط متنام يرسم كل التحولات التي تطرأ في الزمن الروائي وانعكاساته على الشخصيات بأسا أو املا، فرحا أو ترحا، فالزمن الروائي زمن استعادي استذكاري، تسترجع فيه الشخصيات احلامها الخاسرة، ومرارة واقعها تسحبنا فيها الروائية نحو الصدمة من النتائج المخيبة. 
بعد ذلك تقدمت الروائية بالشكر من منتدى الرواد والقائمين عليه، والمشاركين في هذه الندوة، قدمت الروائية شهادة ابداعية حول تجربتها في الرواية، مشيرة إلى ما تمر به القضية فلسطين من منعطفات خطرة ومؤامرات.
وأضافت عبدالهادي أن أحداث هذه الرواية تشكل جزءا كبيرا من الواقع الفلسطيني الأليم الذي عاشته معظم الأسر الفلسطينية ما بين عامي 1948-1976، بعد ان احكمت المؤامرة وتم تنفيذها ودفعنا نحن ثمنها، مبينة أنه في حياة كل منا لحظات تتطلب اتخاذ قرار معين او الاستعجال باتخاذه وعيت على الدنيا لأجد اما حزينة تعيش على ذكريات الماضي وسكنا بسيطا لا يحوي من مقومات العيش إلا أقل القليل واب شاب ساهم سارح يتغيب عن البيت لأيام واحيانا لسنوات، وقد فكرت بتدوين كل ذلك كما عاصرته وعايشته.