قراءة نقدية اعتبارية  في نص حداثوي سردي...للشاعرة ليندا رحال

للناقد الأعتباري الأستاذ حميد العنبر

نص حداثوي سردي...للشاعرة ليندا رحال
________________________________

عزف الوقت //

كلما هممت بالعزف على اوتار النسيان
يداهمني صدى الذكريات
على صهوة الشوق ، البس جلباب التجاهل ، واجلس خلف نافذة العمر ، اراقب الطرقات المعبدة ، بدعسات العابرين ، تركت للسنين معالمها ، استمشق منديل الليل ، اعصب به رأسي المثقل ، بأجيج التيه أفتح يدي لرذاذ الصبر ، غيم عقيم يمازحني بحبله الوهمي
اركن _ في زاوية امام طاولة ، لا زالت تحتفظ بورقة لم يغير الوقت ، من لون حبرها
دع الوقت يعزف ،
الوقت يجيد العزف......
............................. . ..
................................
....................................................

.............(( انما المبدعون مُبَشَّرون ومُبَشِّرون ))
================

ونحن في العَتَبة البداية للنص. والتي نطلق عليها في منهجياتنا مصطلح / نقطة البداية/ وهذي تثير فينا عدة تخرّصات واعية.. فلماذا طراز العمود عند العرب في تاريخ مشروعهم الحضاري .....؟ ولازال نشطا فاعلا يتربعه المرحوم الجواهري وغيره من العماليق العديد معه وكم مثّلوا امتَهم وتطلعاتها في الذاتي الفردي ومنه الى الذاتي الجمعي فيها..وهكذا استمرت من امرؤ القيس الضليل الى آخر قمة من المشاهير في الراهن والقادم..
ولماذا طراز الحداثات من الشعر الحر في مدرسة الرواد / السياب رحمه الله ورفاقه المعروفين البياتي وبلند ونازك وغيرهم/ وهو منعطف مبتكر ضرورة وجودية.. وحتى التابعون ومن بعدهم جيلٌ يتبع جيلا.و..الخ والى طراز الحداثوية بعدالشعر الحر في نظمها الصياغية واشتقاقاتها ضمن كسر قيود الحلقات الوزنية وتعدد القوافي..ومن ثم طرازات المُدَوّر عند حسب الشيخ جعفر والايقاع المركز او المرسل عند حسين مردان وغيرها..الى ان وصلنا باكتشاف آخر التحديثات في السردية والنثر الشعري والسرد الشعري الكثيف والومضة واخرا الهايكوالمقتبس والمنقول من تجارب حسب اسمه الاعجمي..وغير من تفرعات الادب والفن وتحولاته..
هذا التوالد البديع للطرازات ماذا يعني لدينا فكريا ...؟هل اعتباطا وعبثا جاءت....؟.ام هي كالانهار
كببرة عملاقة واحد واثنين كمثل دجله والفرات..وتفرعاتها..الوسط والدون الى الاصغر فالاصغر حتى تتم تغطية الشبكات وتجهيز الرقعة مسحاً وريّا وحياة جماليةً..
قد تكون هكذا وكمثل شرايين جسد سليم ، الابهر الرئيسي وتفرعاته وهكذا في ديمومة حياة جسد وافاضات طاقة ذاتية تتفجّر فيه لتنفع...مثلين نضربهما لتقريب الفكرة..نعم امتنا في مرحلة مشروعها الحضاري الاول حملتها الذات الفردانية اعتباريا ومثّلتها خير تمثيل..اذ كشفت الضرورة عن حجب الطراز فاجمع العقل العربي على مايوافقه بنقل ارهاصاته ومشاعره وتوصيلها للوجود ، فانبى عن /العمود الشعري /بكامل نضجه وفعله ..واذا بالامه تحملها افرادها النوعيون من الجاهليين الى صدر الاسلام والاموي والعباسي وانت عابر ااى عصرنا الحديث وكانوا كثارا وهذي تعتبر طور انبعاث وهج جديد يرفع المشعل وبشكل واسع جدا ولازال العمود لسانا ناطقا..فان كان الفرد في ذاته السامية دفع امته الى خيار المدنية ونجح..
فلعل الامة وهذا دور استمكانها اليوم بنفسها تتحرك جمعيا بكلياتها وبحقائقها لترفع المشعل للانسانية ثانية ..كان فردا ذاك. في عموده الشعري كطراز ..واليوم كأُمّةٍ جامعةٍ مانعةٍ لابد تصنع مشروعها سيما وهي الان في معادلة جدل وصراع دولي محتدم وثورة وحروب وتشابكات..
نعم المعطى الجمالي هو المشاش السري في المضامين..لابد ان يحفر
جثامينه على صخرة العناد والثوابت..فكاشفتنا المرحلة المعاصرة احداثيا بابداعات وابتكارات لحمل المؤديات وهي كثار ولسنا بصدد التعددات والتسميات..انما يهمنا هنا سياق البحث الذي اثاره النص.. وهي فكرة تلقّي..فكل طرازات الحداثة المبتكرة اليوم ونبشّركم انما هي سبل وجَواد لحمل نشور الامة..الامة تتحرك جمعيا لابد عند مبدأ الحتميات والتاريخ ومفاصل الحركة الاعتبارية في الزمن العميق..ونحن لكثير ماننتقد لِمَ هذي الاشكال..؟ لِم هذي التوالدات..؟ لم هذي القيل والقال وماانزل الله
نعم انزل الله النوعي في نظمه كما ابتكر العمود وحمل وهج العقل في الفردي وايحاءاته من خلال الجمعي..اليوم هذي تحمل وهج امة بافرادها من خلال الانسانية وحركة الاممي..
ونص / عزف الوقت/
اثار الفكرة ولابد من ربط وترابط..
لماذا قال الشاعر الوقت....؟ ولم يقل عزف الدمع او عزف الحزن او المطر ،
لماذا استعمل الذاتي الفردي من خلال ماهيتُهُ نفسُه.....؟ منتقلا بخطابه وحاضر تأشيرته الى حاصل جمعي ..وكانه واقف امام جمهور يراه ..منه مستحضر مستدعى ومنه آت مقبلا يزحف..
كأنه مارثون العراقيين الى ضريح الحسين...جموعا جموعا بالملايين
وهذي تلاميح المرحلة تسند مقول ابتكار الطرازات..هذي الجموع مشاعر والمشاعر لابد من.تحولات مستقبلية لها تستوعبها ..اذاً العقل سبق بصناعته الجادةَ التي تستوعب.. ثم اليوم الجمهور حاضر مباشر
خذوا منا حركة الشباب وعشقهم الجماعي للشهادة بالآف والمئات في ساحات التحرير وفي كل الزوايا من الوطن دون تبليغ جامع.. اذاً هي حركة ذاتية جماهبرية..هذا ملمح آخر للمرحلة..والشعب كذلك هو الباصرة الاساسية
نعم اذا كان القرن العشرين قرن الفلسفات الفكرية والسياسية فاليوم القرن الواحد والعشرين قرن الجماهير وفيضاتها..ولاتنسى السرعة في المادة وادوات التواصل والتخابر ولابعيد ابدا...
( كلما هممت بالعزف على اوتار النسيان..
يداهمني صدى الذكريات
على صهوة الشوق...البس جلباب التجاهل...واجلس خلف نافذة العمر..
اراقب الطرقات المعبدة...بدعسات العابرين...)
هذا مفصلُ معنىً اعتباري للرؤيا العميقة التي عرضت اعلاه فلسفةً ناعمةً للنقد والتشخيص..
بين ذات فردي يلقي خطاب شهوديته. وبفطانة عين رشده العميقة..لكنما العقل الباطن طرح معطاه واشّرَ مقتضاه..كان شاعرنا ممهدا ، وحده يصيح في برية الجمهور تعالوا ولاتترددوا فان الغلبة لكم لقد.جاء عصركم واسفرت نورانيتكم..
(اراقب الطرق المعبدة). هنا اشارة ميكانيكية معاصرة ماتعني القديم..
التعبيد رمز للحاضر ..طرقه طرق معبدة..في السابق لايوجد تعبيد غير بعير /طرفة ابن العبد /..في معلقته..
( اركن في زاوية...امام طاولة )..وهنا منهجية فكر تاريخي مستقبلي راهن..طاولة مدورة بالتاكيد..ذاتها محور زمن بين الماضوية وبين بنات جيوب الغيب في الزمن ..
( لازالت تحتفظ بورقة لم يغير ااوقت من لون حبرها...)
اي ورقة هذي واي خبر عنها واي رؤية دفينة..صرح عنها
ومن ثم يوعز بامرية
دع الوقت يعزف
الوقت يجؤد العزف..
الشعر يصدق حتما لانه يغرف من العميق ومن انباء لم تحن اوقاتها بعد..انما المبدعون مبشّرون...نقول ان النص بشّر بمشروعكم فهللوا له ايها المبدعون فلعل المرحلة تعتمدكم ..