الشاعر والناقد عبدالرحيم جداية إضاءة: يقول بيكاسو: «الرجل العادي يصنع من الشمس لونا أصفرَ، أما الفنان فيصنع من اللون الأصفر شمسًا» إضاءة: يفضل آنسل آدم المصور الأمريكي الكبيرالأبيض والأسود على الألوان؛ لأنها تعطي قيمة ضوئية إضافية للمصور المحترف، وآنسل هو صاحب أول كتاب في التصوير الفوتوغرافي وصلت له خلال دراستي الجامعية الأولى. يعد العمل الفني الفوتوغرافي بصفة عامة عملا فنيا يقوم على تقنيات ضوئية، من خلال الكاميرا التي يحملها الفنان، وليس كل من حمل كاميرا صار فنانا، فالكاميرات كُثر، والفنانون يعدون على الأصابع، ولا تأتي قلتهم من عدم درايتهم بتقنيات التصوير، بل تأتي قلتهم من عدم إحساسهم وشعورهم المذاب ضوئيا في الصورة، فعلى المصور الفنان أن يدرس تقنيات الكاميرا والعدسات، ويحمل إحساسا خاصا من خلال عين ترى ويد تطيع. وقد أفردت هذه الشهادة الفنية بحق المصور الفنان محمد الصمادي، الذي حقق هذه المعادلة الأولى وهي تقنيات التصوير، وامتد بحساسية عينه ومشاعره العذبة اللطيفة إلى روح الضوء، والمزج الضوئي في آلية الكاميرا، وروح الفنان مقدما لنا عملا فنيا مبهجا، فالمزج الضوئي تتكون ألوانه الأساسية من ثلاثة ألوان، هي الأخضر والأصفر والأحمر، على عكس الألوان الأساسية الكيميائية، فالألوان الزيتية والمائية التي ترتكز على ثلاثة ألوان أساسية هي الأزرق والأصفر والأحمر، حيث يشكلان عالمان من المزج الكيميائي والمزج الضوئي، ولا يفضل أحدهما على الآخر إلا بريشة الفنان على الألوان الكيميائية، وعين الفنان على الألوان الضوئية، مما يشكل عالما حسيا وشعوريا وعقليا هائلا ضمن إطار اللوحة والصورة. وبالعودة إلى الصورة التي تساهم تقنياتها في ابداع المصور، وأولها الإطار الذي يحدده الفنان بعين العدسة، وبعينه ذات المراس الشديد في ضبط الإطار طولا أو عرضا وما يحتوي الإطار من أشكال تتماسك أو تنفلت حسب التشكيل الجمالي المناسب للصورة. فالمصور البارع الذي يختار المناسب للشكل المناسب، فيختار الشكل الطولي للبورتريه، كما يختارها للأجسام العالية، والأشكال الطولية في ترتيب جمالي يحقق تكوينا فنيا، وإن لم يتحقق التكوين الفني بشكل جمالي طوليا، فقد تفشل الصورة، وهذا ما يدركه المصور الفنان محمد الصمادي، فهو يعرف متى يلزم الإطار أن يكون عرضيا، وطبيعة الأشكال ضمن هذا الترتيب العرضي، وغالبا ما يستخدم في (land scape) المناظر الطبيعية، فالإطار هو الخطوة الأولى في بناء المصور الفنان، الذي يتحكم في إطار الصورة والوحدات التي تحويها، محققة أسس العمل الفني وأهمها الانسجام، الذي يتأتى من علاقة الأشكال والألوان، فالمصور مصمم داخل الإطار، والمصور فنان داخل الإطار، فنان يعرف علاقات الأشكال الطولية والعرضية، ليخلق منها عالما سحريا، ينطق بها إطار الصورة. أما أبرز المهارات الذوقية والحسية عند الفنان، فهو التكوين الفني للعمل داخل الإطار، وهي حاسة عليا، بتراكب وتلاصق وتقارب الأشكال البسيطة، لتعطينا تكوينا فنيا باذخ الجمال، وهذا لا يملكه إلا الكبار من المصورين الفنانين، وهذا ما أجده بارزا في أعمال المصور الفنان محمد الصمادي، إذ يبني كل صورة على تكوين فني بعلاقة جمالية بين الكتلة والإطار، وهذه العلاقة لا يتقنها حاملو الكاميرات (أي كل من يحمل كاميرا ويدعي أنه مصور)، وهذه التكوينات قامت هندسيا على بناء المثلثات، فإما تكون الكتلة على شكل قائم الزاوية من اليمين، أو شكل قائم الزاوية من اليسار، أو شكلي قائم الزاوية من اليمين واليسار يتقاطع معهما مثلث متساوي الساقين، وهذا التصنيف الهندسي للتكوين الفني هي تكوينات كلاسيكية ظهرت من لعصور الوسطى على يد ليوناردو دافنشي ورافائيل وغيرهم من الفنانين في تلك العصور، فأول الجمال الشكل الهندسي البسيط، ثنائي الأبعاد والذي تحسب مساحته، وهذا ما وجد في كهوف اسبانيا وغيره من الفن البدائي من آلاف السنوات، وهو الذي عرف بالمدرسة الفنية التجريدية، والتي تقوم على تبسيط الأشكال الى خطوط هندسية توحي بالشكل، وهذا الإيحاء درسته الروائية الأمريكية سوزان سونتاج في العديد من الروايات، حيث وجدت في كل نص إبداعي جملة موحية. فما الموحي في الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي.. أنه الضوء، الضوء الساقط على الأجسام، والظل الناتج عن مساقط الضوء، إذ بالضوء والظل يظهر البعد الثالث الخفي، وهي عملية تجسيد الأشكال المجردة إلى أشكال معقولة عند الإنسان، لهذا سميت التصوير الفوتوغرافي بالفن الضوئي، وبالإضافة إلى هذا التجسيد فإنه يحتاج إلى درجات من الضوء ودرجات من الظل، حتى يكتمل المجسم، مجسم الإنسان او الحيوان في أبهى حلل الجمال، فالتصوير الإبداعي هو القيمة الضوئية التي يحددها المصور عبر عدسة الكاميرا في زمن ما لالتقاط صورة مثالية، وهذا ما أجده في أغلب أعمال محمد الصمادي الفنية، لهذا نراه دقيقا متأنيا يحدد الإطار وسرعة الغالق وفتحة الضوء، حيث ينتج عن ذلك واقصد عن العين البصيرة عمل فني تزدهي به الجدران والمعارض والمتاحف، لهذا نجده دائم التصوير ودائم التصنيف لهذه الصور ودائم المعارض حتى يحكم العالم على جمال ما أنتج من صور، وبهذا يشكل الصمادي قامته الفنية، الناتجة عن الميل والهواية أولا، والتي تكتمل بالتقنيات الفنية، ثم تسمو بالعين البصيرة التي تحدد ملامح الجمال بالعمل الفني، وإن كان أولها الضوء فثانيها العلاقة بين الكتلة والاطار وهذه علاقة فنية بحتة لا يتقنها إلا صاحب عين بصيرة من أمثال الفنان محمد الصمادي، ومع تعدد التقنيات يظهر أشكال الجمال فتقنية واحدة لا تكفي، لكن الزوايا مهما تعددت فإن زاوية واحدة تكفي لإنتاج صورة فنية غاية في الروعة. والسؤال لماذا لا ينتسب الفنان محمد الصمادي إلى جمعية المصورين الأردنيين في عمان؟ والتي كنت احد مؤسسيها بصحبة المصورين المبدعين أديب عطوان وسقراط قاحوش وخلدون أبو طالب ويحيى مساد ونخبة من المصورين الأردنيين. محمد الصمادي فنان خبير وعين بصيرة للضوء معنى كبير كما الظل في تجسيد صور وهو المحترف المتابع في عملية التصوير لينتج عالما من الجمال.