|
|
||
|
قراءة نقدية لقصيدة "أغار عليك" للشاعرة د. هنا فوزي الزين ... اعداد د. موسى الشيخاني
قراءة نقدية لقصيدة "أغار عليك" للشاعرة د. هنا فوزي الزين... اعداد : د. موسى الشيخاني
أولاً: قراءة في سيرة الشاعرة د. هنا فوزي الزين
الدكتورة هنا فوزي الزين، الملقبة بـ"Amb Dr.Hana Al-Zeina Abraham"، هي شاعرة وأديبة تحمل حضوراً ثقافياً رصيناً في الساحة الأدبية العربية. تنتمي إلى جيل من المثقفين الذين مزجوا بين الفكر والوجدان، حيث يظهر في إنتاجها الشعري تمازج بين البعد الإنساني، والرؤية الجمالية، والنفَس الفلسفي. د. هنا، وهي دبلوماسية ومثقفة تحمل لقب "Amb"، تجمع في مسيرتها بين التعدد المعرفي والانفتاح على المدارس الشعرية الحديثة، ما منحها صوتًا مميزًا في المشهد الإبداعي. ديوانها "شذرات الهنا" الذي وردت منه هذه القصيدة، هو تجلٍّ لعاطفة متوقدة، وأنوثة ناضجة، وصوت شعري يتقن الحفر في مناطق الشعور الأكثر عمقًا وغليانًا.
ثانيًا: القراءة النقدية لقصيدة "أغار عليك"
1. البنية الفنية والموسيقية:
تنبني القصيدة على وحدة موسيقية داخلية قائمة على تكرار لفظ "أغار عليك"، بما يُؤسس لإيقاع داخلي يجعل المتلقي مشدودًا للنبض الشعري المتواتر. تعتمد الشاعرة على التوازي الصوتي واللفظي في التراكيب، وعلى توالي الصور المتدفقة كالسيل العاطفي، مما يخلق انطباعًا بالشغف والانهمار. هي ليست قصيدة عمودية، ولا تفعيلة تقليدية، لكنها تمضي بأسلوب النثر الشعري الممزوج بجمالية التكرار وقوة العاطفة.
2. ثيمة الغيرة: حضور أنثوي مطلق
الغيرة في هذا النص ليست مجرد شعور عاطفي عابر، بل تتحول إلى مركز ثقل للقصيدة كلها، بل إلى فلسفة قائمة على التملك الوجداني. الغيرة تتجاوز المألوف، فهي ليست من امرأة أخرى، بل من النفس، من الجسد، من الشعر، من الخيال، من الدم، من الشوق ذاته.
هذه الغيرة ليست مرضية، بل حالة احتراق شغفيّ نبيل، تمثل فيها الذات الأنثوية أعلى درجات الانصهار في الحب.
3. البناء الشعوري والنفسي:
النص يتصاعد تدريجيًا على سلم الشوق والقلق والاحتراق الداخلي، يبدأ بوصف الغيرة من النفس، وينتهي بطلب واضح بالاحتواء. الختام يحمل منحنى استسلاميًا عاطفيًا، يجمع بين الرجاء، والتوق، والبوح الصريح.
أيضًا، ثنائية "اللقاء والفراق"، "الحضور والانسحاب"، "السكون والاضطراب" – كلها تجسد حالة من التناقض العاطفي الذي يعيشه العاشق حين يذوب في المحبوب حدّ التلاشي.
4. الصورة الشعرية والانزياح البلاغي:
تعتمد الشاعرة على تراكم الصور البلاغية المكثفة والمجازات المتتالية، فنجد مثلاً:
- "دفء همسك فيَّ يجري" — تشخيص وتلبّس للحواس. - "أنت يا أشهى ذنوبي" — صورة مركبة تتداخل فيها اللذة بالخطيئة، في بُعد صوفي شهواني.
5. اللغة: بين البساطة والانسياب العاطفي
رغم أن اللغة في ظاهرها بسيطة ومباشرة، إلا أن هذا الوضوح الشفاف هو سر قوتها. الكلمات تحمل معانيها بعفوية راقية لا تصطنع التكلّف، بل توصل التجربة كما هي: حقيقية، ملتهبة، أنثوية، منسكبة من قلب ينبض على الورق.
الخلاصة:
قصيدة "أغار عليك" ليست مجرد قصيدة حب، بل أنشودة عشق أنثويّ مطلق. هي اعتراف صريح بالضعف والاحتراق والانجذاب، بل بالذوبان في الآخر، حدّ فقدان السيطرة على الذات.
تميزت د. هنا فوزي الزين في هذا النص بقدرتها على استخدام التكرار كوسيلة فنية لا لتأكيد المعنى فحسب، بل لتكثيف العاطفة وبناء الحالة النفسية للمتلقّي.
هي قصيدة تحاكي قارئها وجدانيًا أكثر مما تخاطبه فكريًا، وتدعوه لعيش تجربة الحنين، الخوف، التوق، والانغماس في نار العشق.
د. موسى الشيخاني ناقد وشاعر عربي الرئيس التنفيذي لمؤسسة عرار العربية للإعلام والثقافة
أغار عليك أغارُ عَليكَ مِنْ نَفسي وَمِنْ ضَعفي وَمِنْ بأسي وَمِنْ جَهلي وَمِنْ عِلمي وَمِنْ زَهوي وَمِنْ ياسي وَمِن خَفقِ الفؤادِ إذا تَحَدّى نَبْضُهُ حَدسي أَغارُ عَليكَ مِنْ شَوقي وَمِنْ خَوفي وَمِنْ تَوقي وَمِنْ شَغَفي وَمِنْ أَسَفي وَمِنْ تَوقي وَمِنْ صَلَفي مِنْ شَفَتَيَّ مِنْ خَدّيَّ مِنْ عَينَيَّ يا عُمري وَمِن لَمسي وَمِنْ هَمسي مِنْ شَوقي إِليكَ إِليك وَمِنْ خَوفي العَميقِ عَليكَ ومِن توقي لِلُقياكَ وأَغار عَليكَ مِنَ الأنسام مِنَ الأحلامِ مِنَ الأنغامِ مِنَ الهَمساتِ مِنَ القُبلاتِ مِنَ النَّظراتِ وَحَتّى من شراييني وما يَسري بأعماقي ويُحيني أَغارُ عَليكَ مِن عَينيَّ مِنْ كَفَّيَّ مِنْ خَدَّيَّ مِنْ شوقي ومِنْ توقي وَمِنْ عِشْقي لِدِفئ يَدَيك لِلإِغراءِ في شَفَتَيكْ أَغارُ عَلَيكَ مِنَ احتِراقي في اللِّقاء وَفي الفِراقْ في الشِّقاقِ وَفي العِناقْ وفي ابْتِعادي واقترابي في سُكوني واضطِرابي في حُضوري وَانْسِحابي حَتَّى إِنّي أَغارُ مِنّي مِنْ جَوى شَلالِ شَعري حِنَما يَألو إِلَيكْ أَو تَمَسُّهُ راحَتَيْكْ آهِ مِمّا في فوادي مِن لَهيبي يا حَبيبي أَنتَ يا أَشْهى ذُنوبي دِفءُ هَمْسِكَ فيَّ يَجري كُلَّما حاوَلتُ أَنسى راحَ يَسري في دِمائي غيرَةَ تُقصي حَيائي وارتِباكي واسْتِيائي وِفقَ شَوقي لاحتوائي فاحتويني بِساعِديك ضُمَّني حَتَّى أُريكْ كَمْ أغارُ أَنا عَليكْ قلم ✏ د.هنا فوزي الزين جميع الحقوق محفوظة من ديوان شذرات الهنا. Amb Dr.Hana Al- Zeina Abraham الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الجمعة 27-06-2025 03:20 مساء الزوار: 825 التعليقات: 0
|
|