|
|
||
|
ظاهرة الإعراب في العربية بين القدامى والمحدثين... سميرة حيدا
سميرة حيدا. أستاذة التعليم العالي مؤهلة. المدرسة العليا للتربية والتكوين . جامعة محمد الأول بوجدة.
ظاهرة الإعراب في العربية بين القدامى والمحدثين.
تتميز اللغات المسماة سامية بمزايا خاصة تؤلف منها وحدة لغوية، منها أنَّ هذه اللغات تشتمل على جملة من العناصر المشتركة ، وهذا ما يدفعنا إلى القول بأنَّها جميعا متفرعة من دوحة واحدة. وتدلُّ إشارات القدماء المتناثرة في مصنفاتهم، على أنَّهم لم يكونوا يجهلون القرابة اللغوية بين لغات هذه المجموعة التي عرفت بالمجموعة السامية، وإن كانوا في الواقع لم يستخدموا هذه المعرفة دائما استخداما مثمرا في دراساتهم اللغوية المختلفة. ولعلَّ أوَّل من أشار إلى هذه القرابة اللغوية ، هو العلامة الأوحد الخليل بن أحمد الفراهيدي، المتوفى سنة 175هـ ، ويبدو ذلك واضحا في مادة ( كنع) في معجم العين:" وكنعان بن سام ين نوح ينتسب إليه الكنعانيون، وكانوا يتكلمون لغة تضارع العربية."[1] ومن هذا القبيل أيضا ما نقله ابن جني عن الأخفش المتوفَّى سنة 211هـ في تفسير نشأة اللغة يشير إلى شيء ممَّا نحن بصدده، قال:" إنَّ الله سبحانه تعالى علَّم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات: العربية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية، وغير ذلك من سائر اللغات. فكان آدم وولده يتكلمون بها، ثم إنَّ ولده تفرَّقوا في الدنيا، وعلِق كلٌّ منهم بلغة من تلك اللغات، فغلبت عليه، واضمحلت عنه ما سواها لبعد عهدهم بها ."[2] يشير هذا القول إلى وعي الأخفش بانقسام اللغات وتشعبها، إلا أنَّه يشير أكثر إلى وعيه بقرابه بعض اللغات من بعض. كما عرف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفَّى سنة 224هـ اللغة السريانية وأداة التعريف فيها، وهي الفتحة الطويلة في أواخر كلماتها.[3] ونقل أبو حاتم الرازي كلامه قائلا: " قال أبو عبيد القاسم بن سلام: للعرب في كلامها علامات لا يشركهم فيها أحد من الأمم نعلمه، منها إدخال اللام في الاسم وإلزامهم إيّاه الإعراب في كل وجه، في الرفع والنصب والخفض، كما أدخلوا في " الطُّور"، وحذفوا الألف التي في الآخر، فألزموه الإعراب في كل وجه، وهو بالسريانية : " طور " على حال واحد ، في الرفع والنصب والخفض. هو بالسريانية: " يَمَّا "، فأدخلت العرب فيه الألف واللام، وصرفته في جميع الإعراب ، على ما وصفت."[4] وكذلك أدرك ابن حزم الأندلسي المتوفى سنة 456هـ علاقة القربى بين العربية والعبرية والسريانية، فقال:" إنَّ الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينا، أنَّ السِّريانية والعبرانية والعربية، التي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير، واحدة تبدَّلت بتبدل مساكن أهلها."[5] فقد تنبه ابن حزم إلى القرابة اللغوية الموجودة بين هذه اللغات، وأنَّ الاختلافات بينها إنَّما مردُّها إلى تفوق الناطقين بها، بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين اعتبرها دميعا متفرعة عن دوحة واحدة، يقول في موضع آخر:" فمن تدبَّر العربية والعبرية والسريانية، أيقن أنَّ اختلافها إنَّما هو من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ النَّاس على طول الأزمان، واختلاف البلدان، ومجاورة الأمم، وأنَّها لغةٌ واحدةٌ في الأصل."[6] على أنَّ معرفة اللغويين العرب بهذه القرابة بين الساميات، لا تعني معرفتهم للغات السامية نفسها، من حيث أصواتُها، وظواهرها وأبنيتها المختلفة، وخصائصها في الاشتقاق والنحت والتركيب وما إلى ذلك ، بل تدل دراستهم اللغوية على إعراضهم عنها ، رغم احتكاكهم بها. وهذا الإعراض ليس راجعا إلى خمول أو تقصير، وإنَّما مرده إلى إيمانهم القوي بشرف العربية ورفعتها، فهي لسان القرآن الكريم، آية الله الكبرى الباقية آبد الدهر. إنَّ نزول القرآن الكريم بالعربية جعل منها لغة مقدسة معجزة لدى جميع من فتح قلبه لنور الإسلام، لهذا لم يكن مجديا عند علماء العربية دراسة أي لغة أخرى تُعدُّ في مرتبة دنيا، فقد صرفوا جهودهم كلها في دراسة اللغة العربية، لأنّهم كانوا متأكدين كل التأكد من أنَّ دراسة لغتهم مساهمة عظيمة في سبر أغوار معاني القرآن الجليلة. من الأمور الأكيدة في علم اللغة ، أنَّ اللغة مثلها مثل الكائن الحي ، تولد وتنمو وتكتمل ثمَّ يصيبها الهرم فالفناء. يحدث للغة هذا ، لصلتها بالأمة التي تحيى بها ومعها، " فاللغات تحيى بأممها،فإذا قويت الأمة نضجت لغتها ، وإذا ضعفت وانحلت تلاشت لغتها. فاللغة الفنيقية مثلا ، لا نرى لها ظلا إلا في بطون الصحف وأعماق القبور، على ما كان لأهلها من مدنِيّة بالغة وحضارة رائعة وسلطان عظيم. والأمر نفسه حدث مع اللغة الهيروغليفية، وهي لغة قدماء المصريين، فاللغة تموت بعد الازدهار والانتشار حتى يصبح فك رموزها من الفتوحات العلمية. فكم من لغة زالت بزوال شوكة أهلها، أو أنَّها تتغير وتتبدل ، كما حدث للغة اللاتينية، حيث تفرعت إلى لغات عديدة مختلفة فيما بينها، " فلا نكاد نرى لغة من لغات العالم تُعَمِّر طويلا إلاَّ ونجدها قد ابتعدت عن أهلها أو انقسمت على نفسها."[7] تنطبق هذه القاعدة على كل لغات العالم، ولا يخرج عنها غير لغة واحدة ، تشكل الاستثناء الأعظم هي اللغة العربية لغة القرآن الكريم ولغة العرب ولغة هذا التراث العربي الضخم الذي نستمد منه الحوافز ، والدافع الذي يدفعنا إلى المجد. فلولا ارتباط العربية بالقرآن الكريم ، لمَا نجت من المصير الذي لقيته غيرها من اللغات، ألاَ وهو الاندثار والزوال ، أو التفرع والتغير والتبدل، لقد سجَّل القرآن الكريم نزوله باللغة العربية " في إحدى عشرة سورة من سوره، وهي: يوسف، والرعد ، والنحل، وطه، والشعراء، والزمر، وفصلت في مكانين، والشورى، والزخرف والأحقاف."[8] إذا ارتبطت اللغة العربية بالدين الإسلامي ارتباطا لا فكاك منه، وستظل هذه اللغة خالدة خلود الرسالة، ذلك لأنَّ الله سبحانه وتعالى ، قد تكفَّل بحفظها وصيانتها، وجعل القرآن الكريم حصنا منيعا، مصداقا لقوله تعالى:(( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُون))[9]، هذه الآية تؤكد صراحة أنَّ مهمة حفظ القرآن ليست مهمة البشر...بل هي مهمة الله وحده.[10] وحفظ القرآن يعني حفظ اللغة التي نزل بها، حتَّى يبقى دوما معجزا للبشر، يقول الله تعالى:(( وَإنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا، فَاتوا بِسورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ، إنْ كُنْتُمْ صادِقينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ التِّي وَقُودُهَا النَّارُ وَالحِجَارةُ أُعِدَّتْ للكَافِرين)).[11] ويؤكد ما سبق ما روي عن القاضي إسماعيل " أنَّه قيل له: لِمَ جاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القرآن ، قال: لأنَّ الله تعالى قال في أهل التوراة:" بما استحفظوا من كتاب الله، فأوكل الحفظ إليهم، وقال في القرآن: (( إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون))فتكفَّل هو بحفظه، فلم يجز التبديل على أهله.))[12] وتبقى لغة الضاد ظاهرة إنسانية فريدة بين سائر اللغات، وهذه الميزة تتجلى في الشرف الذي حظيت به دون غيرها ، وهو شرف نزول القرآن بها على الرسول محمد صلة الله عليه وسلم، أفصح العرب قاطبة ، فحفظها وحفظته، وهذا التشريف هو ما أنزلها منزلة سامية لدى كل من ارتضى الإسلام دينا. تتميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات السامية بل عن مجموع لغات العالم بكثير من الخصائص ، فهي وكما سبقت الإشارة إليه لغة القرآن أي اللغة المصطفاة التي لا ترقى إلى مكانها لغة أخرى. ومن هذه الخصائص القديمة احتفاظ العربية بظاهرة الإعراب التي يرجح أنَّها كانت موجودة في الأصل من الساميات جميعا، وذلك في الوقت الذي فقدت فيه سائر اللغات السامية هذه الظاهرة منذ أقدم العصور. والإعراب كما يقول العلايلي في تهذيب المقدمة اللغوية :" سيظل الشاهد العظيم على مبلغ الصقل الذي أخذت به العربية وعلى مبلغ العقلية التي تناولتها."[13] لقد زاد الإعراب اللغة العربية متانة وفصاحة ووضوحا وإبانة عن المعاني، وهو مطلب العقل في اللغة، ولهذا السبب بالذات ذهب كثير من المعتمين بمقارنة اللغات، إلى " أنَّ الإعراب هو أرقى ما وصلت إليه اللغات في الوضوح والإبانة، وهذه المرتبة قد بلغتها العربية الفصحى..."[14] ولقد أثارت ظاهرة الإعراب هاته، اهتمام وانتباه المهتمين بمجال اللغة، فألفوا فيها كثيرا من الكتب، وعلى الرغم من اختلاف وجهات نظرهم إلا أنَّ الإعراب " يبقى قضية العربية الكبرى طوال العصور المتعاقبة ، وما زالت كذلك إلى يومنا هذا."[15] تعريف الإعراب لغة واصطلاحا: تفيد كلمة الإعراب في اللغة معاني عديدة نجدها تتردد في المعاجم العربية ، أبرزها: 1-الإبانة والإفصاح والإيضاح: يقال: أعرب الرجل عن حاجته: إذا أبان عنها.[16] 2- فساد في جسم أو عضو: ومنه قولنا: عَرِبَتْ معدته إذا فسدت.[17] 3-النشاط وطيب النفس ،وهن العُرُب المتحببات إلى أزواجهن.[18] 4-التكلم بالعربية،لأنَّ المتكلم بغير الإعراب غير متكلم بالعربية، فاللغة الفاسدة ليست من العربية في شيء.[19]
والحقيقة أنَّ هذه المادة اللغوية تحمل أكثر من هذه الدلالات[20]، غير أنَّ الذي يعنينا في هذا المقام، هو الإعراب بمعنى الإبانة، ولاشك في أنَّ المعنى الآخر للإعراب وهو التغيير، تابع للمعنى الأول وهو الإيضاح والتبيين، لأنَّ التبيين والإيضاح يجيء من تغير الإعراب، الذي هو سبب في تغير المعاني، أمَّا ما ذكره النحاة من المعاني الأخرى، فلا يعنينا في هذا المقام. فالإعراب هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، يقول ابن جني: "ألا ترى أنَّك إذا سمعت : أكرم سعيد أباه، وشكر سعيدا أبوه، علمت برفع أحدهما ونصب الآخر، الفاعل من المفعول، ولو كان شرجا ( أي نوعا) واحدا لاستبهم أحدهما من صاحبه."[21] فالإعراب في اصطلاح علماء اللغة والنحو هو " اختلاف أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها."[22] ويتضح من خلال هذا التعريف أنَّ العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي وطيدة، فالتغيير والإبانة والوضوح والفساد كلّها ترتبط ارتباطا معنويا مع اختلاف آخر الكلمة، إذ إن اختلاف آخر الكلمة لا يكون إلاّ ليدل دلالة متعددة عن المعاني التي تعتور الكلمة المتغَيِّر آخرها، وهذا ما يقصده السيوطي، وقبله ابن فارس في قوله:" من العلوم الجليلة التي اختصت بها – أي العربية- الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يُعرَف الخبر الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما مُيِّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت، ولا تعجب من استفهام، ولا صدر من مصدر، ولا نعت من تأكيد."[23] فآخر الكلمة لا يستقر على حال واحدة، بل يتغير تبعا للعوامل الداخلة عليه، ونظرا للأهمية الكبرى التي حظيت بها قرينة الإعراب ،فإنَّنا نلحظ أنَّ مفهوم كل من النحو والإعراب قد اختلطا اختلاطا بيِّنا في كثير من كتب النحو واللغة، حتَّى إنَّ النحو سُمِّي إعرابا، والإعراب نحوا. ومثال على ذلك كتاب " إعراب القرآن " المنسوب للزجاج أبي إسحاق إبراهيم ابن السري بن سهل المًتَوَفَّى سنة 316هـ . فعنوان هذا الكتاب يًمَنِّي النفس بدراسة تفصيلية لإعراب الآيات القرآنية ، أو الآيات التي فيها إشكال في إعرابها، غير أنَّ الكتاب يتضمن تسعين بابا تشمل مسائل في القراءات والفقه وفي نظام الجملة، من حيث تقديمها وتأخيرها، بالإضافة إلى الإعراب الذي هو الغرض من تأليف الكتاب. والأمر نفسه يتكرَّر مع ابن جني، فالمتصفح لكتابه " سر صناعة الإعراب " يتوقَّع أن يكون موضوع الكتاب – كما يدل على ذلك عنوانه – عبارة عن دراسة إعرابية مفصلة في نحو اللغة العربية، غير أنَّ موضوع الكتاب الحقيقي دراسة صوتية لحروف الهجاء مرتبة ترتيبا ألفبائيا، تتخللها بين الفينة والأخرى بعض أحكام النحو. وجاء في الوساطة نص يفيد أنَّ النَّحو والإعراب شيء واحد، فبعد أن سرد بعض أبيات المتنبي التي لجأ فيها إلى كسر بعض القواعد الإعرابية، دعته إلى ذلك الضرورة الشعرية، أورد كلام أحد خصوم المتنبي ، جاء فيه :" قد خلط هذا الرجل في احتجاجه، وجمع بين أمور مختلفة، ودلَّنا على بعده عن تحصيله المعاني، وذهابه عن مقاييس النَّحو، وأجرى كلامه إلى غاية توجب قلب اللغة، ونقض مباني العربية، لأنَّه جعل الشعراء – بزعمه – أمراء الكلام، وأباح لهم التصرّف على غير ضرورة، وهذه القضية إن سيقت على اطراد قياسها زال نظام الإعراب."[24] وفي المفصل للزمخشري نصادف النص الآتي:" لقد ندبني ما بالمسلمين من الأرب إلى معرفة كلام العرب، وما بي من الشقفة والحدب على أشياعي من حفدة لإنشاء كتاب في الإعراب محيط بكافة الأبواب مرتب ترتيبا يبلغ بهم الأمد البعيد بأقرب السعي...فأنشأت هذا الكتاب المترجم بكتاب المفصل في صنعة الإعراب مقسوما أربعة أقسام: الأول في الأسماء ، القسم الثاني في الأفعال، القسم الثالث في الحروف، والقسم الرابع في المشترك من أحوالهما، وصنفت كل هذه الأقسام تصنيفا."[25] وفي مصادر أخرى نجد من لا يقتصر دائرة الإعراب بأن يجعله شاملا للدراسة النحوية فحسب، بل أدخل معها الدراسات الصرفية أيضا، قال الزركشي: " قالوا والإعراب يبين المعنى، وهو الذي يُميز المعاني، ويوقف على أغراض المتكلمين، بدليل قولك: "ما أحسن زيدا "، و" لا تأكل السمك وتشرب اللبن "، وكذلك فرَّقوا بالحركات وغيرها بين المعاني، فقالوا: مِفتح بكسر الميم للآلة التي يُفْتَح بها، ومَفْتَح بفتح الميم لموضع الفتح، ومِقَص بكسر الميم للآلة، ومَقص بفتح الميم للموضع الذي يكون فيه القص."[26] فالإعراب عند الزركشي جامع لأحكام النحو والصرف، إذ نصَّ على التفريق بين اسم المكان واسم الآلة ، وهذه دراسة صرفية محضة. وقال في موضع آخر : " وعلى الناظر في كتاب الله الكاشف عن أسراره النظر في هيئة الكلام وصيغتها، ومحلها، لكونها مبتدأ أو خبرا أو فاعلة أو مفعولة، أو في مبادئ الكلام أو في جواب إلى غير ذلك من تعريف أو تنكير، او جمع قلة أو كثرة، إلى غير ذلك، يجب عليه مراعاة أمور، احدهما – وهو اول واجب عليه – أن يفهم معنى ما يريد أن يُعرِبه مفردا كان أو مركبا."[27] ففي هذا النص يجمع الزركشي بين بحوث النحو ، وهي الإعراب والترتيب والتعريف والتنكير، وبحوث الصرف المتمثلة في هيئة الكلمة وصيغتها وجمعها. يبدو واضحا من خلال هذه الآراء أن هناك طائفتين من العلماء ؛ طائفة تجعل الإعراب جزءا من النحو ، وطائفة أخرى تجعل الإعراب يساوي النحو، وهذا الخلاف يعود بالأساس إلى الأهمية التي أعطيت على مر العصور لقرينة الإعراب. ويبقى الأكيد " أن الإعراب ما هو إلا جزء من النحو، وأن بينهما عموما وخصوصا، فالنحو يشتمل على الإعراب والعكس ليس صحيحا."[28] وهذا راجع أصلا إلى وجود قرائن نحوية عديدة تسهم في الإبانة عن المعاني، وخاصة عندما تغيب الحركات الإعرابية. الإعراب ودوره في إبراز المعنى: اهتم النحاة منذ القديم بقرينة الإعراب من بين جميع القرائن النحوية الأخرى، فهي" تقوم من النحو مقام قطب الرحى."[29] ويبدو أنَّ اقتران الحركات بالمعاني هي التي سادت بين جمهور اللغويين والنحاة، "وقد نجم عن فكرة ربط الإعراب بالمعاني أن أصبح الرفع في اعتبار جمهور النحاة علم الإسناد، والنصب علم المفعولية، والجر علم الإضافة..." [30] يقول أبو القاسم الزجاجي:" إنَّ الأسماء لمَّا كانت تعتورها المعاني، فتكون فاعلة ومفعولة ومضافة ومضافا إليها، ولم تكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني ، بل كانت مشتركة جُعلت حركات الإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني، فقالوا: ضرب زيد عمرا، فدلُّوا برفع زيد على أنَّ الفعل له، وبنصب عمرو على أنَّ الفعل واقع به ...وقالوا : هذا غلام زيد، فدلوا بخفض زيد على إضافة الغلام إليه، وكذلك سائر المعاني جعلوا هذه الحركات دلائل عليها."[31] ويقول ابن فارس : " فأمَّا الإعراب فبه تُمَيَّز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين، وذلك أنَّ قائلا لو قال: ما أحسن زيد، غير معرب، أو ضرب عمرو زيد غير معرب، أو ما أحسن زيدا، أو ما أحسن زيدا...أبان بالإعراب عن المعنى الذي أراده، وللعرب في ذلك ما ليس لغيرها فهم يفرقون بالحركات وغيرها بين المعاني."[32] وقد وصلتنا عن القدماء حكايات كثيرة تشيد بالإعراب ، وبدوره البالغ في إبراز المعنى ، ومن ذلك قوله: " إنَّ الكسائي وأبا يوسف القضائي اجتمع عند الرشيد، فجعل أبو يوسف يذم النحو ، ويسخر منه، فقال الكسائي، وقد رأى أن يعلم فضل النحو، ما تقول في رجل قال لرجل: أنا قاتلُ غلامِك، وقال له الآخر : أنا قاتلٌ غلامَكَ، أيهما تأخذ به، قال له أبو يوسف: آخذهما جميعا، فقال الرشيد: أخطأت، وكل له علم بالعربية، فاستحيا ، وقال: أنا قاتلُ غلامِكَ بالإضافة لأنه فعل ماض، وأمَّا الذي قال: أنا قاتلٌ غلامَكَ بالنصب، فلا يؤخذ لأنَّه مستقبل لم يكن بعد..."[33] ومثله سوء التفاهم الذي حدث بين رجل من أشراف قريش وبين الوليد بن عبد الملك ، حين قال له الوليد : من ختَنَكَ " بفتح النون "، قال له : فلان اليهودي، فقال : ما تقول؟ ويحك، قال : لعلَّك إنَّما تسأل عن ختني يا أمير المؤمنين. هو فلان ابن فلان ."[34] ومن الأمثلة على ذلك الخبر الذي نشرته الأهرام في 31 مارس سنة 1956، تحت عنوان : الأسماك تأكل وجه سيدة وابنها الطفل ، " فلمْ يعرف الناس علامَ يعطفون ابنها ، أعلى " وجه " فتكون الأسماك قد أكلت الابن كله أم على " سيدة " فتكون قد أكلت وجهه كما أكلت وجه أمه؟ "[35] وهذا الخبر يشبه قولنا : " فلان متهم بقتل السائق وابنه " فنحن لا نعرف علام يُعطف ابنه: أعلى فلان فيكون قاتلا ، أم على السائق فيكون مقتولا ؟.[36] وفي القرآن الكريم ، وخاصة في أساليب العطف، آيات توقع في الحيرة والشك، ولا يمكن فهم المقصود منها إلا بالإعراب، منها قوله تعالى:(( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ))[37]فليس يدري القارئ : أ يعقوب معطوف على إبراهيم، فيكون المعنى: ووصى بها يعقوب بنيه أسوة بإبراهيم، أم معطوف على بنيه، فيكون المعنى: ووصى بها يعقوب في جملة بنيه."[38] ومن أوضح الشواهد على ذلك ، قوله تعالى:(( إنَّما يخشى الله من عباده العلماء))[39] فالمعنى نفسه يفرض رفع كلمة العلماء فاعلا، ونصب اسم الجلالة مفعولا،" لأنَّ المراد حصر الخوف من الله في العلماء ، لا حصر الخوف من العلماء في الله: فإنَّما يخشى اللهَ حق خشيته العلماءُ العارفون بخشيته."[40] فالإعراب غالبا ما يقوم بدور صمَّام الأمان حين تشتبه علينا الأمور وتتعقَّد بسبب ما قد يقع من تبديل أو تغيير...[41] ورغم أهمية الإعراب الفاعل في إبراز المعنى، فقد أكَّد ابن خلدون أكثر من مرة أنَّ قرائن أخرى تغني عن الإعراب في حالات ضيقة جدا، وأنَّ الحركة الإعرابية واحدة من قرائن عديدة، إذ قد يتضح المقصود من الكلام دون حركة الإعراب.[42] ومن هذه القرائن التي رغم أهمية دورها في إبراز المعنى في حالة غياب الحركات الإعرابية، فإنَّها لم تحظ باهتمام النحاة: قرينة الرتبة وقرينة المطابقة. الرتبة: أو الموقع الإعرابي والمقصود به الموقع الذي تحتله الكلمة في الجملة، فالاسم المرفوع يكون موقعه بعد الفعل مباشرة، والاسم المنصوب بعده موقعه المفعولية... يوضح أبو سعيد السيرافي مهمة الرتبة في قوله:" فإذا ما وقع في الكلام ما لا يتبين فيه الإعراب في فاعل ولا مفعول، قدم الفاعل لا غير."[43] فعندما تغيب العلامات الإعرابية وجب الحفاظ على رتبة كل كلمة داخل الجملة حتَّى لا يختل المعنى ويضطرب، وذلك في نحو:" ضرب موسى عيسى، وأخي صديقي، إذ يتعين في موسى أن يكون فاعلا، وفي أخي أن يكون مبتدأ، محافظة على الرتبة، لأنّها هنا تزيل اللبس ، وتعتبر القرينة الرئيسية الدالة على الباب النحوي."[44] وقد انتبه القدماء إلى أهمية الرتبة، فهذا ابن يعيش يقول: " فأنت تقول : ضرب هذا هذا، وأكرم موسى عيسى، وتقتصر في البيان على المرتبة، قيل : هذا شيء قادت إليه الضرورة هنا لتعذر ظهور الإعراب فيهما..."[45]
المطابقة: تتم المطابقة بواسطة الضمائر إفرادا وتثنية وجمعا، وتذكيرا وتأنيثا، وكذا بواسطة الصيغ الصرفية، ومن ذلك قولنا : ضربتْ هذا هذه، نستطيع أن نقدم وأن نؤخر الفاعل، " لأنَّ في الحال بيانا لما تعني."[46] فما يقال عن دور الرتبة في إيضاح المعنى، يقال عن دور التطابق، إذ لكل منهما دوره المحدد في أمن اللبس وإزالة الغموض في المعنى. القول بإنكار الإعراب : هذا القول قديم جدا، وقد انبرى المدافعون عن الإعراب منذ أن تعرَّض محمد ابن المستنير المشهور بقطرب [47] لمسألة إنكار الإعراب، ومنهم الزجاجي، فهو يرى أن " العرب إنَّما أعربت كلامها ، لأنَّ الاسم في حال الوقف يلزمه السكون بالوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا، لكان يلزمه الإسكان في الوقف والوصل، وكانوا يبطئون عند الإدراج، فلمَّا وصلوا وأمكنهم التحريك، جعلوا التحريك معاقبا للإسكان، ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرك وساكن، ولم يجمعوا بين ساكنين في حشو الكلمة، ولا في حشو بيت، ولا بين أربعة أحرف متحركة، لأنَّهم في اجتماع الساكنين يبطئون، وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون، وتذهب المهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عقب الإسكان."[48] هذا مذهب قطرب الذي يعد فريدا من نوعه في عصره، وقد ردَّ عليه المخالفون له بقولهم : " لو كان كما زعم ، لجاز خفض الفاعل مرة ورفعه أخرى ونصبه ، وجاز نصب المضاف إليه، لأنَّ القصد في هذا إنَّما هو الحركة تعاقب سكونا يعتدل به الكلام، وأي حركة أتى بها المتكلم أجزأته فهو مخير في ذلك."[49] وجاء رد قطرب على النحو الآتي: " لو فعلوا ذلك لضيقوا على أنفسهم، فأرادوا الاتساع في الحركات، وألاَّ يحظروا على المتكلم الكلام إلاَّ بحركة واحدة."[50] ولم يؤيد قطربا في رأيه هذا الذي يعدُّ في جملته غريبا غير الدكتور إبراهيم انيس في كتابه القيم : من أسرار اللغة، تطرق فيه لقضية الإعراب بشكل مستفيض ، قدَّم فيه مسوغات عدة ، ورغم أنَّه حاول أن يُحييَ ميتا، فإنَّه أظهر براعة في محاولته إنكار قصة الإعراب كما سمَّاها رحمة الله عليه. قصة الإعراب: يعدُّ إبراهيم أنيس من أبرز المشككين كظاهرة أصيلة في اللغة العربية، فهو عنده لا يعدو أن يكون مجرد قصة " ما أروعها من قصة، واستمدت خيوطها من ظواهر لغوية متناثرة بين قبائل الجزيرة العربية، ثم حيكت وتمَّ نسجها حياكة محكمة، في أواخر القرن الأول الهجري، أو أوائل الثاني على يد قوم من صنّاع الكلام... ولم يكد ينتهي القرن الثاني الهجري، حتى أصبح الإعراب حصنا منيعا امتنع حتى على الكتاب والأمراء والشعراء من فصحاء القوم من اقتحامه إلا على قوم سمُّوا فيما بعد بالنحاة."[51] فالنحاة هم الذين أسسوا قواعد الإعراب، ومن العجيب أن يخضع لهم فصحاء العرب ، وفيهم" أمراء وطغاة عهدناهم أئمة بين أهل البيان."[52] حيث إنَّهم تحكَّموا في الإنتاج الأدبي، وكلَّفوا أنفسهم رقباء على الأدب والشعر، بل إنَّهم تجاوزوا الحد عندما وصفوا كل خروج عن قواعدهم " لحنا "، وأصبح هذا اللحن وصمة عار كافية للحط من منزلة الخطيب أو الشاعر ، وللحط من مكانة الرجل في الهيأة الاجتماعية."[53] وبعد ذلك انتقل إلى موضوع الإعراب في الساميات ، فلم يعثر على آثار ولو ضئيلة للإعراب في السريانية ولا الآرامية ، أمَّا في اللغة العبرية فقد وجد فيها مجموعة قليلة من الكلمات المختومة بحرف الهاء الذي يدل على الاتجاه، ويفيد معنى : نحو كذا، وقد فكَّر بعض المستشرقين هذه الهاء بأنَّها أثر لعلامة النَّصب في العبرية قبل أن تفقد الإعراب."[54] ورغم اعتراف إبراهيم أنيس بأنَّ العربية قد احتفظت بكثير من العناصر القديمة في الأصوات والضمائر والأعداد مقارنة مع غيرها من اللغات المنضوية تحت الفصيلة المسمَّاة سامية، فإنَّه يجد احتفاظ العربية بنظام الإعراب أمرا عجيبا وغريبا، "فكيف احتفظت العربية وحدها بمثل هذا النظام الدقيق...ثُم يندثر كل هذا في اللغات السامية...وكيف فقدته كل لهجاتها الحديثة التي ليست تطورا لها."[55] وبعد أن فرغ من تساؤلاته العديدة التي تحوم حول شيء واحد هو : إنكار الإنكار ومحاولة تعليل هذا الإنكار ، قدَّم لنا نظريته التي تتلخص في النقاط الآتية: 1- إنّ الحركات الإعرابية لا تدل على معان معينة ، فهي " ليست رموزا لغوية تشير إلى الفاعلية والمفعولية وغير ذلك كما يظن النحاة."[56] 2- إنَّ الحركات الثلاث يُؤتى بها لمجرد وصل الكلام وتفادي التقاء الساكنين، ولا دور لها في تحديد المعاني ، وإنَّما تُستفاد المعاني من مكان الكلمة وموقعها في الجملة،" فالفاعل لا يعرف بضم آخره، ولا المفعول بنصب آخره، بل يُعرب كل منهما في غالب الأحيان بمكانه من الجملة التي حدَّدته أساليب اللغة، وما روي منها من آثار أدبية قديمة."[57] فإبراهيم انيس بذلك حاول أن يثبت نظاما معينا للجملة العربية ، يتبع فيها الفاعل الفعلي مباشرة، ويسبق المفعول، ولا يتخلَّف الفاعل عن موقعه إلا في حالات نادرة هي: *أسلوب الحصر: والشاهد على ذلك قوله تعالى : (( وما يعلم تأويله إلا الله ))[58]، بتقديم المفعول ( تأويله) على الفاعل ( الله ) للحصر. * طول الكلام وتوابعه: يمثل له بقوله تعالى : (( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا له قولا معروفا)) فقد تقدّم المفعول " القسمة " على الفاعل " أولو الألباب" لوجود توابع متتالية بعده : " اليتامى – المساكين ." ومثله أيضا قوله تعالى : (( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها)) [59]، بتقديم المفعول " الله" على الفاعل " لحومها " لاإيلائه بمعطوف عليه هو " دماؤها ". *اشتمال الفاعل على ضمير يعود على المفعول: زمن ذلك قوله تعالى:((قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم))[60]، وقوله تعالى : ((وإذا ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن))[61] ، وقوله تعالى : ((يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا))[62] ففي هذه الآيات تقدّم المفعول ( الصادقين – إبراهيم – نفسا )على الفاعل ( صدقهم – ربه – إيمانها ) لارتباطه بضمير يعود على المفعول. ولا يقف الدكتور إبراهيم أنيس عند هذا الحد، بل يسرد لنا أمثلة مختلفة من القرآن الكريم تقدَّم فيها المفعول على الفاعل بسبب مراعاة الفواصل القرآنية والخرص على موسيقى الآيات ، كقوله تعالى : ((فأوحى في نفسه خيفة موسى))[63]تقدّم فيها المفعول على الفاعل. وقوله جلَّت قدرته: (( فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون))[64] بتقدّم المفعول " آل لوط " على الفاعل " المرسلون"، وقوله تعالى : (( قال أنّى يحيي هذه الله بعد موتها ))[65]بتقدم المفعول " هذه " على الفاعل " الله ". ويتقدم المفعول على الفاعل لكون هذا الأخير كلمة كريهة على النّفس نحو كلمة الموت أو الضر. إذا باستثناء هذه الحالات الخاصة بالفاعل أو بالمفعول، فإنَّ كلا منهما يحافظ على مكانه الخاص به في الجملة العربية. *حدد عاملين أساسين في عملية التخلص من التقاء الساكنين ، الأول : يتجلى في إيثار بعض الحروف لحركات معينة ،"فحروف الحلق مثلا تؤثر الفتحة...كما تؤثره حروف التفخيم...ولذلك نرجع أنَّ إيثار الميم والواو لحركة الضم...ليس إلا مظهرا لتلك الظاهرة العامة التي شاعت في النطق العربي القديم من إيثار بعض الحروف لحركة معينة."[66] الثاني: الميل إلى تجانس الحركات المتجاورة أو ما يسمى : Voyel harmony ولذلك " كانت حركة التخلص من التقاء الساكنين ضمَّة في مثل: قالت اُخْرُجْ، وكسرة في مثل : قالتِ : اِضِرِبْ. *الحركات لم تكن في حقيقتها إلاَّ صورة للتخلص من التقاء الساكنين، غير أنَّ النحاة العرب أخطأوا في تفسيرهم لها، وجعلوها دالة على المعاني المختلفة من فاعلية ومفعولية وغيرها، في حين أنَّها لا تعدو أن تكون مجرَّد حركات بعد يؤتى بها لوصل الكلام. * قناعة النحاة بأنّ هذه الحركات حركات إعرابية تفيد معاني معينة، دفعهم إلى تحريك كلمات لا داعي إلى تحريكها، ففي مثل قولنا: الشجر مورقٌ...حين نفترض أنَّ الأصل في كل من الكلمتين ألا يُحرك آخره...فما السر في إصرار النحاة على استعمال تلك الحركة الإعرابية المشهورة ..في حين أنَّه لا ضرورة للحركة في مثل هذا الموضع ، ولكن النحاة حين أرادوا اضطراد قواعدهم الإعرابية توهَّموا أنَّ هنا أيضا حركة ، والتمسوا لها وجها من وجوه الإعراب.[67] * في النثر والشعر وردت بكثرة حالات ليس فيها ما يدعو إلى تحريك الآخر، نحو قول أبي ذؤيب الهذلي: أبى القلبُ إلا أمَّ عمرو وأصبحت**** تُحَرَّقُ ناري بالشكاة ِ ونارُها كلمة " تحرق " قد حُرِّك آخرها دون ضرورة ملحة ، ونرى أنّ إنشاد البيت بغير هذه الحركة، لا يكاد يؤثر في موسيقاه أو وزنه، وكل الذي يترتب على مثل هذا الإنشاد أن تصبح " مفاعيل " " استفعل "...وهذا التغيير الطفيف وإن لم يقل به أهل العروض في ما أظن لا يكاد يؤثر في وزن البيت شيئا، يشهد بهذا أصحاب الآذان الموسيقية المرهفة."[68] *أما الأسماء المعربة إعرابا نيابيا بالحروف ، فيذهب إبراهيم أنيس إلى أنَّ النحاة قد جمعوا بين الأشكال والصور المختلفة للاسم في القبائل العربية ، وخصوا كل صورة منها بحالة إعرابية معينة، فهو يفترض مثلا أن هناك قبائل كانت تنطق المثنى بالياء في الحالات الإعرابية الثلاث، ثم تطورت هذه الياء فصارت ألفا عند بعض القبائل في جميع الحالات، ولم يفهم النحاة سر الموضوع، فجمعوا بين الصورتين ، وخصوا الأولى بحالتي النصب والجر ، في حين خصوا الثانية بحالة الرفع، وبنفس الطريقة أرجع كلا من المثنى و جمع المذكر السالم والأمثلة الخمسة التي درج الناس على تسميتها بالأفعال الخمسة، والأسماء الخمسة أو الستة على خلاف بين النحاة في ذلك . هذه باختصار مجمل القضايا التي أوردها الدكتور إبراهيم أنيس في فصل " قصة الإعراب " .
العربية لغة معربة : انبرى عدد كبير من الباحثين للرد على إبراهيم أنيس وللدفاع عن اللغة العربية وتأكيد أصالة نظام الإعراب فيها . وفي الواقع توجد أدلة عدة تدحض نظريته، وسأحاول في هذه الفقرة إيراد على شكل نقاط متتابعة، وهي كالآتي: 1-من الغريب حقا أن يكون إبراهيم أنيس من أشد من انكر الإعراب وهو يلتزمه في كتاباته، فإذا تصفحنا كتابه من أسرار اللغة مثلا، فسنجد أنه بدءا من الصفحة الأولى وانتهاء بالصفحة الأخيرة ملتزم بسنن الإعراب رفعا ونصبا وجرا، حركات وحروفا، فكيف يُنكر أستاذنا الجليل قضية مشى على منهجها بدقة في تأليف كتابه القيم، فما وجدنا فاعلا منصوبا أو مجرورا ، وما وجدنا منصوبا جاء مرفوعا أو مجرورا، وما وجدنا مجرورا جاء منصوبا أو مرفوعا. 2-إنَّ قول إبراهيم انيس بإيثار الحروف لحركات معينة مجانب للصواب، فالفتحة أو ما ناب عنها، والكسرة أو ما ناب عنها، والضمة أو ما ناب عنها، لا يمكن أن تخضع لفكرة الانسجام الصوتي، فهل تناسب الحركات الإعرابية جميع حروف العربية، أو بمعنى آخر : هل تخضع جميع حروف العربية دون استثناء للخفة والانسجام الصوتي، وإذا جاز ذلك في حركة الفتحة التي وصفها إبراهيم مصطفى في مؤلفه إحياء النحو، بأنّها الحركة الخفيفة المستحبة، فهل تتساوى مع الفتحة الكسرة وهي علامة نصب جمع المؤنث السالم، والياء وهي علامة نصب وجر جمع المذكر السالم...إذا لا يمكن أن تكون فكرة الانسجام الصوتي بديلا عن فكرة الإعراب. 3-زعم إبراهيم أنيس أنَّ المفعول به يتقدَّم على الفاعل، إذا كان هذا الأخير كلمة كريهة تنفر منها الأسماع، وقدَّم مثالا على ذلك كلمة الموت، غير أنَّنا لو تصفَّحنا كتاب الله العزيز الحكيم، لوجدنا أنَّ كلمة الموت وردت في آيات كثيرة مباشرة بعد الفعل أو الناسخ. يقول تعالى :(( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد))[69]، فجاءت " الموت " مضافة إلى الفاعل ، ولم تتأخر عن الفعل . كما جاءت مباشرة بعد الحرف الناسخ في قوله تعالى :((قُلْ إنَّ الموت الذي تفرون منه فإنَّه مُلاقيكم))[70] كما نجد أنّ كلمة الموت أو الموتى تأتي عقب الفعل مباشرة وهي مفعول عندما يضمر الفاعل، ومن ذلك قوله تعالى:(( وأحيي الموتى بإذن الله ))[71]، وأحيانا تتصدّر الجملة نحو قوله تعالى: (( والموتى يبعثهم الله))[72] إنَّ تكرار الكلمة مهما نفرت منها الطباع وأشاحت عن سماعه الأسماع مقصود للزجر والردع والرجوع إلى صراط الله المستقيم، فلا يمكن أن يفسِّر لنا مبدأ الكراهية والنفور فكرة التخلي عن الموقع وعدم الالتزام به. 4- تتمتع الكلمة داخل الجملة العربية بنوع من الحرية، وهي راجعة بالأساس إلى الإعراب الذي يوضح وظيفة الكلمة ومعناها، حتَّى وإنْ تخلَّفت عن موضعها." ولولا ظهور الإعراب لاختلط الأمر في الكثير من الأحيان، فلو أسقطنا الإعراب من جملة : ضربَ محمد عليا، اختلط علينا الأمر، فلم نعرف الفاعل من المفعول، ومثله ما جاء في الآيات القرآنية الآتية: -(( إنَّما يخشى الله من عباده العلماء)).[73] -(( إنَّ الله بريء من المشركين ورسوله)).[74] -(( إذ ابتلى إبراهيم ربه))[75] فلو أسقطنا الإعراب من هذه الآيات ، لجاز أن يكون المعنى في الآية الأولى: أنَّ الله يخشى العلماء من عباده، وفي الثانية: أنَّ الله بريء من المشركين ومن رسوله، وفي الثالثة: أنَّ إبراهيم هو الذي ابتلى ربه، وكل ذلك غير مراد بل هو كفر في بعضه.[76] 5-إنَّ وجود الإقواء في القافية ، يعد دليلا هاما يدل على أنَّ العرب كانت تستعمل بالفعل الحركات الإعرابية للدلالة على المعاني المختلفة، وهذا ما يقسر حرصهم على تثبيت هذه الحركات، حتَّى وإن خالفت حركة الروي.[77] التي سار عليها الشاعر في قصيدته برمتها " ولو لم يكن الأمر كذلك لما ضحوا بالموسيقى التي تنتج من وحدة الحركة في الأبيات.[78] 6-أوزان الشعر العربي ونظامها الموسيقي تختل وتضطرب اضطرابا كبيرا بدون الحركات الإعرابية، ثم إنَّ الشعر العربي وصل إلينا معربا وهو سابق لعلماء البصرة والكوفة ولقواعدهم الإعرابية. فالشعر العربي بموازينه وبحوره لا يقبل نظرية إبراهيم أنيس بحال من الأحوال، ويكفي أن تقرأ بيتا كبيت بشر بن أبي خازم: فكأنَّ ظغنهم غداة تحمل **** سفن تكفأ في خليج مغرب بتسكين أواخر كلماته، لتدرك إلى أي حد يفقد البيت وزنه الشعري ووقعه الموسيقي على النفوس."[79] *إنَّ قول إبراهيم أنيس بأنَّ النحاة هم الذين اخترعوا النحو اختراعا، رأي مجانب للصواب ، ويرد الدكتور علي عبد الواحد وافي على هذا الزعم ردا شافيا وافيا جاء فيه :" إذا أمكن أن نتصور أن علماء القواعد تواطئوا جميعا على ذلك، فإنَّه لا يمكن أن نتصور أنَّه تواطأ معهم عليه جميع العلماء من معاصريهم، فأجمعوا كلمتهم ألا يذكر أحد منهم شيئا من هذا الاختراع العجيب، ولا يعقل أن يقبل معاصروهم هذه القواعد على أنَّها ممثلة لقواعد لغتهم ، ويحتذوها في كتاباتهم، اللهم إلاَّ إذا كان علماء البصرة والكوفة، قد سحروا عقول الناس، واسترهبوهم ، وأنسوهم معارفهم عن لغتهم وتاريخها، فجعلوهم يعتقدون أن ما جاءوا به من الإفك ممثل لفصيح هذه اللغة."[80] * لا جدوى للحديث عن تأثر النحاة العرب باللغة العربية ، ذلك لأنَّهم لم يكونوا على علم باللغة اليونانية وقواعدها،" هذا إلى أنَّ قواعد اللغة العربية تختلف في طبيعتها ومناهجها اختلافا جوهريا عن قواعد اللغة اليونانية."[81] *إنَّ اللهجات العامية الحديثة لم تفقد الإعراب فقدانا تاما، بل لا زالت تحتفظ ببعض آثاره وخاصة الإعراب بالحروف ، فيقال مثلا: " في عامية المصريين وغيرهم: أبوك وأخوك لا أبك واخك، وينطق جمع المذكر السالم مع الياء والنون " الطيبين والمؤمنين إلخ " وفي معظم لهجات العراق ونجد والحجاز ، ينطق بالأفعال الخمسة مثبتة فيها نون الإعراب " يمشون وتمشين وتمشون ".[82] و"يروي أحد الرحالة الإنجليز في القرن التاسع عشر، أنَّه سمع الحركات الإعرابية تلتزم في وسط الجزيرة على ألسنة الناس في المدن.[83] وهذه الآثار الإعرابية المتفرقة في اللهجات العربية الحديثة " كأنَّها تجميد لبقايا يستحيل عليها العدم التام والاضمحلال المطلق، او كأنَّ طبيعة هذه اللغة العربية تأبى عليها أن تفقد ظاهرة الإعراب إلى الأبد."[84] *توجد في العربية كلمات ساكنة الآخر، وهي : الفعل المضارع المجزوم، والأمر، والفعل الماضي المنتهي بتاء التأنيث الساكنة، والكلمات المنونة، وبعض الأدوات. هذه الكلمات تبقى على حالها ساكنة حتَّى إن تبعتها كلمات متحركة ، وهذا يدلُّ دلالة واضحة على أنَّ الحركة الإعرابية لا يُؤتى بها لمجرد وصل الكلام. ولنقارن على سبيل المثال بين: " اقتاتَ خبزاً وأكلتْ خبزاً، وسيذهبُ أبوكَ ولم يذهبْ أبوك"فإذا كانت حركة التاء في العبارة الأولى للوصل، فلمَ أعفيت التاء في العبارة الثانية من هذه الحركة ، وإذا كانت حركة الباء في العبارة الثالثة للوصل، فلمَ لا نجدها في العبارة الرابعة."[85] * أهم دليل هو القرآن الكريم ووصوله إلينا معربا بالرواية المتواترة جيلا بعد جيل. و"أمَّا ترتيل القرآن الكريم معربا، فما نحسب عاقلا في الدنيا يرتاب فهو لم يزعم أحد من العلماء في الشرق والغرب قديما وحديثا عامية الأسلوب القرآني أو تجرده من ظاهرة الإعراب."[86] يرى نولدكه في مقالة بعنوان: ملاحظات على لغة العرب القدامى:" أنه من غير المعقول أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم قد استخدم في القرآن الكريم، لغة تخالف كل المخالفة تلك اللغة التي كانت شائعة في مكة أنذاك، وأن يكون قد اعتنى بالإعراب هذه العناية ، وقومه لا يستخدمون هذا الإعراب في كلامهم."[87] ويرى نولدكه في الفصل الذي كتبه عن لغة القرآن، في كتابه: "مقالات جديدة في علم اللغات السامية"، أنَّه لو كان النبي صلى الله عليه وسلَّم أو أحد معاصريه من المؤمنين ، قد نطق بالقرآن دون إعراب، لكان من غير الممكن أن تضيع الروايات الخاصة بذلك، دون أن تبقى لنا آثار منها."[88] *إنَّ الرسم العثماني الذي وصلنا متواترا يدحض النظرية من أصلها، و يثبت بالدليل القاطع أنّ النحاة لم يخترعوا النحو اختراعا، وذلك لوجود كثير من علامات الإعراب بالحروف:" المؤمنون ، المؤمنين "، وعلامة إعراب المنصوب المنون :" رسولا، شهيدا، كفورا، غافلا "، وغيرها كثير." ولا شك أنَّ المصحف العثماني قد دُوِّن في عصر سابق بأمد غير قصير لعهد علماء البصرة والكوفة الذين ينسب إليهم اختراع قواعد الإعراب."[89] *لو افترضنا مجرد الافتراض أنَّ القرآن الكريم قد نزل على قلب النبي الأعظم محمد صلوات الله عليه مجردا من الإعراب، يحق لنا هنا أن نسأل عن وجه التحدي الذي ورد ذكره في أكثر من آية قرآنية. ومنها قوله تعالى :((وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله، وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)).[90] فلا وجه للتحدي إذا " إلاَّ إذا كانت لغة التنزيل هي نفسها لغة النَّاس الذين يتحداهم، بكل ما فيها من ألفاظ وتراكيب وحركات."[91]
خاتمة: ظهرت منذ مدة دعوات عدة تنادي بإلغاء الإعراب من العربية و تعويضه بتسكين أواخر الكلمات المعربة بدعوى أنَّ وجه الحياة قد تغير، وأنَّ اللغة غير المعربة هي الأقرب إلى الأذهان والأفهام من العربية المعربة التي أصبحت لغة تراثية. ونحن لا نملك، أن نردهم عن دعواتهم هاته، ولا أن نمنعهم من إلغاء القواعد الإعرابية في استعمالاتهم اللغوية،" ولكنَّ الذي نملكه ونتقدَّم به إليهم هو رجاء متواضع...وهو ألاَّ يُسموا كلامهم حينئذ كلاما عربيا...لأنَّ الكلام العربي كما جاءنا عن أصحابه الأولين، هو هذا الذي يتمثل في كلام الله وأحاديث الرسول ، وفي كل كلام مأثور من المنظوم والمنثور، وكله كلام معرب، ليس بينه وبين كلامهم نسب وثيق."[92]
لائحة المصادر والمراجع: المصادر: *الأشباه والنظائر ، جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلميةبيروت لبنان. *الإيضاح في علل النحو، الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك، دار النفائس،ط:3، سنة 1979. *البرهان في علوم القرآن، الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت. *الخصائص ، ابن جني، تحقيق : محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، ط:2. * شرح المفصل، ابن يعيش، عالم الكتب بيروت لبنان. * المزهر في علوم اللغة وأنواعها، السيوطي، تحقيق: محمد جاد المولى، وعلي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الفكر. *المفصل في علم العربية، الزمخشري، ط:2، دار الجيل بيروت. * نقد الشعر، قدامة بن جعفر البغدادي ، تحقيق: كمال مصطفى ، مكتبة المثنى ، بغداد 1965. * الوساطة بين المتنبي وخصومه، القاضي الجرجاني، تحقيق وشرح : محمد أبو الفضل إبراهيم، ومحمد علي البجاوي، ط:3، سنة 1951. المراجع: * أبحاث في اللغة العربية، داود عبده، مكتبة لبنان بيروت 1973. *الإعراب سمة العربية الفصحى،إبراهيم البنا، دار الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، سنة 1981. *الدراسات اللغوية والنحوية في مصر إلى نهاية القرن الثالث الهجري ، أحمد نصيف الجنابي، مكتبة التراث القاهرة سنة 1977. *دراسات في فقه اللغة، صبحي الصالح، ط:3، بيروت 1968. * دراسات في فقه اللغة العربية ، السيد يعقوب بكر، مكتبة لبنان، بيروت 1969. *ظاهرة الإعراب ووظيفتها في القرآن الكريم، أحمد سليمان ياقوت، جامعة الرياض، السعودية 1981. *العربية يوهان فك، ترجمة رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي مصر 1980. *فصول في فقه العربية، رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي القاهرة1983. *فقه اللغة ، علي عبد الواحد وافي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط3،سنة 2004. *فقه اللغة وخصائصها، إيميل بديع يعقوب، دار العلم للملايين، ط1، سنة 1982. *في اللغة ودراستها، محمد عيد، عالم الكتب القاهرة 1974. * في أصول اللغة والنحو، فؤاد حنا ترزي، دار الكتب بيروت. *اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان، دار الثقافة الدار البيضاء. *من أسرار اللغة ، إبراهيم أنيس، ط5، مكتبة الأنجلو 1975. * النحو الوصفي من خلال القرآن الكريم، محمد صلاح الدين مصطفى، مؤسسة علي الجراح، الصباح الكويت، سنة 1979. المجلات: * اللسان العربي، المجلد:8، الجزء:1، يناير 1971، وزارة الثقافة المغرب. * المناهل ، السنة الثانية عشرة، العدد:32، تصدرها وزارة الثقافة، الرباط ، المغرب. المعاجم: *تاج العروس من جواهر القاموس، الزبيدي، تحقيق: عبد الكريم العزباوي دار الهداية ، 1967. *لسان العرب ، ابن منظور، دار صادر بيروت. * مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1979. [1] - معجم العين، 1/232. الخصائص، ابن جني،1/30.-[2] 2- يذهب بروكلمان إلى القول بأنَّ اللغة السريانية فقدت فيها هذه الألف الممدودة " " قوتها التعريفية، وأصبحت تمثل النهاية العادية للاسم، ولا تدل على التعريف إلاَّ في المفعول المباشر الذي ألحقت به السريانية لام الجر. فقه اللغات السامية ، بروكلمان ، ص: 103. الزينة في الكلمات الإسلامية العربية، أبو حاتم الرازي، 1/77.-[4] الإحكام في أصول الأحكام ، ابن حزم، 1/30.-[5] الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم، 1/30.-[6] لغة القرآن الكريم، عبد الجليل عبد الرحيم ، ص:581. -[7] لغة القرآن، لغة العرب المختارة، محمد رواس قلعة جي، ص: 7.-[8] سورة الحجر، آية:9.-[9] في علم اللغة العام، عبد الصبور شاهين، ص:246.-[10] سورة البقرة، آية: 23و24.-[11] الألفاظ والأساليب المستحدثة، عبد الله كنون، مجلة المناهل ، العدد:32، السنة 12، ص: 10 و11. -[12] 3-تهذيب المقدمة اللغوية للعلايلي، د. أسعد أحمد علي، دار السؤال للطباعة والنشر دمشق، ط:3، سنة 1985، ص:92. 1 - من خصائص اللغة العربية، أحمد عبد الرحمن السايح، مجلة اللسان العربي، المجلد:8، الجزء:1، يناير 1971. فقه اللغة المقارن، إبراهيم السامرائي، ص: 118.-[15] 3 - معجم مقاييس اللغة لابن فارس،4/299.لسان العرب، ابن منظور،1/589. المصباح المنير ، الفيومي،1/400.تاج العروس، الزبيدي،1/371. لسان العرب،1/591.أساس البلاغة،ص:297.الصحاح،1/179. معجم مقاييس اللغة،4/299.-[17] معجم مقاييس اللغة،4/300.تاج العروس ،3/337.-[18] 6- لسان العرب،1/589.الأشباه والنظائر، السيوطي،1/89.همع الهوامع شرح جمع الجوامع،1/13و14.
من هذه الدلالات : -إجراء الفرس وإحضاره. –معرفتك بالفرس العربي الهجين إذا صهل.-[20] -التزوج بالعروب وهي المرأة المطيعة. – أن يولد لك ولد عربي اللون. الخصائص،1/35. -[21] يعدُّ هذا التعريف – رغم وجازته – جامعا لكل التعريفات الأخرى التي جاء بها كثير من النحاة.-[22] تنظر المصادر الآتية: شرح الكافية في النحو لابن الحاجب،1/17،حاشية الصبان على شرح الأشموني،1/53،المفصل للزمخشري،ص:16،شرح المفصل لابن يعيش،1/49. المزهر في علوم اللغة وأنواعها، 1/327،328.-[23] الوساطة بين المتنبي وخصومه، ص: 452، 453.-[24] المفصل في علم العربية، ص:5.-[25] البرهان في علوم القرآن،1/301.-[26] المصدر نفسه، 1/302.-[27] الدراسات اللغوية والنحوية في مصر منذ نشأتها حتى نهاية القرن الثاني الهجري، أحمد نصيف -[28] الجنابي، ص: 331. الإعراب سمة العربية الفصحى، محمد إبراهيم البنا، ص:10.-[29] في أصول اللغة والنحو، فؤاد حنا ترزي، ص: 182.-[30] الإيضاح في علل النحو، أبو القاسم الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك، ص: 69 و70.-[31] الصاحبي في فقه اللغة ، ابن فارس، ص: 186.-[32] من قضايا اللغة والنحو، علي النجدي ناصف، ص: 10.-[33] الوجيز في فقه اللغة، محمد الأنطاكي، ص: 310و311.-[34] ظاهرة الإعراب في النحو العربي وتطبيقاته في القرآن الكريم، أحمد سليمان ياقوت، ص: 44.-[35] المرجع نفسه، ص:44.-[36] سورة البقرة، آية:132.-[37] من قضايا اللغة والنحو، علي النجدي ناصف، ص:16.-[38] سورة فاطر،الآية:28.-[39] دراسات في فقه اللغة، صبحي الصالح، ص:19.-[40] النحو الوصفي من خلال القرآن الكريم، محمد صلاح الدين مصطفى، ص:71.-[41] في اللغة ودراستها، محمد عيد، ص:60.-[42] نقلا عن النحو الوصفي من خلال القرآن الكريم، محمد صلاح الدين مصطفى، ص:72.-[43] اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان، ص: 208.-[44] شرح المفصل، ابن يعيش، 1/72.-[45] الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق: محمد علي النجار،1/35.-[46] هو محمد بن المستنير تلميذ سيبويه، توفي سنة : 206هـ.-[47] الإيضاح في علل النحو ،أبو القاسم الزجاجي، تحقيق: مازن المبارك، ص:70.-[48] الإيضاح في علل النحو ، ص: 71.-[49] المصدر نفسه، ص: 71.-[50] من أسرار اللغة، إبراهيم أنيس، ص: 198.-[51] المرجع نفسه، ص: 199.-[52] من أسرار اللغة، ص:201.-[53] المرجع نفسه ، ص: 212.-[54] المرجع نفسه، ص: 215.-[55] المرجع نفسه ، ص: 219.-[56] من أسرار اللغة، ص: 220.-[57] سورة آل عمران ، آية: 7.-[58] سورة الحج ، آية: 37.-[59] سورة المائدة، آية: 119.-[60] سورة البقرة، آية: 124.-[61] سورة الأنعام ، آية: 158.-[62] سورة طه، آية: 67.-[63] سورة الحجر، آية: 61و62.-[64] سورة البقرة، آية:258.-[65] من أسرار اللغة، ص: 253.-[66] المرجع نفسه، ص:255.-[67] من أسرار اللغة ، ص: 252.-[68] سورة ق، آية : 19.-[69] سورة الجمعة، آية :8.-[70] سورة آل عمران، آية: 49.-[71] سورة الأنعام ، آية: 36.-[72] سورة فاطر، آية: 48.-[73] سورة التوبة، آية: 3.-[74] سورة البقرة، آية:124.-[75] فصول في فقه العربية، رمضان عبد التواب، ص: 394 و395.-[76] 5-لهذا عرَّف قدامة بن جعفر الإقواء في قوله:" هو أن يختلف إعراب القوافي ، فتكون قافية مرفوعة مثلا وأخرى مخفوضة..." نقد الشعر، قدامة بن جعفر، تحقيق : كمال مصطفى، ص:210. -[78] فصول في فقه العربية، رمضان عبد التواب، ص:386.-[79] فقه اللغة، علي عبد الواحد وافي، ص: 163.-[80] المرجع نفسه ، ص:163.-[81] فقه اللغة، علي عبد الواحد وافي،ص: 162.-[82] دراسات في فقه اللغة، صبحي الصالح، ص:125.-[83] المرجع نفسه ، ص: 125.-[84] أبحاث في اللغة العربية، داود عبدو ، ص: 106.-[85] العربية دراسات في اللغة واللهجات والأساليب، يوهان فك،ترجمة:رمضان عبد التواب،هامش ص: -[86] 16. فصول في فقه العربية، ص: 380.-[87] المرجع نفسه، ص: 380.-[88] فقه اللغة، علي عبد الواحد وافي، ص: 164.-[89] سورة البقرة، آية: 23.-[90] فقه اللغة العربية وخصائصها، إيميل بديع يعقوب، ص: 131.-[91] من قضايا اللغة والنحو، علي النجدي ناصف، ص: 26.-[92] الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الأحد 19-02-2023 07:56 مساء الزوار: 864 التعليقات: 0
|
|