|
عرار:
مجدي دعيبس «نشيد الرجل الطيب» رواية جميلة لقاسم توفيق بلغة روائية رصينة ومنطلقة دون انزياحات قد تشتت القارئ وتبعثر تركيزه؛ ليظلّ ممسكًا بخط السرد ومتتبعًا للحدث وحركة الشخصيات. رواية تخلو من الأخطاء الإملائية التي أعدّها من التّلوث البصري الذي إذا زاد عن حدّه يصبح مدعاة للجفوة بين المتلقّي والكتاب.تطرح الرواية جملة من المواضيع التي ما زالت تلقي بظلالها القاتمة على المجتمع الأردني وغيره من المجتمعات العربية. لعل إيراد تعريف بسيط بأهم الشخصيات يساعد في عملية تقديم خطاب الرواية وتفكيك حبكتها. محمد العبد: يدير شركات عملاقة تشكّل واجهة لعمله بتهريب السلاح والمخدرات. يمثل طبقة «الحيتان»التي تسيطر على الاقتصاد بشكل احتكاري. غازي محمد العبد: الابن الأكبر لمحمد العبد، يعمل مع أبيه بإدارة شركة النقل البري التي يستخدمها للتهريب. متواضع الإدراك، مستهتر وسادي. بهاء: الابن الأصغر لمحمد العبد. يعيش في أمريكا ويرفض العمل في شركات أبيه. لاحقًا، يصبح مديرًا للشركة العالمية للثقافة التي تعمل على نشر ثقافة القمامة. تنهار أعمال الشركة بعد حين ويعود إلى أمريكا مع زوجته. ناديا: عشيقة غازي التي تقتله بسمّ الخروع عندما تتيقن أنها لا تعني شيئًا بالنسبة إليه بعد عقود طويلة من الرضوخ لنزواته وساديته. أنيس الصانع: يعمل سائقًا في شركة النقل البري التي يديرها غازي. يُلقّب بالبحّار لأنه يحسن تهريب الممنوعات. يعمل غازي على اختطافه وحجزه عندما يعلم أنّه يقوم بالتهريب لصالحه الخاص. يعتدي عليه الخاطفون بالضرب فيفقد قدرته على الكلام والحركة. مجدي دعيبس «نشيد الرجل الطيب» رواية جميلة لقاسم توفيق بلغة روائية رصينة ومنطلقة دون انزياحات قد تشتت القارئ وتبعثر تركيزه؛ ليظلّ ممسكًا بخط السرد ومتتبعًا للحدث وحركة الشخصيات. رواية تخلو من الأخطاء الإملائية التي أعدّها من التّلوث البصري الذي إذا زاد عن حدّه يصبح مدعاة للجفوة بين المتلقّي والكتاب.تطرح الرواية جملة من المواضيع التي ما زالت تلقي بظلالها القاتمة على المجتمع الأردني وغيره من المجتمعات العربية. لعل إيراد تعريف بسيط بأهم الشخصيات يساعد في عملية تقديم خطاب الرواية وتفكيك حبكتها. محمد العبد: يدير شركات عملاقة تشكّل واجهة لعمله بتهريب السلاح والمخدرات. يمثل طبقة «الحيتان»التي تسيطر على الاقتصاد بشكل احتكاري. غازي محمد العبد: الابن الأكبر لمحمد العبد، يعمل مع أبيه بإدارة شركة النقل البري التي يستخدمها للتهريب. متواضع الإدراك، مستهتر وسادي. بهاء: الابن الأصغر لمحمد العبد. يعيش في أمريكا ويرفض العمل في شركات أبيه. لاحقًا، يصبح مديرًا للشركة العالمية للثقافة التي تعمل على نشر ثقافة القمامة. تنهار أعمال الشركة بعد حين ويعود إلى أمريكا مع زوجته. ناديا: عشيقة غازي التي تقتله بسمّ الخروع عندما تتيقن أنها لا تعني شيئًا بالنسبة إليه بعد عقود طويلة من الرضوخ لنزواته وساديته. أنيس الصانع: يعمل سائقًا في شركة النقل البري التي يديرها غازي. يُلقّب بالبحّار لأنه يحسن تهريب الممنوعات. يعمل غازي على اختطافه وحجزه عندما يعلم أنّه يقوم بالتهريب لصالحه الخاص. يعتدي عليه الخاطفون بالضرب فيفقد قدرته على الكلام والحركة. مسعود الصانع: ابن أنيس. يُعرف في الحارة باسم البغل. تعرّف على الفكر الشيوعي من خلال كتب الطبيب حنّا. تعرض للفصل من الحزب الشيوعي لأنه يطرح أفكارًا تختلف عن السائد والمقبول من قبل قادة الحزب. لمار: حبيبة مسعود. تتمسك به حتى النهاية على الرغم من عدم اقترانه بها. حنّا الطبيب: شاب شيوعي. يموت منتحرًا. يمثل ما عاناه الشيوعيون من مضايقة وتضييق في العمل والسفر. يتعرض للتحقيق والتعذيب ثم تُدبّر له مكيدة للإمعان بإذلاله ومنعه من ممارسة عمله. ربما انتحر لأنّه لم يعد قادرًا على استيعاب ما يحدث. أم مسعود: زوجة مفجوعة بخيانة زوجها المزعومة. تذهب إلى طرطوس للبحث عنه ولا تجده. أم نبيل: جارة مسعود الصانع. ابنها يعمل في ألمانيا. الزين: صديق مسعود. يموت بالسرطان. شخص نبيل يتعرض للإقصاء والتّهميش من قبل الحزب. تتناول الرواية ظاهرة الحيتان الذين يحتكرون الأعمال ويتحكّمون بمفاصل الاقتصاد المهمة، ويسعون لإنشاء إمبراطوريات اقتصادية تعمل في العلن في مجال ما، وفي السر يكون تهريب السلاح والمخدرات النشاط الرئيس لها.محمد العبد وابنه يمثلان هذه الطبقة التي تنخر الاقتصاد فيتحول إلى أداة لتغول هذه الفئة أو تلك. حادثة سينما الرينبو دليل على تنفّذ عائلة العبد وعدم خضوعها للقوانين التي تسري على الجميع. هناك «أحد» فوق القانون وليس كما يُشاع عكس ذلك، وحاجة الناس تجعلهم يقبلون بما يصعب قبوله. تبرز علاقات الشد والجذب بين الرفاق في الحزب الشيوعي أو الأحزاب بشكل عام من تشهير وإقصاء لأهداف شخصية بعيدة كل البعد عن مبادئ الحزب المعلنة؛ وهذا ما تعرض له مسعود أنيس عندما شكّك بجدوى البريسترويكا في اجتماع في منزل أحد الرفاق، وكذلك صديقه الزين الذي خسر الانتخابات الداخلية لأسباب غير موضوعيّة. قصة الرفيق الذي أفشى أسماء الرفاق الجدد للمخابرات لمجرد أنّه يرغب بالحصول على تصريح سفر إلى لبنان لقضاء شهر العسل، مؤشر خطير على تردي حال العمل الحزبي الذي يتنطّح له انتهازيون لن يتورعوا عن قلب الأبيض ليصبح أسود بكذبهم وريائهم. اشتغلت الرواية أيضًا على موضوع هام وهو انتشار ثقافة القمامة كما ورد في أحد الفصول، وهي ثقافة تُعنى بالقشور وتبتعد عن الجوهر الذي يمسّ حياة الإنسان ومشاعره والقضايا التي لها وزن نوعي. الشركة العالمية للثقافة مثال لتنميط العمل الثقافي بما يخدم أهداف الشركة وتحويله إلى سلعة هدفها الأول والأخير هو الربح المادي فقط من خلال ماكينة إعلامية تُغرق الأبصار والأسماع فلا يعود أمامها سوى الانقياد لصوت الجرس. هناك إشارة واضحة إلى وجود قوى خارجية تخطط بطريقة سريّة لتجهيل الشعوب وتضليلها ليسهل السيطرة عليها. الاقتصاد يعد المحرك الأساسي لمناحي الحياة الأخرى، فإذا كان البنك الدولي الجهة التي تحدد ماذا ندفع من ضرائب فعلى الأغلب هناك جهة ما تحدد ماذا نقرأ وماذا نكتب. ولعل هذا إشارة إلى هيمنة ثقافة بعينها على العالم وذوبان الثقافات المحلية واختفائها بالتدريج أمام ثقافة عالمية تملك المفاتيح الاقتصادية والإعلاميّة. انهيار هذه الشركة وهذه الثقافة المرتبطة بها يأتي ليعبّر عن الأمل بزوال الغيمة السوداء التي تظللنا بعتمتها القبيحة. الرواية فكرة الخلود ومسعى جلجامش للحصول على النبتة التي ستجعله غير فان، وهذا مفصل يتكرر في أعمال كثيرة من سرد وشعر. مستوى النجاح في توظيف هذه الملحمة لخدمة العمل متفاوت ومتذبذب وأحيانًا يأتي مكرورًا ومكشوفًا. بطل الرواية مسعود الصانع يتعرض لحادث سير خطير ويصبح في المسافة الفاصلة بين الموت والحياة (كما ورد في الرواية). ربما أصبح قريبًا جدًا من الموت، وغدت الرؤية مشوشة جدًا أو واضحة جدًا فسيطرت عليه فكرة الخلود لأنّه فيما يبدو لم يكن مستعدًا للرحيل. لم يتزوج لينجب الولد الذي يضمن له الاستمرارية فتوجّه تفكيره إلى تأليف كتاب يضع فيه شيئًا من روحه يضمن له البقاء والخلود. تكرّرت كلمة «الطيب» في عنوان الرواية والعناوين الداخلية (الطبيب الطيب، نشيد الرجل الطيب، الشيوعي الطيب، البحّار الطيب، ناديا الطيبة، الزين الطيب، الفراشات الطيبة، الخروع الطيب، العاشقة الطيبة) على نحو لافت، وقد تكون الغاية التي خطط لها الكاتب من وراء هذه الاستخدام المتكرر هو التأكيد على وجود بذرة الطيبة في الناس وفي كل الأشياء من حولنا مقابل الشر وانتهاك الإنسان شكلًا ومضمونًا. هذه الطيبة التي إنْ تمسّكوا بها ستكون خلاصهم من هذا البؤس والسوداوية والقهر الاجتماعي والاقتصادي والانطلاق إلى حياة تَرْجُحُ فيها كفّة الأمل على كفّة اليأس والقنوط. الرواية التي جاءت في (224) صفحة من القطع المتوسط صادرة عن منشورات ضفاف في بيروت ومنشورات الاختلاف في الجزائر لعام 2020 بلوحة غلاف مشرقة وبهيّة، ولم يظهر في الصفحة الداخليّة اسم صاحبها. التصدير جاء بمقطع من قصيدة لمظفر النواب تشي بإحدى انشغالات الرواية. الإهداء للدكتور الطبيب عبد الرضا حيدري زاد، ولم أجد له أي أثر على الإنترنت. قُسّمت الرواية إلى أربعة أجزاء وكل جزء اشتمل على فصلين بعدد متفاوت من العناوين الداخلية التي بلغت خمسة وعشرين عنوانًا. تُعدّ الرواية استمرارًا لمشروع قاسم توفيق الروائي بتبئير القضايا الملحّة التي تشغل الجميع. ويذكر أنّ (ماري روز تعبر مدينة الشمس)الصادرة عام 1985أول رواية لتوفيق الحائز على جائزة كتارا للرواية العربية عن فئة الروايات المنشورة عام 2017عن روايته (نزف الطائر الصغير). الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 22-04-2021 12:04 صباحا
الزوار: 1097 التعليقات: 0
|