وقع الشاعر والروائي د. إبراهيم السعافين مساء أول أمس، في منتدى الرواد الكبار روايته الجديدة «الطريق إلى سحماتا»، الصادرة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع، وسط حفاوة كبيرة من الحضور، وشارك في حفل التوقيع التي أدارته القاصة سحر ملص بمشاركة الشعراء والنقاد: يوسف عبد العزيز، عمر شبانة، زهير أبو شايب.
واستهلت الحفل بكلمة ترحيبية السيدة هيفاء البشير رئيسة المنتدى قال فيها: في الأمسية الثقافية التي نستضيف بها واحداً من رموزنا الثقافية المعروفة الأستاذ الدكتور ابراهيم السعافين للاحتفال بتوقيع روايته « الطريق إلى سحماتا»، حيث سيكون معنا عدد من الشعراء المميزين من ذوي الذائقة الأدبية الرفيعة لإلقاء بعض الضوء على مضامينها وخفاياها فأهلاً بهم معنا.
إلى ذلك قدم الشاعر يوسف عبد العزيز قراءة في رواية «الطريق إلى سحماتا» للدكتور إبراهيم السّعافين حملت عنوان:»سيمفونيّة الرّحيل الفلسطيني الطّويل»، قال فيها: لعلّ الرواية التي بين أيدينا «الطريق إلى سحماتا»، الصادرة عن الدار الأهلية في عمّان في العام 2017 للدكتور إبراهيم السّعافين، أن تكون واحدة من الروايات القليلة التي استطاعت أن تقارب بعمق القيامة الفلسطينية اللاهبة، تلك القيامة التي ابتدأت بحرب العام 1948، وأسفرت عن تشريد الشّعب الفلسطيني،واحتلال الجزء الأكبر من فلسطين، والتي استمرّت فيما بعد على هيئة حروب أخرى يشنّها الكيان الصهيوني المجرم.
ويضيف عبد العزيز، بأن وقائع الرواية تتحرّك في عدد كبير من المحطّات: الولايات المتحدة، مصر، لبنان، الأردن، كندا، الكويت، وفلسطين. ولو دققنا النّظر في هذه المحطّات لوجدنا أنها تتكوّن من فلسطين، باعتبارها وطناً لمعظم شخوص الرواية، لافتا النظر إلى أن الرواية تبدأ بفصل يتحدّث عن عدنان خليل السعدي، الطالب الفلسطيني اللاجئ، الذي ذهب إلى الولايات المتحدة كي يكمل دراسته في جامعة جورج تاون، بعد أن بدأها في إحدى جامعات القاهرة.
وقال عبد العزيز، بأن الرواية لا تلبث أحداثها بعد قليل من انطلاقها من أن تنعطف باتّجاه الفالوجة قرية عدنان التي جرى احتلالها في العام 1948، وذلك من خلال مشاهد قاسية تضخّها ذاكرة الأسرة التي تقيم في الأردن، من خلال الأب خليل السعدي، أو الأم رشا، أو الأخ يوسف، أو عدنان نفسه. فالجرح الكبير لا يزال مفتوحاً على اتّساعه، وضياع الفالوجة ما هو إلا ضياع وطن.
من جهته الشاعر والناقد عمر شبانة يقدم قراءة بعنوان: «السعافين يصوّر تراجيديا الصراع العربي الصهيوني وأبعادَه روائيّا»، أكد فيها: أن الرواية تتكئ في بِنيتها الأساسية، على ثيمات عدّة، أبرزها: ثيمة الحنين إلى فلسطين عمومًا، وإلى قرية سحماتا خصوصًا، وهو حنين يتركّز لدى الشخصيات التي تنتمي إلى الجيل اللاجئ، ولا يغيب لدى أبناء هذا الجيل، لكنه يتخذ صورًا أخرى تظهر في معرض الشعور بالاغتراب، والمقارنة بين الأمكنة في ديار الغربة وأمكنة فلسطين، في ما يخصّ جمال المكان والطبيعة، وهي مقارنة تُحسم لصالح المكان الفلسطيني، حتى لدى هذا الجيل الذي لم يعرف فلسطين إلا في الكتب وفي ذكريات الأهل عنها. وعن أسئلة المقاومة ومتاهتها، رأى شبانة أن هذه الثيمة ترتبط ، على نحو ما، أسئلة المقاومة في صورها ومراحلها المتعاقبة، منذ ثورة 1936 وما جرى فيها من خيانات وخذلانات، سواء من قبل الأنظمة العربية الحاكمة، أو من رجالات فلسطينية تنتمي إلى طبقات الأثرياء وعالمهم ومصالحهم. وصولًا إلى اندلاع الصراع العسكري بين الفلسطينيين والصهاينة، وتدخل الجيوش العربية، واحتلال فلسطين، وتشريد أهلها الأصلييّن.
وحول شخصيّات وعلاقات يقول شبانة: في الرواية عشرات الشخصيات، والكثير من الحوادث والحكايات التي تتوالد من بعضها، ولا يمكن حصرها في قراءة واحدة، خصوصًا أنها لا تسير ضمن خط زمنيّ متصاعد، بل تتداخل فيها الأزمنة، كما تتداخل الأمكنة والشخوص والأجيال في علاقاتها.وكما تنطوي الطريق إلى سحماتا على صور من المعاناة، فهي تحتشد أيضًا باشكال من الحبّ والفرح، وأكثر من ذلك الأمل الذي يسكن الجميع، الأمل بالعودة إلى تلك القرية التي توازي الفردوس المفقود بالنسبة للذين تمّ تهجيرهم منها، ومن سواها، أمثال معاوية الذي لم ينكسر الأمل لديه حتى لحظة وفاته.
الشاعر زهير أبو أبو شايب في مدخلته النقدية حول الرواية طرح عدة أسئلة منها: منذ الفصل الأول، تستعير الرواية عبارة مفتاحيّة لابن خلدون تقول: (الماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء)، فهل يمكن القول إن انشغال رواية (الطريق إلى سحماتا) بالماضي هو محاولة مواربة لكشف صورة الآتي؟ والغريب أن الفصل الأول من الرواية، التي تنشغل كليا بالحدث الفلسطينيّ والهمّ الفلسطينيّ والحلم الفلسطينيّ، يدور في أمريكا. ما دلالة ذلك؟ ولماذا يبدو المكان الأمريكي كأنه مبتدأ الحكاية كلّها؟
ويمضي أبو شايب بطرح أسئلته، ففي الفصل الثاني، تنتقل الرواية مباشرة إلى الفالوجة، وهذا يقودنا إلى السؤال عن العلاقة بين الرواية والسيرة، بين الذاتيّ والموضوعي، ما العلاقة بينك وبين عدنان؟ وما العلاقة أساسا بين الكاتب وبقية الشخصيات التي يفترض أن يتجلى فيها كما يتجلى خالق في خليقته؟ إلى غير ذلك من الأسئة، رغم أن الرواية تبدأ بالموت والنكبة والشتات، وتنتهي بالموت والكارثة وهزيمة المقاومة، إلا أنها رواية متفائلة وإيجابية ولا مكان فيها لليأس. 
وفي نهاية الندوة اجاب د. السعافين على أسئلة الحضور التي أضافت الكثير وأغنت مجريات الندوة بالأسئلة الجادة والموضوعية.