|
عرار:
الناقد محمد المشايخ يوصل عنوان هذا الديوان، الذي يقع في 560 صفحة من القطع الكبير، رسالة إلى القارئ العربي مفادها، أن الشاعر نايف الهريس (عضو رابطة الكتاب الأردنيين، وعضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب)، بصدد الخوض في بحور الشعر، ليبدد ظلماتها، وليكشف عن دررها ولآلئها وكنوزها التي لن تظهر، إلا إذا سلط أضواءه الكاشفة القوية عليها. وسرعان ما يتفاعل النخبة من القراء العرب، مع هذا الديوان، الذي تنوّعت موضوعات قصائده، لتلتزم بهموم الإنسانية بعامة، والوطن العربي، وقضايا مواطنيه، بخاصة، كما تنوّعت جماليات تلك القصائد، لتنهض فنيا بالشعر العربي من حيث انتهى كبار الشعراء العرب، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم. نايف الهريس، الشاعر الجماهيري، الذين أصغينا لصوته الجهوري في ديوانه، وفي مغارة الشعر التي أنشأها في المفرق، وفي رابطة الكتاب الأردنيين، وفي عدد من الهيئات الثقافية الأردنية والعربية، يعيد للشعر العربي شبابه، بعد أن نبغ في عمر تجاوز الستين، وأنا شاهد على كتابته المناظرات الشعرية، والقصائد الفورية المرتجلة في اثناء الفعاليات الثقافية التي كنت أحضرها في قصره العمّاني المزدان بالكرميد الأحمر في الهاشمي الشمالي في عمّان. والشاعر نايف الهريس، صاحب العمر السعيد والمديد، وصاحب الخبرات والتجارب والمعرفة السيكولوجية بما يعتمل في دواخل المحيطين به، أكثر في شعره من إيراد المواعظ والحكم لكي يعتبر الجميع مما حصل لغيرهم ولا يكونوا عبرة لمن يعتبر، يقول في مطلع قصيدته (عبرة معبرة): أقول كما قال الزمان إلى الورى خذوا صفو أحداث تباع وتشترى ويمكن اعتبار شاعرنا نجم الأدب القومي، لكثرة ما في ديوانه من ردود فعله ازاء الأحداث السياسية والعسكرية المهمة التي تشهدها أقطار الوطن العربي، ولانحيازه في قصائده للواقعية النقدية، لأنها الاكثر التزاماً بالانسان في واقعه التاريخي الملموس، ولأنها ترتبط مباشرة بالناس وبقضاياهم ومصائرهم وتحررهم وتقدمهم، يقول منتقدا»صفقة القرن»: حق الفلسطيني يصفع قرنهم بالعدل يدحض هجمة الأعداء وتتحرك قصائد الشاعر شاعرنا زمنياً في اتجاهات ثلاث: الماضي والحاضر والمستقبل، وكثيرا ما تحقق الزمن الدائري على يديه، دون أن ينسى استشراف المستقبل الأجمل والأفضل لأمتنا، كيف لا وهو يمتلك فراسة تمكنه استباق الظروف، ورؤية ما لم تره زرقاء اليمامة لوفاتها قبل زماننا بقرون، يقول في إحدى قصائده التي اتخذت من جائحة الكورونا موضوعا لها، بعد أن مزجت بين الزمان والمكان: هو الدهر دولاب كدور رحا بشرق وغرب جائحات مَحي كما تتبدى في شعر نايف الهريس ثقافته الدينية الواسعة، وتنعكس في قصائده كل ملامح النقاء والطهارة والتسامح التي جاء بها الاسلام، وتؤكد دواوينه على تركيزه المطلق، وجمعه الدائم بين قضيتين اساسيتين: الدين والوطن، الاسلام وفلسطين والوطن العربي و العالم الاسلامي، وهذا الربط مقصود، وموجه، يقوده كيف ما شاء، ويسطره انى شاء، ويكرره في معظم قصائده، يقول: أنا الشعب روح الله في بدني غيور على ارضي ومعتقدي أما المرأة، فقد كانت المهلمة الحقيقية له لكثرة ما تغزل فيها، ورغم كثرة ما كتب من أجلها، إلا أنه ما زال ظمآنا للمزيد، وإن كان الشاعر نايف الهريس لا يضعف أمام المرأة، إلا أنه لا يستغني عنها، وسيظل متعطشا للجـَمال الذي تضفيه على قصائده، وللخيال المحلق والمجنح الذي يضفي على قصائده ابعادا إبداعية ندر تكرارها: وسامرت نجم الليل في لهف وعيناه تضوي العشق في كبدي وقد ازدانت قصائد هذا الديوان بكم هائل من الصور التي تعكس مقدرة شاعرنا على ابداع الصورة الشعرية المتحركة، وهي الصنف الأرقى من بين أصناف الصور، عدا عن ابتكاره صورا تجمع بين الشعر وبين الصور البصرية، كما امتلأت صوره الشعرية بالتشابيه والاستعارات والمجازات والكنايات، وكان أجمل ما فيها التجسيد والتشخيص الذي يحيل الجمادات إلى كائنات حية، يقول: هي النفس في منظار أحلامي تريني ملوك الأرض قدامي ومن أجمل ما قال، مظهرا تراسل الحواس: لو السمع قبل العين يبصرنا يرى أننا اقسى من الصّلد وعدا عن تشكيل الشاعر نايف الهريس لألفاظ قصائده، ووضعه حركات الإعراب عليها، وما في ذلك من مشقة عليه، وعلى من صف الديوان على الحاسوب، فإن قصائده تكتنز بعدد كبير من الإشتقاقات والألفاظ ذات الدلالات الدينية والتاريخية والأدبية المستقاة من التراث، ولم يكن ايراده لها مقصوداً رغم كثرة ما فيها من إحياء للغريب، والمهجور، بل من وحي الخاطر، استجابة للمضامين التي تخللت قصائده، وانتقاء مما استقر في وجدانه من جوانب ثقافية أغنتها تجربته الشعرية ومطالعاته ومجالسه الأدبية، ومحاوراته الإعلامية، يقول: أنا الضاد جيناتي دمً عربي هداني إلهي فانمحت ذنبي أما البحور المهملة في العروض العربي، التي أهملها العروضيون والشعراء العرب معا، منذ قرون، فقد أحياها الشاعر نايف الهريس، الأمر الذي إثرى إيقاع الشعر العربي وأغناه بمساحات موسيقية وإمكانات وزنية جديدة، إلى جانب إبداعه على بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي، وكانت نتيجة هذا المزيج في البحور المطروقة والمهملة على النحو التالي: البيسان 63قصيدة، الكامل 17قصيدة، الطويل والبسيط 6 قصائد لكل منهما، الخفيف 5، المتئد الوافر 3 قصائد لكل بحر منها، وقصيدتان لكل بحر من البحور التالية: المديد، الرمل، الممتد، المنسرد، السريع،وقصيدة واحدة على كل بحر من البحور التالية:المجتث، المتقارب، المطرد، المنسرح. أما القوافي المتنوعة والمتعددة والصعبة، فقد كانت تلهم الشاعر وتقوده إلى معان قد لا يقصدها، الأمر الذي أغنى واثرى هذا الديوان، ولا سيما وأن قصائده العمودية ذات البابين: الصدر والعجز، كانت أسيرة لرؤاه ولثقافته الشعرية الواسعة، يقول: فما أجمل الأشعار إن وزنت المصدر: جريدة الدستور الاردنية الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 04-05-2021 12:43 صباحا
الزوار: 806 التعليقات: 0
|