|
عرار:
إبراهيم خليل من المعروف أن الدكتور نايف خالد العجلوني - أستاذ الأدب والنقد الحديث في جامعة اليرموك – باحثٌ، وناقدٌ، لا يحبُّ الأضواء، فهو يواصل البحث والنشر والتأليف منذ سنوات طويلة، لا يطمع في إلقاء الأضواء الإعلامية على ما يكتبه، وينشرُه، كغيره من الأكاديميين، أو أنصاف الأكاديميين. فكتابه «في طريق الحداثة» الصادر عن عالم الكتب الحديث في إربد 2019 كتاب قيمٌ، ومهمٌ، ومرجعٌ لا غنى عنه لمن يهتمون بهذا الموضوع. ففي الموضوع الأول منه، وهو بعنوان: الحداثة والحداثية: المصطلح والمفهوم، يتوغل العجلوني في طرق شتى، ومساربَ عدَّة، باحثا عن المعنى الدقيق، والمفهوم الصحيح الوثيق، لهذا المصطلح « حداثة « وهو مصطلح شاع في الأدب العربي في القرن التاسع عشر، مع أنه قديمٌ، إذا سلَّمنا - جدلا - بما لهذا المصطلح من جذر عميق في العربية، وهو لفظ « المُحْدَث». بيد أننا نتعثر في أيامنا هذه بألفاظ مشتقّة من هذا الجذر كثيرة، منها: الحداثة، والحداثيّ، والحداثيَّة، وتحديث، وما بعدَ الحداثة. وكلٌ منها له ما يقابله باللغة الإنجليزية. فالحديث modern والحداثة modernity والحداثيَّة modernism والحداثيّ modernist وما بعد الحداثة post-modernity والمُحْدثُ - إذا راعينا السياق الذي استُخْدِمَتْ فيه هذه الكلمة - تقابل contemporary التي ترجمها كثيرون بالمعاصرة، وهم في ذلك على طريق مستقيمة. لأن القدماء من اللغويين، والمعجميّين، وحتى علماء مصطلح الحديث، استخدموها للدلالة على ما هو مُسْتَجِدٌّ بتأثير من روح العصر المتغيّر، قيل عن أبي عمرو بن العلاء(154هـ) - إنه وصف شعر بشار، وأبي تمام، ومسلم بن الوليد، وسلم الخاسر، بالقول: « لقد كثُر هذا المُحْدَثُ وحَسُنَ حتى همَمْتُ أنْ آمُر فِتيانَنا بروايته» (1) والمعنى المستخلصُ، من هذا الخبر، أنَّ المحدَث: هو الجديدُ، المبتكرُ، المتحرِّرُ من محاكاة النموذج السابق. ويرى المؤلف أنَّ الخلط بين هاتيك المفاهيم، وشيوع ألفاظ للدلالة عليها، مثل: مودرنيّة، وموديرنيزم، لا ضرورة له، ولا مُسوّغ، فالجذر اللغوي العربي « حَدَثَ « أكثر مرونةً، وطواعيةً، لاشتقاق المصطلحات الدالة على هذه المفاهيم، مع قبول الذائقة العربية لها، لذا يقترح استخدام (حداثة) للدلالة على المعنى بصفةٍ عامّة، و(تحديث) للدلالة على ما هو قيد الخروج على القديم، والعبور في أفق الحديث، و(حداثيّ) على وصف الشخص، أو الشيء المتصف بمفارقة القديم، والتوجه نحو الحداثة. وغرضُ المؤلف من هذا هو الغوص في معاني هاتيك الألفاظ، وتلك المفاهيم، في تطبيقاته على: الحداثة في شعر نزار قباني(1998م)، والحداثية في ديوان « الجداول « لإيليا أبي ماضي(1957)، والتحديث في سيرة « رحلة جبلية « لفدوى طوقان(2003م). وملامح الحداثة، لا الحداثيَّة، في شعر إدوارد حداد(1996م). وسوف ننظر في هذا المقال نظرةً متأنية ليست بعَجْلى فيما عسى أن يقال في هذه القضايا التي تنطوي على قدْرٍ كبير من اللَبْس. نزار الحداثي: ففي تناوله لشعر نزار قباني، واقترابه من الحداثة، لا سيما في شعره الوجداني، وشعره السياسي، يعده نموذجا جيدا للحداثيّ. ففي ديوانه الأول يشتبه لديه الكلاسيكي بالحداثي. فمع التزامه النسق الموزون المقفّى نجده يخرج على هذا النسق في لغته الشعرية خروجًا حادًا تبدو حداثية الآخرين مقارنة بهِ، وموازنة بشعره، تقليدًا، ومحاكاةً، للقديم الموروث. فحداثيته جماهيريةٌ، تواصليةٌ، تعير ثقافة المتلقي اهتمامًا كبيرًا. فالمراوحة بين تشكيلات إيقاعية متعدِّدة، تضمن لحداثيَّته استجابة موفورة لدى جمهوره، وهذا ينسحب على شعره في المرأة، والحبّ، وعلى شعره السياسي على السواء. فباقترابه من لغة الحديث اليومي يتعمق اتصاله باللغة السائدة، وتتوَطّد علاقته بالقارئ، وهذه هي الحداثية التي وصفها إليوت Eliot باللغة التي لا هي شعر، ولا هي نثر. وإنما هي لغة بَيْنَ بين. فنزار، في الكثير الجمّ من أشعاره، يتسامح تسامحًا حادًا بلغته الشعرية حتى لتصبح كأنها حوارٌ مع القارئ دون أدنى درجة من التصنّع الذي يهيم به الشعراءُ في العادَة. فلا يُعنى إلا بسلامة التركيب، وأن تكون مفردات القصيدة شائعة، ومما هو سائدٌ متداول، وأن يكونَ الحوار بالأسلوب المتّبع في حديث الأشخاص بعضهم لبعض. فمن الأمثلة التي ينسحب عليها هذا الوصف قوله على لسان امرأة: أرأيتَهُ؟ فستانيَ التفتا؟ فصَّلْتهُ حُلوًا كما شئتا قيل في هذا: إنه ليس شعرا بل من كلام النسوان، وهذا التعليق يرينا إلى أيِّ مدىً يذهبُ الشاعر في اقترابه من لغة الناس، وقال في قصيدة بعنوان (لماذا) على لسان المرأة: لماذا تخليتَ عني إذا كنتَ تعرفُ أني أحبّكَ أكثرَ منّي؟! ففي هذه الأمثلة، وغيرها الكثير، يرى العجلوني في الصورة لدى نزار توجُّها حداثيًا تجاوزَ به مفهوم الحداثة لدى شعراء من أمثال أدونيس، والسياب. فهو في قصيدة بعنوان « مع جريدة « يذكر المعطف، والسجاير، وعلبة الثقاب، والسكر، وفنجان القهوة، راسمًا بهذه المفردات مشهدًا مألوفًا، أو شبه مألوف، للقاءات العشاق في المقاهي، ولفراقهم عندما يفترقون: أخرج من معطفه الجريدة وعلبة الثقاب ودون أن يلاحظ اضطرابي ودونما اهتمام تناول السُكّر من أمامي ذوَّب في الفنجان قطعتين ذوَّبني.. ذوَّبَ قطعتين فالحداثة ترتبط لدى نزار - في رأي المؤلف - بحياة المدينة، وهمومها الصغيرة، والكبيرة، على السواء، في أداءٍ لا يرْبأ بنفسه عن توظيف العبارات الدارجة على ألسنة الناس في أحاديثهم اليومية، فهو يعبّر عن نفسه باللغة التي يصوغُها الآخرون. وهذا، إذا نُظرَ إليه بمنظور من يتحدثون عن «الجزالة « وهي من المعايير المهمّة في الشعر غير الحداثي، يُعدُّ ثورة على ما ليس حداثيًّا. حداثية الجداول: وعلى الرغم من أنَّ إيليا أبا ماضي من الجيل الذي نشأ، ونما، وترعرع، في النصف الأول من القرن الماضي، وتأثّر على نحوٍ ما بالحياة الغربية، والأدب الأمريكي، إلا أنَّ شعره لا يمثل في نظر المؤلف حداثيّة بالمعنى الدقيق للكلمة. فهو قنطرةٌ اجتازتها الرومانسية المهْجَرية ببطء نحو الحداثة، لذا فإنَّ الوصف الدقيق لتجربته هي التحديث، أو النزوع للحداثة، إذ لا يغلب عليه الانقطاع عن القديم، ولا يزورُّ - في الوقت نفسه - عن التشكيلات الجديدة التي شرعت تشق طريقها نحو التغيير. ولا ينكر المؤلف أنَّ صاحب الجداول – كغيره من شعراء الرابطة القلميَّة جبران، ونعيمة، وغيرهما – من أهم الروافد المبكرة لحركة « الشعر الحر»، وهذا ما نبّه عليه، وأشار إليه، دارسو هذه الحركة؛ كسلمى الخضراء الجيوسي، وكمال خير بيك. وهنا يتوقف المؤلف بنا إزاءَ نماذج من شعر أبي ماضي، متسائلا: أين هي الحداثة في تلك الأشعار، مجيبًا، مؤكدًا، أن التأرْجح بين الشك واليقين، أو بين الغيب والواقع، أحد المظاهر التي تنمُّ على حيرة الشاعر، وعما في نفسه من تساؤلات غير معتادة فيما مضى. بيد أن هذه الحيرة، وتلكم التساؤلات، لا تكفي - وحدها - لوصف الشاعر بالحداثي، لذا يقف إزاء قصيدة « الطلاسم « وما فيها من تأمُّلات فلسفية شديدة النبرة: جئت لا أعلم من أين؟ ولكني أتيتُ ولقد أبصرتُ قدّامي طريقا فمشيتُ وسأبقى ماشيًا إن شئت هذا أم أبيتُ كيف جئتُ، كيف أبصرْتُ طريقي لستُ أدري. على أنَّ هذه الحيرة، والتساؤلات، لا يخلو منها الشعر القديم؛ ففي لزوميات أبي العلاء المعري(449هـ) الكثير منها جدًا، فإذا عدَدْناها معيارًا للاقتراب من الحداثة، فعلينا أن نعد لزوميات المعري حداثيّة بهذا المعنى. ولا ريب في أن المؤلف ينحو منحىً آخر في التدليل على حداثة أبي ماضي، بإشارته لتلك اللغة التي تذكرنا بما ذكره مُفصَّلا عن شعر نزار قباني، وهذا مثال من الجداول يشهد على مصداقية هذا التوجُّه: إنني أشهد في نفسي صراعا وعراكا وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكا أم تراني واهمًا فيما أراهُ لستُ أدري. فهذا شعرٌ يجمع بين الحيرة، والتساؤلات المربكة، وبين اللغة التي تقترب بمفرداتها ونغماتها الصوتية وتراكيبها النحوية من لغة الحديث اليومي، والتحرُّر من هيمنة المفردة القديمة التي لم تعُد متداولة، مع التحرّر من سلطة القوافي، وكسر الحلقة الفولاذية المعروفة في أوزان الشعر العربي. فأبو ماضي، وشعره، أقربُ ما يكونان للمعاصرة على وفق السياق الثقافي، والمعرفي، في القرن الماضي. وهي معاصرةٌ تسْعى سعيًا حثيثًا للتغيير الذي يقترب بها من الحداثيّة اقترابا تنبئ عنه التحوُّلاتُ الجذريّة في الرؤية، والموقف، واللغة، والإيقاع. ملامح حداثية: من البحوث اللافتة للنظر في هذا الكتاب البحثُ الموسوم بعنوان «ملامح الحداثة في شعر إدوارد حداد». فقد أعادنا المؤلف لكثير من قصائده بما فيها تلك التي تأثرت بقصيدة الراحل خليل حاوي (لعازر 1962) فقد أورد أبياتا من قصيدة « أنا والخابية» تؤكد ظهور بعض العبارات التي تحيلنا لقصيدة حاوي(1982م) المذكورة. فإلى جانب التشابه الكبير في إيقاع القصيدتين ثمة رموز متكـرّرة فيهما، كالجِرار، والدار، والخمرة التي تغني. وهذا لا ينفي أن الشاعر حداد ابتدأ بترديد بعض الهواجس الوجودية. وذلك ما ألمح إليه إبراهيم العبسي، وألمع، في شهادته عن الشاعر. والمؤلفُ، بهذه الإشارة، يؤكد ما كان قد استنتجه العبسي. ولا يخفى علينا أن إدوارد حداد تنقل في غير طور من أطواره بين ملمح رومانسي، وآخر وجودي، وثالث سوريالي، ولا سيما في القصيدة التي يشير إليها د. نايف، وهي بعنوان «مؤتمر صحفي». ففيها الكثير من الانزياحات التي تذكرنا بالتصوُّف تارة، وتارة باللامعقول «فالحزن يقف على قدميه عندما نغني» و»أعشق حمى التصوف. أنتِ خلايا التكوّن منذ زمان الفتوح». وهذا مثالان يُسْتشفُّ منهما ما لدى الشاعر من شغَفٍ بالرموز التي تكسِر المألوف، والمتوقَّع، وتُفصح عن خفايا عالم الحلُم، واللاوعي. فالصوفية، والسوريالية، تتجاذبان في شعره، وهذا سبب الغموض الذي يشكو منه سمير قطامي في دراسة عن الشعر الأردني (2001). ولم تفُتْ المؤلف ملاحظة أخرى، وهي «التناصّ» الذي يعني لديه ظهور بعض العبارات، والصور الشعرية، والرموز، التي تحيلنا لنصوص أخرى، كالذي أشار له في « أنا والخابية « ولكن المؤلف يضيف لهذا ما يجده في قصيدة « بأيِّ الخيولِ سأعْبُر» وهي من قصائده المتأخِّرة، من تأثر واضح بقصيدة أمل دنقل الموسومة بعنوان (ضدَّ مَنْ) (2). فالشيء المشترك في القصيدتين هو لهجة التساؤل، وما تتضمنه كل منهما من التركيز على الوطن، والسؤال: من. من. فضلا عن الوزن والإيقاع المتجانس. وهذا لا يقتصر على تواشجه بـ: ضدَّ مَنْ، فقد تأثر تأثرًا لافتا بقصيدة « لا تصالح « وهي قصيدة معروفة مشهورة. فالرؤية، والموقف من الإنسان، ومن العالم، والتصدي لكثير من مظاهر السلطة البطركية السائدة، تؤكد وجود هذه الملامح الحداثية في شعره؛ فنا، ومضمونا، وهي ملامحُ تصنّف الشاعر في التيار الحداثي لا في غيره. من الشعر إلى السيرة: ومن الجدير بالذكر أنّ البحوث التي جمعها المؤلف في هذا الكتاب تدور حول الشعر، والشعراء، إلا من واحد هو الموسوم بعنوان «السيرة الذاتية لفدوى طوقان: الشخصي والسياسي والأدبي». ويتوقع القارئ أن يجد في هذا البحث انحرافا يسيرًا عما سبق. فلا مندوحة للدارس عن الإلمام بسيرة المبدع عند دراسته لآثاره. ولا مناص من إعادة النص إلى الحياة. أما رحلة فدوى طوقان التي تسلقت فيها الزمن تسلق الرياضيّ الفتيّ للجبل الأشم، فقد لخصها المؤلف بدوراتٍ متسلسلة من الكفاح المستمر لتحقيق الذات، ومواجهة القيود، والسعي الموصول لتغيير أساليب التعبير الفني، وتحويلها إلى أساليبَ جديدةٍ تستجيب لدواعي الانطلاق، والتحرّر، استجابة أقوى، وأكثر جدوى. ومن الاقتباسات المتوافرة في البحث يتَّضح لنا ما لدى الشاعرة من إصرار متين على قضايا الحرية، وبصفة خاصة حرية المرأة التي كانت، وما تزال، تضيق بسجن الحريم، مثلما جاءَ في السيرة. ويُلاحظ المؤلفُ – محقًّا - أن هذه الرغبة في التحديث، على المستوى العام الاجتماعي، تمخَّضت عن تحولات أدبية تنقّلت فيها الشاعرة من الرومانسية المغرقة في التساؤلات عمن تكون ، وما مصيرها، وعن جدلية الحياة والموت، إلى أن كانت صدمة 5 حزيران 67 فانفتحت القوقعة الذاتية، واندمجت الأنا بالآخرين. وعرفت أن الشعر الحقيقي هو ذلك الشعر الذي يتعتّقُ(3) وَيَتَخَمّرُ في دِنانِ الشَعْب، وجِراره، مثلما جاء في السيرة. فلفدوى دورُها في ريادة الحسِّ النسوي الذي شاع في قصص غادة السمان، وفوزية رشيد، ونوال سعداوي، وألفة الإدلبي، ونازك الملائكة، وغيرهنّ. فهي مثلما قدمت في دواوينها «وجدتها» و»أعطنا حبا» اهتمت بالكثير الجم من صور الرفض، والتمرد على السائد، والمألوف. والمؤلفُ، د. نايف العجلوني، على الرغم من أنّ كتابه بعنوان « في طريق الحداثة « إلا أن بحوثه، ومنها هذا البحث، لا تقتصر على هذا المسار، وإنما تخوضُ فيما لا صلة له مباشرة بموضوع التحديث كالخوض في الأسلوب تارة، وبالسرد القصصي الشيِّق، والتعبير الصريح الذي لا يخلو من التحفُّظ تارة أخرى. وصفوة القول، وزبدة الحديث، هي أنّ كتاب الدكتور نايف فيه الكثير مما يؤكد صحة الفرضية التي ينطلق منها، وهي أن مفردات: كالحداثة، والحداثية، والتحديث، والحداثي، وحتى ما بعد الحداثة، ألفاظ مفتوحة بعضها على بعض، وحيثما وقع نظرنا على إحداها، فلا بد أن نجد فيها، وفي تداولها، شيئا من دلالات الألفاظ الأُخَر. ولهذا فإن ألفاظا من مثل المودرنيّة، والموديرنزم، وما يشبههما، لا يعدو كونه تبرُّجا وتفَرْنُجا في الكتابة، وتمحّلا، وتنطُّعًا، لا أكثر ولا أقل. *** 1.انظر ابن قتيبة الدينوري(276هـ): الشعر والشعراء، تحقيق دي خويا، ط1، مطبعة بريل- ليدن، 1903 ص 5 2. وهي من ديوانه أوراق الغرفة 8 الذي صدر عام 1983 بعد وفاته. وردت في الأصل (يتعلق) وهذا قد يكون من خطأ الطابع. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 04-01-2025 07:14 مساء
الزوار: 201 التعليقات: 0
|