أدار محور الجلسة الدكتور عبد الله المانع حيث قدم توطئة لهذه الندوة ومن ثم قدم النقاد المتحدثون بأسلوب بهي خلاب.

المتحدثة الأولى الدكتورة ليندا عبيد قدمت ورقة علمية قالت بها :
تتناول الدراسة ديوان الشاعر مهدي نصير ضمن عنوان المشهدية السردية وجمالية التجديد الفني في ديوان “امرأة حجرية” وتقف القراءة عند ملامح التجديد في الديوان بدءا بالمجازات الطازجة واللغة العصرية التي تحتفي باليومي وتفاصيله، والتي تجعل من العادي البسيط كثافة وعمقا ضمن رؤى وتصورات تدلل على رؤى الشاعر وتصوراته إزاء واقع عربي منهك ترشح منه الهزيمة والتشظيات. ويؤرخ الشاعر في ديوانه للموت واليباس ونذر الشر والخراب والتحجر قبل أن يعنى بملامح الحياة ونسغها، فنقبض على صور متناقض لامرأة حجرية تحمل من القماءة والبشاعة الشيء الكثير بدلا من أن تكون آلهة للخصب والحياة، فتتعاضد ملامحها، وسلوكاتها لتدلل على مافي الواقع من قبح وخراب وملامح للموت ضمن ثنائيات صادمة.
وتقف القراءة عند القصة القصيدة والقصيدة الومضة، ويتضافر السرد والشعر والشعرية والإيقاع الداخلي في تخليق المشاهد، ويحتشد النص بتقنيات السرد كالوصف والحوار والمونولوج، ورسم ملامح الفضاءات المكانية ضمن تكنيك يتفاعل به الشعر مع المشهدية السينمائية؛ إذ يقدم لنا لقطة بعيدة، ثم يقترب شيئا فشيئا لنقبض على تفاصيل لقطة قريبة، مما يجعلنا نحتاج أن نسبر أعماق النص بتأن وبأكثر من قراءة لنقبض على المعنى الذي يحس، ولا يلمس. فتتداعى المرجعيات والتناصات، وتصير المشهدية السردية سمة تجديدة حاضرة بقوة تتخذ من ملامح الحياة اليومية وسيلتها، لتتلاحم اللقطات القريبة والبعيدك في خلق مشهد واحد يتحرك ضمن ما يقرب ثمانين قصيدة ومقطوعة لتمد إصبع الاتهام إلى واقع عربي يتقوقع في القديم، ولا يرى قبح هزيمته.
إن مهدي نصير يقدم تجربة حداثية متجددة مكتملة الأركان، تعنى بالتصوير والأساطير والمجاز، وتحتفي بالمكان والزمان، وتؤشر على ثقافة غنية ومرجعيات متعددة، مما يتطلب قارئا متملكا لأدواته، يمتاز بالصبر والتأني ليقبض على ما يتوارى وراء لوحاته الشعرية.

المتحدث الثاني الدكتور ريحان المساعيد قدم ورقة بحثية قال فيها : قصدتْ هذه الورقةُ العلميةُ إلى كشف التجربة الشعرية عند الشاعر الأردني عبد الله أبو شميس في (كتاب المنسيات) الذي يحوي قصائد عشر، قراءة ديوان المنسيات في أصوات نسائه العشرة، النساء اللواتي عرفنا أسماءهنَّ في مرجعيات متنوعة كالكتاب المقدس، وهنَّ أزواج أنبياء وبعضهن أمهات لهم، أو شخصيات نسوية وردت الإشارة إليهن في النص القرآني وهنَّ :(حواء، ووالهة، وهاجر، وراحيل، وصفّورا، وخديجة، ومريم، وبلقيس، وزُليخا، وآسيا).
إذ يحاول الشاعر جاهداً إنصاف صوت المرأة بإظهار مشاعرها الإنسانية المسكوت عنها، وذلك ضمن خط زمني للحظة أو موقف يستدعي البوح والكشف لا التغطية والستر، وخاصة مشاعر المرأة الأم أو المرأة الأنثى. وما يسترعي الانتباه والدهشة في هذه النصوص أنها نصوص شعرية ذات أبعاد فنية خيالية، وهذا هو الأساس، وهي في الوقت نفسه شخصيات حقيقية واقعية مرت بتجربة بشرية تطول أو تقصر ضمن امتدادها الزمني، بحيث تضع القارئ في فضاءات نصوص مفارقة في حداثتها ورؤيتها التي تستفز مشاعر المتلقي وتدفعه دفعاً للتفكر مليّاً فيما أضفاه الشاعر على صوت المرأة الإنساني الخاص، متجاوزاً التاريخ بحرفيته وصدقه، وفي الوقت نفسه مستنداً إلى مرجعية النص القرآني فيما ورد فيه من إشارات خاطفة، ولكنها دالة ويقينية.
أما مسك الختام فكان للدكتور عطال الله الحجايا الذي قدم قراءة ادبية في ورقته البحثية ، ومما جاء بها :
وعندما وقفت على الكثير من القصائد التي حاولت توظيف الأسطورة انتهيت الى نتيجة بائسة فهذه القصائد لم تحقق متعة التذوق ولا غزارة المعنى ولا دهشة التصور ولعل واحداً من اهم أسباب عجز الشعر الأردني عن توظيف الأسطورة توظيفاً دالاً هو رغبة الشعراء في القفز الى قارب الحداثة دون اصطحاب أطواق النجاة معهم ، إذ ساد إعتقاد بين الشعراء أن الحداثة مرتبطة بمفردات الاسطورة الإغريقية وأساطير ما قبل الإسلام في محاولة قاصرة للحاق بالسياب والبياتي وأدونيس ومن ثم محمود درويش وأمل دنقل .
وقد عرف عدد من الشعراء بأساطير تموز وايل والعنقاء وعشتار وبروميثيوس واوزويس وسيزيف وأوديب وغيرها الا انهم اصبحوا كمحضري الأرواح جمعوا كل هذه الارواح الأسطورية وعجزوا عن تصريفها فبدت نصوصهم كمن بل ذيل فأر بعلبة ألون ثم أرسله وزعم بعد ذلك ان ما تركه الفأر من أثره هو لوحة تشكيلية.

ومن الجدير بالذكر، أن بيت الشعر / المفرق والذي يديره الأستاذ فيصل السرحان إحدى مبادرات صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة، ليكون حلقة وصل بين الساحة الأدبية الأردنية والمشهد الثقافي العربي من المحيط إلى الخليج.