|
|
||
|
البنية اللغوية لقصيدة "قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ" عند الشاعر عبد المجيد الفريج
البنية اللغوية لقصيدة "قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ" عند الشاعر العربي السوري عبد المجيد الفريج الكاتبة : إيمان مصاروة الناصرة الجليل إنَّ القصيدة الكلاسيكية هي (موضوع لغوي من نوع خاص)(1)، ويعالجه الشاعر بأسلوب مختلف حيث يقوم بتوظيفه لتقنيات مختلفة داخل النص الشعري، ويعني ذلك أن الشعر(لغة داخل اللغة)(2)، يعيد صياغتها خلال التجربة الانفعالية له، وتتمخض عن مولود جديد يطابق المواصفات الذاتية والموضوعية للشاعر، وينتج عن ذلك اللغة الشعرية التي تقيم (علاقات جديدة بين الإنسان والأشياء ،وبين الأشياء والأشياء، وبين الكلمة والكلمة(3) بمعنى آخر تقدم(صورة جديدة للحياة والإنسان) (4)ولأن وظيفة اللغة الشعرية (تعبيرية جمالية انفعالية تستخدم للتعبيرعن أحاسيس واتجاهات وإثارتها عند الآخرين)(5)، خاصة أنها تتميز عن اللغة الإشارية على أنها تحصيل حاصل، "لوصف منظراً طبيعياً أو وجهاً إنسانياً)(6). لذلك يبقى ميدانها العلم رغم أنها لغة الحياة اليومية. وعلى الشاعر أن يقوم بعملية اختيار دقيقة للألفاظ التي تضع المتلقين في عمق التجربة، التي تبرز معجمه الشعري الخاص، ويظل اختيارالمفردات(سراً للشاعرنفسه)(7) . والتجربه الانفعالية.تؤدي لأن يكون الشعر(صفة علوية، وتنقل مفاجئ تقوم به الألفاظ تحت تأثيرخاص كما يقول الناقد هربارت ريد) (8)، ولذلك كانت لغة القصيدة "قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ"، للشاعر عبد المجيد الفريج من سوريا، لغة تكثيف وغرابة، تتخذ الكلمات فيها(وزناً أثقل من الوزن الذي تحمله الكلمات نفسها عندما نصادفها في الكلام العادي أو في صفحة جريدة أوحتى في صفحة من الكتابة النثرية)(9)، مما يشير صراحة إلى أنه هناك ثقل خاص لهذه المفردات تكتسبه في الشعر إذ أن(السياق وحده هوالذي يمنح الألفاظ شاعريتها أو العكس، والشعرالجيد أيضاً هو الذي يُكسب ألفاظه قسوة ونضجاً)(10) وهذا ما أكده عبد القاهرالجرجاني في القرن الخامس الهجري في نظرية النظام حين ذهب( إلى أن موقع المفردة من السياق هو الذي يمنحها الدلالة المناسبة والمؤثرة.(11) وبذلك يكون الجرجاني قد ركز(على عمل العناصرفي البيئة اللغوية من أجل إنتاج المعنى، وليس على العناصر ذاتها)(12) إن وضع الألفاظ في سياقاتها المناسبة لايتم اعتباطاً،على الرغم من استغراق الشاعرفي لحظات شعرية هي أقرب إلى اللاوعي منه إلى الوعي،فلا مناص للشاعرمن اختيار(الجميل المناسب، والأنيق الحسن)(13)من الألفاظ، لكي لايدع(الحالة الشعرية وما صاحبها من توقد ذهني وإيقاعية ملحة تسرع إلى قوالب مألوفة محددة بجاذبيتها الموسيقية، ومحددة بصداها في النفوس،وكذلك بمضمونها المقرر (14)لأنّ (الشعر...طبع ومهارة).(15) ولكي يتم(تحويل آلام الدم إلى حبر)كما يقول اليوت،(16)كان لابد من تأسيس معجم شعري لكل شاعركبير.ولأن الشعر ذو جلال خاص،(ولولا هذا الجلال لما عد الشاعربمنزلة النبي)(17) فإن ثمة اشتراطات على الشاعرأن يحيط بها كالوعي والخبرة، والقدرة على استيعاب الحاضروالماضي والإفادة من تجارب المعاصرين والأسلاف(18) المعجم الشعري إنَّ ما يميز الشاعر عن غيره لغته الخاصة التي تتشكل من اللفظ، والتركيب، والبناء.ومنذ العصور الأولى كان في كل شاعر مخترع لغة)(19) ، ويذكر إلى أن أبي تمام الذي جدد في لغته الشعرية وقد أثار ذلك حفيظة النقاد وكان معظمهم لغويين ليس لهم(بصر بالشعر ونقده)(20). لذلك حاكموا الشعرعلى أساس الدلالات المعجمية، والتزامه بقواعد النحو والصرف. ولكن العصورالأولى لم تفتقد واحداً مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175هـ) يقول عن الشعراء أنهم:(أمراء الكلام يصرفونه أنّى شاءوا،ويجوزلهم مالا يجوزلغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده، ومن تصريف اللفظ وتعقيده،ومد المقصور،وقصرالممدود،والجمع بين لغاته،والتفريق بين صفاته. واستخراج ما كلت الألسن عن وصفه ونعته، والأذهان عن فهمه وإيضاحه،فيقربون البعيد، ويبعدون القريب، ويحتج بهم ولايحتج عليهم)(21) وبهذا يقترب الفراهيدي الذي سبق عصره من الموقف النقدي المعاصرالذي يؤكد أن(اللغة فنّ الشعر)كما يقول بول فاليري(22). فمن حق الشاعرأن تكون له لغته الخاصة التي تعبربدقة عن تجاربه الانفعالية في لحظات التأسيس الشعري.ولايتم تأسيس المعجم الشعري بمعزل عن ذوق الشاعر ومزاجه (23) لأن استعمال مفردات معينة لدى شاعرمعين يشيرإلى أن حالة نفسية خاصة وراء هذا الاستعمال،ولذلك كان لكل شاعرفنان معجمه الشعري وهو حصيلة تكوينه الثقافي،وقدرته الخاصة في التقاط المفردة التي تعبرعن معاناته. وفي معاجم شعرائنا الرواد خصوصيات كل منهم فالمعجم هو الشاعرنفسه،فما يميزمعجم السياب هو جملة المشبه والمشبه به كما يرى عبد الجبار داود البصري(24) وهو بتعبيرالدكتورجلال الخياط ملئ(بأدوات التشبيه وأحرف النداء،وعكازات لغوية لاحصرلها)(25)أي أن معجمه الشعري أقرب إلى التراث منه إلى الأسلوب المعاصر ، ولم تخرج الجملة الشعرية عند نازك الملائكة عن (عن قواعد التشكيل التقليدي للقصيدة)(26). أما جملة البياتي فقد اتسمت بالتركيز(27)وقامت على اختراق (العلاقات المألوفة بين الكلمات، والبحث عن النقيض والتضاد واللامعقول في تلك العلاقات)(28). كما أن الاستعارة هي أهم ما يميز جملة الحيدري فلا تكاد تخلو قصيدة منها، بل إن القصيدة الواحدة أحياناً تتسع لعدد كبيرمن الاستعارات. ولابد من الإشارة إلى أننا ونحن نسوق هذه العلاقة لانريد التوقف عندها لأن ما يهم الباحث هو معجم الاغتراب الشعري،(29). إن معجم أي شاعرلايقتصرعلى الجملة الشعرية بل يقوم على البناء الفني للقصيدة حيث تشكل البنى اللغوية والتصويرية والإيقاعية كلا لا يتجزأ، يعرف الشاعرمن خلالها. أما معجمه الخاص بالغربة والاغتراب يجب أن تتوافر في نصوصه ألفاظ: الغربة، والطبيعة،والتجسيد،وألفاظ الصوت وسأتطرق لكل حالة بأمثلة محددة خشية الإطالة. ألفاظ الغربة حفل معجم الشاعر عبد المجيد الفريج بالألفاظ التي تدل على الاغتراب والغربة، وما يتصل بهما من أوجاع المكابرة، وآلام المعاناة مثل" يسافرُ مُرْتَحِلا أشتااقُ مَضتْ الرِّيحِالشِّتاء الظَّلامُالمَسَافاتِ أشْكوْ الحُزْنَ ابْتعدْتَ جَفَّتْ صرختُ تشقَّق غيماتُهُ الرَّصاصِ أشقاني الوحشةَ ظمأى ضفَّتيكَ بردًا دروبِ اليأسِ قوافلَ الفصولَ الأشواكِ شرذمةٍ لعنتُ الخ من الألفاظ والمفردات الكثيرة والمشابهة التي وردت في قصيدة الشاعر عبد المجيد الفريج " "قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ"، ولم تسقط هذه الألفاظ من معجم الشاعر فريج بزوال المؤثر الرومانسي بل استمر بسبب الخيبات الفردية والجمعية التي عاشها وتأثر فيها نتيجة غربته وغربة الشعوب المحيطة، والتي لا زالت محتلة من سبعين عاما وهنا يقصد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المحيطة وكما حصل مع تشتت شعوبها بعد الربيع العربي . ويتضح (أن ذلك المزاج الحزين كان مزاج العصر)(30) ، فالأولى أنه مزاج شعراء القرن الواحد والعشرين الذين لا زالوا يعانون جراء هذه المرحلة الصعبة من التشتت، والغربة، والهجران، والحرمان، والموت، والمرض، والفقر، فهم حال أمتهم من قبل ومن بعد. يقول الشاعر في أبياته الآتية: عمرٌ يسافرُ بالأحلامِ مُحتَمِ لا جُرْحَاً وما كانَ بالأحزانِ مُرْتَحِلا يَرميْ بهِ الوَجدُ في آمالِ عاشقةٍ تُصافحُ النّارَ حتّى تَشربَ الوَشَلا مَشغُوفَةَ الرّوحِ لا تَدريْ لواحظُها بمُدنفٍ بِهواها ظلَّ مُكتحِلا تبرز في بداية القصيدة كلمات (السفر )و(والجرح ) و( النار ) وهذا محور الصراع النفسي بين روح الشاعر وذكرياته وكأنه يعيش ما بين حقيقة مرة وخيال يرفض أن يتقبله، لذلك يشعر بغربة الروح التي تحلم ان يمر عليها ربيع العمر.لهذا يراود الشاعر حلمه بالحرية التي بقيت عالقة في بقايا روحه ولا زالت تستغيث من شدة الوجع . وصوّر الشاعر عبد المجيد الفريج الطبيعة التي توحدت مع قلقه وحالته فالغربة موجعة وفقد الوطن أصعب أنواع هذا الوجع كفقد الجسد وبتره وسلخه عن المكان في زمان لم يكن ليتصوره الشاعر، وجسد ذلك من خلال صوره المحسوسة ، عمرٌ يسافرُ بالأحلامِ جُرْحَاً وما كانَ بالأحزانِ مُرْتَحِلا تُصافحُ النّارَ حتّى تَشربَ الوَشَلا مَشغُوفَةَ الرّوحِ لا تَدريْ لواحظُها غَنّى على نَجمةٍ حَارَ الظَّلامُ بهَا جَفَّتْ غُصوني ولم تنضحْ لَها بَلَلَا فإنَّ الوحشةَ اختَمرتْ وَدَعْ سماءَكَ بردًا كي ألوذَ بهِ قلبي الذي عن ضفَّتيكَ جلا عبرتُ كلَّ دروبِ أحرقْنا الفصولَ وأرضُ الطاهرين تُرى فيها الينابيعُ وهكذا ألفاظ الطبيعة إن الطبيعة إحدى ملذات الشعراء خاصةً في المرحلة الأولى من اغترابهم، فربما كان(عالم الطبيعة البريئة مصدر راحة)(31) والشاعر الحزين(بعيداً عن التعقيد والتكلف والرياء الذي يلازم الحياة المادية)(32) ، فلا غرابة إذا ما امتزجت مشاعرالقربى بين الشاعروبين الطبيعة الريفية بمشاعر الغربة وينصهر لديه الحنين والتمرد في بوتقة إبداعية واحدة(33) فليست الطبيعة إلا صورة لحياتنا النفسية. لقد توافرمعجم الشاعر عبد المجيد الفريج على العديد من ألفاظ الطبيعةمنها :- النّارَ السّماءِ الرِّيحِ ليلَ الشِّتاءـِ نَجمةٍ الظَّلامُ النُّورَ غُصوني غيماتُهُ سماءَكَ بردًا ضفَّتيكَ دروبِ الفصولَ الينابيعُ ودرب المجرَّاتِ فاضتْ الأشواكِ أغرقَتْ زُحلا الخ وجاء في قصيدته" "قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ" فيا بلادي التي فاضتْ معارفُها على المجرَّاتِ حتَّى أغرقَتْ زُحلا وهنا يسقط الشاعر عبد المجيد الفريج في ذاته وحزنه ووجعه وغربته فيكسو عناصر الطبيعة بالضباب والسواد والحزن والقلق والغرق ولا بد أن لغته تتأثر بالاسقاطات النفسية التي يعاني منها ويتأثر في حالته تماشيا مع أحداث المنطقة التي حصرها بالعام ثم ذهب للخاص وانعكس ذلك حين قال:- واتركْ قوافلَ مَن ساروا بغير هدى سبعين عامًا نضالًا يحملُ الجَدَلا منذُ الرواياتُ أحرقْنا الفصولَ بها للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا ألفاظ الصوت إذا كان الصوت في الكلمة الشعرية يلعب دوراً هاماً في تفسيرها ومضمونها(34) فالأحرى بالألفاظ التي تدل على الصوت أن تلعب هذا الدور، لأنها فضلاًعما تمنحه للقصيدة من تجسيد صوري، ورنين إيقاعي، تعكس عمق تجربة الشاعر الانفعالية بتكثيف شعوري ودلالي معاً. وقد برز إحساس الشاعر بالصوت حاد في معنى الكلمة حينا وفي لفظها حينا آخر، وكان ذلك لأنه ذو مزاج حسي حاد.:- واتركْ قوافلَ مَن ساروا بغير هدى سبعين عامًا نضالًا يحملُ الجَدَلا منذُ الرواياتُ أحرقْنا الفصولَ بها للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا سبعون عامًا وأرضُ الطاهرين تُرى فيها الينابيعُ للأنجاسِ مُغتسَلا و كم حُشِدنا ودرب القدس مزدحم بالراجمين وأمرُ الرَّجمِ ما وصلا؟ إن ألفاظ الصوت، امتلأت بالتجسيد لأن الشاعر قام بالاستعمالات المجازية، وبين الأفعال والأسماء المضعّفة، كما أن خروج الأفعال من دلالاتها اللغوية إلى دلالات صوتية جاءت لتتضامن مع تكراركلمات(القدس) مرتان وكلمة(سبعين وسبعون )مرتان وهنا يتحدث عن غربة قاسية، وحنين طاغ إلى حرية الوطن الذي مرَّ على احتلاله سبعين عاما ولا زال يقبع تحت نير الاحتلال رغم كل ما يقوم به أهل القدس وأصحاب الأرض من رفض لهذا الاغتصاب القسري، وكأن روح الشاعرهي التي كانت تتحدث عن الحالة التي يعيشها شعب بأكمله في غربة مع الذات وهذا الانسلاخ عن المكان الأكثر قدسية على مر التاريخ. التجسيد والتشخيص ومن عناصرالمعجم الشعري لدى الشاعر عبد المجيد الفريج، قام بتبادل المحسوس والمعنوي، حيث تحول المعنوي إلى محسوس قصد تجسيد تجربة الشاعر الانفعالية واستكمال بناء الصورة الشعرية، والتأثيرفي المتلقي، فلم توجد اللغة( إلا للتعبيروالتوصيل والتأثير(35). فهل مشيتِ على الأشواكِ حافيةً لو لم يكنْ رأسُ هذا العرشِ مُنتعلا؟ مَاذا تُفيدُ حِكاياتٌ أُدَثِّرُهَا والنَّاسُ تَقراُ في وجْهيْ هوىً أَفَلَا عُدْ ليْ فَمَا عادَتِ الأحْلامُ تُنعِشُني جَفَّتْ غُصوني ولم تنضحْ لَها بَلَلَا وكمْ صرختُ ولمْ تسمعْ وظنُّكَ بي ذئبٌ ولكنَّني لمَّا أزَلْ حَمَلا تشقَّق العمرُ مذْ غيماتُهُ حَملَتْ طعمَ الرَّصاصِ فأشقاني بما حمَلا فقد منح الشاعر الغصون صفة الكائن الحي حيث شبه الغصون بالانسان وتوغل الشاعر في هذا المظهرالفني فقد اكسبها صفة الكائنات المحسوسة، وفيما يلي سوف نكشف عن جماليات هذا التجسييد والتشخيص عند الشاعر. وهو أحياناً، يذهب إلى أبعد مما ذهب إليه المحسوس منزلة المعنوي فأكسبها حدوداً وأبعاداً مادية قصد تكثيف الإيحاء وذلك يشيرإلى تساوي المعنوي والمحسوس في بصيرته(36) مستويات الأداء اللغوي قام الشاعر عبد المجيد الفريج بالاستعانة بمستويات مختلفة من الأداء وهي: الأداء بالكلام المحكي، والأداء بالموروث،أما الأداء الثالث فهوالذي تحررمن كليهما. وهذا لا يعني الاستقلال في النص الواحد أو حتى التقاطع، مما يدلُ على ثقافته من ناحية وعلى عمق تجربته الشعرية من ناحية أخرى، خاصة أنه استطاع أن يوظف في قصيدته الجوانب، الفنية والجمالية والمعنوية. الأداء بالكلام المحكي يبدو أنه لابد من الاحتراس ونحن نتناول الكلام المتداول أو المحكي،لبيان ما هو المقصود بهذا النوع من الكلام. ويمكن أن يكون للكلمات المألوفة المبتذلة معنى رفيع يسمو بها في موضعها من الصورة إلى ما لا يصل إليه سواها من الكلمات (37). كما لايخفى أن المدرسة الواقعية دعت هي الأخرى إلى استعمال لغة التخاطب تقرباً من الجمهور. وهنا ينبغي ملاحظة عدة أمور أساسية ومهمة:فاستخدام المفردات لايتم في ضوء فصاحتها من عدمها وإنما على وفق حاجة الشاعرالانفعالية/الفنية المزدوج، والشاعرالفنان هو القادرعلى إعادة خلق المفردة وتحويلها إلى طاقة شعرية إيحائية كبيرة تنفتح على ثراء معنوي وتصويري لا حدود له. وفي موضوع الاغتراب والغربة اشتملت القصيدة على الفاظ من اللهجة العامية، وعلى إشارات، وأمثال وأغان شعبية تداولها الناس وباتت مشهورة على السنتهم. والشاعرقد يوظف أيا من هذه الإشارات إذا وجد فيها ما يستجيب لحالته الانفعالية،ويشكل منها قيمة فنية جديدة، واستعمل بشكل موفق الألفاظ الشعبية الدارجة دون غيرها، حيث وجدناه في التكرار . ولا شك في أن الشاعر لم يلتجئ الى مفردة(تَشربَ) بل لانه وجدها معبرة اصدق تعبيرعن حالته المزرية البائسة ، واحساسه بكل فرد عربي نازح عن وطنه وعلى رأسهم الفرد الفلسطيني الذي طال احتلال وطنه وقد أوضح ذلك بقوله وتكراره للعام "سبعين و "وسبعون" والقدس" ولذلك أصبحت هذه المفردت جزءاً أصيلاً وطبيعياً من نسج القصيدة لا يشعرالمتلقي أنها نشاز أو متكلفة، أو في غيرسياقها. وفي مقطع اخر استخدم الشاعر فريج كلاما شعبيا ضمه لمعماره الفني حيث وفي قوله: كانتْ تقولُ لهُ صوتُ المَواويلِ حِكاياتٌ موقدُنا الينابيعُ نتركَ مشيتِ الأشواكِ حافيةً الكلابِ تمشي الراجمين صرختُ الخ وارتفع بها بشكل مواز إلى مستوى تجربته الإنسانية والشعرية على حد سواء.وضمن كذلك غيرالألفاظ المتداولة الكثيرمن الكلمات إذ وجد فيها ما يستعين به على أداء معنى لاتحتمله البدائل.وإذا كان الشاعر يستخدم الفلكلور كعنصرأساسي من عناصربناء قصائده مما يعطي لهذه القصائد طعماً خاصاً ورائحة شعبية(38) توفرت قصيدته على " اللمسات الشعبية التي تؤكد استخدامه للغة كرست الواقع بتفاصيله ولهذا فقد كان الشاعر موفقًا في توظيف المفردة من ناحية التوصيف لتلك الظروف التي تعاني منها شعوبنا العربية، وأيضا عرف كيف يوظف روح الشعرالعربي الكلاسيكي بثوب حداثي فيه جزالة اللفظ وحسن السبك. الأداء الموروث لم يبتعد الشاعر عبد المجيد الفريج عن التاريخ الشعري،والثقافي فالموروث الفني والإبداعي جزء من حضارة الأمة، وعليه إن احتفاظ الموروث في الكثير من جوانبه وتجاربه بأسرار لم تُفضّ بعد، وأعماق لم تستكنه لحد الآن هو الذي يغري الشاعر المعاصربالعودة إليه واستلهامه مضامين وشخوصاً.وقد تراوحت علاقة الشاعر بالتراث بين الاقتباس والتضمين والإشارة العابرة، ،فضلاً عن استعمال المفردات التراثية، والأداء باللفظة القديمة وآخر للأداء بالرمز،أو الأسطورة،أو الحكاية . وأما طابع القصيدة العام من العمود الذي يبرز فيه الطابع التجريدي اطلق الشاعر من خلال عنوانها حتى آخر حرف فيها العنان لخياله ليسبح في تحولات(القدس)، حيث يوصف الشاعر القدس في ظل الوضع الراهن وتقصير ملوك العرب تجاهها و تحريرها من الظلم ومن براثن الاحتلال ، وكانت صوره الشعرية بارزة ومليئة بالشكوى والحزن والغربة والألم والتشرد والحرب والتشرذم والقهر واستقرار ذلك في ادنى حالاتها متمثلة في ذلك الوطن المقترن حتما بتصور حقيقي لحالة الشاعر النفسية والتي انعكست فنيا على النص الشعري "قبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ: الاستعانة بالنص الموروث وبعد أن قدمت نماذج لاستخدم الألفاظ الموروثة، أقدم الآن شواهد على استخدام بعض الأساطيروالشخوص التراثية. فالنص بمظهره العمومي يشير إلى سعي الشاعر إبراز قضية اللامبالاة والخيانة وعدم الاكتراث وبيع قضية راح ضحيتها شعب بأكمله ترك ليواجه ويحارب وحيدا(للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا) و ( بالراجمين وأمرُ الرَّجمِ ما وصلا؟)، أي دون الوصول إلى مبتغاه.وهذه الإشارة التراثية يسميها الدكتورمحمد فتوح (الاعتراض بالموروث) (39)وهواعتراض لايقطع السياق إلا ليؤكده. التكرار ظاهرة أسلوبية من الظواهر الأسلوبية في الشعر الحديث، ظاهرة التكرار، وهذه ظاهرة قديمة تناولها النقاد من قبل كثيرا، وقد قامت على أساس استخراج الظاهرة الأسلوبية وتعيين وظيفتها في النص الشعري، ويبدو أن الظاهرة الأسلوبية تتوقف على طريقة الشاعر أو مذهبه الفني أكثرمما تتوقف على عصره(40) ومن هذه الظواهرظاهرة التكرار التي انتشرت في قصيدة الشاعر " قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ"، لما لها من دلالات معنوية تتخطى وجودها اللغوي بوجودها الكوني والديني والتراثي تشكل في اسم المدينة " القدس " الذي تعدى تكراره المباشر اربع مرات والدلالي مثلها. فالتكرارفضلاً عن كونه خاصية هامة في بنية النص الشعري[فإن له]دوراً دلالياً على مستوى الصيغة والتركيب(41) فهوأحد الأضواء اللاشعورية التي يسلطها الشعرعلى أعماق الشاعرفيضيئها كما تقول نازك الملائكة(42) لقد تكررت كلمة (الدروب ، الدرب ، مشيت ، تمشي، العروش ، العرش، القدس، سبعون، سبعين، الخ ، وجاء ذلك لتجسيد الخوف والبأس والحزن الذي ينتاب الشاعر وهو يسمع ما يبعث على اليأس من الأجواء العامة التي طالت ولا أمل في عودة الاستقرار والسلام على المنطقة وهو يرى ذلك من خلال الصور الحزينة التي حملت الكثير من العتب والمسؤولية عما يجري وقد حمله الشاعر لأصحاب القرار في المنطقة ومن يقفون عللا عروش دولهم غير محركين أي ساكن تجاه ما يجري . ونلحظ أن تكرار الشاعر عبد المجيد الفريج أدى دوره الجمالي في القصيدة خاصة أنه يعي ما يجري من حوله ولم يطل التكرار بل صدم القارئ والتلقي بما لم يتوقعه من خلال الصور الشعرية التي تفرد بها وأضافت للقصيدة الحديثة الجديد. ما بين التجسيد والتشخيص الايحاء والدالة العنوان : قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ: القبلةُ وهي دليل الفرح والانسجام تعرضت إلى لسع النار، وكأنها شخصٌ يتعرضُ إلى هذا العذاب والدلالةُ أن الفرحَ لا يبقى كما هو وأن هنالكَ من تالبشرِ من يجعلُ نفسه موكلًا عن النكدِ والشقاءِ والألم لينشر كلَّ ذلك بين الناس. والذي نود التنويه به أن الشاعر يتحدثُ عن الوطن والمواطن وما يحدثُ من سلوكيات على أيدي المسؤولين ولأن الوطنَ ينتمي إلى منظومة عربية فإنه تناولَ بعض التأثيرات السلبية العربية على الوطن والقضية ومن هنا كان هذا العنوان الذي لم يكن خاصًا ولكنه أخذ صيغة العموم!!. عمرٌ يسافرُ بالأحلامِ مُحتَمِلا جُرْحَاً وما كانَ بالأحزانِ مُرْتَحِلا وفي البيت هنا يظهر أن هذا العمرُ وهو عمر المواطن أي حياته ومسيرته أصبحَ محاطًا بالأحزان ولهذا فإن الشاعر يعمد إلى تصوير المآسي الإنسانية بجعلها جرحًا لا يزال ينزف دمًا ولجأ إلى تشخيص العمر حيث جعلهُ يسافِرُ استعاريًا كالانسان. يَرميْ بهِ الوَجدُ في آمالِ عاشقةٍ تُصافحُ النّارَ حتّى تَشربَ الوَشَلا ذكر الشاعر العاشقةُ وهي تحملُ دلالتها في الوله والشوق وشدة الحنين، ولكنَّ هذا الشعور دفع إلى مصافحة النار، وكأنَّ الأرض المولهة بأصحابها بدلَ أن تصافحَ أبنائها وجدت كفَّها يصافحُ النار زيادةً في شدّةِ الأسى والحزن الذي جعل العينَ تسيلُ بدموعها العزيرة لشدة حرقتها. مَضتْ تُعانِقُ صوتَ الرِّيحِ غارِقَةً- ليلَ الشِّتاءـِ بِحضنٍ فَارَ مُشتعِلا والمعروف أن ليل الشتاء يكون باردًا ولكنّ هذا البرد وجدناه يحترق إذ وجد نفسه في حضن النار، ونرى الشاعر يستمر في تشخيصه حيث جعل النار كالإنسان لها حضن. يا أيُّها الفَرَحُ المَخبُوءُ خُذْ بِيَدِيْ أمَا أتَيتُكَ أشْكوْ الحُزْنَ مُبْتَهِلا؟؟ تلحُ الجراحُ على قلم؟ِ الشاعرِ في تشخيص معنوياتٍ لا نراها أو نلمسها، فهو هنا ينادي الفرح كأنه انسان، ولكنه الفرح البعيد فهو مخبوء ويطلبُ منه أن يأخذَ بيده، وفي رأينا أن الشاعرَ قد وفِّقَ في فتح نافذةِ الأملِ على الفرح، فهو موجودٌ ولكنه بعيد ويحتاج إلى جهود قوية للوصول والحصول عليه. مَاذا تُفيدُ حِكاياتٌ أُدَثِّرُهَا والنَّاسُ تَقراُ في وجْهيْ هوىً أَفَلَا يهمنا أن نشير إلى اسلوب الاستفهام الذي يدلُ على حزنٍ عميق إذ يحاولُ أن يجمع الحكايات التي شخصها الشاعر كانسان يريد ان يغطيه ويحميه، ولكن هذه الحكايات تَفِرُ من أمامه لتدل على التاريخ الذي يفرُ من أمام الضعفاء لأنهم لا يستطيعون حمايته تشقَّق العمرُ مذْ غيماتُهُ حَملَتْ طعمَ الرَّصاصِ فأشقاني بما حمَلا يجسد الشاعر العمر فيجعلهُ كالجدار الذي أصابه التشقق مما يدل على الضعف ووجوب تجديد قوته، وهذا في حد ذاته يمثل استفزازًا للجميع فالجدار هو التاريخ والوطن فكيف يتشقق أمامنا ونضل صامتين . عبرتُ كلَّ دروبِ اليأسِ حين بدتْ فردًا لأحضنَ فيكَ البأسَ والأملا يمثل الحضن والدفء والأمان والحنان ولكن الشاعر يفاجئنا بجمعه بين اليأس والأمل ، مما يدل على اشتداد الصراع النفسي الذي يعاني منه الإنسان صاحب الأرض المسلوبة واتلقضية التي لم تجد حلا لها بعد، ونلحظ أن الشاعر يركز على جانب التشخيص حتى يجعل الأشياء ماثلة أمامنا ثم يلجأ الشاعر إلى توظيف الزمن المادي ( الأعوام السبعون ) من تاريخ النكبة ويكرر هذا الزمن حتى يشكل ضاغطًا قويًا مستفزًا لمن أكتوو بنار النتشرد والبعد ، ومن هنا نلحظ أن تأثير الزمن يشكل عاملا ايجابيًا في تحريك اللمشاعر وشحذ الهمم. واتركْ قوافلَ مَن ساروا بغير هدى سبعين عامًا نضالًا يحملُ الجَدَلا منذُ الرواياتُ أحرقْنا الفصولَ بها للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا سبعون عامًا وأرضُ الطاهرين تُرى فيها الينابيعُ للأنجاسِ مُغتسَلا. ........... كيفَ ارتضيتِ على كل العروشِ بنا ألاَّ يعانقها إلا الذي سفُلا يضعون الشاعر أمام موقف يحمل نقلا شديدًا لبعض الاتجاهات في السياسة العربية، ومع أن العرشَ يفيدُ الهيبةَ والقوة إلا أنه تخلَّى عن دلالته الأصلية وصارى يتهاوى شيئا فشيئا بف عل الذين أفسدوا دلالاته الإيجابية. فهل مشيتِ على الأشواكِ حافيةً لو لم يكنْ رأسُ هذا العرشِ مُنتعلا؟ وهذا البيت هو دلالة على الاستمرار بالسخرية من الوضع السياسي العربي القائم إنْ أُمِّرَتْ نفَّذتْ ما كانَ ضائرَها شعبٌ لغيرِ كتابِ اللهِ ما امتثلا وهنا يلجأُ الشاعر إلى النافذةِ الايمانية والتنويه بأنَّ هذا الضعف يرجعُ سببه الكبير إلى الابتعاد عن كتاب الله، ولو أن الأمة امتثلت لكتاب الله لما لاحقتها الهزائم. فإنْ طعنتَ بها قالتْ شققْتَ عصًا وحمَّلتكَ منَ الآثامِ ما ثقُلا ضمن الشاعر بيته بالعبارة المشهورة شق عصا الطاعة مع أنه حذف منها ما كان مفهومًا ( الطاعة) وتدل هذه العبارة على التمرد والمقصود أن الانسان الذي يطالب بحريته سوف يواجه بتهمٍ وهميةٍ لا قِبلَ له بها، وهنا لا بد أن أشير أن الشاعر عبد المجيد الفريج كان يسقط كل الكنايات والتضامين على ثورة الشعب السوري العظيم ضد حاكميه الجلادين وما تعرضت له بلاده سوريا والحكومات التي ساعدت الطغمة الحاكمة هناك ، وعلى التشريد لملايين السوريين وعلى الواقع الاجتماعي المزري لهم من السكن بمخيمات بعد القصور، والضرب في الأرض والبحور، وكأنهم يستجدون دول اللجوء بعد أن عرفوا أنفسهم شاميين أصحاب الحضارات الأولى في التاريخ. كفِّرتُ بالله ؛ هذا ما اتُّهمتُ بهِ وكانَ ذنبيَ أنْ لمْ أتبعْ هُبَلا وهنا يركز الشاعر في نقده على كيفية تعامل الحاكم مع المحكوم فإذا لم يظهر المحكوم طاعته وولائه فليس كثيرًا أن توجه إليه تهمة الكفر وقد أحسن الشاعر في استحضار صورة من صور العقيدة في الجاهلية ( صنم هبل)، معبرا عن الحاكم وعن كل حاكم صنم بهذه الأمة. وهكذا نجد ان الشاعر قد أجاد في عمليتي التجسيد والتشخيص عدا عن قصيدته العمودية على البحر البسيط نجد أن ما نبع منها من دلالات متنوعة تتضح امامنا عند تحليل القصيدة لهذا الشاعر الفذ الذي يستحق المتابعة والوقوف أمام نصه العارم بالتميز لدى نقاد العالم العربي. ................... الكاتبة :- إيمان مصاروة الناصرة الجليل 422021 قُبَلْ لمْ تَنْجُ مِنَ النَّارْ _______________ عمرٌ يسافرُ بالأحلامِ مُحتَمِلا جُرْحَاً وما كانَ بالأحزان مُرْتَحِلا يَرميْ بهِ الوَجدُ في آمالِ عاشقةٍ تُصافحُ النّارَ حتّى تَشربَ الوَشَلا مَشغُوفَةَ الرّوحِ لا تَدريْ لواحظُها بمُدنفٍ بِهواها ظلَّ مُكتحِلا كانتْ تقولُ لهُ : أشتااااااقُ ..يَحمِلُها فوقَ السّماءِ ويَهدي رُوحَها القُبَلا مَضتْ تُعانِقُ صوتَ الرِّيحِ غارِقَةً- ليلَ الشِّتاءـِ بِحضنٍ فَارَ مُشتعِلا صوتُ المَواويلِ ما زالتْ تردِّدُهُ حتَّى بدا قلبُها للحبِّ مُمْتثِلا غَنّى على نَجمةٍ حَارَ الظَّلامُ بهَا رُغم َالمَسَافاتِ يَدعُو النُّورَ منهُ إلى يا أيُّها الفَرَحُ المَخبُوءُ خُذْ بِيَدِيْ أمَا أتَيتُكَ أشْكوْ الحُزْنَ مُبْتَهِلا؟؟ لَو كُنْتَ ألْفَيتَ رُوحِي بَعْدَ مَا عَشِقَتْ لَمَا ابْتعدْتَ وقَدْ أدْركْتَنِي ثَمِلا مَاذا تُفيدُ حِكاياتٌ أُدَثِّرُهَا والنَّاسُ تَقراُ في وجْهيْ هوىً أَفَلَا عُدْ ليْ فَمَا عادَتِ الأحْلامُ تُنعِشُني جَفَّتْ غُصوني ولم تنضحْ لَها بَلَلَا وكمْ صرختُ ولمْ تسمعْ وظنُّكَ بي ذئبٌ ولكنَّني لمَّا أزَلْ حَمَلا تشقَّق العمرُ مذْ غيماتُهُ حَملَتْ طعمَ الرَّصاصِ فأشقاني بما حمَلا عدْ طيفَ أنسٍ فإنَّ الوحشةَ اختَمرتْ والرُّوحُ ظمأى لتُسقى منكَ كأسَ طلا وَدَعْ سماءَكَ بردًا كي ألوذَ بهِ من شوقِ قلبي الذي عن ضفَّتيكَ جلا عبرتُ كلَّ دروبِ اليأسِ حين بدتْ فردًا لأحضنَ فيكَ البأسَ والأملا فكنْ كما أنتَ جبارًا فما حفِظتْ عنك الأساطيرُ إلا مجدَكَ الأثِلا واتركْ قوافلَ مَن ساروا بغير هدى سبعين عامًا نضالًا يحملُ الجَدَلا منذُ الرواياتُ أحرقْنا الفصولَ بها للثأر موقدُنا بالقدسِ ما اشتعلا سبعون عامًا وأرضُ الطاهرين تُرى فيها الينابيعُ للأنجاسِ مُغتسَلا و كم حُشِدنا ودرب القدس مزدحم بالراجمين وأمرُ الرَّجمِ ما وصلا؟ وإن رأينا بنود الشّرِّ خافقة قلنا لنا الحقُّ في أن نتركَ العملا فيا بلادي التي فاضتْ معارفُها على المجرَّاتِ حتَّى أغرقَتْ زُحلا كيفَ ارتضيتِ على كل العروشِ بنا ألاَّ يعانقها إلا الذي سفُلا متى أراكِ على كلِّ التخومِ تدو سين الأذلاءَ أن كانوا هم العُملا لم يصنعوا لكِ إلَّا الجهلَ حينَ رأوا أنَّ العظيمة َلا تستعظِمُ الجُهلا فهل مشيتِ على الأشواكِ حافيةً لو لم يكنْ رأسُ هذا العرشِ مُنتعلا؟ وهلْ رأيتِ على مرِّ الزمانِ هنا سوى اللئام تسوسُ الناسَ والدُّولا؟ تلكَ الدُّروسُ حفظناها مكرسةً لكلِّ شرذمةٍ تمشي بنا خَطَلا إنْ أمِّرَتْ نفَّذتْ ما كانَ ضائرَها شعبٌ لغيرِ كتابِ اللهِ ما امتثلا وإنْ تركتَ لها أمرًا أتتْ سَفَهًا وأسفَهُ الناسِ منْ لمْ يدرِ ما فَعَلا فإنْ طعنتَ بها قالتْ شققْتَ عصًا وحمَّلتكَ منَ الآثامِ ما ثقُلا وكمْ لعنتُ فؤادي حينما سألتْ روحي النَّجاةَ ونبضُ القلبِ ما سألا كفِّرتُ بالله ؛ هذا ما اتُّهمتُ بهِ وكانَ ذنبيَ أنْ لمْ أتبعْ هُبَلا. ............................. للشاعر العربي عبد المجيد الفريج الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الجمعة 05-02-2021 08:46 صباحا الزوار: 1341 التعليقات: 0
|
|