|
|
||
|
اللغة الشعرية في ديوان- تغريبة بني خيبان للشاعر " كمال إغبارية " " دراسة نقدية"
اللغة الشعرية في ديوان- تغريبة بني خيبان للشاعر " كمال إغبارية " " دراسة نقدية" الكاتبة: إيمان مصاروة الناصرة ___________________ اللغة الشعرية أثار مصطلح اللغة الشعرية جدلاً كبيراً في الأوساط الأدبية، خاصة تحديد وبيان المصطلح ومفهومـه، والوصـول إلـى الآليات التي تحدده( ). وقد ربط جون كوين " مفهوم الشعرية بمفهوم الشعر نفسه، وبـين أن الـشعر عبارة عن طاقة كامنة ثابتة، وسحر لغوي وافتنان، وأما دور الشعرية فيتمثل في الكشف عن أسرار الطاقة الكامنة بهذا الافتنان، فالشعرية إذن تسعى إلى إيجاد الفروق بين الأعمال الأدبيـة بعضها عن بعض، ومن ثم محاولة التوصل إلى أسرار تلك الفروق اللانهائية"( ). وبين الدكتور أحمد هيكل أن الشعرية مرتبطة بالعواطف النفسية والكيفية التي يعبر فيها الشاعر عن هذه العواطف وليست ثرثرات بلا قيمة، فيقول: " الشعرية ما قيل في تحليل عواطـف الـنفس، ووصف حركاتها، والشعر ما أشعرك وجعلك تحس عواطـف الـنفس"( ). فاللغة الشعرية هي: " كُلّيَّة العمل الشعري، أو النسيج الشعري الكامل بما يشتمل عليه من مفردات لغوية وصور شعرية، ومن موسيقى"( )، ولذلك كانت التجربة الشعرية عند الشاعر كمال حسين اغبارية تجربة لغوية بامتياز، فما الشعر إلا كلمات نظمت بطريقة خاصة تخرُق المألوف، وهذه هي الخصوصية التي يتميز بها الكلام الشعري، ويرجع ذلك إلى طبيعة العلاقات الجديدة التي خلقَهَا الشاعر بين الكلمات داخل التركيب اللغوي، عن طريق المغايرة وتجاوز المألوف، فخرجت أشعاره عن دلالاتها المحدودة إلى أفق واسع، وجديد من الدلالات والصور والأخيلة. ومما سبق تفصيلهُ في تعريف الأسلوب واللغة الشعرية والتقاء شاعرنا مع ذلك، نجد أنَّهما يتقاطعان في خصائصٍ كثيرة وأنَّ ركائزهما في: الإختيار ( سواء في الصوت أو المفردة أو الجملة)، والتركيب من حيث التقديم والتأخير والحذف والتنكير والتعريف والتكرار والمفارقة والتناص وغيرها، والانزياح بجميع أشكاله الإسنادي والدلالي والتركيبي. لذلك نجد أنَّ الأسلوب واللغة الشعرية في ديوان " تغريبة بني خيبان" للشاعر كمال إغبارية، يعُجُّ بالكثير من الخصائص التي مرَّ ذكرها. بل نكاد لا نجد قصيدة تخلو من فضاء جماليات الأسلوبية الشعرية وكأنّ القصيدة الواحدة اختزلت كل ما نريد قوله عن امتلاك الشاعر إغبارية لأدواتِهِ والإمكانات التي صبغت شعره بأسلوب خاص يثير الدهشة ويبعث على المفاجأة والمتعة، ونتطرق في الدراسة النقدية إلى:- جماليات اللغة الشعرية في ديوان" تغريبة بني خيبان" وينقسم إلى: جماليات المعجم الشعري- تعريف المعجم الشعري • الحقول الدلالية: تيمة الوطن، تيمة الطبيعة، تيمة المرأة، حقل التهكم والسخرية، تيمة اللون. 1- جماليات الصورة الشعرية- الإنزياح • الانزياح الدلالي (الاستبدالي)- الاستعارات والتشبيهات والكنايات. • الانزياح التركيبي- التقديم والتأخير، الحذف، التكرار، التناص، المفارقة. • 2- جماليات المستوى الصوتي- الإيقاع الخارجي الإيقاع الداخلي. 3- المحسنات البديعية-الجناس، الطباق، التضاد. 4- الرمزية والإيحاء. لقد اختلفت النظرة للقصيدة الحديثة فأصبحت: " موضوع لُغَوي من نوع خاص"( ) ، يقوم الشاعر بمعالجته من خلال عملية التوظيف داخل النص الشعري، و" اللغة داخل اللغة"( ) ولهذا، قام الشاعر كمال حسين باختيارات دقيقة لألفاظه ووضع المتلقي في عمق تجربته فشكل معجمه الشعري الخاص، وكانت مفرداته: " سراً للشاعر نفسه" ( )، فجاءت لغة القصيدة مكثفة تتخذ " وزناً أثقل من الوزن الذي تحمله الكلمات نفسها"( ). وكما سنبرز ذلك في دراستنا التي تتبع منهاج الأسلوبية في مجموعة الشاعر " تغريبة بني خيبان". وفي ضوء ما تقدم يتضح أن تجربة الشاعر الانفعالية تُبقي لغة القصيدة لغة غرابة وتكثيف، فالسياق" وحده الذي يمنح الألفاظ شاعريتها، بل يُكسب ألفاظه قسوة ونضجاً"( ). وعليه سنذهب إلى معجم الشاعر وحقوله الدلالية لنبرزها: فالمعجم الشعري واللُغَوي عند شاعرنا كمال حسين قد مثل بناء هندسي لألفاظه ومفرداته، وشكل بإتقان (القصيدة)، التي تعد: " من مكونات الخطاب الشعري لديه، فالحقل الدلالي هو قطاع كامل يعبر بها عن مجال معين من الحيز"( )، بحيث تنتمي إلى حقول أخرى تمثل المعجم الشعري الخاص بالشاعر، والذي يعبر عن تجاربه الخاصة التي مثلتها السياقات الشعرية الموضوعة فيها هذه الألفاظ، وميز الشاعر اغبارية لغته الشعرية من خلال الموسيقى والمحتوى الُلغَوي والذي أخذ منحى واضح في الدال والمدلول من خلال ما جاء في اللغة عند شاعرنا هي ( مؤديا ومقننا عن تجربتِهِ والتي تذهب من الأشياء إلى الكلمات والعكس صحيح)، ،" وبالإجمال فصل المحتوى عن التعبير الخاص به، فليس هنالك تفكير دون لغة كما يقول علماء النفس بل إن اللغة ليست ملبسًا للتفكير، بل هي جسده"( ). جماليات اللغة الشعرية في ديوان " تغريبة بني خيبان" 1- جماليات المعجم الشعري- مما لا شك فيه أنَّ لكل شاعر أو أديب مُعجمه الشعري، وهو حصيلة تراكمية متطورة ومتحركة تنتح من تجارب الشاعر وخصوصياته وخبراته ومكتسباته الأدبية وطريقة تصويره لانفعالاته وردود أفعاله من حوله والبيئة المحيطة به. من هنا، فإن المعجم الشعري للشاعر أو الأديب هو البناء الدال على النص من حيث انتماء المفردات التي لها علاقة بمدلول مشترك لحقل واحد تُعرَف به وتنتمي إليه. الحقول الدلالية: إن فكرة الحقل الدلالي تنطلق من وعي الشاعر بدلالة المفردات وذهنية توظيفها، " فالذهن يميل دائماً إلى جمع المفردات والألفاظ المترابطة مع بعضها البعض، ويسعى" الذهن" دائماً إلـى اكتشاف تلك العلاقات التي تنظم الألفاظ بعلاقتها مع بعضها، وربطها ضـمن عائلة لُغوية واحدة"( ). تيمة الوطن لقد تغنى الشعراء قديماً وحديثاً بأوطانهم وأولوها عناية خاصة، لذا نجد أنّ الشاعر إغبارية صرح في أكثر من مكان وأومأ أحيانا وأشار ووظف مدلولات كثيرة تتعلق بالوطن، فنراه يقول في قصيدته" التعريف بزهرة وزهران" : انْظُري إلى هذا الوطَنِ بِعَيْنِ الوَهمِ تَرَيْنَهُ لوحَةً فَنِّيَّةً فَريدةً كُلُّها إشراقٌ وَصَفاء! وفي قصيدة " مواويل الجد كنعان" يقول إغبارية باللهجة العامية: " شِدُّو الرِّحالْ ما بَقى فيها كلامْ طِرْنا مَعِ الزَّغلولْ لِرْبوعِ الوَطَنْ" فمفردات: شدو الرحال، ربوع الوطن، تنتمي لتيمة الوطن وكذلك الوطن. تيمة الطبيعة لقد تأثر الشاعر إغبارية كثيراً بالطبيعة خاصة أنه نشأ في أحضانها فقام بتوظيف عناصر الطبيعة في شعره توظيفاً دلالياً عكس فيها الحالات الشعورية والنفسية له، إضافة لتوظيفه لعدد من الظواهر والعناصر الكونية. ومن الشواهد على هذا الحقل الدلالي يقول الشاعر كمال حسين في قصيدة "لعنة البترول": فلولاهُ لَعَمّرْنا الفيافي ولولاهُ لما ضاعُتْ بلادي ولولاهُ لما ضاءتْ سماءٌ ولولاهُ لكان العُرْبُ صَقْرًا فجالَ القِرْدُ في الصّحْراءِ ليثًا كما كنّا سُراةً في القصورِ وظلّ الأفقُ ساحًا للنّسورِ بنورٍ يُهْتَدى من غيرِ نوري يطالُ المُعتَدي خلفَ الثّغورِ وَصَفَّقْنا خِرافًا كالصّقورِ فمفردات " الفيافي// الأفق// سماء// صقراً// القرد// الصحراء// خرافاً// كالصقور// " كلها تنتمي للطبيعة ومكوناتها وعناصرها الحية والجامدة. تيمة المرأة تعج نصوص ديوان " تغريبة بني خيبان" بالدلالات الخاصة بالمرأة والتي تنضوي تحت راية هذا الحقل الدلالي. فعلى سبيل المثال من قصيدة " متمرّدة" يقول إغبارية: لستُ ذاكَ الخَدْرُ يستولي على روحِ السّكارى! لستُ وَرْدًا... لستُ وِعدًا لستُ شَهْدًا... لستُ سعدًا لستُ رَسْمًا خطَّهُ طِفْلٌ على ثَدْيٍ ضَنينِ إنَّني يا آنساتي كلُّ ما تأباهُ ربّاتُ الحنينِ ففي النص أعلاه الكثير من المفردات التي تنتمي لحقل المرأة مثل:-" الخدر// شهدا// العذارى// طفل// آنساتي// ربات الحنين// . حقل التهكم والسخرية إن هذا الديوان قائمٌ بجُلّهِ على التهكم الذي يتجاوز الخطوط الحمراء أحيانا ويقلق سمع المتلقي، فعرض الشاعر كمال حسين الواقع المُرّ بأكثر من طريقة وأسلوب، لاستنهاض الهمم، وإيقاظ القلوب والعقول. فنراه يقول في " مؤامرة الجعل والخنفساء والطيف": الطَّيْف قالَ يَقتاتُ على مَنْ لمْ تَلِدْهُ المَرْحَلَة قالَ للجُعْلِ الَّذي ...... عَلَيْهِ قُمَّلَة! منْ رُعْبِهِ صارَتْ كَحَدَّ المِقْصَلَة!: "أَيُّها الجُعْلُ الحَكيم! أنتَ ابنُ المَرْحَلَة! فالجُعلُ هنا والذي ترك الشاعر إسقاطه على عاتق المتلقي وكما يراه مناسباً لفهمه، هو حكيمٌ ورشيد وابن المرحلة. تيمة اللون لقد قام الشاعر إغبارية بتوظيف اللون في أكثر من مكان في ديوانه ولأغراضٍ عدة توحي بدلالاتٍ تجعل المتلقي يذهب إلى فضاءات أعمق وأرحب للسفر في سيمياء النص. ومن الألوان التي وردت في مقطوعات إغبارية: الأبيض مثل: // رَفَعْتُ الرّايَةَ البيضاءَ خَلّوني // بيضاءَ في لونِ الرَّبيعْ. الأزرق مثل: // وارتِقاءِ الأطيافِ الزَّرْقاء // يحومُ الذُّباب الأزرقُ على أشلاءِ المرابِطين. الأحمر مثل: // فَلِمَ احمرارُ الوجنتَيْنِ // تكادُ الغَصَّةُ الحَمراءُ//. 2- جماليات الصورة الشعرية تعتبر الصورة الشعرية جوهر القصيدة وذهب البعض إلى أن القصيدة برمّتها هي صورة مستعارة. ومن العناصر الأساسية التي تقوم عليها الصورة الشعرية " الانزياح". الإنزياح ويعتبر من أهم الأركان التي تقوم عليها الدراسة الأسلوبية، وذلك لما فِيه من استغلال لإمكانات اللغة وطاقاتها الكامنة، وعرفه أهل الاختصاص بأنه (علم الانزياحات اللغوية )" ( ). " ولعل ذلك يعود إلى أن الانزياح يعد من أهم الظواهر التي يمتاز بها الأسلوب الأدبي عن غيره، لأنه عنصر يميز اللغة الأدبية، ويمنحها خـصوصيتها وتوهجها وتألقها، ويجعلها لغة خاصة تختلف عن اللغة العادية. وينقسم الانزياح اللغوي إلى قسمين رئيسيين وهما: • الانزياح الدلالي (الاستبدالي):- وهو الأكثر دلالةً وتأثيرًا في القارئ، ويُعَد التشبيه والاستعارة والمجاز مِن أهم أشكال هذا الانزياح الدلالي. ومن قول الشاعر في "الأمير العملاق زهران الصغير" قُلْ للنُّجومِ النَّائياتِ: أنا الأميرْ سَلْ! لا تَخَفْ! إنَّ السُّؤالَ إذا اهتَدى عَبَقَتْ إشاراتُ الطَّريقْ الخ فالجمل التالية: // قُلْ للنُّجومِ النَّائياتِ // إنَّ السُّؤالَ إذا اهتَدى // عَبَقَتْ إشاراتُ الطَّريقْ // كلها انزياحات لُغَوية اتخذت الإستعارة وسيلة لها بهدف التشخيص والتجسيم لإضفاء عنصر التشويق والدهشة على النص. والجمل التالية: // تِرْياقَهُ وَصْلٌ // وفي مِعْراجِهِ يَحْلو المَذاقْ// هي كنايات أوصلت الصورة لذهن المتلقي بأقصر الطرق في إطارٍ لُغَويّ جميلٍ برّاق. • الانزياح التركيبي:- ويقوم هذا الانزياح على توظيف انحرافات وعدولات في اللغة عن اللغة المعيارية من حيث التقديم والتأخير، والحذف، التكرار، والإلتفات، والتناص، والمفارقة. ومن أمثلة التقديم والتأخير والحذف التي قام الشاعر بتوظيفها ما يلي: يقول الشاعر في " من ملف القضية-طواف الخيبة " : حَكَتْ عَيناكِ يا زَهْرَة حِكاياتٍ بلا مِشْوارْ حِكاياتٍ بلا أَهْلٍ، بلا رَبْعٍ، بلا قُدْسٍ، بلا أسوارْ أما كُنْتِ على علمٍ بِأَنَّ السّاحَ حَمْراءٌ بِلا مَنْجَلْ؟ فقد قدم الشاعر بتقديم الجملة الفعلية " حكت عيناك" على أسلوب النداء " يا زهرة" للتأكيد على أهمية لغة الخطاب بالعيون، علمًا أن التنبيه الأقوى هو في توظيف أسلوب النداء، وهذا هو التصرف الواعي والمقصود من الشعراء حين يوظفون التقديم والتأخير في بناء نصوصهم الشعرية. ونرى الحذف أيضا حاضراً في المقطوعة السابقة بقصد الإيجاز لأن السياق دل على المحذوف في قول الشاعر " حِكاياتٍ بلا أَهْلٍ، بلا رَبْعٍ، بلا قُدْسٍ، بلا أسوارْ" حيث تم حذف الفعل والفاعل والإبقاء على المفعول به " حكاياتٍ" هنا لأنهما معروفان بالضرورة من السياق السابق. كما وظف الشاعر الموروثات الدينية والتاريخية وكذلك الأسطورة والتي ضمَّنَها الشاعر في نصوصه في غير مكان بأسلوب التناص. ومن أمثلة التناص ما جاء في " شكوى إلى الله في علاه" : أبي لَمْ يَتلُ في دُنياهُ مُذْ ضاعَتْ سوى آياتِ ياسينِ! وأنباني بِأَنَّ العُرْبَ إخواني وَقُلْنا نَصْنَعُ الإِسراءَ من مَعْراجِ مَنْ لولاهُ ما كانَتْ فِلِسطيني! فالجمل التالية: //آياتُ ياسين // بأنّ العرب إخواني// الاسراء منْ مَعراج// كلها شواهد على التناص الذي يثري النص ويعمق الفهم من خلال دلالاته المختلفة دينياً وتاريخيا. أما التكرار فكان ملفتًا وبالغَ الشاعر كمال اغبارية في توظيفه أمثلته ما جاء في مقطوعة "الطفل العفريت زهران: البداية" حيث يقول إغبارية: كلُّ ما فيها رَبيعْ! لن تَضيعْ! لنْ تَضيعْ! بعدَ هذا التّيهِ عُدنا لنْ نَضيعْ! فجاء تكرار " لن تضيع" و " لن نضيع" لغرض تأكيد حقيقة أن هذا الوطن عائد لأصحابه الأصليين وأن الفلسطيني رغم التغريبة ورغم كل ما يجري لن يضيع. 3- المحسنات البديعية يميل الشاعر في كثير من الأحيان إلى توظيف المحسنات البديعية في شعره كالجناس والسجعٍ والطباق (تضاد) لأغراض لا تخفى على الناقد الحصيف. وقد اتكأ إغبارية في ديوانه على السجع كثيرا وبالغ فيه فلا تكاد تخلو قصيدة تفعيلة فيه ولا قصيدة نثرية من السجع. ومن أمثلة ذلك ما جاء في مقطوعة " الأمير العملاق زهران الصغير" : لا وَقْتَ نَسْرِقُهُ مَتى ضاعَ الرَّفيقْ انْظُرْ عُيونَ العادِياتْ تَسْتَقْطِبُ الرُّعْبَ الّذي منْ رَحْمِهِ شبَّ الحَريقْ! هذي العُيونُ- يا أميري- أَدْمَنَتْ نقَّ النَّقيقْ! صارَتْ كما الصّرصار في صرٍّ صَفيقْ والسجع في المقتطف السابق بقوله: //الرفيق // الحريق // النقيق // صفيق أما الجناس فمثاله من مقطوعة " الخنفساء: المقطع الثالث: هذه الشّامُ الّتي كانتْ لنا حكرٌ لكمْ ذَبِّحوا لا تُذْبَحُوا حَرِّقوا لا تُحْرَقُوا فانبَرَتْ تروي الدّماءْ بالأماني والمنايا فجاء الجناس غير التام في: //ذبّحوا-تذبحوا// حرِّقوا-تحرقوا// الأماني- المنايا//. أما التضاد فمثاله أيضا من مقطوعة " نشيد الأمة العربية" ما يلي: نِمْنا قُمْتُمْ تُهْنا عُدْتُمْ قُلْنا شِئتُمْ مُتْنا عِشْتُمْ لَكُمُ الدُّنيا، لَكُمُ الأخرى، لَكُمُ الصَّرْحُ، لَكُمُ الطَّرْحُ، لَكُمُ الوَصْلُ، لَكُمُ الفَصْلُ، فالتضاد جاء في هذه المقطوعة في المفردات التالية: // نِمْنا-قُمْتُمْ// مُتْنا-عِشْتُمْ// الدنيا-الأخرى// الوصل-الفصل//. 4- جماليات المستوى الصوتي- الإيقاع الخارجي تنوعت المستويات الصوتية في اختلاف النمط الذي كتب عليه الشاعر من خلال تنقله بين التفعيلة وقصيدة النثر والعامية والشعر العمودي، مما جعل العمل متحركاً إيقاعياً بين هذه المستويات. حيث غلبت تفعيلة " مستفعلن" في بعض النصوص ومثلها " فاعلاتن". كما تنوع العمودي بين عدة بحور مثل الرمل في قصيدة " إلى الّذين لا يُدركون شرفَ الحقدِ ونُبْلَه"، والكامل في " مجرمون" ، والوافر في " لعنة البترول" وغيرها. الإيقاع الداخلي يتمثل الإيقاع الداخلي في القصيدة من وحدات إيقاعية تزين النص. ويكون الإيقاع الداخلي من: تَكرار ( صوتي ولفظي ) ومن موازنة وتجاور صوتي وتصريع وغيرها من الوحدات الإيقاعية التي تساعد على إبراز جماليات النص ومعانيه ( ). • التكرار الصوتي قال إغبارية في مقطوعة " أحمد: الفارسُ اليَتيمُ يترجَّل" : لنْ أكونَ فارِسًا عاديًّا فأنا كما تَعْرِفينْ لا يتّسِعُ لِلَسَعاتِ غَضَبي أيُّ مَيْدانْ لَنْ أكونَ على منابِرِ الفُرْسانْ أنا لا أُحِبُّ الثَّرْثَرَة ولا أجيدُ القَعْقَعَة ولا مناكَفَةَ الجوفِ منَ الزُّعْرانْ لنْ أكونَ على شاشاتِ الأرجوانْ نجد في هذا النص، تكرار حرف ( النون ) في: ( لن-أنا-تعرفين-ميدان-أكون-منابر-الفرسان-مناكفة-من-الزعران-الأرجوان. ولا شك أن تَكرار مثل هذا الحرف له دلالته على الشاعر وقصيدته. فحرف النون حرفٌ مجهور، ودلالته في القصيدة: الظهور والبروز. حيث نجد الإعتداد بالنفس، ومحاولة الظهور. • التكرار اللفظي يقول إغبارية في قصيدة " غَضَبٌ... يا أُمَّةَ الهَرَب": صَحْوي هَرَبْ سَفَري هَرَب كاسي هَرَب أَسْتَيْقِظُ والغولُ يَتْبَعُني فأَغْرَقُ في بَراكينِ الهَرَبْ! غَضَبْ! نَغْفو غَضَبْ! مَرَحى غَضَبْ! فتكرار لفظتي " هرب" و " غضب" بوتيرة عالية يدلل أنّ الشاعر يهدف إلى دلالة التوكيد وأهمية ما يكرره. ودلالة ذلك التكرار على النص، هو تعجب الشاعر من الروح الإنهزامية للأمة وغضبه الشديد من كل ما يجري. • الموازنة الموازنة مصطلح يُقصد به " التساوي بين الكلمات صرفيًا. يقول الشاعر إغبارية في قصيدة " وللشعر مهرجان في هوى كنعان": ليتَ يا ريحَ الحَنينِ أنْتَشي منْ زُمَّرينِ انْظُري نَحْوي وقولي: غارَ غَوري في أنيني ففي النص السابق نجد الموازنة في الألفاظ // الحنينِ-زُمّرينِ-أنيني// مما يضفي على النصِّ إيقاعاً داخلياً يضاف للإيقاع الذي رسمته تفعيلة " فاعلاتن" فخرج النص مُفعماً بالإيقاع والموسيقى. 5- الرمزية والإيحاء الرمز الشعري: هو وسيلة من الوسائل الفنية الحديثة التي لجأ إليها الشاعر الحديث للتعبير عما يجول بخاطره من أفكارٍ ورؤىً شعرية، تضاف هذه الوسيلة إلى الوسائل الفنية الأخرى التي يوظفها الشاعر في قصيدته ( ). ونجد في ديوان إغبارية أن معظم نصوص الديوان مرمزة ترميزا عميقاً يحتاج لجهد المتلقي لاستنباط الدلالات والغايات والمقاصد. فعلى سبيل المثال نجد أن مقطوعة " مؤامرة الطّيْف والخُنْفُساء والجُعل" جاءت مرمزة بالكامل، وكذلك الأمر بالنسبة لمقطوعة " حكاية الجد زهران للحفيد عمران". الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الإثنين 29-08-2022 09:16 صباحا الزوار: 483 التعليقات: 0
|
|