|
عرار: بادرت وزارة الثقافة إلى عقد جلسة تمهيدية للنقاش والتفكير الجماعي بصوت مرتفع ، قبل البدء بالتحضير للمؤتمر الثقافي الوطني ، وهي مبادرة طيبة تؤكد مبدأ الحوار قبل اتخاذ القرار ، وقد فهمنا منها أن زمنا جديدا في العلاقة بين المثقف ووزارة الثقافة قد بدأ ، فالوزارة تعتبر نفسها مظلة المثقفين ، وليست صانعة الثقافة، وكان تكليف لجنة تحضيرية بالإعداد لمؤتمر ثقافي بالانتخاب المباشر ، بدلا عن الصورة التقليدية التي يتم فيها تكليف لجنة رسمية بفرمان يصدره وزير الثقافة ، خطوة نحو تحقيق التجديد في الرؤية للعلاقة بين الوزارة وصانعي الثقافة . لقد تبين بوضوح بأن ثقافة أخرى بدأت بيننا بعد الربيع العربي ، وسواء رضينا بما يحدث في عالمنا العربي أم غضبنا ، فإن عصرا جديدا قد بدأ على كل صعيد ، ولأن الثقافة هي الممارسة ونمط التفكير والسلوك ، فإن علينا أن نعترف بأننا أمام حالة جديدة ستغير السائد والتقليدي ، صحيح أن الثوابت قائمة ويجب التمسك فيها ، وعلى رأسها العربية التي نعتبرها تاج رؤوسنا ، لكن عالمنا انقلب رأسا على عقب ، وثقافة ما قبل العولمة لا يمكن استمرارها اليوم ، والسؤال المقلق أمام الوزارة الآن : عن أي ثقافة نتحدث ..؟ وهل سيخاطب المؤتمر الموعود والقريب جدا الجيل الحالي الذي يصنع الثقافة التقليدية ، أو أنه سيضع استراتيجية للقادم ولأجيال ( الديجتال ) وهم الفئة المستهدفة ، وإلا فما فائدة أن نرسم خططا تخدم الراهن وتتحدث بلسان الحاضرين ، وتغيب الزمن القادم ..؟ والمعضلة التي تقلق العالم كله هو سرعة التغير في عالمنا الذي بدأ يتعامل بسرعة الضوء ، فهل نبقى خارج إطار الزمن ..؟ وعن أي ثقافة نتحدث ..؟ أجمل ما شهدته أروقة وزارة الثقافة في التفكير الجمعي لصياغة محاور المؤتمر بين أعضاء اللجنة التحضيرية ، هو اتفاق الجميع على ضرورة إطلاق ( رسالة عمان الثقافية ) أسوة برسالة عمان التي تقدمت على العالمين العربي والإسلامي بطروحاتها الواعية والتي تقوم على ثوابت راسخة ورؤيا مستقبلية ، لقد تبين للجميع بأن عمان اليوم هي العاصمة العربية المؤهلة لتبني إطلاق ( رسالة عمان الثقافية ) فهي حاضنة العرب وصوتهم القومي منذ فجر الثورة العربية الكبرى أو ( النهضة ) كما سماها أصحابها ، وعمان هي ( الملاذ ) الذي يضم الأهل بروح عربية صافية ، وهي جنة التعليم والشفاء ، وعلى أرضها يقوم مجتمع متوائم من شتى المنابت والأصول وقد تفتح فيها جيل شاب يتقن اللعبة العصرية ، عالم الديجيتال وهو الوعاء الذي لا تقوم قائمة للثقافة القادمة من دونه .. عمان إذن بميراثها القومي وصورتها الثقافية الواعدة مؤهلة لتبنى إطلاق ( رسالة عمان الثقافية ) وهو ما نأمل أن يتبناه المؤتمر الموعود ، وأقول وبكل ثقة بأن الثقافة تليق بعمان ، التي تحتضن الحضارة منذ ( عين غزال ) ومملكة العمونيين .. ولأنها ملاذ العروبة وقلبها النابض ، ولكل ما فيها من ثوابت تشدنا ، نقول بثقة ، تعالوا نطلق رسالة عمان الثقافية فقد آن أوانها بعد كل الأحداث الدرامية التي تحيط بنا .. نحن الأرض الصلبة التي ستطلق الزمن الثقافي الجديد رغم محدودية مواردنا ، ثروتنا البشرية رصيد لا يخضع لحسابات البنك الدولي ولا منظمة التجارة .. رصيدنا عصي على كل الحسابات ، وثقافة عمان الواعية قادمة وهي صوت المستقبل ، فلنطلقها بأمان ، ومرحبا بعصر ثقافي جديد . نقلا عن جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الجمعة 02-03-2012 10:38 مساء
الزوار: 2575 التعليقات: 0
|