|
|
||
|
ممكنات الدلالة وتجربة المعنى / حيدر الأديب
ممكنات الدلالة وتجربة المعنى الإنسان كائن رمزي بوصفه قادرا على تحويل الفعل والشيء الى صياغة يكون فيها تحقيق الغايات ممكنا فهو بهذا النظام العلاماتي يخلق العلائق الدلالية كون المعنى يمكث فـــــــــــــي تجدد هذه العلائق وتخليقها ثمة أسئلة تقارب حريم المعنى نحاول مرافقتها الى أجوبة تمثل قناعات راهنة لا حاسمة كيف تدرس النص؟ وكيف تطرح أسئلة المعنى عليه؟ كيف توصل النص الى المعنى؟ وما هو المعنى كيف يتم التعاقد عليه فالمعنى ليس حصة جاهزة من الواقع مودعة فــي لغة ولا هو حصيلة تعبيرية نقطفها من النص المعنى هنا ما تحركه الأنساق في اللغة والنسق تاريخ مخبئ في معجم المفردة / الفكرة وهذا التاريخ هو ما يحدد المدى الدلالي استعمالا والتأويل هو ما يعيد خلق هذا الإستعمال ما الذي يؤسس المسافات الحقيقية بين الشيء في نفسه وبين الشيء في ممكناته الأدبية وحيث تكون اللغة هنا الوسيط الأشد خطرا في التلاعب بمقاسات المعاني والتسلل الى شعورنا لترويضه نحو هذه المقاسات. ان هذه المقاسات هي مقاسات متغيرة وهي ما يطلق عليه بالنص الادبي كونها تولد قراءات لا تتطابق مع الواقعة (او بما يمكن ان تتوقعه منها في الوعاء الاجتماعي) التي يتحدث عنها النص لأنه ليس نصا مرجعيا يمكننا ان نصححه وفق الواقعة (الشيء في ذاته) يقول كارلهاينتس شتيرل (يسمح كل نص مرجعي بالتصحيح استنادا الى الواقع فان النص الادبي يترك بينه وبين الشيء الذي يعطى – فاصلا- وهذا الفاصل غير قابل للتصحيح بل هو قابل للتأويل أو النقد فقط. ان ما نعنيه بعدم قابليته للتصحيح هو (ادبيته) لان الادبية كما افهمه هي التوقعات والمتجهات الغير محسومة ان ما نعنيه بعدم قابليته للتصحيح هي شروط انتاجه في تجربته الذهنية والنفسية فأننا حين نزعم بإمكانية تصحيح نص فإنما نصحح قياسا الى قيمة أخرى تواضعنا عليها انها قيم مبرهنة سلفا ولكن السؤال هنا ما هو قياس البرهان؟ ان الادب وحده هو الحقل الذي يتقصد المغالطات دائما باعتبارها تمنح فرصة الأوجه الأخرى التي منعتها اقيسة المنطق كيقين مطابق للواقعة او الحادثة ومن طبيعة الادب انه يمتاز بتوظيف المغالطة كنهج خصب في تفعيل المحتملات بالإضافة الى تجريب المتخيل (ماذا لو كان هذا؟) وبهذا فأننا ان بحثنا عن معقولية نص ما فقد حكمنا عليه باليباس ثم الموت وبتوضيح اخر يقول بوري لوتمان (ان النص الفني يقدم معلومات مختلفة لقراء مختلفين كل حسب فهمه كما انه أيضا يقدم للقارئ لغة يستوعب من خلالها الجزء الموالي من المعلومات خلال القراءة الثانية) وبالتالي فطبيعة النص الادبي نفسها تستدعي فعلا تأويليا وابداعيا من جانب القارئ مما يطرح في آن واحد مشكل الذاتية والموضوعية حيث تعني الموضوعية هنا البحث في قصد المؤلف أو تمثلات قصده في التجارب التي تشابه تجربة النص وظروف انتاجه بينما الذاتية تعني قدرات القارئ باعتباره المسؤول عن إيجاد المعنى وانه القطب الجمالي الذي يسمح للنص بان يتعدد في مشارب الدلالة وانت تتوجه كذات ناقدة الى /الاخر/ الذي هو هنا ( مساحات مكتشفة ) فلن تنجي الذات الناقدة ذريعة ( الحسنة والسيئة ) لأن الأمر يتوغل الى اعمق من ذلك منبها بعمقه الى إعادة النظر في مفهوم الحسنة والسيئة فالذات الناقدة اذا حكمت بقطع ان النص حسن او سيء فهذا يعني انها تؤسس لها فضاءا مرجعيا والحق انها تمارس عماءا لوعي ذاتها فاذا مدحت النص فهذا يعني انها حازت ما يلبي توقعاتها لأن المدح هو تكوين وعي موجه بفعل نقص الذات الناقدة الى مكملاتها في النص واذا قامت هذه الذات بذم النص فانها مارست الغاءا لشروط ابداعه وحريته وانسانيته والذم هو وعي وصائي موجه للنص بفعل وهم القيم الناقدة لأن ( المفردة / الفكرة ) هي تاريخ طويل في ذهن الكاتب وتاريخ مراقب من قبله قد يصل لشهور وهو يتعايش في ( المفردة / الفكرة ) حتى يصل الى نص تتقبله اللغة واللغة هنا عميل مزدوج سيء السمعة لأنها لحظة تقبلها تاريخ ( المفردة / الفكرة ) لدى الكاتب فانها تولد تاريخا موازيا هو ذخيرة المتلقي واصواته الداخلية تجاه هذ ه ( المفردة / الفكرة ) وهنا يقع الناقد في محنة التعاقد على المعنى بين تاريخين وتنصرف الحسنة والسيئة الى كونها واجهات تمثل موجهات الوعي وكي يأوي النقد الى جبل يعصمه من الوقوع في فخين تاريخيين للمعنى عليه ان يعي ان ماهية النقد ( فلسفيا ) هي السعي لأمتلاك حقائق النص المكتشفة بقصد التكامل لا بقصد اثبات مرجعية الكمال للنقد يرى بلو مفيلد (ان الدلالة الثانية تتأسس على علاقة ذاتية بين اللغة ومستعملها من خلال مجموعة من العوامل الانفعالية والذاتية اللامحددة التي تصاحب الدلالة التصريحية. وهي تحمل معلومات عن ذات المتكلم تتعلق بشحنات عاطفية او احكام تقويمية يمررها المتلفظ داخل ملفوظه وتقابل الدلالة الثانية الدلالة التصريحية من جهة كونها الدلالة المعجمية الاصلية والدلالة الثانية او المصاحبة هي المعنى المضاف الذي يتعايش مع المعنى الاولي في كنف اللفظ الواحد) في الإطار نفسه ينبه كوهين ان العلاقة بين الدلالتين هي علاقة تنافر تام فلا يتأتى للدلالة الثانية ان تظهر الا بغياب الدلالة التصريحية والعكس صحيح وعليه فان المدلول الثاني لا ينشأ الا إذا استبدلنا ارتباط الدال بمفهوم بين الدال نفسه وما هو عاطفي وهكذا فان الجمل لا تبدو عاطفية او خاطئة الا من وجهة النظر الموضوعية - المرجعية لكنها تبدو تامة الصحة من وجهة نظر ذاتية انفعالية. نحن نقول ان وجهة النظر الانفعالية هي معايشة ذوقية لتاريخ الدال في منظومة الكاتب المعرفية تنبثق كلحظة وعي وهي تحمل معنى تاما لان المعنى بحسب هايدجر هو صعود الذات من مرتبة وجودية الى مرتبة وجودية اخرى لذا فان الانفعال هو من سنخ مرتبته وهذا الانفعال هو ما ينتج المدلول الثاني الذي تربى بهذه المرتبة من الفهم ويمكن ان نتخطى مقولة كوهين في التنافر اذ يمكن ان يدل الدال على اكثر من مدلول حسب مستوى تعدد الوجوه لان الدلالة الثانية هي مرتبة وجودية غير مرتبة الدلالة الاولى وقد تكون من ذات المرتبة الا ان السياق والقرينة ترجح احدهما الكاتب: حيدرالأديب بتاريخ: الثلاثاء 14-07-2020 12:42 مساء الزوار: 136 التعليقات: 0
|
|