|
عرار: خالد الظنحاني :يقال عنه مع مرض ضغط الدم "القاتل الصامت" في حال لم تتخذه صديقاً، إنه داء السكري الذي أصبح واحدا من أبرز الأمراض التي تهدد صحة الإنسان في هذا القرن، والأسرع نموا في العالم من بين الأمراض المنهكة. أما عن أسباب هذا الوباء العالمي، فتعود إلى حد كبير، إلى النمو السكاني والتحضر والشيخوخة. فضلاً عن آفة البدانة وقلة النشاط البدني. وقد انتشر هذا المرض في جميع أنحاء العالم، حيث وصل عدد المصابين به مع حلول عام 2011 إلى نحو 366 مليون نسمة، وفقا لإحصاءات "الاتحاد الدولي للسكري"، ويتوقع أن يزيد هذا العدد ليصل إلى 530 مليون نسمة في عام 2030، حسب تقرير "منظمة الصحة العالمية". ولمرض السكري مخاطر عدة مرتبطة به، كانخفاض متوسط العمر المتوقع، وزيادة خطر حدوث مضاعفات الأوعية الدماغية والدموية، وأمراض القلب والسكتة الدماغية، وتضاؤل نوعية الحياة. أما عن عدد الوفيات الناجمة عن هذا المرض، فقد وصل إلى نحو 4.6 ملايين حالة وفاة في عام 2011، وذلك بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20-79 عاما، وهو ما يمثل نسبة 8.2% من مجموع الوفيات على مستوى العالم. وهي نسبة بكل المقاييس تعتبر خطيرة للغاية في حال لم يتدارك العالم ذلك، عبر تكثيف الأبحاث الطبية والخروج بدواء يقضي على هذا الداء اللعين. أما عن المسببات الرئيسي للمرض، فغالبا ما تتمثل في الوجبات الغنية المشبعة بالدهون، ومتلازمة التمثيل الغذائي وارتفاع ضغط الدم وانخفاض مستويات النشاط البدني، إضافة إلى تقدّم العمر، أي بعد سن الـ45، ويدخل التاريخ العائلي لمرض السكري والعامل الجيني، ضمن المسببات الخطيرة لهذا المرض، خصوصا العوامل الوراثية التي تلعب على الأرجح دورا كبيرا في انتشار هذا الوباء. كما أن التطور السريع الذي حدث في السنوات الـ30 الماضية، كان عاملا مؤثرا في زيادة انتشار السكري. ومع أن المفترض هو أن يجلب هذا النمو الاقتصادي فرصا كبيرة لإدخال تحسينات في البنية التحتية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، إلا أنه للأسف أضحى عبئاً أكبر بسبب السمنة، وانتشار النمط الغربي للوجبات السريعة، والاعتماد على العمالة المهاجرة الرخيصة. كما أن زيادة دخل الفرد والإكثار من تناول الطعام، وهو جزء من عملية التنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى طقوس التجمعات الكبيرة التي تعتمد على وجبات الطعام الدسمة كالأرز واللحوم، فضلاً عن قلة حركة الجسم، تمثل أهم الأسباب المَرضية في دول الخليج العربي. ووفقا للإحصاءات الصادرة عن مركز "امبريال كوليدج ـ لندن للسكري"، على هامش "معرض الصحة العربي"، فإن 19.5% من سكان دولة الإمارات، وهذا ما يهمّنا أكثر، مصابون بمرض السكري، حيث إن 40% من المواطنين فوق عمر الستين مصابون بالمرض نفسه.. ومن المتوقع أن تزيد هذه الأعداد خلال السنوات المقبلة، إذ يشكل داء السكري 75% من الوفيات بين مواطني الدولة، و31% بين غير المواطنين. ومن جهته، أوضح "الاتحاد الدولي للسكري" في إحصائيته لسنة 2011، أن دولة الإمارات تحتل المرتبة العاشرة بين الدول ذات المعدلات العالية لانتشار مرض السكري، حيث يقدّر أن واحدا من كل خمسة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 20 ـ 79، يعيش مع هذا المرض، في حين أن النسبة نفسها من السكان معرّضة لخطر الإصابة به. وقد أجري تشخيص لأطفال مصابين بالمرض لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، واتضح أن السبب هو نمط الحياة المرفهة والعادات السيئة في تناول الطعام.. فأين الرعاية الصحية السليمة للوالدين من هؤلاء الأطفال المصابين؟ وبناءً على ذلك، فإنه يجب على الوالدين أن يولوا أبناءهم الرعاية الصحية السليمة، ويقدموا لهم نظاما غذائيا متوازنا، وأن يبتعدوا عن عاداتهم السلبية المتكررة في تقديم الحلوى لأبنائهم في "الطالعة والنازلة"، والتي نراها ونلمسها بين الأسر في بعض البيوت والمدارس ومراكز الترفيه، بحيث يقدمونها لأبنائهم كجوائز أو هدايا تكريمية وتحفيزية مقابل طاعة الأوامر أو غير ذلك. وما دام الأمر كذلك فإننا نتمنى على المرضى المصابين بداء السكري، اتباع تعليمات الطبيب والالتزام بتناول الدواء والغذاء الصحي والسليم، تفادياً لخطر تفاقم هذا المرض المهلك. خلاصة القول؛ إن هذا المرض الخطير أصبح يشكل تهديداً كبيراً لصحة أفراد المجتمع، وبالتالي إضعاف فاعليتهم العملية، بالمساهمة في تطور الدولة وتنميتها. وعليه وتفادياً لتفاقم أعداد المصابين به، فإننا ندعو الجهات المعنية إلى إنشاء صالات رياضية أو أندية صحية في مختلف المناطق والأحياء السكنية في كل مدن الدولة، لتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة النشاط الرياضي. ورصد جوائز مادية وعينية للمشاركين في البرامج الرياضية التي تنظمها الأندية المذكورة، دعما وتحفيزا لأفراد المجتمع على الاستمرار في العطاء الرياضي دون انقطاع، وهو الأمر الذي سيسهم في نشر السلامة الصحية بين أفراد المجتمع من جهة. ومن جهة ثانية يوفر على الدولة الكثير من الأموال التي تستنزفها عملية العلاج الطبي للمرضى.. مع العلم أن التكلفة المادية لإنشاء الأندية أو الصالات الرياضية بكل تجهيزاتها، تعتبر أقل بكثير من مجموع الميزانيات المالية الضخمة التي تصرف على إنشاء المراكز الصحية واستقدام الأطباء والممرضين، فضلاً عن توفير الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية. نتمنى أن يحظى هذا الموضوع باهتمام كبير من جانب أفراد المجتمع أولًا، ومن ثمّ المؤسسات الحكومية المعنية، لما لهذا المرض الخطير من تداعيات سلبية على سلامة أفراد مجتمع الإمارات، والذين نعدهم ثروة الوطن الحقيقية. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 12-10-2012 04:08 مساء
الزوار: 6292 التعليقات: 0
|