الذات والهوية.. قراءة أدبية، للناقدة/ الزهرة حمودان الإدريسي، في قصيدة ” حوريتي ” للشاعرة/ نعيمة الرامي

تسقط قصيدة ” حوريتي “ الجدار الرابع بينها وبين المتلقي، ، منذ عتبة العنوان، تمتلكه بسحر ياء المتكلم، المسندة الى مسند إليه ليس من طينة أهل الأرض، بل هو كائن علوي ، ودلالة الإسناد في الجملة الاسمية ” حوريتي “، تفيد التملك.
بينما المتلقي تحت وقع الدهشة الجمالية التي تثيرها الحوريات، تحط الشاعرة رحالها فوق مساحة من الخيال، حيث تستدعي حوريتها، ومن ورائها المرأة المثال، لتروي قصة مضمرة، بطلها الغياب.
تستهل الشاعرة موارية ياء المتكلم كذات متأملة تمتلك الرؤية الكاملة للحدث وتداعياته، موظفة ضمير المخاطب، حيث يبدأ الحوار، يطلقه سؤال إنكاري، بحمولته الدلالية في حقل أساليب اللغة العربية، التي من بينها ” عدم الرضى ” وقد أتى في القصيدة مشوبا باللوم، والعتاب؛ المجدول بتواطئ ذات الشاعرة مع المرأة المُخاطَبة. تقول الشاعرة:
ماذا لو خضبت
خصلات شعرك
حوريتي
تنبني القصيدة على تكثيف/درامي، حوَّلها إلى بلّورة سحرية، تعكس وضعية المرأة، في غياب ما يجمل حياتها كأنثى، أمام وضعية أخرى لاتقل عنها مأساةً وهي وضعية هجرة الرجال عن أوطانها.
……
لعل خطوط الزمن
تخبئ بعضا من تفاصيلها
تخبر طيور الهجرة
انفراج صبح جميل
أنوثة ذات المرأة وهويتها الوجودية، تخاطب توائم الأرواح التي هاجرت، من خلال سمت شعري مقتطف من زمن انهالت عليه مخلفات المكننة، وبدلت معالمَ قيمِه، مخالبُ التصنيع والتعليب والتلفيف المبهروالمغري، والتسليع الذي اغتال ” الإنسان في الإنسان “.
ومن تجليات الذات والهوية أيضا، في القصيدة، الخلفية الثقافية للشاعرة، في توظيفها للوحة ليوناردو دافنشي ” جوكاندا ” بهويتها الأنثوية.
وحناء عرس الأميرة
أرسم عليها لوحة
تشبه الجوكندا الجميلة
قصيدة ” حوريتي “، تجلي مضمرات عصرها بلغتها المنتقاة من معين اللغة الشعرية البسيطة، ورمزيتها الإشارية المضمخة برذاذ عطر ” بلاك أبيوم” ، تقول الشاعرة:
أرش عطر ” بلاك أبيوم “
على جيدها
لعل خطوط تجاعيد الزمن
تخبئ بعضا من تفاصيلها

بقلم : الناقدة الزهرة حمودان الإدريسي