|
|
||
|
قراءة قصيدة تنهيدتي للشاعرة أسماء الشيباني بقلم الناقد والأديب خلف إبراهيم
تجسد قصيدة تنهيدتي حافية الأقدام تجربة شعرية غنية تعكس مشاعر الاغتراب والحنين والبحث عن الهوية. من خلال تحليل النص، يمكننا استكشاف أبعاده النفسية والفلسفية وتناول القضايا الإنسانية المعقدة.
تبدأ القصيدة بتقديم تنهيدتي كرمز للمعاناة. عبارة تنهيدتي منهكة حتى التشبع تُظهر كيف أن التنهيدة ليست مجرد صوت، بل تعبير عميق عن الصراع الوجودي. الشاعرة تُبرز حالة من الاستنزاف العاطفي، حيث يصبح الألم جزءًا من الهوية. هذا القلق الوجودي يعكس الإحساس بالضياع الذي يُعتبر موضوعًا مركزيًا في شعر أسماء الشيباني .
تستخدم الشاعرة صورًا شعرية معقدة لتجسيد مشاعرها، مثل ترتطم بآهات مجنحةهذا التعبير يُعبر عن تداخل الألم والأمل، حيث تمثل الآهات جروح الروح، بينما تشير الأجنحة إلى الرغبة في التحرر. تتجلى هذه الصورة القوية في كيفية التعامل مع المشاعر المتناقضة.
تتناول الشاعرة موضوع الذاكرة بنحوٍ متعمق، مُظهرةً كيف يمكن أن تكون الذكريات عبئًا ثقيلًا: تلطم غشاء ذكرياتي الساكنه تُظهر هذه العبارة الاحتباس الزمني، حيث يصبح الماضي حاضرًا متكررًا، مما يُعيق تقدم الفرد. تعكس هذه الفكرة مفهوم إليوت عن الزمن كدائرة، حيث يتداخل الماضي والحاضر.
يتجلى الحنين في النص بشكل مؤلم، حيث تُعبر الشاعرة عن شعورها بالانفصال: ما بالك تضجين بالحنين؟! هذا السؤال يعكس صراعًا داخليًا بين الرغبة في العودة إلى الماضي والهروب من واقع مؤلم. يُعتبر هذا التوتر تجسيدًا للاغتراب الذي يشعر به الفرد.
في قولها هلّا ترفقتِ بمجرى أنفاسي؟! تُبرز الشاعرة الحاجة الملحة للسلام الداخلي. يُظهر البحث عن المعنى في الحياة كيفية تأمل الذات في مواجهة التحديات، مما يُعطي بُعدًا فلسفيًا عميقًا للنص. تتجلى هذه الأسئلة الوجودية في محاولة الفرد لفهم مكانته في العالم.
تتميز اللغة المستخدمة في القصيدة بالعمق والشفافية، حيث تمزج بين التعابير الشعرية واللغة اليومية. تُستخدم التكرارات بشكل مُعبر، مما يُعزز من تأثير الرسالة. تتنقل الشاعرة بين المشاعر المختلفة بسلاسة، مما يُشعر القارئ بعمق التجربة الإنسانية. تُعزز الأسلوب الموسيقي للقصيدة من تفاعل القارئ مع النص.
تُظهر الأبيات أيضًا توترًا دائمًا بين الأمل واليأس . على سبيل المثال (أواه أيتها التناهيد) تُعبر عن الألم العميق والرغبة في التحرر من قيود الماضي. هذا التوتر يُعتبر جزءًا من تجربة الحياة، حيث يتصارع الإنسان مع مشاعر متناقضة تسهم في تشكيل هويته.
تقدم اسماء الشيباني في تنهيدتي حافية الأقدام تجربة شعرية غنية تتجاوز الأسلوب التقليدي. تعكس القصيدة رحلة الروح في مواجهة القلق الوجودي، والحنين، والبحث عن المعنى. من خلال استخدام الصور الشعرية العميقة والأسلوب المؤثر، تستحضر الشاعرة تجارب إنسانية شاملة، مما يجعل النص يتناغم مع أعمال تي. أس. إليوت. تدعو القصيدة القارئ إلى تأمل وجوده الخاص، مما يُجعلها تجربة شعرية تستحق التفحص العميق. حفظكم الله صديقتي الراقية أستاذة اسماء. جل التقدير لحرفكم الهادف.
,,,,,, النص ,,,,,
تنهيدتي حافية الأقدام .................
تنهيدتي منهكة حتى التشبع تصّعد من أقاصي زوايا الروح ترتطم بآهات مجنحة تسافر عبر الفراغات الشاسعة تتمازج مع هموم الشوارع المكتظة بأحاديث العابرين تنكدر على أرصفة الليل الباردة تعافر ضلالة الأحلام وظنون الذاكرة..
تنهيدتي حافية الأقدام تحلق في مدارات التساؤلات تزفر أنفاسها الجافة مثل رياح الشمال تلطم غشاء ذكرياتي الساكنة خلف أقبية النسيان..
تلك الأنفاس مشحونة بالمواجع بين أناملها مسابيح تتلو تراتيل الغفران خلف وشاح الديجور تبذر تباريج الإحسان بين النوايا تمحو التناهيد من خَواء النفس عبر لآلئ مائية تفيض من محاجر تبكي بصمت..
أواه أيتها التناهيد ما بالك تضجين بالحنين؟! ما بالك تتعثرين في هروبك من أقفاصي؟! لقد أرهقتني تدحرجاتك بين الضلوع فهلّا ترفقتِ بمجرى أنفاسي؟!
بقلم. أسماء الشيباني الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الجمعة 23-05-2025 06:36 مساء الزوار: 282 التعليقات: 0
|
|