|
سمير اليوسف يُقدِّم كتاب «أوراق من الذاكرة – سيرة» للدكتور إبراهيم سردًا لحياته في إطار السيرة الذاتية، ويعكس تجربة المؤلف الشخصية في سياقات زمنية واجتماعية وسياسية مختلفة، حيث يستعرض فيه محطات مختلفة من حياته الشخصية والمهنية، متطرقًا إلى تجاربه في مراحل متعددة، وتأملاته حول قضايا فكرية وثقافية واجتماعية. كما يتميّز الكتاب بأسلوبه السردي السلس، حيث يدمج الكاتب بين السرد الذاتي والتحليل التاريخي والاجتماعي، مما يضفي على النص طابعًا توثيقيًا ووجدانيًا في آنٍ واحد. اعتمد الدكتور إبراهيم على أسلوب الكلام المباشر، حيث يعكس تجربته الذاتية منذ ولادته حتى مراحل متقدمة من حياته، مستخدمًا ذاكرته كأداة رئيسية في استرجاع الأحداث. إذ يربط حياته الشخصية بالأحداث التاريخية الكبرى التي عاصرها، كما يظهر اهتمامه بتوثيق الأحداث من خلال الإشارة إلى شخصيات تاريخية وسياسية، مما يمنح الكتاب بعدًا ثقافيًا غنيًا. يتسم الكتاب بلغة عربية فصيحة تمزج بين السرد الأدبي والتوثيقي، حيث يميل الكاتب إلى استخدام تراكيب لغوية واضحة ومباشرة في بعض المواضع، بينما يعتمد على أسلوب مجازي في مواضع أخرى لتعميق الأثر العاطفي. على سبيل المثال، في الفصل الأول، يوظف الكاتب صورًا بلاغية عند وصف طفولته بقوله: «كانت الحقول تمتد بلا نهاية، كأنها بساط أخضر يلف القرية بحنان.» بينما تأتي بعض الأجزاء بتقرير مباشر، كما في حديثه عن ظروف التعليم في الفصل الثالث حيث يقول: «كان المعلم يفرض النظام بالرهبة قبل أن يكون بالعلم.» كما يرصد الدكتور إبراهيم التحولات الاجتماعية والسياسية عبر مراحل مختلفة من حياته، حيث يشير في الفصل الخامس إلى التغيرات التي طرأت على المجتمع الريفي بسبب الهجرة والتمدن، موضحًا ذلك بقوله: «لم تعد الساحات تمتلئ بالأطفال كما كانت، فقد ابتلعتهم المدينة بمغرياتها.» أما من الناحية السياسية، فإن الكاتب يتناول في الفصل السابع أحداثًا مفصلية، مثل التحولات في النظام السياسي المحلي، ويعلق قائلاً: «لم يكن الناس يدركون حجم التغيير الذي يطرق أبوابهم، حتى وجدوا أنفسهم أمام واقع جديد لم يختاروه.» ويتبنى الكاتب نزعة نقدية واضحة تجاه العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، حيث يعبر عن رؤيته تجاه المؤسسات التعليمية في الفصل الرابع بقوله: «كان التعليم متاحًا للجميع، لكنه لم يكن منصفًا، فالفرص كانت موزعة بطرق غير عادلة.» كما ينتقد في الفصل الثامن طريقة تعاطي المجتمع مع قضايا الحريات الفردية، مشيرًا إلى أن «التقاليد ظلت سيفًا مسلطًا على رقاب من حاولوا التفكير خارج الصندوق.» كما يمزج الدكتور إبراهيم بين السرد الذاتي الذي يعكس تجربته الشخصية، والسرد الوصفي الذي يعيد تشكيل البيئة المحيطة بطريقة تصويرية دقيقة. ففي الفصل الثاني، يروي حادثة مؤثرة من حياته قائلاً: «كانت أول مرة أشعر بالخوف الحقيقي، حين سمعت صرخات أمي وهي تدعو الله أن يحفظنا.» وفي الفصل السادس، يعتمد على الوصف المكثف للمكان عند الحديث عن سوق البلدة قائلاً: «كانت الأزقة ضيقة، تعبق برائحة الخبز الطازج، وتمتلئ بأصوات الباعة المنادين على بضاعتهم.» يمثل كتاب «أوراق من الذاكرة - سيرة» للدكتور إبراهيم خليل شهادة شخصية ذات طابع اجتماعي وسياسي، يعكس من خلالها الكاتب التحولات التي طرأت على مجتمعه من خلال لغة متوازنة بين التقرير والتصوير، ونقد بناء يستند إلى تجاربه الحياتية. يتبع الكاتب منهجية واضحة في المزج بين السرد الذاتي والوصفي، مما يضفي على النص طابعًا واقعيًا وتوثيقيًا يعزز من قيمته الأدبية والفكرية. جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 28-02-2025 08:46 مساء
الزوار: 54 التعليقات: 0
|