الورشة، ذات الأوراق الممارسة والحضور النخبويّ، لم تصمد فيها مطلبية المشاركة في الصحافة الثقافيّة يوميّها وملحقها، أمام منافذ قراءة أو إعادة قراءة الواقع الجديد؛ وهو ما أكّده زملاء رأوا أنّ حرباً فكريّةً لا بدّ قادمة؛ تستلزم مواكبةً وانفعالاً يتمخّض عن موقفٍ ينطلق من أدمغةٍ تغلي وأقلام تستجيب لحاجات الجمهور.

قال د.جرار إنّ للإعلام رسالته التنمويّة التربويّة الوطنيّة، مؤذناً، في الندوة التي شاركه فيها نقيب الصحافيين الزميل طارق المومني، بانطلاق السؤال نحو سدّ الثغرات في إظهار غير الظاهرين وتناسي مستحقّي هذا الظهور، ليقرأ المومني قيمة الفكر والثقافة في عالمٍ يمور بالجديد.
بعد مباركته الربيع العربي الرامي إلى تأكيد الحريّات وبناء دولة القانون والمؤسسات، ناقش المومني دور الإعلام في تشكيل الرأي العام والرقابة، عدا مسؤوليته المعرفية، واصفاً تطوّره بالمفتوح الذي لا ينتهي.
وانطلق، في جلسة الافتتاح التي أدار فعالياتها أمين عام الوزارة محمد أبو سماقة،.. إلى معنى الهويّة وجدوى الإنتاج الثقافي والمضامين الوطنيّة والقيم المحفّزة للإبداع واستثمار الطاقات نحو النهوض الحضاريّ والتفاعل مع الحضارات، دونما استلابٍ أو ذوبان. وقرأ المومني معنى حريّة التعبير الثقافي التي يباركها الإعلام، متمثلاً بمخاطر الحجب الثقافي المتداولة، منتهياً إلى قراءة الماضي والحاضر والمستقبل، ونزاهة النقد.
وقفت محاور الجلسة الأولى على ماهيّة الإعلام الثقافي، الورقة التي عرّف فيها مدير مديرية المشاريع في وزارة الثقافة أحمد راشد الإعلام الثقافي تنظيراً وتطبيقاً، متسلسلاً في جوانب اتساعه ونموّه وتقهقره، معرّفاً الثقافة، وخصائص الإعلام الصادق النزيه ووظيفته التنويرية على وجه التحديد.

كما توزّعت على ورقة للزميل مدير الدائرة الثقافية في (الرأي) حسين نشوان، الذي قدّم إطلالةً فكريّةً حول تحوّل مفهوم الثقافة وصوغ الإعلام كثيراً من هذه التحولات الجديدة، والحساسيّة الشديدة لـ(الميديا) تجاه ذلك.
وعى نشوان روابط الميديا بمؤسسات السلطة والمال، وبزوغ التحالفات، وبروز رأس المال، وهندسة التلقي الناشئة، مستأنساً بتقرير التنمية الثقافية في الوطن العربيّ، بما فيه نسب دالّة، واقفاً على معيقات الإعلام الثقافي وتحديات الثقافة من الأساس.
وسأل الزميل عمن يتسيّد الآخر: الإعلام أم الثقافة، منتظراً إجاباتٍ مفتوحة على المحيط المقروء بأكثر من منظور.
تناول إسلام سمحان دور الفضائيّات في نشر الوعي والفعل الثقافيّ، معايناً حالاتٍ من الاضطراب الحاصل، والفضائيات ذات المنحى التجاريّ، ليمطره الزملاء بوابل من الأسئلة حول فضائيات(مذهبيّة) وأخرى(مدعومة)، وهذا اللاتوازن بين كل هذا الحراك.
وسأل الزملاء الصحافيّون الزميل حازم الخالدي من وكالة الأنباء الأردنية(بترا) هل استجابت الوكالة للشفافيّة؛ فتجاوزت مباركة الخبر إلى تحليله ونقده، ليجيب بنعم؛ مبيّناً ندواتٍ توافرت عليها(بترا) ودعت إليها في جوٍّ من الصراحة والمكاشفة.
الجلسة الثانية عاين فيها نضال برقان من الزميلة الدستور دور الصحف الأردنية في الإعلام الثقافيّ، ومقدرتها على التوليف بين المبدعين، وتحقيقها توازناً ينشده المبدعون في الأطراف والأقاليم، متحدثاً تجربة الصحافة الثقافية في الموازنة بين الإبداع والتمثيل في الكتابة.

كما تناول مدير موقع عرار الإلكتروني موسى الشيخاني أهميّة الإعلام الإلكتروني وتحقيقه دوره الثقافي، متمثلاً بالموقع المتعاون مع الصحف والمثقفين والأخبار والحوارات التي ينشرها صديقاً للصحافة منذ ألفين وسبعة.
بدوره قرأ عادل الحاج تطورات مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، مصححاً مفاهيم مهمّة- من وجهة نظره- معترفاً بالفرق بين الغرب والشرق في التواصل أو اللاتواصل، معترفاً إثر سؤال عن تعريب الحواسيب، هل هو قرارٌ قومي يروّجه الإعلام، بموقف الدولة في الحفاظ على الهويّة في هذا الأمر.
الجلسة الأخيرة للورشة شارك فيها د.محمد القضاة، آتياً على الثقافة والتقانة الحاصلة، مستشفاً العلاقة والأبعاد الثقافيّة والتكيّف الجديد. وحاسب القضاة هذا التطور بمعيار العقل بين التقدم والتقهقر، خصوصاً في وقتٍ وصف الأجيال فيه بأنها تجتاحها أزمة. كما قرأ المجلات الثقافية بين القديم والحديث.

وحملت ورقة كاتب السطور عنوان(الصحافة الثقافيّة بين أجندة الموضوع وموضوعيّة الأجندة)، مركّزاً فيها على النمط والتلوّن والمواكبة والانفتاح على الإطار أو القصور عنه.
كما قدّم مجدي التل شهادةً حول ماضيه الثقافي والإعلامي وتفضيله الصحافة بالرغم من مشاقّها وهموم معايشتها، جالباً بين هذا وذاك أعلاماً في الثقافة والفكر والسياسة وحنيناً إلى تلك الأيام.  ومثله فعلت سميرة عوض في قراءة المكان وحوارات الأدباء والمبدعين في مشوارها الذي وصفته بالثّري.

وعاين د.عدنان الطوباسي دور الإعلام في العاصمة، وضرورة نفاذ الإعلام الثقافي إلى قلب الجامعات للتخفيف من حدّة العنف الطلابي، لينتقل إلى توصية بزيادة التمثيل في الجامعات.
من طرائف الورشة أنّ إعلاميين غادروها بُعيد انتهاء أوراقهم؛ في حين بقي آخرون حتى الرمق الأخير من الورشة التي حضرها  هزاع البراري وأدار جلسةً فيها، ومديرة وحدة الإعلام حنان دغمش، والمدير الإداري علي اللوزي، ورولا عواد، وسمية عواد، ومدير وحدة التصميم يوسف الصرايرة، ومحمد خليل، وأحمد العون، وجلال أبو طالب، ورئيسة قسم العلاقات إخلاص أبو جاموس، وعامر حسن، ومن المركز الثقافي دانا خريس، وزين الفراية، وإسحق ياسين ورمضان الفيومي.

وكان قدّم الفنان زهير النوباني مداخلات قيّمة حول الورشة التي ينبغي أن تتحول مؤتمراً وطنيّاً، يناقش الثقافة وهذا الفكر الجديد وحالتي الانغلاق والجمود.

اوراق العمل المقدمة :

ورقة عمل قدمها الشيخاني في ندوة دور الإعلام الإلكتروني في التنمية الثقافية: وكالة أنباء عرار أنموذجا