|
|
||
|
أوصيكم والحب و الشاعر المسرحي محمد الماغوط مقال نقدي بقلم د . رشا السيد أحمد
أن تكلمت عن الشعر الحر الجريء المحلق في سماء المطلق سأستحضر الشاعر الكبير والكاتب المسرحي أ .محمد الماغوط رحمه الله نعم هو هذا الرجل الذي حرر الشعر العربي من عبوديته ليتأتى إلينا بشعرية جامحة فطرية تعرف كيف تغرق الكون شعراً متوهجاً , وتعرف كيف تصنع مدرسة جديدة كانت منعطف الشعر العربي في دمشق بعد أمين الريحاني في نيويورك والتي بدأها قبله لكن الماغوط كان يملك من العفوية والفطرية والبدائية الشعرية النزقة والبراءة الطفولية المجازية ما جعله يحدث هزة في الشعر الحديث كان شعر هذا الرجل أشبه بقلبه وقلبه أشبه بحجر ماس شفيف جدا سماوي اللون صقلته الحياة بذاتها وزاد عليها هو بآفقه السمح الجميل الحر المناضل والمتطلع لحرية الإنسان من كل أشكال العبودية كما هو الشعر الذي يبحث عن القصيدة ذات النص المطلق المنطلقة في إلازمان وإلامكان فكان معنا شاعرا له من الخصوصية الجمالية في التكوين ما له الماغوط هو الإنسيابية البكر للشعر, والرؤية المنطلقة لفضاء بلا حدود .. هو براءة الكلمة وسلالسة القصيدة و دون طلاسم كما يقولون فالقصيدة النثرية جاءت لتكون اللغة العصرية اليومية الطازجة القريبة للقلب الداهشة المحلقة فوق فضاء الشعرالإعتيادي بلغة مكثفة معمقة تجعلنا نتوقف عندها طويلا نفتح فيها التأويل على جميع جهاته كما قراءة اللوحات الحديثة وقراءة الغروب والفجر بكل ألوانه ومنعكاسته. فاللغة تتطور شأنها شأن أي كائن حي ولغتنا العربية حية لم تمت والحمد لله فكيف نرفض تطورها على العكس كان جمال الماغوط بهذا الإنفلات الشعري البدائي الفطري الذي فقدناه منذ زمن بعيد ورؤيته البعيدة للكون تقوم على الحرية ورفض العبودية ورفض التقعر في الشعر , فقد كافح طويلا في حياته من أجل الحق والحريات على مدى عقود وأما وصيته الأخيرة كانت (( أوصيكم بالحب )) فحينما حضر وفد إعلامي لبيته في أيامه الأخيرة وهو الذي لا يحب الإعلام وقتها فرح به وكأنه أراد أن يخبر العالم بوصيته الأخيرة, هو الذي رأى أهم ما يمكن ليكون عالمنا العربي بخير وهو أن نحافظ على الحب بيننا, ليعمر واقعنا العربي بالقلوب الطيبة التي تخاف على بعضها وعلى أوطانها. محمد الماغوط هو الطائر الذي حرر الشعر العربي الحديث من الأوزان , ففي حين كان الشعراء يتصارعون للحفاظ على الأوزان في ذلك الوقت, جاء هوعاصفة تقول أن الشعر أوسع بكثير من الأوزان أنه طائر حر يسعى من خلف غنائه الجميل ليحلق معانقاً المطلق بكل ما فيه من جمال بعيداً عن كل قيد. ألم يولد العالم حرا طليقاً بكل ما فيه فلماذا نقيده لماذا نقيد الفكرة والمجاز ورسالة الشعر ببعض بحور ؟! . وهو الكاتب المسرحي الذي جاء من هامش الحياة ليكون على رأس الصفحة بفكره الحر وهو الشاعر الذي يتفق الجميع على شعريته البكر ذاك الشاعر الذي ولج لعالم الشعر بقلب خجل و روح محلقة ونفس تريد أن تخط الشعر بروح جديدة, فلمس بشعريته الغضة قلوب الجميع والتي كان يختم مقاطعها بعاصفة , ما زال بموته البعيد أكثر حياة من أحياء كثر بيننا . أقتطع مقطعاً له من ( سأخون وطني ) وكأنه كان يرى ما سيجري وقد يكون هذا زمن التشييع والتطبيع والتركيع، زمن الأرقام لا الأوهام والأحلام ولكنه ليس زماني. سأمحو ركبتي بالممحاة، سآكلهما حتى لا أجثو لعصر أو تيار أو مرحلة. ثم أنا الذي لم أركع وأنا في الابتدائية أمام جدار من أجل جدول الضرب وأنا على خطأ. فهل أركع أمام العالم أجمع بعد هذه السنين وأنا على حق ؟!. ستظل روحك الجميلة بيننا شعرا ونثرا ومسرحا ثرا بروحك الثائرة, التي ترفض كل قوى الإستعمار وتناصر حرية الإنسان و الأوطان كافة . الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الخميس 24-09-2020 08:28 مساء الزوار: 418 التعليقات: 0
|
|