وهو يحتوى على سبع عشرة قصة واقعية نشرتها الكاتبة من خلال عملها الصحفى . واضعين فى الاعتبار أن القصص المنشورة نقلتها الصحفية بقلمها القصصى كما حدثت فى الواقع ؛ لذلك سيقتصر حديثنا على أسلوبها الذى يجب

أن يتصف ابعنصر التشويق وكذلك ينبغى أن يتسم عرض القصة بالوضوح بحيث يفهم القارئ الحادثة التى يتم نشرها دون حاجة الى اعادة قراءة ؛ وكذلك عدم اللجوء الى الايهام بالواقع عن طريق بعض المبالغة فى الوصف مما يجعلنا كقراء أمام عدم مصدقية من الكاتب !!!!
عنوان الكتاب :

لعنوان الكتاب أهمية كبرى ؛ فيجب أن يتميز بالتشويق لىجذب اليه القارئ ؛ ويشير عنوان الكتاب وهو " دموع لا تجف " الى أن موضوعه عن شخصية ما لا ينقطع بكاؤها لتعرضها الى الى احباطات واقع قاس مرير ؛ فتذرف دموعا لا تجف" ويلاحظ القارئ ان اختيار كلمة " دموع " فى عنوان الكتاب يشى بالطابع الحزين الذى يغلف قصص هذا الكتاب ؛ مما يجعلنا أمام ما يطلق عليه النقاد المتخصصون اسم

" الواقعية النقدية او الاوروبية " ؛ " فالدموع لا تجف " تعنى استمرارها مما يشير الى " سوداوية الواقع " وكثرة أحزانه !!!
قصة " تزوجت خمسة رجال ومازالت عذراء " :

ان العنوان الذى اختارته الصحفية سحر فوزى كفيل بأن يترجم لنا القصة ؛ فنفهم منه أن هناك فتاة تزوجت خمس مرات لكنها برغم ذلك فانها ما تزال عذراء ؛ وهنا تتجلى قدرة الله تعالى !!!!

مما لاشك فيه ان أى فتاة تتمنى زوجا لتنجب أطفالها ؛ لكن شاءت ارادة الله تعاى أن تتدخل " لحكمة الهية " ؛ فتصبح الفتاة - برغم الزيجات الخمس - عذراء ؛ فكل شئ فى الكون بميعاد ؛ ووقت محدد يحدده الله تعالى تجلت قدرته وحكمته .
والقصة تتحدث عن

" ايناس " التى تزوجت مبكرا من أحد أقاربها ؛ وقبل زفافها بيوم واحد يموت زوجها فى حادث مروع ؛ لتنساب الدمعة الأولى على خد " ايناس " ؛ تقول الكاتبة :

" وفجأة رن جرس التليفون . لتتبدل الزغاريد ببكاء وعويل . جرت تجاه أمها . ضمتها الى صدرها حتى كادت تختلف أضلاعها ...أخبرتها أن زوجها مات فى حادث فى حادث سيارة "

أما قصة الزواج الثانى ؛ فكان من خلال التحاقها بالجامعة ؛ حيث تتوالى اللقاءات بين " ايناس " واستاذها الجامعى الأرمل الذى تقدم لزواجها ؛ فاستعدت للزفاف ؛ لكنها تتلقى رسالة من الزوج الذى انقطعت أخباره ....تقول الكاتبة :

" كانت رسالته الجواب على كل تساؤلاتها . فلقد هاجر الى الخارج ولن يعود ؛ وكان مع الرسالة ورقة طلاقها ؛ تلقت ايناس الصفعة الثانية دون أى اعتراض أو دفاع عن النفس

؛ وكانت الدموع هى التعبير الوحيد عن آلامها وجروحها "
ويلاحظ القارئ تعبير الكاتبة كصحفية وقاصة وهى تقول فى ابداع فنى واقتدار : " وكانت الدموع هى التعبير الوحيد عن آلامها وجروحها " ؛ حيث جعلت الكاتبة الدموع هى التى تعبر عن مشاعر ايناس الحوينة لينطبق التعبير تماما مع عنوان الكتاب !!!!

تقبل ايناس دعوة احدى صديقاتها لحضور حفل زفاف ؛ وهناك تلتقى بشاب ثرى وسيم تعجب به ؛ فيعرض عليها الزواج ؛ فتتلقى الصدمة الثالثة ؛ تقول الكاتبة :
" طلقها زوجها ؛ وتزوج ابنة عمه متعللا برغبته فى ارضاء والده الذى هدده بالحرمان من كل شئ اذا رفض الزواج منها "

أما الزواج الرابع فجاء عن طريق أحد جيرانها الذى يتميز بالهدوء و الوداعة و الشهامة ؛ الا أنها تستيقظ فى أحد الأيام على صوت مشاجرة عنيفة فى شارعها ؛ فتفتح النافذة ....تقول الكاتبة :
فتحتها اتشاهده يتلقى طعنة قاتلة فى قلبه الذى أحبها ....لم تصب الطعنة قلبه وحده بل أصابت قلبها ونفذت الى أعماقها "

ويلاحظ القارئ تعبير الكاتبة الجميل وهى تصور موت زوج ايناس بالطعنة القاتلة : ".لم تصب الطعنة قلبه وحده بل أصابت قلبها ونفذت الى أعماقها "
والغرض من أسلوب الكاتبة الذى سردته علينا هو مدى تفاعل واندماج ايناس فى المشاهدة وهى ترى زوجها يتلقى طعنة الموت كأن هذه الطعنة وجهها اليها القدر عن طريق زوجها !!!

أما قصة الزواج الخامس ؛ فقد كان الزوج هو ابن صديق والدها ؛ فلمست فيه ايناس حنانا وعطفا عليها ؛ فقبلت الزواج منه الا انها استقبلت الصدمة الخامسة عن طريق اصابة الزواج بمرض خطير ظهرت أعراضه فجأة ...تقول الكاتبة :
"صرخت وتعالت صراخها احتجاجا على كل ما حدث لها ؛ أجهشت فى البكاء ؛ تحدثت بصوت مختنق ..... لا لن تتكرر مأساتى للمرة الخامسة "

كان جميلا من " ايناس " أن تعلن عدم الاستسلام والوقوف بجانب زوجها المريض ؛ وهنا تضرب مثلا فى الوفاء والاخلاص ؛ وكأنها تتحدى فى شجاعة ما يواجهها من أحزان متسلحة بالصبر والتقوى والايمان واثقة أن الله تعالى لن يخزلها 

ان قصة " تزوجت خمسة رجال ومازالت عذراء " تقدم لنا درسا جميلا نستشفه منها لتكون بلسما وترياقا أمام ما يواجهنا من أحزان فى واقع مأساوى يجعل " دموعنا لا تجف " !!!!
الناقد / عاطف عز الدين عبد الفتاح