|
|
||
|
الظلّ والظلال وتدرّج الألوان قراءة نقدية لقصة شمس للقاص محمد المسلاتي بقلم الناقدة سهيلة حماد / تونس
• شمس / قصّة قصيرة . في مواسم الشِّتاء، مع أطفال شارعنا ، كنتُ أنا وشمس أختي التي تصغرني بثلاثة أعوام ، نلون عيوننا بقوس قزح، نمدّ أيدينا نتسلق امتدادات تقوساته، تصطبغ خداها بحمرة الخجل، تقول لي:- ======== القراءة فهو لا يساعد القارئ ليستنير بنوره ذلك أنّ التّركيز عليه مبهر ومؤذ للعين ... ،". في مواسم الشِّتاء، مع أطفال شارعنا ، كنتُ أنا وشمس أختي التي تصغرني بثلاثة أعوام ، نلوّن عيوننا بقوس قزح، نمدّ أيدينا نتسلّق امتدادات تقوّساته، تصطبغ خدّاها بحمرة الخجل.." * من خلال الاستهلال: يجلبنا التّكثيف، من حيث تكثيف الألوان في ذكره ل "قوس قزح" هذا التّكثيف، كأنّه الطَّرق بمطارق الحدّاد، ونفخ كير، في إيقاع يتسارع، فتتسارع معه دقّات قلوبنا، يذكّرنا بموسيقى السّرك أثناء عرض خطير، وقفز على الحبال ، أو بصفّارة إنذار قبل القصف إبّان الحرب... القفلة جاءت امتدادا للاستهلال بحيث ربطت الماضي بالحاضر، بلذّة الحرف، والنّص، ومتعة الكتابة، ورائحة الدّم، فغابت شمس وتوارت تحت الغيوم، إلى الأبد، وتبدّد حلم الأب في تغيير واقعه، فغاب الأب العائل...وهكذا ينسدل السّتار على آخر فصل، في مسرحيّة، لحياة موتى، فوق الأرض، لتنتهي بفقد، ورائحة شذى وردة مخضبة بالدّم، وغيوم، رمز حزن متجدّد، وتساقط مطر، كانهمار دموع من المُقل .. الموضوع: رحلة غير شرعيّة عبر قارب مطاطيّ، بالبحر يحمل عوائل ضاق بها العيش في وطن خيّب انتظاراتهم، لم يوفّر لهم أبسط مقوّمات العيش الكريم، فهجّوا إلى البحر، يتوقون إلى العبور، من أجل الخلاص، من الشّقاء، باحثين عن محطّة أخرى، يحطّون عليها رحالهم، ليضربوا في الأرض، غير أنّ الموت كان أسرع، إذ ابتلع البحر بعضهم، للأسف مات العائل الوتد، فانطفأ النّور وغابت شمس،وأخاها الصّغير وبقيت ذكراهم ذكرى لم تمّح، جعلت من سفن الورق إشارة ورسالة، وهمزة وصل بين ضفّتين ضفّة الحياة والموت، وألوان قزح، و الخيط الفاصل بين الظّلام والعتمة.. وخبر وإخبار، لمن صوته غير مسموع... لمن "طرق مكاتب المسؤولين"و" لم يلتفت إليه أحد." قصّة اتكأت على الواقع، نقلته عبر مخيال الكاتب، قصّة كاملة الأوصاف، فكرة ناضجة، تصلح لرواية سكبها في قالب موضوع، لقصّة قصيرة، أحكم بناءها، وأتقن حبكة الصّراع بشكل، جعل القارىء يصدّقه، هذا إلى جانب رونق الحكي، و غناء المعجم، وسلاسة التعبير، وانتقاء اللّفظ الذي يتماشى مع إيقاع النصّ المضمر في فيض معنى وتدفّق صور، مع تناغم الملفوظ، والمسرود، عبر الإيهام بواقعيّة القصّة إلى جانب حسن تأثيث التّفضيّة الضّدّيّة في كامل أبعادها زادها التشويق بهاءً، زادُه صدق المشاعر، و كذلك الإيحاء خدمه التّكثيف، والاختزال، وأنّقته البلاغة، ورقّة الحسّ وانفتاحه على الفنون المجاورة، كاللّوحة والرّسم، والنّحت، و اللّعب بالظلّ، والضّوء، والإخراج المسرحي، والتّقطيع السّينمائي، وتركيب المشاهد والمونتاج مع تشريك اللمتلقّي، في جلب ألوانه لإكمال اللّوحة. فالمشهديّة كانت على درجة عالية من الجودة، فقد تلاعب القاصّ بدرجات الضّوء والإضاءة والظلّ والظّلال، واختيار زوايا النّظر،مع تدرّج في الألوان من الأحمر إلى البرتقالي وصولا إلى الأبيض ومن ثم الرّجوع إلى قوس قزح من جديد تماشيا مع تقوّسات ألوان قوس قزح، رقصا على نغمات إيقاع "تصمت و تقول " وحركة المدّ والتّسلّق والرّكض وظلال القوس المنعكسة، على عيون الصّبية، وظلّ أحمره على خدّي الطّفلة. 🐦"نلون عيوننا بقوس قزح،" نمدّ أيدينا نتسلّق امتدادات تقوّساته، تصطبغ خدّاها بحمرة الخجل" "اختر لونك "نركض غزالين شاردين تحت المطر" "ملاءات بيضاء" "تبتل مناماتهم البيضاء الموحّدة " ثم تعود "أقواس قزح ، يلاحقها ربما تكون شمس مختبئة خلف أطيافه ، تخضّب أناملها باللّون البرتقالي، وتغزل جدائل شعرها بألق الضّوء." يتسارع الإيقاع الصوت ك "ها" و"كما " وفي التّكرار و في تكثيف، الأحداث والشخوص واختزالها بالاستنجاد بالألوان فيدبّ في ذهن المتلقّي حراك لصور تُبث فيها حياة جراء دقّة الوصف، وحسن انتقاء اللّفظ الموحي ببقيّة المشهد المشحون، بفيض معنى، ونقل للأصوات والرّوائح والذّوق والارتواء، والحسّ والحدس، واللّمس والبلل والعزف والسّمع ك: "- ماذا دهاكما ؟ بللتما ملابسكما . ليس لكما غيرها ، سأحبسكما في الحجرة إلى أن تجف." ٤ "ظل السّارد مهووسا بالمراكب والسّفن الورقيّة في المدرسة "يسحب الكتب والكرّاسات من أدراج التّلاميذ فيحوّلها إلى سفن ومراكب" وفي المعتقل كان (يعلّم رفاقه الذّين لا يعرفهم كيف يصنعونها ويطلقونها تبحر عبر المياه المتدفّقة من صنابير يفتحها لهم تبتلّ مناماتهم البيضاء الموحّدة ) ظِلُّ نحس، قدر وشقاء، ظِلُّ ظَلَّ يلاحقهم من ضفة إلى أخرى، يصاحبه عويل، مرض، فقد، مواجع، وفواجع وذكريات مريرة، هي صورة واقع معكوسة، ظلاله على أمواج البحر، في الهنا والهناك ، وحكايات بؤس ، متشابهة تتغيّر أبطالها، وديكور ركح مسارحها أسماءها و أمكنتها ، ومنذ أن تفاقمت البطالة و عجزت الأنظمة عن تلبية حاجيات مواطنيها نشط بعض من مصّاصي الدّماء ممن يتمعّشون من مآسي الآخرين الذين يستغلّون نقطة الضعف هذه لمزيد ابتزاز العباد. تجمّعت شخوصه على ظهر قارب الموت، حتى حقائبهم دَفنت حاجاتهم في حياتهم، ذلك أنهم أموات ظلوا طريق قبورهم...فأمنها لهم قارب الموت طعاما للحيتان ذلك أن الأرض لفضتهم فوقها وفي ببطنها فاستضافهم الحوت في بطنه وجبة شهيّة موفرا عليهم النزاع.... الأسلوب جاء بسيطا بليغا فصيحا موشح ببالمجاز والبديع والموزون المنغم الشعري الإنشائي وكذلك لم يخل من التسجيلي سهيلة بن حسين حرم حماد الكاتب: حيدرالأديب بتاريخ: السبت 11-07-2020 09:53 صباحا الزوار: 236 التعليقات: 0
|
|