المثقف الملتزم صاحب رسالة تفرض عليه الاهتمام بقضايا مجتمعه وأمته
عرار:
نضال برقان
رغم أهمية دور المثقف الحقيقي، في مختلف الظروف التي تواجه مجتمعه، فإن ذلك الدور يتعاظم في اللحظات الحرجة والفارقة من التاريخ، إذ يتجلى اشتباكه الفاعل مع قضايا الأمة المصيرية. وبينما تواجه الأمة العربية تحديا مصيريا متمثلا بالعدوان الصهيوني الغاشم على الأهل في فلسطين عموما، وفي غزة على وجه التحديد، من قتل وتدمير ممنهج للبنية التحتية والصحية، ومحاولات التهجير القسرية للشعب الفلسطيني، فإننا نتوجه بمجموعة من الأسئلة التي تتمحور حول دور المثقف الحقيقي وما يُنتظر منه في اللحظات الحرجة والفارقة من التاريخ، إلى مجموعة من المثقفين، ومحطتنا اليوم مع الناقد والقاص الدكتور زياد أبولبن.
برأيك، ما الدور الذي يمكن أن يقوم به المثقف العربي في ظل العدوان الغاشم الذي يقوم به الاحتلال في غزة؟ - إن ما يدور في غزّة من حرب مستعرة يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني يدفعنا للوقوف على دور المثقف العربي، الذي يقف عاجزاً عن فعل شيء أكثر من لغة الكلام المشحونة بلغة الشارع العربي، وليس له تأثير على صاحب القرار، فهو في الأساس مهمّش، وسقف خطابه متدنٍ، فكيف له أن يكون قوياً وفاعلاً؟! عدا عن أنه يسارع إلى تحليل ما يحدث تحليلاً مكرراً أو نسخة عن تحليلات السياسيين والعسكريين، كما يحاول فذلكته كأصحاب القرار، وإن ما يصدر عنه يتوافق مع ما يصدر عن الهيئات الثقافية، التي هي رهن المؤسسة الرسمية، من شجب واستنكار وإدانة. عندما يمتلك المثقف العربي صوتاً مؤثراً في الوضع الطبيعي لرسالته في الحياة، حينها يكون تأثيره قوياً ومسموعاً على صاحب القرار، وموقفه لا يختلف عن موقف أساتذة الجامعات، الذين تحوّلوا إلى موظفين، وفرّغوا التعليم من مضمونه وهدفه، في الوقت الذي كانت الجامعات منارات علم وتغيير. إن ما تمرّ به الأمة العربية من ويلات الحروب والفتن يجعلها عاجزة عن فعل المقاومة، أنا أتحدث عن فعل جماعي يستنهض الشعوب العربية، وإن ما تقوم به المقاومة على أرض فلسطين وأخص غزة بصيص ضوء في نفق معتم. لعل صورة المقاومة أمام صورة الإرهاب الصهيوني-الأمريكي تحرك الساكن في نفوس هذه الأمة المكبّلة. إن ما نشاهده من صور الصمود والبطولة ومن صور التضحيات على أرض فلسطين يحيي فينا الأمل في التغيير القادم، قد يطول أو يقصر، لكن القادم بما يحمله من بشائر النصر أو تحقيق جزء من استرداد كرامة الإنسان العربي هو خبز يومنا.
ترى هل تناول المثقفين للأحداث الكبرى واللحظات المصيرية في تاريخ الأمة من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي أم سلبي على المنتج الإبداعي، ولماذا؟ - إذا كانت صورة المثقف العربي صورة باهتة وغير فاعلة في المجتمع، فما الفائدة أن يقدّم منتجاً أدبياً أو فكرياً أو فنياً مستوحى من الأحداث الكبرى واللحظات المصيرية في تاريخ الأمة؟! فهو مقاتل ورقي ليس أكثر. فما نشاهده في الفضاء الإلكتروني من قتل وحشي ودمار في فلسطين عامة، وغزة خاصة، يفوق الصورة المتخيلة في نتاجه، وإن صورة واحدة من صور كثيرة يصنعها الإرهاب الصهيوني في غزة، تفوق ما يمكن أن يصنعه المثقف على الورق.