|
|
||
|
بمناسبة عيد المرأة مقتطفا من دراسة نقدية تتعلّق ببعض التّقنيات التي استعملتها الأديبة حياة الرايس
بمناسبة عيد المرأة أقدم مقتطفا من دراسة نقدية تتعلّق ببعض التّقنيات التي استعملتها الأديبة حياة الرايس.. ومن جميل الصّدف أنني كنت تطرقت لمسألة النّساء الأوائل التي رصدتها في روايتها "بغداد وقد انتصف الليل فيها" في إطار دائرة الأوائل وقد،ذكرتُ بعضهن علما أن الدراسة كانت مبرمجة في نادي السّرد توفيق بكار في الشهر الفارط والتي أجل تقديمها لموعد لاحق بسبب جائحة الكوفيد إليكم مقتطفا منها:
________________
كانتْ حياة الرايس تجمعُ بين تقنيّاتٍ مختلفةٍ، في مشهدٍ واحدٍ من ذلكَ مثلا استعملتْ، تقنيّةَ التّقطيعِ السّينمائِيِّ، لإكمالِ مشهدٍ كانتْ قد بدأته في الصّفحةِ 11 عند الاستهلالِ حيثُ أوقفتْ الحكيَ، كما تسكتُ شهرزادُ عنِ الكلامِ المباحِ دونَ أن تُفصِحَ لنا عمّا يحدُثُ، أو ما حدثَ مع الشبّانِ الثّلاثةِ، الذينَ كانتْ معهم ، أولئكَ المذكورونَ في المقدّمةِ، حيثُ شغبتنَا بتقديمِ فواصلَ إخباريّةٍ، ثريّةٍ قويّةٍ ،دافعةٍ كقاطرةٍ تخدمُ رؤيتها بطريقةٍ موجزةٍ، في شكلِ ومضاتٍ برقيّةٍ، و مقارباتٍ أو مقارناتٍ ومفارقاتٍ، وثنائيّاتٍ، لتحتلَّ ذهنَ المتلقِّي لتبقَى تدورُ في ذهنهِ ، ككرةِ لعبةِ (الرّوليت)، عبرَ أزمنةٍ متفاوتةٍ، علّها تتعالقُ مع ما اكتنزه، من معارفَ، وخبراتٍ للاستمتاع، بوقفاتِ إمتاعٍ و مؤانسةٍ، لاسترجاعِ ذاكرةٍ جماعيّةٍ، من هناك، من بغدادَ حضارةُ جلجامشَ، و من هنا أرضُ الأجدادِ، و أمجادُ حضارةٍٍ ضاربةٍ في المغربِ العربيِِّ، تونسَ قرطاجنّةَ، تلكَ التي كان لها وزنُها منذ القِدَمِ، و ما قبلَ التّاريخِ قبل الميلادِ. وقد اقترن اسمها بالمرأةِ في عديد الحقباتِ ... حفرتْ الرّوائيّةُ، في التّاريخِ مُحفّزةً إيّانا.. ربطَت (الهنا بالهناك)، بواسطةِ حبلٍ سرّيٍّ، عبرَ علاقةِ نسبٍ وقَرَابةٍ، جمّعتْ تونِسَ ببغدادَ، يرجعُ تاريخَ النّسبِ هذا إلى عقدِ الزّواج الشّهير، الذي عُرف بالعقدِ القيروانيِّ،الذي يُبرزُ قيمةَ وقدَرَ المرأةِ، و مدَى تحضُّرِّها في امتلاكِ زمامِ مصيرِهَا، وعصمتِها، عقدٌ استساغهُ الكثيرونَ و سارُوا على منوالِهِ، فبقيَ نافذَ المفعول في القيروانِ، وكلّ البلادِ التّونسيّةِ، و لكلّ من رغِب، وحرِص في تطبيقه، إلى غايةِ التّاريخِ الأوّل للاستقلالِ، أي إلى غايةِ صدورِ مجلّةِ الأحوالِ الشّخصيّةِ التّونسيّةِ، التي ألغت تعدُّدَ الزّوجاتِ، عقدٌ أَلزم المنصورَ، ومن بعدهِ من، ارتضاهُ لنفسهِ، كشرطٍ، قبل به للزّواج، عقدٌ يُبرز مدى كبرياءِ المرأةِ و جرأتِهَا وثقتِها بنفسها حيث فرضتْ على أبي جعفرِ المنصورِ :"بأن لا يتزوّجَ ولا يتسرَّى عليها " ص 14. و هذا يُبرِزُ مدى درجةِ التّحضّرِ و الانفتاحِ وعدمِ التّزمّتِ و احترامِ التّشريعِ الإسلامِيّ للمرأةِ، في العصر الأمويِ، و مدى اعتدادِ المرأةِ التّونسيّةِ بأنوثتِها بعزَتِها و بأنفتهَا، وبكبريائِها ما جعلهَا لا تقبلُ بأقلِّ من رجلٍ كاملٍ، تشاركهُ و يشاركُهَا حياتَها. عقدٌ جمعَ بينَ: - الخليفةِ أبي جعفرِ المنصورِ، قبلَ اعتلائهِ سِدّةَ الخلافةِ العبّاسيّةِ، إبّانَ هروبهِ من الأماويين -و بينَ أروى ابنةُ المنصورِ الحَمِيري القيروانِي، أمُّ المهديِّ، أبَُ الخليفةِ هارونَ الرّشيدِ، ذائِعَ الصّيتِ، الذي اقترنَ اسمُهُ هو الآخرُ بزبيدةَ زوجتِهِ، التي عُرفتْ بدورِهَا و بمقامِهَا في السّياسةِ، و بدورهَا الفاعلِ، ا لمشهورةِ بدَربِهَا الذي عُرِفَ ب " دَربِ زبيدةَ " كما جاءَ في الصّفحة 14، حيثُ قامتْ بتفجيرِ العيونِ على امتدادِ الطّرقِ الموصلةِ إلى مكّةَ، لسِقايةِ الحجيجِ كنذرٍ حتى تُرزَقَ" بالوَلدِ الذّكَرِ وليّا للعهدِ " ص14. لِما للذّكرِ من أهمّيةٍ بالنّسبةِ لزوجةِ خليفةٍ، مقامُها مقامُ ملكةٍ، لا يُمكنهَا أن تعتلي الحُكمَ بحُكمِ العُرفِ المُتعارفِ عليهِ والمعمولِ به، إلّا بإنجابها الذّكَرَِ، مُحافَظةً على مقامِها، ليكونَ خليفةٌ لأبيه، لتضمَن بعد ذلك استمرارَها في بسطِ نفوذِها .. ذاك، الذي مكنّها منه هارونَ الرّشيدِ مارستهُ، ألِفتْه، وتعوّدتْ عليهِ، و لا ترغبُ في التّفريطِ فيه، حتى بعد رحيل الرّشيدِ. وهذه طبعا مفارقةٌ...تُبرزُ مدى انفتاحِ الرّشيدِ، وذكاءِ المرأةِ ومكرِها في غيابِ قانونٍ يضمن لها حقّها السّياسيّ، يشرِّع لها اعتلاءَ منصِبٍ، يضمنُ ويخوّلُ لها إدارةَ شؤون الحكمِ بصفةٍ مباشرةٍ... وقد سجّلَ لنا التّاريخُ، تأثيرَ بعضَ الزّوجاتِ على بعض الخلفاءِ والملوكِ والرّؤساءِ منذ القدَمِ إلى اليومِ . رموزٌ و أحداثٌ استدعتْهُم الرَّوَائيّةُ، كفاتحةِ شهيّةٍ، و مقبّلاتٍ، لنربِطَ أحزِمتَنَا، لنستعدَّ، لتأخذنَا في رحلةٍ نجوبُ فيهَا (الهنا و الهناك) عبرَ بساطِ ريحٍ، وبُراقٍِ يخترقُ الأمكنةَ والأزمنةَُ، ويسْبِرُ أغوارَ مجتمعاتٍ وثقافاتٍ لذاتٍ حالمةٍ بغدٍ أفضلَ لنكتشِفَ ِروايةًَ، صاحبتُها بدت وفيّةً تُقدِّرُ وتحترِمُ البلدَ الذّي احتضنَها ولا تُديرُ لهُ ظهرهَا في مِحنتِه، كمَا تعتدُّ بأصلِهَا وفصلِهَا وببلدِها تونسَ، بلدُ النّساءِ الشّهيراتِ من الكاهنةِ اليهوديّةِ، إلى علّيسةَ الفينيقيّةِ، و الجازيّةَ الهلاليّةَ، وأروَى القيروانيّةِ المُشارِ إليها آنفا، و السّيّدةِ المنوبيّةِ الوليّةِ الصّالحةِ و السّيدةِ عزيزةَ عثمانةَ وبْشيرةَ بن مرادِ، التي كافحتْ جنبا إلى جنبٍ مع الرّجالِ، للدّفاعِ عن حُرمةِ وطنِها زمنَ الاستعمارِ الفرنسيِ، لطردِ الغاصبِ المستبدِّ، وصولًا إلى الطبيبةِ التّونسيٍةِ وحيدةَ بالشّيخِ، أوّلُ طبيبةٍ عربيّةٍ تونسيّةٍ تحدّتْ عمّها، بمؤازرةِ أمِّها واقتلعتْ شهادتَها من الجامعاتِ الفرنسيّةِ سنة 1936 ، وهي التي قبِلتْ و استقبلتْ حياةَ الرايسَ بيديها ساعةَ ولادتِها، لتوهمنا وكأنّها سلِّمَتها مِشعلَ الأوائلِ لتُكمِلَ مسيرةَ النّساءِ، الأوائلِ في العالَمِ العربيِّ، وفي تونِسَ فتلتحِقُ بقسمِ الفلسفةِ بالجامعةِ العراقيّةِ، لتكونَ بذلك أوّلَ طالبةٍ تونسيّةٍ تسجّلُ اسمَها بقسمِ الفلسفةِ ببغدادَ، كاسرةً بذلكَ القيودَ والتّقاليدَ، بعدَ أن نجحت بالفوزِ بتزكيّةٍ ودعمٍ من أبيها الذي يُمثّلُ الفكرَ المحافظَ الرّجعيَّ، السّائدَ آنذاكَ، المُعادٍي للفكرِ ِالبورقيبِي لتلتحقَ بصفةٍ فعليّةٍ، بركبِ السّيداتِ الأوائلِ كالقائدةِ الطيّارةِ المصريّةِ لطيفةَ النّادي، الطيّارةَ الأولى في العالمِ العربِي وفي مصر 1933... وعلياءَ المنشاري الطيّارةَ التّونسيّةَ الأولَى في تونسَ 1962. ونزيهة الدليمِي الوزيرةَ العربيّةَ الأولَى 1959 في ببغدادَ، وبفتحيّةَ مزالي المناضلةِ، أوّلُ وزيرةٍ تونسيّةٍ سنة 1983 زوجةَ الوزيرِ محمدِ المزالِي صاحبَ (الاتجاهِ العُروبِي ) الذي يرجعُ لهُ الفضلُ في إعادةِ العلاقاتِ وفتحِ السّفاراتِ بين تونِسَ والعراقَ، والسّببُ في أن تكونَ الرّوائيةُ من ضمنِ الوفدِ الأوّلِ الرّسمِي الذي حطَّ الرّحالَ في بغدادَ الذي ورد ذكرهُ في الرّوايةِ . دائرةُ الأوائلِ هاتهِ ستظلُّ ترافقُنا على مدارِ الرّوايةِ، ولعلّ أهمَّها هي تلك التي تخصُّ عالمَ السّردِ، "عالمٌ بلا خرائطَ"، تلك الرّوايةُ الحدثُ الرّائدةُ في تجربةِ الكتابةِ، المشتركةِ في العالمِ العربيِّ، والتّي تلتهَا عدّةُ تجاربَ روائيةٍ اشتركَ في كتابةِ فصولِهَا كلٌّ من الأديبِ جبرَا ابراهيمُ جبرَا و الدّكتورُ عبدُ الرّحمانِ مُنيفٍ...، عدد هامٌّ من النساء عبر التّاريخِ، أثبتن جدارتِهنّ في القيادةِ والرّيادةِ وحتّى في النّضالِ، فالمرأةُ عبرَ العصورِ، كانتْ داعمةً للرّجلِ، وللثّوراتِ وعنوانا للمقاومةِ بشراسةٍ، فمن منّا لا يذكرُ جميلةَ بوحيردْ، المناضلةَ الجزائريّةَ، والطّفلةَ عهدُ التميمِي الفلسطينيةَ، التي صفعتْ الجنديَّ الإسرائيليَّ، في أوتٍ سنة 2012، رافِضَةً تجبُّرهُ، وظُلمَهُ، وممارستَهُ المتغطرسةَ أثناءَ مسيرةٍ سِلميّةٍ معَ أمِّها... كلُّ هذا وذاكَ خدَمَ رؤيَا منحِ المرأةَ حقّهَا، في تقريرِ مصيرِهَا، الذي زلزلَ كلَّ الأنماطِ والقوالِبَ، التي حدَّتْ من حرّيةِ المرأةِ، التي كبّلتها العاداتُ والتّقاليدُ وسوءُ فهمِ الدّينِ، حيثُ اتّحدَ عليها المكانُ والزّمانُ، غير أنّّ إصرارَ المرأةِ وعزمِها صيَّرَ الحلمَ حقيقةً فأصبَح الواقعُ المعيشَ في الحاضرِ والتّاريخِ، أكثرَ جرأةً، فتجاوزّ عالمَ القصّةِ والخيالِ بكثيرٍ، دعّمهُ بعضُ الزّعماءِ الرّجالِ، كالطاهرِ الحدّادِ والزعيمِ بورقيبةَ والمصطفَى أمينٍ من مصرَ وغيرِهمْ كثيرينَ، فانفلت الحبلُ من الشّهريارِ المستبدِّ، لتصبحَ الشّهرزادُ الشّريكةَ بإرادتهِ وإرادتِها والمنافِسةُ علَى الوظائفِ والمناصبِ، القائدةُ على البسيطةِ، تصونُ العرضَ والأرضَ، تنبذُ القهرَ والاستعمارَ للدّولِ وللرّجالِ، على حدِّ السّواءِ، قائدةٌ للرّحلةِ في الجوّّ والبرِّ والبحرِ والفكرِ، تعزفُ ألحانَ التّواصلِ بين الأجيالِ والأقطارِ كحمامةِ سلامٍ و ك(النّسرِ في عنانِ السّماءِ) يحطُّ على (القمّةِ الشّماءِ)، وعبر النّسلِ رافضةً أن تكونَ حارسةً سلبية للسّلالةِ ، داعمةً للكينونةِ لاستمرارِ الصّيرورةِ لتؤصِل كيان الإنسانِ، في كلّ مكانٍ، متحدّيةً الذّوبانَ في الفكرِ و البيانِ دون إعمالِ العقلِ ، تشكّلُ ذاتهَا بذاتِها، في كبرياءٍ، كما تريدُ، حرّةً طليقةً، شعارُهَا الخُلقُ والأخلاقُ، ونكرانُ الذّاتِ، والعرفانُ والأصالةُ وتأصيلُ الثّقافةِ، بكلِّ أبعادِها وأشكالِها وأنماطٍها وأصواتِها ولغتِها وأنواعِها. من الطّبخِ بأصنافهِ، إلى الموضةِ بفروعهَا، والفنِّ بأنواعهِ، والرّوائِحِ بتعدّدِها، والفكرِ في تضاربِهِ، وتمازجِهِ وتميّزِه وتفرّّدهِ دون أن تنسى الهندسةَ المعماريّةَ، تلك البصمةُ التي تعزّزُ الهويّةَ، وتكشفُ عن نسبةِ التّحضُّرِ والتّمدّنِ والتّقدُّمِ ، إلى جانبِ التّشجيعِ على التّعايُشِ مع الآخرِ وقبولِ طقوسهِ والاعترافِ بهِ على اختلافهِ وعدمِ التّفريقِ بينَ الطّبقاتِ والأجناسِ والأديانِ والطّوائفِ والمللِ والنّحلِ والسّعيِ إلى فهمِ السّياساتِ المختلفةِ والحضاراتِ والطّابعِ المميّزِ للذّواتِ حتى تستأنسَ بكلِ ذلكَ وتَحُدَُّ وتُخفِّضَ من نسبةِ الإغترابِ في غربتِهَا، سلاحُها الفكرُ النيّرُ لتتغلّبَ على الغربةِ في الدّيارِ وفي المهجِرِ.
لتكونَ سفيرةَ للإنسانيةِ، تعزفُ على أوتارِ مسيرةِ حياةٍ، حياةُ امرأةٍ ترأسُ مصيرهَا بنفسِها، وتقودُ سنفونيّةَ وجودِها، بكلِّ تفاصيلِها، وجزئيّاتِها باقتدارٍ، بشكلٍ يمنحُها الثّقةَ بذاتِها، ويمنحُ القارئَ تغييرَ اتجاهِ عقاربَ بوصلتهِ في اتجاهِ منحِ المرأةِ فرصةَ القيادةِ لخوضِ التّجاربَ بمفردهَا بعدَ تأهيلهَا و شحنِها بالمبادئِ والثّقافةِ الكافيّةِ لتكونَ مسؤلةً عن ذاتِها وعنِ الآخرينَ..لتضمنَ تقدُّمَ المجتمعِ العربي في الكلِّ والجزءِ..لخلقِ واقعٍ آخرٍ واقعٍ جديدٍ تحلُو فيهِ الحياةِ...🥀🥀
سهيلة بن حسين حرم حماد
سوسة 15/2 / 2021
كلّ عيد والمرأة العربية متألّقة داعمة للرجل ومدعومة منه تنعم بالصّحة والعافية تعمل جنبا إلى جنب معه في كنف الاحترام والديمقراطية تمارس حقوقها وتقوم بواجباتها راعية له ومرعية مرعية منه تنعم بالسعادة والهناء محقّقة إنسانيتها معه تحمل المسؤولية ساعة الجد دون أن تلغي كيانها ووجودها لذاتها،قادرة على انتزاع وقتا للراحة للاستمتاع بالحياة كما تريد في بهجة ومرح وتفاؤل حالمة بغد أفضل بقصد تحقيق التوازن بين الروح والجسد في الزمكان طموحة ببلوغ المقاصد بالإرادة والعزيمة بالعمل والمثابرة فاعلة مفعلة كينونتها...
يتبع الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الأحد 28-03-2021 05:47 مساء الزوار: 493 التعليقات: 0
|
|